مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تركيا تسعى الى احتواء الانقسامات بين المسلمين في قمة اسطنبول

العاهل السعودي يلقي كلمة في انقرة بحضور الرئيس اردوغان، الثلاثاء 12 نيسان/ابريل 2016 afp_tickers

يستقبل الرئيس التركي رجب طيب اردوغان هذا الاسبوع عشرات من قادة الدول في اسطنبول الذين سيشاركون في قمة منظمة التعاون الاسلامي بهدف احتواء الانقسامات في العالم الاسلامي رغم الشكوك في قدرة انقرة على تحقيق ذلك.

وتعتبر استضافة تركيا لهذه القمة يومي الخميس والجمعة مؤشرا جديداً الى رغبتها في الظهور بمظهر القوة الكبرى في العالم الاسلامي وخصوصا ان القمة تعقد في مدينة كانت رمزا للامبراطورية العثمانية.

الا ان سياسات الحكومة التركية ذات الجذور الاسلامية تسببت في انقسامات في بعض الاحيان لاسيما بسبب الحرب المستمرة منذ خمس سنوات في سوريا واتهام انقرة بدعم المقاتلين المتطرفين للاطاحة بالنظام السوري.

وبعد ازمة في العلاقات مع حكام مصر والعلاقات الملتبسة مع ايران الشيعية، سعت تركيا الى بناء تحالفات مع دول سنية قوية منها السعودية وقطر.

وانهار هدف السياسة الخارجية التركي الطموح ب”عدم وجود مشاكل مع الجيران” بعد اندلاع ازمات في جميع الدول الحدودية، لذلك فان القمة هي فرصة لاردوغان لاظهار قدرته على حل الازمات بدلا من احداثها.

وقال جان ماركو خبير العلوم السياسية ومدير الابحاث في معهد ساينس بو غرينبول الفرنسية لوكالة فرانس برس “ان عقد قمة منظمة التعاون الاسلامي هو فرصة مهمة لتركيا، اذ انها تاتي في الوقت الذي تحتاج فيه تركيا الى استعادة صورتها في العالم الاسلامي”.

— مداواة الجراح —

تجري القمة تحت اجراءات امنية مشددة في اسطنبول، العاصمة السابقة للامبراطورية العثمانية والتي كان يحكم السلاطين منها دول البلقان وصولا الى الجزيرة العربية.

واثار الاستقبال الكبير الذي لقيه اهم ضيف هو العاهل السعودي الملك سلمان، تعجبا في الصحافة التركية اذ قال صحافيون انه تم استئجار 500 سيارة فاخرة لنقل الوفد المرافق له.

ولم تتفق الدول الاسلامية على موقف موحد من النزاع في سوريا حيث تدعم تركيا والسعودية المسلحين الذين يقاتلون نظام الرئيس السوري بشار الاسد الذي تدعمه ايران.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاوش اوغلو ان القمة تعقد في وقت “يشهد فيه العالم الاسلامي العديد من الخلافات”.

وصرح امام وزراء خارجية منظمة التعاون الاسلامي الثلاثاء ان “النزاعات بين الاشقاء تسبب بالكثير من الالم، كما ان الطائفية تمزق الامة”.

واضاف “نامل في ان تمهد هذه القمة الطريق لمداواة الجراح”.

وتعقد القمة عقب لقاء ثنائي في انقرة الثلاثاء بين اردوغان والملك سليمان اكدا خلاله اهمية العلاقات بين البلدين.

وفي دلالة على ذلك توجه اردوغان بنفسه الى مطار انقرة لاستقبال العاهل السعودي على مدرج المطار، وبعد ذلك قلده اعلى وسام يقدم لزعيم اجنبي.

— مراعاة التوازن الحساس —

وقال سونر كاغقبتاي مدير برنامج الابحاث التركي في معهد “واشنطن انستيتيوت” ان التحالف القوي بين تركيا والسعودية اصبح الان “حقيقة واقعة” الا انه قال ان على تركيا ان تنتبه الى نظرة العالم الاسلامي لهذا التحالف.

وقال “يمكن ان يدفع التحالف الوثيق مع السعوديين الناس في الشرق الاوسط الى النظر لتركيا بوصفها دولة اكثر طائفية مما ينبغي”.

واضاف “اعتقد ان على تركيا ان تراعي التوازن الحساس”.

وتجري القمة على وقع مراجعة لانقرة لسياستها الخارجية بسبب الازمة في العلاقات مع روسيا بعد اسقاط انقرة لمقاتلة روسية قرب الحدود مع سوريا وتزايد توتر علاقاتها مع الولايات المتحدة والاتحاد الاوروبي.

وتعمل تركيا كذلك على تطبيع علاقاتها مع اسرائيل بعد ازمة استمرت اكثر من خمس سنوات، كما يتردد ان السعودية تعمل خلف الكواليس لتحقيق مصالحة بين تركيا ومصر.

وعندما اطاح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بالرئيس الاسلامي محمد مرسي، حليف انقرة المقرب، في 2013، ثار غضب اردوغان ووصف السيسي بانه “طاغية غير شرعي”.

ويتوقع ان يغيب السيسي عن القمة التي سيغيب عنها كذلك العاهل الاردني الملك عبد الله الثاني بسبب توترات حول النزاع في سوريا.

وقال كاغقبتاي “اذا استطاع العاهل السعودي تطبيع العلاقات بين تركيا ومصر فان ذلك سيكون انجازا عظيما”.

الا انه تدارك ان “احتمال تطبيع هذه العلاقات اصبح اقل اليوم من (احتمال) تطبيعها بين تركيا واسرائيل بسبب عمق العداوات بين الزعيمين” التركي والمصري.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية