مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

غارات جوية دامية على آخر جيب للمعارضة في الغوطة الشرقية

صورة التقطت بتاريخ 6 نيسان/ابريل 2018 خلال جولة برفقة قوات النظام تظهر رجلا يقود دراجته أمام مسجد مدمر في عربين بالغوطة الشرقية afp_tickers

استهدفت غارات السبت مدينة دوما، آخر جيب للفصائل المعارضة في الغوطة الشرقية، موقعة ثلاثين قتيلا على الأقل، غداة استئناف الجيش السوري هجومه للضغط على المقاتلين للانسحاب، ليستعيد بالنتيجة كل المنطقة الواقعة قرب دمشق.

وأسفر تجدد الغارات السبت عن مقتل “ثلاثين مدنيًا على الاقل بينهم ثمانية أطفال”، وفق المرصد. وكانت حصيلة سابقة اشارت الى مقتل تسعة اشخاص السبت.

وقال المتحدث باسم جيش الإسلام حمزة بيرقدار مساءً إنّ “المفاوضات لم تتوقف بعد، ونسعى لوقف المجازر التي يرتكبها النظام والروس بحق اهالي دوما”.

بدوره قال مسؤول المركز الروسي للمصالحة في سوريا يوري ايفتوشينكو لوكالات انباء روسية إنّ “المتطرفين من مقاتلي جيش الإسلام بقيادة زعيمهم الجديد ابو قصي ينتهكون تطبيق الاتفاقات ويمنعون خروج المدنيين والمقاتلين مع افراد عائلاتهم من مدينة دوما”.

واشار المرصد السوري لحقوق الانسان الى إصابة 11 شخصًا السبت بحالات اختناق إثر قصف جوي لقوات النظام على مدينة دوما، وهو ما سارعت دمشق إلى نفيه.

وإثرَ عملية عسكرية جوية وبرية واتفاقي إجلاء مقاتلين من الغوطة الشرقية التي بقيت لسنوات معقلاً لفصائل المعارضة الابرز قرب دمشق، تمكنت قوات النظام من السيطرة على 95 في المئة من المنطقة.

وبقيت دوما وحدها تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام الذي دخل في مفاوضات مع موسكو نأت بالمدينة عن التصعيد العسكري خلال الأيام العشر الماضية.

ورغم إعلان موسكو “اتفاقا مبدئيا” لإجلاء مقاتلي جيش الاسلام من دون أن يؤكّده الأخير، ثم تطبيق جزء بسيط منه بداية الاسبوع، استمرت المفاوضات في محاولة من كلا الطرفين لفرض مزيد من الشروط.

وسرعان ما تعثّر الاتفاق وتعرقلت المفاوضات، واستأنفت قوات النظام الجمعة هجومها البري والجوي على دوما ودخلت منطقة المزارع المحاذية لها، واستهدفت المدينة بعشرات الغارات موقعة 40 قتيلاً مدنياً، بحسب المرصد.

لكن جيش الاسلام قال في بيان إنّ عناصره لم يستهدفوا أي منطقة من دمشق، متّهمًا النظام بـ”انتهاك وقف إطلاق النار المتفق عليه اثر المفاوضات (السابقة)”.

وأضاف “نحن ملتزمون بأرضنا وبالمبادئ الثورية، وقد رفضنا التهجير القسري (…) ومغادرة الغوطة”.

وقال محمد، أحد الأطباء في دوما، إنّ “وتيرة القصف على حالها من دون توقف”، مضيفًا “لم نتمكن حتى الآن من إحصاء عدد الجرحى، البعض منهم استشهد لأنه لم يأته الدور في غرفة العمليات”.

– “دوما نهاية الحكاية” –

ووصلت تداعيات التصعيد إلى دمشق، حيث أفادت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن مقتل ستة مدنيين وإصابة العشرات جراء قذائف أطلقها فصيل جيش الإسلام مستهدفاً أحياء عدة.

وقُتل الجمعة أربعة مدنيين جراء القذائف على دمشق، وفق سانا.

وفي مشاهد بثها التلفزيون الرسمي من إحدى مستشفيات دمشق ظهرت امرأة تبكي فوق جثة رجل ممدة على سرير، فيما قالت أخرى إنها كانت في سيارة الأجرة حين بدأ القصف فصدمت السيارة الحائط أمامها.

من جهته، انتقل عباس (57 عاماً)، الموظف المتقاعد، من منزله في غرب دمشق إلى حي آخر بعدما تعرضت المنطقة التي يقطنها للقذائف.

وقال لفرانس برس “يبدو أن دوما نهاية الحكاية، والنهايات دائماً تكون صعبة”، مضيفاً “أنتظر نهاية المسلحين في دوما لكي يعيش الناس بهدوء ننتظره منذ سنوات، سواء في الغوطة أو في دمشق”.

وإثرَ هجوم بدأ في 18 شباط/فبراير، أطبقت القوات الحكومية تدريجًا على الفصائل المعارضة، وقسّمت الغوطة الشرقية إلى ثلاثة جيوب.

وفرّ عشرات آلاف المدنيين خلال الأسابيع الماضية عبر معابر حددتها القوات الحكومية الى مناطق سيطرتها.

وبعدما ازداد الضغط عليهما، وافق فصيلا حركة أحرار الشام وفيلق الرحمن على اجلاء مقاتليهما من جيبي حرستا وجنوب الغوطة بموجب اتفاقين منفصلين مع روسيا. وخرج الشهر الماضي 46 ألفاً من مقاتلي الفصيلين ومدنيين إلى شمال غرب سوريا.

– فشل المفاوضات –

ورغم فشل الاتفاق المبدئي الذي أدّى إلى إجلاء أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل ومدني، استمرت المفاوضات في ظل انقسامات داخل صفوف جيش الإسلام، وفق مراقبين، بين جهة تؤيد الاتفاق وأخرى مصرّة على البقاء.

وكان النظام السوري وروسيا هددا باستئناف الهجوم ضد جيش الاسلام في حال رفضه الإجلاء.

واتهمت سانا جيش الإسلام بـ”عرقلة الاتفاق القاضي بإخراجهم من مدينة دوما” عبر رفضه إطلاق سراح معتقلين لديه، مشيرة إلى أن العملية العسكرية لن تتوقف حتى يتم الإفراج عنهم.

ولفت نوار أوليفر، الباحث في مركز عمران للدراسات، إلى أن جيش الإسلام يتعرض لـ”ضغوط قصوى”.

وقال لفرانس برس “المفاوضات فشلت والنظام يريد أن تنفذ شروطه. الغارات لمحة عما يمكن أن يحصل اذا لم تطبق هذه الشروط”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية