مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تشكيك في اليونان ومقدونيا في اتفاق مقترح لتسوية الخلاف بينهما

رئيس الوزراء المقدوني زوران زايف يلقي خطابا في مقر الحكومة في سكوبيي في 12 حزيران/يونيو 2018. afp_tickers

صدرت انتقادات في اليونان ومقدونيا الاربعاء لاتفاق مقترح لتسوية نزاع مستمر منذ نحو ثلاثين عاما حول اسم مقدونيا ويعطل انضمام هذه الجمهورية اليوغوسلافية السابقة الى الاتحاد الاوروبي وحلف شمال الاطلسي.

وأعلن قادة البلدين الثلاثاء التوصل الى “اتفاق تاريخي” لتسوية النزاع بتسمية مقدونيا “جمهورية مقدونيا الشمالية” بعد أشهر من المساعي الدبلوماسية المكثفة.

واعتبرت احزاب المعارضة الرئيسية في اليونان الاتفاق “تراجعا وطنيا” بينما انسحب رئيس مقدونيا القومي غيورغ ايفانوف من اجتماع مع رئيس الوزراء ووزير الخارجية تعبيرا عن احتجاجه.

وقالت حكومة مقدونيا ان “الرئيس ايفانوف ترك الاجتماع رافضا الحديث عن هذا الاتفاق التاريخي حول مستقبل مقدونيا”.

وفي العاصمة سكوبيي تسود اجواء من التحفظ. وقالت سوزانا توروندزييفا (46 عاما) التي تعمل في تجارة المفرق “بالغنا في مسارنا وفي ما سمحنا به”.

– “حيلة” –

واجهت الحكومتان انتقادات داخلية كبيرة في الأشهر الماضية على خلفية التوصل لاتفاق محتمل. وجرت تظاهرات عديدة معارضة للاتفاق مرارا في اثينا وسكوبيي، كما اعلنت أحزاب المعارضة في البلدين نيتها عدم دعم الاتفاق المحتمل.

وركزت معظم الانتقادات في اليونان على قبول الحكومة ان تسمى اللغة والاتنية في الدولة الصغيرة المجاورة بـ”المقدونية”.

ومنذ ان اعلنت مقدونيا استقلالها عام 1991، يرفض اليونانيون القبول بحقها في استخدام اسم “مقدونيا” الذي يؤكدون انه لا يمكن ان يطلق الا على اقليمهم الشمالي. وهي تخشى أطماعاً اقليمية مستقبلاً لدى جارتها في هذا الاقليم.

وبعد التوصل الى الاتفاق الثلاثاء، دان زعيم المعارضة المحافظة في اليونان كرياكوس ميتسوتاكيس ما وصفه بانه “اتفاق سيء”. وقال إن “القبول بجنسية ولغة مقدونية تراجع وطني غير مقبول”.

وعبّر ابوستولوس تزيتزيكوستاس حاكم واحدة من ثلاث مناطق في اقليم مقدونيا اليوناني عن المشاعر السائدة، قائلا “هذا ليس حلا هذه هزيمة وطنية”.

وقال التقني خريستوس نيكولوبولوس “ساقبل بذلك رغما عني (…) لانهم تركوا القضية 26 عاما واعتقد انه ليس هناك أفضل من ذلك حاليا”.

اما فاسيلي (20 عاما) الذي يعمل نادلا “انها حيلة لتحويل البلقان الى محمية لحلف شمال الاطلسي”.

لكن آخرين رحّبوا بالقرار الذي سيتيح لمقدونيا الانضمام للاتحاد الاوروبي وحلف شمال الأطلسي.

وعلق المحلل السياسي في جامعة بانتيون في اثينا فاسيليكي جورجيادو في مقال في صحيفة “تا نيا” أن “اتفاقا مفيدا للطرفين يجلب مناخا آمنا على حدودنا الشمالية. اليونان تحتاج الى ذلك بسبب التوتر مع تركيا”.

-“انتصار دبلوماسي كبير”-

أكد رئيس الوزراء المقدوني زوران زايف الثلاثاء “توصلنا لحل تاريخي بعد عقدين ونصف. اتفاقنا يتضمن استخدام (اسم) جمهورية مقدونيا الشمالية بشكل شامل”.

من جهته، أعلن رئيس الوزراء اليوناني اليكسيس تسيبراس عن “انتصار دبلوماسي كبير وفرصة تاريخية كبيرة” للمنطقة لتسود “الصداقة والتعاون والتنمية المشتركة”.

ويقول معارضو الاتفاق إن تسيبراس الذي يحتفظ بغالبية بسيطة في البرلمان، يفتقد للشرعية والقوة اللازمة لتمرير الاتفاق في البرلمان، إذ أن شريكه الرئيسي في الائتلاف الحاكم القومي بانوس كامينوس رفض دعم الاتفاق.

ولا يزال الاتفاق بحاجة إلى تصديق البرلمان المقدوني وعرضه في استفتاء شعبي، قبل التصديق عليه من قبل البرلمان اليوناني.

وواجه الاتفاق انتقادات على الفور في الصحف اليونانية الأربعاء. فقد كتبت صحيفة “ايثنوس” الأربعاء أن “الاتفاق يواجه ثلاثة حواجز”، في اشارة الى مصادقة البرلمانين والاستفتاء، فيما أشارت صحيفة كاثيميريني إلى “صفقة تشوبها ثغرات وشكوك”.

وقال المحلل اليوناني كوستانتينيس فيليس “هذا يبدو مثل اتفاق مبدئي، هناك مراحل عديدة للتنفيذ لذا علينا أن نحد من توقعاتنا”.

وتأمل سكوبي في ان يسرع الاتفاق مع اثينا بدء مباحثات انضمامها للاتحاد الاوروبي في قمة للتكتل في نهاية حزيران/يونيو، وقبول طلب انضمامها الى الحلف الاطلسي في منتصف تموز/يوليو.

ورحب قادة الاتحاد الاوروبي والحلف الأطلسي الثلاثاء بالتوصل للاتفاق.

وقال الامين العام للحلف ينس ستولتنبرغ إن الاتفاق “سيساعد في تعزيز السلام والاستقرار في ارجاء غرب البلقان بشكل أوسع”.

وعبّر رئيس مقدونيا غيورغ ايفانوف المقرب من الحزب القومي الذي هزمه رئيس الوزراء زايف في انتخابات العام الفائت أيضا عن قلقه. وقال “هناك حاجة لاجماع وطني أوسع لإيجاد حل لا يجرح كرامة الشعب المقدوني”.

وترى أثينا في تسمية “مقدونيا” استعادة للإرث التاريخي للملكين الاسكندر الأكبر وفيليبوس الثاني المقدوني، ما قد يخفي مطامع توسعية، كما أن اسم الاسكندر لا يزال يشكل مصدر فخر لليونان.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية