مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عزلة اميركية في ملف المناخ، والاتحاد الاوروبي والصين يعدان بالتعاون

تظاهرة امام البيت الابيض ضد قرار ترامب الانسحاب من اتفاقية باريس للمناخ في 1 حزيران/يونيو 2017 afp_tickers

بدت الولايات المتحدة في عزلة على الساحة الدولية بعد اعلانها الانسحاب من اتفاق باريس للمناخ فيما طرح الاتحاد الاوروبي والصين نفسيهما كحاملين ل”شعلة” الدبلوماسية المناخية.

وتوالت ردود الفعل من أوساط السياسة والاقتصاد من جميع انحاء العالم وراوحت بين الصدمة والغضب وايضا التصميم على مواصلة الجهد المشترك الذي اعلن في باريس.

تزامنا، وفرت القمة السنوية بين الاتحاد الاوروبي والصين التي عقدت الجمعة في بروكسل منصة للشريكين للتأكيد بحزم على التزامهما المشترك.

في ختام القمة قال رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك “اليوم نعمل على تكثيف تعاوننا حول التغير المناخي مع الصين”.

لكن مصدرا اوروبيا اكد لوكالة فرانس برس ان الصين والاتحاد الاوروبي لم يتوافقا على اصدار بيان مشترك حول المناخ الجمعة في بروكسل بسبب استمرار الخلافات حول قضايا تجارية. وقال ان “لا مشكلة بشأن المناخ ولا اتفاق باريس”.

مع افتتاح القمة الاوروبية الصينية صباحا رسم رئيس المفوضية الاوروبية جان كلود يونكر ملامح تحرك جديد في مكافحة تغير المناخ. وقال يونكر ان “شراكتنا اليوم اكثر اهمية من اي وقت سابق” مضيفا ان مكافحة التبدل المناخي “اكثر اهمية اليوم من الامس”.

اما الصين التي بدت اكثر تكتما بهذا الشأن من الاتحاد الاوروبي في بروكسل الجمعة، فأكدت انها مستعدة “للتمسك بالنتيجة” التي تحققت في باريس واتخاذ اجراءات ملموسة للسماح بتطبيق الاتفاق.

وكان التزام الولايات المتحدة برئاسة باراك اوباما الى جانب الصين ساهم الى حد كبير في نجاح اتفاق باريس الذي وقع في كانون الاول/ديسمبر 2015 من جانب اكثر من 190 دولة بهدف الحد من ارتفاع متوسط حرارة العالم بحيث تبقى دون درجتين مئويتين مقارنة مع الفترة التي سبقت الحقبة الصناعية.

وقدرت الامم المتحدة الجمعة ان الانسحاب الاميركي من الاتفاق يمكن “في اسوأ السيناريوات” ان يترجم ارتفاعا اضافيا ب0,3 درجة لحرارة الكوكب خلال القرن الحادي والعشرين.

وقلت الاصوات المخالفة ضمن سلسلة الادانات، وكان ابرزها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع رفضه “الحكم” على نظيره الاميركي داعيا الى “العمل المشترك” مع واشنطن.

في خطاب مطول الخميس اعلن ترامب ان “الوقت حان” لانسحاب بلاده من اتفاق باريس، معربا عن ارادته التفاوض على اتفاق جديد او إعادة التفاوض على النص الساري، من دون تحديد الالتزامات التي قد تكون بلاده مستعدة لاتخاذها.

غير ان وزير الخارجية ريكس تيلرسون أعلن الجمعة ان بلاده ستواصل جهودها لخفض انبعاثات غازات الدفيئة، وقال “لا اعتقد باننا سنغير من جهودنا لخفض هذه الانبعاثات في المستقبل”.

– “اكثر عزما من اي وقت”-

اكدت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل انها “عازمة اكثر من اي وقت” على التحرك من اجل المناخ بعد اعلان ترامب.

كما اتى رد الأوروبيين سريعا وقاطعا، فأصدرت برلين وباريس وروما بيانا مشترك أبدت فيه “أسفها” للقرار الأميركي، مؤكدة أنه لا يمكن في أي من الأحوال معاودة التفاوض في الاتفاقية.

واعتبر المفوض الاوروبي للعمل المناخي ميغيل ارياس كانيتي الذي فاوض في باريس ان المعاهدة الدولية “تلزم بلدا وليس حزبا” سياسيا لافتا الى ان الولايات المتحدة لم تأخذ العبر من اتفاق كيوتو السابق حول المناخ والذي لم تشارك فيه.

كما وصف رئيس المجلس الاوروبي دونالد توسك القرار الاميركي بأنه “خطأ كبير، اكبر من عدم الانضمام الى بروتوكول كيوتو”.

واعربت الامم المتحدة التي ترعى الاتفاق عن “خيبة امل كبيرة”.

وراى الامين العام للامم المتحدة انطونيو غويتريش انه “لا يمكن وقف التحرك في ما يتعلق بالمناخ”، خصوصا أن تغير المناخ ظاهرة لا يمكن انكارها.

وردا على الرئيس الاميركي الذي يدعم الطاقات الاحفورية تحت شعار الدفاع عن الوظائف، كرر الاوروبيون وايضا البرازيل ونيوزيلندا ان المرحلة الانتقالية في مجال الطاقة هي عامل نمو.

بدورها دعت الهند، القوة الاسيوية الثانية والواردة ضمن الدول الخمس الأكثر تلويثا في العالم، الى احترام اتفاق باريس.

– ضربة للدور القيادي الاميركي-

يتجاوز قرار الخميس قضية المناخ وهو يعطي مؤشرا الى الدور الذي تنوي الولايات المتحدة بقيادة ترامب اداءه على الساحة الدولية في الاعوام المقبلة.

وفي الولايات المتحدة اعربت شخصيات اقتصادية عدة عن خيبة املها وشددت على وجوب التحرك للتصدي للاحتباس الحراري.

وسارع رئيس مجلس إدارة شركة “تيسلا” للسيارات الكهربائية إيلون ماسك المدافع بشدة عن مصادر الطاقة المتجددة، إلى الإعلان عن قراره الانسحاب من مجالس استشارية تنصح ترامب.

من نيويورك الى كاليفورنيا، نظمت عشرات المدن الاميركية سريعا حركة مقاومة ووعدت بمواصلة التوجه محليا نحو اقتصاد مراع للبيئة.

كما اعرب الرئيس السابق باراك اوباما عن الاسف لقرار خلفه مؤكدا انه “واثق بان ولاياتنا ومدننا وشركاتنا ستكون على قدر (المسؤولية) وستبذل مزيدا من الجهد لحماية كوكبنا من اجل الاجيال المقبلة”.

وقضى الهدف الاميركي الذي حددته ادارة اوباما بتخفيض انبعاثات غازات الدفيئة بنسبة 26 الى 28% حتى العام 2025، مقارنة بالعام 2005.

وبحسب آلية الانسحاب الواردة في المادة 28 من اتفاق باريس، فان الانسحاب الاميركي الفعلي سيسري في 2020. لكن ترامب حرص على التحديد ان بلده سيتوقف عن تطبيقه “اعتبارا من الآن”.

وبمعزل عن الصدمة الناجمة عن هذا الإعلان، فهو يثير مخاوف فعلية بشأن التمويل، سواء لاتفاقية الأمم المتحدة للمناخ التي يؤمن الأميركيون 23% من ميزانيتها، أو للمساعدات الدولية للدول الفقيرة على غرار “الصندوق الأخضر”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية