مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

روسيا تراقب الهدنة الهشة في سوريا من قاعدة جوية قرب اللاذقية

مقاتل معارض يسلم سلاحه الى ممثل الحكومة السورية بحضور عسكريين روس في قرية كوكب قرب حماة 4 مايو 2016 afp_tickers

يجلس عشرة جنود روس بزيهم العسكري الرملي اللون بجوار هواتف وشاشات كومبيوتر في قاعدة حميميم الجوية السورية قرب اللاذقية لتسجيل اي انتهاك لوقف اطلاق النار الذي فرضته موسكو باتفاق مع واشنطن.

يشير رئيس المركز الروسي لمراقبة الهدنة سيرغي كورالنكو الى احد الهواتف في غرفة المراقبة، قائلا “هذا خط الهاتف المباشر مع عمان”. ومن ثم ينظر الى هاتفين أخريين مضيفا “هذان الهاتفان مخصصان لاتصالات سكان سوريا ومن كافة العالم ايضا”.

وتتولى القوات الروسية في سوريا انطلاقا من قاعدة حميميم الجوية في محافظة اللاذقية الساحلية، مسؤولية مراقبة الهدنة الهشة التي تتنهك يوميا بعدما دخلت حيز التنفيذ في 27 شباط/فبراير.

وتقوم روسيا بهذا العمل بالتنسيق مع مركز اميركي يتولى المسؤولية ذاتها ومقره عمان.

ورغم الضغوط الدبلوماسية لتثبيت اتفاق وقف الاعمال القتالية، الا انه انهار في مدينة حلب منذ حوالى اسبوعين مع تصعيد عسكري اسفر عن مقتل اكثر من 285 شخصا بينهم نحو 57 طفلا.

وفيما كان كورالنكو يطلع صحافيين، يشاركون في جولة نظمتها وزارة الدفاع الروسية، على صور لاقمار اصطناعية تظهر اطلاع روسيا على مدى التقيد بوقف اطلاق النار، كانت مدينة حلب في شمال البلاد تشهد اعمال عنف اثر غارات شنتها الطائرات الحربية السورية على الاحياء الشرقية الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة التي ردت بقصق الاحياء الغربية بالقذائف.

وبعد حوالى اسبوعين على القصف المتبادل، اعلنت روسيا والولايات المتحدة الاربعاء اتفاق تهدئة في حلب لمدة 48 ساعة.

وكان تم استثناء حلب السبت من “نظام تهدئة” انتهى مفعوله امس وفرضته موسكو وواشنطن في الغوطة الشرقية قرب دمشق وريف اللاذقية الشمالي بهدف تثبيت اتفاق وقف الاعمال القتالية.

واتهم كورالنكو الفصائل المقاتلة في حلب بانتهاك وقف اطلاق النار وليس قوات النظام السوري.

كما كان المتحدث باسم وزارة الدفاع الروسية ايغور كوناشينكوف اتهم صباح الاربعاء جبهة النصرة، ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، بالوقوف حائلا امام تطبيق اتفاق وقف اطلاق النار في حلب.

لكنه بدا متفائلا حيال صمود التهدئة في الغوطة الشرقية واللاذقية، رغم تعرض الغوطة الاربعاء لـ22 غارة نفذتها طائرات تابعة للنظام السوري على الارجح.

وتبرر دمشق وموسكو تكثيف العمليات العسكرية في حلب بوجود جبهة النصرة غير المشمولة بوقف اطلاق النار، مثلها مثل تنظيم الدولة الاسلامية. لكن المرصد السوري لحقوق الانسان ومصادر الفصائل المقاتلة في حلب تؤكد ان القرار في المدينة ليس للجبهة.

وفي المقابل، يتهم معارضون الطائرات الحربية السورية والروسية بخرق الهدنة.

ومنذ اعلان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين منتصف اذار/مارس قراره سحب القسم الاكبر من قواته من سوريا اثر حملة جوية بدأتها في 30 ايلول/سبتمبر، تحاول موسكو ان تقدم نفسها بأنها صانعة سلام.

-اتفاقات محلية-

وفي قرية كوكب في ريف حماة (وسط) الشمالي، يشارك رجال مسنون يعتمرون الكوفيات والى جانبهم ضباط روس في احتفال التوقيع على اتفاق يتيح للسكان العودة الى منازلهم.

وخلال الاحتفال، اعرب المشاركون عن فرحهم بالرقص الى جانب جنود سوريين يحملون بنادق من طراز كلاشينكوف. ورفع الاطفال الاعلام السورية وصور الرئيس السوري بشار الاسد. وفي مكان غير بعيد، عمل جنود روس على افراغ شاحنات محملة بالمساعدات.

وقال احمد مبارك، احد المسؤولين المحليين، “كان يعيش هنا عشرة آلاف شخص. لا اعلم كم بقي منهم اليوم، لكنني متأكد انهم سيعودون جميعا خلال اربعة ايام”.

واستعادت قوات النظام قبل عام السيطرة على قرية كوكب من جبهة النصرة، ورغم ذلك خشي سكان من العودة الى منازلهم.

واضاف مبارك “قامت روسيا بدور بارز في العملية السلمية. وقد وفرت المساعدة الاكبر مقارنة بالدول الاخرى”.

وبدعم من روسيا، تم توقيع اتفاقات مصالحة في اكثر من 90 بلدة وقرية بين 52 فصيلا مقاتلا وقوات النظام السوري، بحسب كوناشينكوف.

واوضح المتحدث العسكري ان حوالى سبعة آلاف مقاتل سلموا اسلحتهم في اطار هذه الاتفاقيات المحلية.

واضاف “هذا رقم كبير”.

وبعيدا عن ميادين القتال، يبذل الدبلوماسيون الروس اقصى جهودهم لاعطاء دفع لمحادثات السلام بين ممثلين للحكومة والمعارضة باشراف الامم المتحدة والتي انتهت جولتها الثالثة نهاية الشهر الماضي من دون احراز تقدم. ويرفض الروس بشدة مطلب المعارضة القاضي بتنحي الاسد عن السلطة.

ويصر الكرملين على ضرورة ان تركز دول الغرب على كيفية انهاء النزاع الذي تسبب بمقتل اكثر من 270 الف شخص، ليتسنى بعدها الانتقال بشكل كامل الى مرحلة التصدي للتنظيمات الجهادية وعلى راسها تنظيم الدولة الاسلامية.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية