مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تصعيد عسكري في محافظة حلب مع دخول مفاوضات جنيف يومها الثاني

انتشار للقوات السورية في قرية خان طومان في حلب في 11 نيسان/ابريل 2016 afp_tickers

تشهد محافظة حلب تصعيدا عسكريا بين اطراف عدة وعلى اكثر من جبهة ما يهدد الهدنة الهشة المعمول بها في سوريا ويشكل ضغطا على المفاوضات غير المباشرة الجارية في جنيف بين المعارضة والحكومة.

وكانت المفاوضات بدأت امس بلقاء بين الموفد الدولي ستافان دي ميستورا ووفد الهيئة العليا للمفاوضات الذي يمثل اطيافا واسعة من المعارضة السورية، بينما يلتقي دي ميستورا الخميس وفدا من المعارضة القريبة من موسكو.

وميدانيا، استأنفت قوات النظام السوري بغطاء جوي روسي هجوما كانت بدأته قبل ايام ضد فصائل مقاتلة بينها اسلامية وجبهة النصرة، في مناطق واقعة شمال مدينة حلب، وتحديدا في محيط مخيم حندرات، وفق ما افاد مدير المرصد السوري لحقوق الانسان رامي عبد الرحمن.

وتمكنت قوات النظام من “التقدم في مزارع الملاح ما يعني اقترابها من طريق الكاستيلو”، المنفذ الوحيد للاحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في مدينة حلب.

وتهدف العملية العسكرية التي تعد استكمالا لهجوم واسع نفذته قوات النظام في شباط/فبراير الماضي، الى قطع طريق الكاستيلو و”بالتالي محاصرة الاحياء الشرقية للمدينة بالكامل”، وفق عبد الرحمن.

وقال علي صابر احد سكان حي بستان القصر في حلب والذي يسيطر عليه مقاتلو المعارضة لوكالة فرانس برس الخميس ان “المخاوف من حصار محتمل” تسود السكان.

وفي واشنطن، اعرب مسؤول اميركي الخميس عن “قلق (الولايات المتحدة) البالغ” حيال معلومات عن هجوم يشنه النظام السوري “قرب حلب” بدعم روسي، الامر الذي قد يشكل انتهاكا لوقف اطلاق النار المعلن.

وقال المصدر نفسه ان المسؤولين الاميركيين “اعربوا عن القلق البالغ” لجميع الدول الاعضاء في المجموعة الدولية لدعم سوريا ومن بينها روسيا، ودعوا الكرملين الى الضغط على الرئيس السوري للالتزام بالمحادثات حول عملية الانتقال السياسي.

كما اعربت وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي فيدريكا موغيريني عن قلقها بشان المعلومات عن “هجوم جديد للنظام السوري قرب حلب وشرق دمشق”.

وفي بداية شباط/فبراير، حقق الجيش السوري الاختراق الاكثر الاهمية في حلب منذ العام 2012. وتمكن بغطاء جوي روسي مكثف من تضييق الخناق على الفصائل المقاتلة في مدينة حلب.

– نازحون جدد –

وبالاضافة الى هجوم قوات النظام، تدور في محافظة حلب اشتباكات بين اطراف مختلفة على جبهات عدة وبالقرب من الحدود التركية.

وتخوض منذ بداية الشهر الحالي فصائل مقاتلة معظمها اسلامية، وبينها “فيلق الشام” المدعوم من انقرة، معارك ضد تنظيم الدولة الاسلامية في القرى المحاذية للحدود التركية في ريف حلب الشمالي والشمالي الغربي.

وتمكن تنظيم الدولة الاسلامية من التقدم وسيطر على ست قرى بالقرب من الحدود التركية اهمها قرية حوار كلس، وفق المرصد.

وتنفذ طائرات حربية، رجح عبد الرحمن انها تابعة للتحالف الدولي بقيادة واشنطن، غارات ضد مواقع التنظيم في منطقة الاشتباكات.

واجبرت تلك المعارك “المئات على النزوح من مخيم بالقرب من حوار كلس الى مناطق اخرى اكثر امنا”، وفق عبد الرحمن.

ونقلت وكالة “الاناضول” التركية ان “عددا كبيرا” من النازحين السوريين يقتربون من الحدود مع تركيا هربا من تقدم الجهاديين في شمال حلب.

وفي ريف حلب الجنوبي، تسعى قوات النظام منذ اسابيع لاستعادة بلدة العيس الاستراتيجية والمطلة على طريق دمشق حلب الدولي من جبهة النصرة والفصائل الاخرى المتحالفة معها.

ويستثني اتفاق وقف الاعمال القتالية جبهة النصرة وتنظيم الدولة الاسلامية. الا ان انخراط جبهة النصرة في تحالفات عدة مع فصائل مقاتلة ومشاركة الفصائل في المعارك وتوسع هذه المعارك، عناصر من شأنها ان تهدد الهدنة.

في موسكو، كشف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن تنسيق بين القوات الروسية والاكراد المدعومين من الولايات المتحدة والذين يحاربون تنظيم الدولة الاسلامية في موسكو.

وقال في حوار مع مجموعة من الصحافيين الروس “قواتنا على اتصال مع المجموعات الكردية المسلحة، لا سيما في محيط حلب حيث النصرة وتنظيم الدولة الاسلامية الارهابي يحاولان اخذ مواقع منها. نحن ندرك هذا وسندعم” الاكراد.

في جنيف، اعربت الامم المتحدة عن “قلق شديد ازاء الوضع في شمال سوريا ومحافظة حلب ضمنا حيث تصاعدت اعمال العنف التي تفاقم بدورها الوضع الانساني”، وفق ما قالت مسؤولة اعلامية في مكتب الشؤون الانسانية التابع للامم المتحدة لوكالة فرانس برس.

– خيبة أمل –

واعرب دي ميستورا الخميس عن “خيبة امل واحباط” مجموعة العمل الانسانية حول سوريا جراء النقص الحاصل في ايصال المساعدات الى عدد من المناطق المحاصرة في سوريا من قوات النظام بمعظمها.

وتمكنت الامم المتحدة والمنظمات غير الحكومية منذ مطلع العام من ايصال المساعدات الى 154 الف شخص في المناطق المحاصرة وقرابة 246 الف شخص في مناطق يصعب الوصول اليها. لكن رئيسها اشار اخيرا الى عدم تعاون النظام بشكل واسع في هذه المسألة.

ووسعت الامم المتحدة عمليات ايصال المساعدات الى سوريا بعد بدء سريان اتفاق وقف الاعمال القتالية في 27 شباط/فبراير، وتامل في ان تساعد الامدادات الملحة في دعم مفاوضات السلام الجارية في جنيف.

وقد استؤنفت هذه المفاوضات الاربعاء بلقاء بين دي ميستورا ووفد من الهيئة العليا للمفاوضات التي تمثل اطيافا واسعة من المعارضة.

والتقى الموفد الدولي الخميس وفدا يضم شخصيات من المعارضة السورية القريبة من موسكو، بينها نائب رئيس الوزراء السوري سابقا قدري جميل ورندة قسيس، بالاضافة الى شخصيات من مؤتمر القاهرة ابرزها المتحدث السابق باسم وزارة الخارجية السورية جهاد مقدسي.

وقال جميل للصحافيين بعد الاجتماع باسم مؤتمر موسكو “بحثنا بشكل مفصل فكرة الانتقال السياسي والنقاش ما زال مستمرا واتفقنا على تعميقه واللقاء في الايام القليلة المقبلة”.

واوضح ان الوفد الذي يضم 14 شخصا هو “وفد مفاوض يشارك في محادثات غير مباشرة”، معتبرا ان “المهم هو الا تنكر الحكومة وجودنا ونكون عندها قطعنا نصف الطريق” باتجاه الحل السياسي.

وقال المقدسي من جهته ممثلا مؤتمر القاهرة “قدمنا تعريفنا للانتقال السياسي وهو الحفاظ على الدولة السورية وليس على اي سلطة كانت”، معتبرا ان “نجاح ارسال المساعدات الانسانية ولو بشكل غير كامل والاحترام شبه الكامل لاتفاق وقف الاعمال العدائية وفرا بيئة جديدة لمناقشة جوهر الانتقال السياسي”.

ويصل وفد الحكومة السورية الجمعة الى جنيف، حيث يفترض ان يعقد اول لقاءاته مع دي ميستورا الذي اكد ان جدول اعمال الجولة الراهنة يتضمن الانتقال السياسي والحكم والدستور، وان كافة الاطراف المعنية وافقت على مضمونه.

ولا يزال مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد نقطة الخلاف الرئيسية بين طرفي النزاع والدول الراعية لهما، اذ تصر المعارضة على رحيل الاسد مع بدء المرحلة الانتقالية، فيما تعتبر دمشق ان مستقبل الرئيس ليس موضع نقاش ويتقرر عبر صناديق الاقتراع فقط.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية