مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حكومة الوفاق الليبية تدعو للحوار غداة خسارتها السيطرة على الهلال النفطي

قوات موالية لحكومة الوفاق في سرت 3 سبتمبر 2016 afp_tickers

تعمل حكومة الوفاق الوطني في ليبيا على تفادي الانزلاق نحو تصعيد عسكري غداة سيطرة قوات مناهضة لها على موانئ تصدير النفط الرئيسية في شرق البلاد، وذلك عبر دعوة اطراف الازمة الى الاجتماع لمناقشة آلية لحل الصراع.

وقال رئيس حكومة الوفاق الوطني فايز السراج الاربعاء في بيان على صفحة مكتبه الاعلامي على موقع فيسبوك “أدعو جميع الاطراف الى إنهاء الاعمال الاستفزازية والاجتماع بشكل عاجل على طاولة واحدة لمناقشة آلية الخروج من الأزمة وإنهاء الصراع”.

وجاءت دعوة السراج غدة استكمال القوة المناهضة لحكومة الوفاق بقيادة الفريق أول خليفة حفتر المدعوم من حكومة موازية وبرلمان منتخب في الشرق سيطرتها على كامل منطقة الهلال النفطي التي تضم أكبر موانئ التصدير في إطار هجوم بدأته الاحد وتمكنت خلاله من طرد قوات حرس المنشآت النفطية الموالية لحكومة الوفاق من المنطقة.

ويتضمن تصريح السراج تراجعا واضحا عن النداء الذي وجهته حكومة الوفاق الاحد عقب بدء الهجوم المباغت الى قواتها ودعوتها الى “أداء واجبها العسكري” والعمل على استعادة السيطرة على موانئ السدرة وراس لانوف والبريقة والزويتينة.

– “لن أقود حربا” –

وأكد السراج في بيانه الاربعاء انه لن يقبل بان يقود “طرفا ليبيا أو أدير حربا ضد طرف ليبي آخر”، محذرا من أن ليبيا تمر “بمرحلة مفصلية” في تاريخها.

وتزامن هذا التصريح مع مؤشرات على انقسامات داخل فريق حكومة الوفاق.

فقد أصدر عضوان في حكومة الوفاق بيانا أعلنا فيه تأييدهما للعملية العسكرية التي قادها حفتر في شرق ليبيا.

واعتبر علي القطراني وفتحي المجبري، وكلاهما يشغلان منصب نائب رئيس الوزراء، ان الهجوم “يؤسس الى أوضاع تسيطر فيها الدولة على مواردها وتوظفها لصالح كل الليبيين”.

ويعتبر القطراني مقربا من حفتر. وكان سمي عضوا في المجلس الرئاسي المؤلف من تسعة اعضاء والذي يشرف على حكومة الوفاق، في إطار الجهود التي رعتها الامم المتحدة للتوصل الى تشكيلة حكومية تمثل كل الاطراف الليبيين وتساهم في وقف نزاع ترجم بفوضى ومعارك وانقسامات وحروب في مناطق عدة ومستمر منذ خمس سنوات.

وولدت الحكومة في نهاية السنة الماضية واستقرت في طرابلس في نهاية آذار. لكنها لم تحظ بثقة البرلمان المنتخب والذي يتخذ من الشرق مقرا. كما لم توافق الحكومة الموازية على تسليمها سلطاتها.

في الوقت نفسه، رحب القطراني ردا على سؤال لوكالة فرانس برس ببيان السراج والدعوة الى الحوار، معتبرا انه “يقطع الطريق أمام أي تدخل عسكري (خارجي) في ليبيا”.

وأثار الهجوم على المنطقة النفطية استياء الولايات المتحدة وخمسة من كبار حلفائها الاوروبيين الداعمين لحكومة الوفاق، ووجهت الدول الست دعوة الى “كل القوات المسلحة” الموجودة في الهلال النفطي بين مدينتي بنغازي (الف كلم شرق طرابلس) وسرت (450 كلم شرق طرابلس) “للانسحاب الفوري وغير المشروط”.

وجددت الولايات المتحدة وفرنسا ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وبريطانيا التأكيد على ان حكومة الوفاق الوطني هي الجهة التنفيذية الشرعية الوحيدة في ليبيا، وعلى ان أي تعاون في مجال النفط يجب ان يتم عبر هذه الحكومة.

– 900 الف برميل –

كذلك بدا ان المؤسسة الوطنية للنفط التابعة لحكومة الوفاق الوطني تتجه الى التعامل مع الامر الواقع المستجد على الارض. فقد وصل رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صنع الله الأربعاء الى ميناء الزويتينة، بحسب ما ذكرت وكالة انباء “وال” القريبة من الحكومة الموازية.

ووعد صنع الله من داخل الميناء، بحسب ما أوردت الوكالة، “بمباشرة العمل فوراً بدءاً من ميناء الزويتية الذي يعد جاهزاً للتصدير” لعودة تصدير النفط الليبي.

وقال رئيس مجلس ادارة المؤسسة النفطية ومقره عادة في طرابلس، في بيان نشر على موقع المؤسسة ان “الفرق الفنية بدأت فعليا في تقييم الاضرار وما يجب القيام به (…) لاستئناف الصادرات في اسرع وقت ممكن”.

وعلى الرغم من تأكيد استمرار ولائه لحكومة الوفاق، لم يوضح من هي الجهات التي يمكن ان يتم تصدير النفط اليها في ظل رفض المجتمع الدولي التعامل مع الحكومة الموازية، ومن هي الجهة الليبية التي ستستفيد من الواردات النفطية.

وتوقعت المؤسسة رفع الانتاج الى 600 الف برميل يوميا في غضون أربعة اسابيع، والى 900 الف برميل يوميا بحلول نهاية هذا العام. ويبلغ الانتاج الحالي حوالى 290 الف برميل يوميا.

ومنذ انتفاضة العام 2011 والاطاحة بنظام معمر القذافي، يعيش قطاع النفط الليبي تراجعا مستمرا. وأصبحت ليبيا، أغنى دول افريقيا بالنفط مع احتياطي يبلغ 48 مليار برميل، أقل دول منظمة “اوبك” إنتاجا في 2015.

وأغلقت موانئ التصدير في المنطقة النفطية في مراحل عدة منذ 2011، كان آخرها بداية العام الحالي إثر تعرضها لهجمات شنها تنظيم الدولة الاسلامية.

ويمكن لقرار حكومة الوفاق اللجوء الى التهدئة ان يفسر ايضا باستمرار الجبهة المفتوحة مع التنظيم الجهادي في مدينة سرت الساحلية.

في لندن، وجه برلمانيون بريطانيون في تقرير نشر الاربعاء انتقادا شديدا الى رئيس الوزراء السابق ديفيد كاميرون بسبب قراره التدخل عسكريا في ليبيا في 2011 الى جانب فرنسا، معتبرين ان هذا التدخل استند الى “افتراضات خاطئة”.

وقالت لجنة الشؤون الخارجية في تقريرها ان ان حكومة كاميرون “لم تتمكن من التحقق من التهديد الفعلي للمدنيين الذي كان يشكله نظام القذافي. لقد أخذت بشكل انتقائي وسطحي بعضا من عناصر خطاب معمر القذافي وفشلت في رصد الفصائل الاسلامية المتشددة في صفوف التمرد”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية