مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سلطات بوروندي ترفض الضغوط الدولية وتحدد “خطا احمر”

متظاهر معارض لولاية ثالثة لرئيس بوروندي يحمل اشارة طريق كتب عليها "جادة الديموقراطية" في بوجومبورا في 26 ايار/مايو 2015 afp_tickers

صعد الرئيس البوروندي بيار نكورونزيزا الذي يشهد حركة احتجاجية في الشارع وضغوطا دولية، لهجته الثلاثاء برفضه الضغوط الدبلوماسية التي “تقوض” المؤسسات، ودعا الى “التضامن الوطني” لتمويل الانتخابات المقبلة.

واعلنت فرنسا تعليق تعاونها الامني مع بوروندي في كل ما يتعلق بشؤون الشرطة والدفاع، في خطوة رمزية لكنها تعزز عزلة السلطات البوروندية قبل خمسة ايام من قمة لدول شرق افريقيا مخصصة للازمة.

وبعد شهر تماما على اندلاع التظاهرات التي شهدت اعمال عنف للاحتجاج على ترشيح الرئيس نكورونزيزا الذي يحكم البلاد منذ 2005 للانتخابات الرئاسية التي ستجري في 26 حزيران/يونيو، واصل المتظاهرون الثلاثاء ضغطهم في شوارع بوجمبورا التي شهدت نصب حواجز ورشق حجارة واطلاق نار من قبل قوات الامن.

ونشرت الشرطة من جديد بقوة في الاحياء التي تشهد احتجاجات. وكما يحدث منذ ايام، حاول الشرطيون طوال النهار منع عقد اي تجمع. وقد سجلت مواجهات في سيبيتوكي وكانيوشا. لكن في موساغا ونياكابيغا لم يتمكن المحتجون من التجمع بسبب الانتشار الكثيف لقوات الامن.

وللمرة الاولى منذ شهر نصبت مجموعات متظاهرين حواجز في حي موينزي التجاري المسلم القريب من وسط المدينة. وتدخلت الشرطة بقوة لتفريق مئات المتظاهرين واطلقت النار في الهواء والقت قنابل مسيلة للدموع وفي بعض الاحيان في باحات منازل.

وقال رجل مسن من سكان الحي “كيف يلقون قنابل مسيلة للدموع داخل المنازل التي تؤوي نساء واطفالا ومسنين”.

ويضم حي موينزي الذي يغلب عليه الطابع الصناعي العديد من ورشات تصليح السيارات وغيرها. وقال علي احد المحتجين ان “بوينزي حي يعمل فيه الناس عادة. لقد انضم الى المتظاهرين وهذا امر خطير”.

وفي سيبيتوكي (شمال) اغلق الطريق الرئيسي بصخور كبيرة يغطيها روث حيوانات في تكتيك جديد استخدم في عدد من احياء العاصمة لمنع الشرطة من ازالة هذه الحواجز.

وفي كانيوشا (جنوب)، عثر على جثة رجل صباح الثلاثاء3. وقال سكان انه متظاهر خطف ليلا بينما كان يشارك في نوبة حراسة لمنع اي تسلل.

وقال الناطق باسم الحكومة البوروندية للاذاعة الوطنية فيليب نزوبوناريبا ان “حكومة بوروندي (…) تشعر بقلق عميق من النشاط الدبلوماسي الجاري الذي يهدف الى تقويض — والى حد كبير — الى تشويه صورة المؤسسات الجمهورية والدستورية”.

وقد اطلق حوار بين الجانبين برعاية الاتحاد الافريقي والامم المتحدة لكنه علق بعد اعمال عنف في عطلة نهاية الاسبوع. واقتصر على مناقشات غير مجدية حول التظاهرات بدون البحث في القضية الشائكة المتمثلة بالوولاية الرئاسية الثالثة.

وفي محاولة لتسوية الازمة اعلن اوتيونو اوورا من الامانة العامة لمجموعة شرق افريقيا في اروشا عن قمة للمجموعة “ستعقد في 31 ايار/مايو في دار السلام” العاصمة الاقتصادية لتنزانيا. وقال ان “كل القادة سيحضرون”.

لكن لم يعرف ما سيناقشه قادة المجموعة في هذه القمة، ان كان اتخاذ موقف من قضية ترشح الرئيس لولاية جديدة ام الاكتفاء بطلب ارجاء الانتخابات. وكانت قمة سابقة حول بوروندي عقدت في دار السلام. وانتهز ضباط بورونديون غياب الرئيس ليعلنوا في 13 ايار/مايو عن انقلاب فشل بعد يومين.

وبعد تأكيده انه “يقدر نصائح كل المهتمين بالوضع”، حذر الناطق باسم الحكومة من ان “بعض القضايا التي تتعلق بالسيادة والدستور وغلبة القانون الذي يحكم جمهورية بوروندي لا يمكن ان تكون موضوع نقاش”.

وادى اختيار حزب الرئيس المجلس الوطني للدفاع عن الديموقراطية-قوى الدفاع عن الديموقراطية، نكورونزيزا مرشحا للانتخابات الرئاسية المقبلة الى حركة احتجاجية غير مسبوقة. ومنذ ذلك الحين، تجري تظاهرات بشكل شبه يومي تخللتها صدامات عديدة مع الشرطة ادت الى سقوط 25 قتيلا في خلال اربعة اسابيع.

ويرى المعارضون لترشح نكورونزيزا لولاية ثالثة ان هذه الخطوة غير دستورية. لكن المحكمة الدستورية حسمت الامر لمصلحة انصار الرئيس مؤكدة انه يستطيع الترشح. وتتهم المعارضة هذه المحكمة بانها منحازة للسلطة.

ويتمسك كل من الطرفين بموقفه بينما لم تشهد الجهود الدبلوماسية التي تجري خصوصا برعاية الامم المتحدة اي تقدم.

وترى الاسرة الدولية ان الظروف غير متوافرة بعد لاجراء انتخابات تشريعية ورئاسية في الخامس من حزيران/يونيو وفي السادس والعشرين منه على التوالي.

وقال الناطق باسم الحكومة البوروندية ان “الحكومة لن تناقش مسائل تؤدي الى تقويض مؤسساتها وهذه تشكل خطا احمر يجب ان يشكل دليلا لكل الذين يسعون الى التعاون”، مشيرا الى ان “الرئيس نكورونزيزا اكد انه اذا انتخب من الشعب بموجب الدستور فستكون هذه آخر ولاية له”.

من جهة اخرى، دان الناطق بدون ان يذكر اي تفاصيل “تقارير نشرت لتشويه صورة الحكومة”، متهما “وسائل الاعلام الدولية وعملاء اجانب بالتشجيع والدعم العلني للشائعات التي ترافق تظاهرات عنيفة في بعض احياء العاصمة البوروندية مما يؤدي الى حركة نزوح الى الدول المجاورة”.

واضاف ان “الحكومة تؤكد من جديد ان الوقائع على الارض تناقض هذه التقارير التي تشكل مصدر وحي لوسائل الاعلام الدولية لكنها تصنع الرأي العام الدولي والاقليمي”.

من جهة اخرى، ذكر مصدر دبلوماسي ان بعثة الاتحاد الاوروبي ستقوم باجلاء جزء من طواقمها في بوجمبورا، من الموظفين غير الاساسيين والعائلات بسبب الوضع الامني.

ولتمويل العملية الانتخابية التي تبلغ كلفتها نحو ستين مليون دولار، دعت الحكومة الى “التضامن الوطني”. وتؤكد السلطات انها “جمعت حتى الآن جزءا كبيرا من الوسائل اللازمة” واعلنت تخصيص 44 مليار فرنك بوروندي (حوالى 25 مليون يورو) لتمويل الاقتراع بعدما قررت الدول المانحة الامتناع عن ذلك.

وكانت بلجيكا وهولندا وسويسرا اعلنت منتصف الشهر الجاري تعليق مساعداتها للعملية الانتخابية التي تشكل حوالى ثمانين بالمئة من التمويل، وطلبت تأجيل الانتخابات معتبرة ان “الحد الادنى من الظروف” غير متوافر لاجرائها.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية