مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حظر منظمة غير حكومية من دخول المدارس بعد اتهامها إسرائيل بـ”الفصل العنصري”

مدير منظمة بتسيلم الإسرائيلية حجاي إلعاد في الخامس من شباط/فبراير 2016 afp_tickers

اتهمت منظمة غير حكومية إسرائيلية للمرة الأولى الدولة العبرية بأنها دولة “فصل عنصري” بسبب معاملتها للفلسطينيين، ما دفع الحكومة الى حظر دخول ممثليها إلى المدارس.

وقالت منظمة حقوق الإنسان “بتسيلم” التي تأسست أواخر ثمانينات القرن الماضي، أنها تزن وبعناية استخدامها لهذا المصطلح الذي أثار جدلا واسعا على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأضافت أن مصطلح “الفصل العنصري” يمثل وصفا دقيقا لموقف إسرائيل تجاه سكان الأراضي الفلسطينية والمواطنين العرب في إسرائيل.

وكانت المنظمة نشرت الأسبوع الماضي تقريرا وصفت فيه سياسة إسرائيل من البحر المتوسط الى ضفاف نهر الأردن، وخلصت الى أن “أكثر من 14 مليون شخص، نصفهم تقريبا من اليهود، بينما النصف الآخر من الفلسطينيين، يعيشون بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط في ظل حكم واحد”.

ورأت بتسيلم أن “هذا فصل عنصري”.

وقال مدير المنظمة الحقوقية حجاي إلعاد لوكالة فرانس برس “لا يمكننا تفادي الاستنتاج بأنه نظام يعمل على تثبيت تفوّق مجموعة على أخرى، اليهود على الفلسطينيين”.

وأضاف “هذا هو التعريف المكتوب في الكتب الدراسية لنظام الفصل العنصري (…). أوافق على أنها كلمة قوية لكننا لا نستخدمها باستخفاف”.

واحتلت إسرائيل الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية وقطاع غزة في العام 1967. ويعيش في هذه الأراضي قرابة خمسة ملايين فلسطيني تعتبر الأمم المتحدة أنهم يعيشون تحت الاحتلال الإسرائيلي.

ويشكل العرب في إسرائيل، وهم أحفاد الفلسطينيين الذين بقوا في أراضيهم بعد تأسيس الدولة العبرية في العام 1948، نحو 20 في المئة من السكان البالغ تعدادهم قرابة تسعة ملايين.

وبحسب القانون الإسرائيلي، يتمتع هؤلاء بحقوق مساوية لحقوق المواطنين اليهود، لكنهم يقولون إنهم يعانون من التمييز في كثير من مناحي الحياة.

ويستخدم الفلسطينيون ومنظمات غير حكومية مصطلح “الفصل العنصري” بشكل متكرر لوصف سياسات إسرائيل، لكن استخدامه من منظمة إسرائيلية شكّل صدمة.

وكتب الصحافي الإسرائيلي في صحيفة هآرتس العبرية اليسارية جدعون ليفي الأسبوع الماضي إن تصريحات بتسيلم “ثورية”.

وأضاف “تعرّف عليها: الفصل العنصري، نظام فصل عنصري. نحن نعيش فيه، ونشكل جزءا منه، ونحن شركاء فيه. هي بلادنا”.

ولم يلق تقرير بتسيلم اهتماما كبيرا من الإعلام الإسرائيلي، على عكس ما حصل في الصحافة العربية والدولية التي ابرزته.

– حظر –

وردّ وزير التربية والتعليم الإسرائيلي يوآف غالانت المحسوب على حزب الليكود اليميني بزعامة رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، على نشر التقرير بإعلان الأحد منع ممثلي المنظمة من إعطاء محاضرات لطلاب المدارس الثانوية. وتقوم المنظمة إلى جانب مؤسسات أخرى في المجتمع المدني في إسرائيل، بإلقاء مثل هذه المحاضرات في المدارس.

لكن المدرسة العبرية المرموقة “ريآلي”، ومقرها حيفا، تحدّت قرار الوزير، وأبقت على محاضرة كانت مقررة مع مدير بتسيلم في اليوم التالي شارك فيها نحو 300 طالب في عامهم التعليمي الأخير، وحصلت عبر تطبيق “زوم”.

وبحسب إلعاد، سأله طالب خلال المحاضرة عمّا إذا كانت بتسيلم متطرفة، فاجابه أن “هذه التصريحات ليست متطرفة، بل واقع قمع الفصل العنصري متطرف”.

ويقول مدير المنظمة إن إقرار إسرائيل في العام 2018 قانون القومية الذي يعتبر أن إسرائيل هي “الوطن القومي للشعب اليهودي”، والذي ألغى اللغة العربية كلغة رسمية في إسرائيل، كان بين العوامل التي دفعت المنظمة لاتخاذ موقفها هذا.

ولاقت الخطوة الإسرائيلية حينها انتقادات عدة، ووُصفت بأنها تجعل من العرب قانونا مواطنين أقل درجة.

ومن الأسباب الأخرى التي أملت هذا الموقف، الخطة الأميركية للسلام التي أعطت إسرائيل الضوء الأخضر لضم مساحات واسعة من الضفة الغربية المحتلة.

وقالت إسرائيل إنها علقت تنفيذ عملية الضم بعد توصلها الى اتفاق تطبيع مع الإمارات في آب/أغسطس الماضي.

ويقول إلعاد “تم تجاوز الحدود”.

– رسالة إلى بايدن –

ونشر تقرير منظمة بتسيلم قبل أيام من تنصيب الرئيس الأميركي جو بايدن الذي يجري اليوم في واشنطن.

ويقول إلعاد إن التوقيت كان “صدفة”.

ولا يخفي أمله بأن يعمل “الجناح التقدمي” في الحزب الديموقراطي الأميركي على دفع الرئيس الجديد الذي يعرف بالتزامه تعزيز حقوق الإنسان، إلى تقليل الدعم الأميركي لسياسات إسرائيل الحالية.

ويضيف “كان هناك تدهور في الخطاب على مدار السنوات القليلة الماضية سببه التقاعس الدولي”، متابعا “هناك المزيد من المستوطنات، المزيد من الفصل العنصري، ولا توجد عواقب”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية