مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في الضفة الغربية اكتظاظ مخيمات اللاجئين يثير قلقا من تفش كبير لفيروس كورونا

أطفال فلسطينيون يتجمعون في شارع في مخيم الأمعري في الضفة الغربية حول بائع جوال في 29 تموز/يوليو 2020 afp_tickers

في مخيم الأمعري للاجئين في الضفة الغربية المحتلة، يثير الاكتظاظ السكاني “قلقا جديا” من تصاعد خطير في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد التي سجّلت أخيرا ارتفاعا فرض على السلطات إعادة فرض تدابير صحية مشدّدة.

ويعيش في المخيم نحو ثمانية آلاف لاجئ على مساحة 93 دونما تقريبا. وتخترق المخيم الذي ينتشر فيه البناء العمودي لزيادة القدرة على استيعاب السكان، طريق بعرض نحو ستة أمتار تضيق في الداخل أكثر نحو تفرعات داخلية لا يزيد عرضها عن أربعة أمتار.

ويقول رئيس اللجنة الشعبية في المخيم طه البس إن جغرافية المخيم الضيق على سكانه تجعل “لا مجال فيه للتباعد ولا للحجر الصحي”، مضيفا “يعيش سكان المخيم في أبنية متلاصقة، الطرق ضيقة، والحديث عن تباعد اجتماعي محض خيال، الناس هنا يقضون معظم وقتهم قريبين من بعضهم البعض”.

وأحصت الضفة الغربية المحتلة حتى منتصف ظهر الأربعاء 11209 إصابة بالفيروس بينها 78 وفاة.

ويعمل متطوعون على مدخل مخيم الأمعري المتاخم لمدينتي رام الله والبيرة، على البحث عن مصابين محتملين بالفيروس، من خلال مراقبة حركة دخول وخروج السكان وفحص درجة حرارتهم. وسجّلت بعض الإصابات داخل المخيم.

وفرضت السلطة الفلسطينية التي سجّلت أول إصابة بالفيروس لديها في الخامس من آذار/مارس، إغلاقا تاما حينها استمر حتى أواخر أيار/مايو.

وأدى تخفيف قيود مكافحة الفيروس لاحقا إلى ارتفاع مطّرد في أعداد الإصابات مستمر حتى اليوم على الرغم من إعادة فرض قيود جديدة.

– تأخير دخول الفيروس –

ويقول شاهر هارون بينما يقوم بعمله التطوعي مع عدد من الشبان لوكالة فرانس برس “نحاول تأخير انتشار الفيروس بشكل كبير في المخيم إلى حين إيجاد لقاح له”.

ويشير البس إلى توجه اللجنة الشعبية إلى وزارة الصحة للحصول على كمية أكبر من الفحوصات المخبرية للكشف عن الفيروس.

ويقول “نعيش ما بين المطرقة والسنديان. وكالة غوث اللاجئين (أونروا) تقول إنها لا تملك الإمكانات لتوسيع المخيم ليستوعب الزيادة السكانية، وكذلك السلطة الفلسطينية”.

وأقيمت المخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية على أراض استأجرتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين منذ العام 1948، وبقيت مساحاتها على حالها.

ويقول البس “لا نريد أن يحدث معنا مثلما حصل في مخيم الجلزون”.

وسجل مخيم الجلزون شمال مدينة رام الله نحو 200 إصابة، وسُجّل العدد نفسه في مخيم الفوّار في جنوب الضفة الغربية، بالإضافة إلى عشرات الإصابات في مخيمات قلنديا شمال القدس، ودير عمار إلى الشمال الغربي من رام الله. وأغلقت مدينة أريحا مخيمي اللاجئين فيها.

ويبلغ عدد اللاجئين في الضفة الغربية، وفق دائرة اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، حوالى 912 ألفا، يعيش حوالى 35% منهم في 19 مخيما.

– اللاجئون والسلطة والأنروا –

ويقع مخيم الجلزون حيث يقطن ثمانية آلاف شخص، في منطقة منخفضة عن الطريق الرئيسي.

وشهد المخيم مؤخرا مشادات بين اللجنة الشعبية والسلطة الفلسطينية بشأن الإبقاء على المصابين بفيروس كورونا داخل المخيم حيث تنعدم ظروف الحجر الصحي الملائمة.

وانتهت الأزمة بأن تم إخراج المصابين إلى مراكز للحجر الصحي في مدينة رام الله وقرى مجاورة.

ويعمل نائل نخلة في لجنة الطوارئ داخل المخيم، ويشير إلى “عدم قدرتنا على إبعاد المصابين والمخالطين للمصابين عن باقي سكان المخيم، لأن تطبيق التباعد مستحيل”.

وترى منظمة التحرير الفلسطينية أن المخيمات ستكون “الأكثر تضررا” في حال حصول ارتفاع كبير في عدد الإصابات.

ويقول مدير عام دائرة اللاجئين في المنظمة أحمد حنون لفرانس برس “وضع اللاجئين في المخيمات صعب جدا ويدفعنا إلى القلق الجدي، فالمخيمات تعاني أصلا من تركيبة صحية صعبة ما قبل الفيروس”.

ويقول حنون “تنتشر الكثير من الأمراض بين اللاجئين في المخيمات، ومنها أمراض الضغط والسكري والقلب. هنا يكمن الخطر”.

ويشير إلى سعي مع وكالة الغوث “إلى ترتيب عمل مشترك” لتجنب الأسوأ.

ويوجد في مخيم الأمعري مركز صحي أسسته الأونروا مع إنشاء المخيم في العام 1949، لكنه بات مؤخرا لا يستقبل إلا الحالات الخطيرة خشية انتشار أوسع للفيروس من خلاله.

– أزمة مالية –

وفاقمت جائحة كوفيد -19 الأزمة المالية التي تمر بها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين.

وتبذل الوكالة جهودا منذ عام 2018 لتعويض وقف التمويل من جانب الولايات المتحدة التي كانت حتى ذلك الوقت المانح الرئيسي للمنظمة التي تدير مدارس وتقدّم مساعدة طبية لنحو خمسة ملايين لاجئ فلسطيني في الأردن ولبنان وسوريا والضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.

ويقول المتحدث باسم الوكالة في الضفة الغربية المحتلة كاظم أبو خلف “نحن قلقون جدا إزاء وضع مخيمات اللاجئين خصوصا في مسألة التعامل مع فيروس كورونا في ظل العجز المالي الذي تعانيه الوكالة”.

ويضيف “المخيمات مكتظة بالسكان أصلا، وسيبقى القلق يراودنا مهما نقوم به من عمليات توعية ووقاية داخلها”.

وحصلت الأونروا مؤخرا على تعهدات مالية بقيمة 130 مليون دولار بعد إطلاقها نداء استغاثة للحصول على 9,4 مليون دولار من أجل التعامل مع الفيروس بين اللاجئين.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية