مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

في الفيليبين، معاناة سكان مراوي الذين تم اجلاؤهم لا تزال في بداياتها

أطفال ينتظرون الطعام أمام خيمتهم في مركز ايواء في بالو-اي في 26 تشرين الأول/أكتوبر 2017 afp_tickers

رغم إعلان الجيش الفيليبيني انتهاء معركة مراوي، لا تزال جمالية بينداتون التي تحمل طفلها البالغ ستة أشهر بين يديها، تجهل متى ستتمكن من العودة إلى مدينتها التي سيطر تنظيم الدولة الاسلامية لخمسة أشهر على بعض أحيائها.

وقالت السيدة البالغة 29 عاما لفرانس برس من الخيمة التي تعيش فيها مع عائلتها في مخيم للايواء الطارئ في بالو-اي، على بعد 20 كلم من مراوي “لا نعرف اذا كان منزلنا لا يزال موجودا”.

وأضافت “الحالة صعبة. ليس لدينا أي مدخول ونعتمد على المساعدات”.

وارغمت المعارك على الفرار أكثر من 350 ألفا من سكان مراوي، وهي المدينة المسلمة الأكبر في جنوب الفيليبين، الأرخبيل ذات الغالبية الكاثوليكية.

وسيطر مئات المسلحين الذين بايعوا تنظيم الدولة الاسلامية في 23 ايار/مايو على أحياء بكاملها من مراوي، واستخدموا مدنيين دروعا بشرية، في محاولة لإنشاء قاعدة لتنظيم الدولة الاسلامية في جنوب شرق آسيا.

ودمر بالكامل تقريبا النصف الشرقي من المدينة، بعد خمسة أشهر من القتال انتهت رسميا الإثنين.

وأكدت السلطات التي تخشى وجود ألغام، أن على السكان انتظار أشهر أو حتى سنوات قبل العودة الى منازلهم.

وتلقى نحو 10 آلاف من السكان الضوء الأخضر للعودة الى ديارهم، في أحياء بعيدة عن ساحات القتال.

– الكارثة الأسوأ منذ 1945 –

أكدت المسؤولة في المدينة زريدة طه لوكالة فرانس برس أن 33 ألفا آخرين سيتمكنون من العودة الى منازلهم في مراوي الأسبوع المقبل.

وقد لجأ عدد من النازحين الى منازل أصدقائهم أو أقاربهم فيما لم يكن لدى عشرات الآلاف من السكان سوى خيار اللجوء الى مخيمات، على غرار جمالية بينداتون.

وبدأت الحكومة ببناء مساكن جديدة بأسعار معقولة لتسهيل الأمر، وهذا يثبت أن عودة السكان ليست قريبة.

وتقدم الحكومة مساعدة لكل عائلة تبلغ 200 بيزوس ما يعادل 3,30 يورو.

زوج جمالية الذي كان عامل بناء يزرع حاليا الذرة في أرض تابعة للحكومة، في اطار الوظائف البسيطة التي توفرها السلطات. لكنه لن يحصل على أجره الا بعد بيع الذرة.

وتمتلك الفيليبين، المعرضة باستمرار للأعاصير والفيضانات والزلازل، خبرة جيدة في ادارة الكوارث. اذ وضعت الحكومة برامج مساعدات انسانية في وقت مبكر للذين تم اجلاؤهم من مراوي.

بغض النظر عن التمرد الاسلامي المستمر منذ عقود في جنوب البلاد، لم يشهد الأرخبيل كوارث واسعة النطاق افتعلها الانسان مثل تلك الحاصلة في مراوي، منذ الاحتلال الياباني خلال الحرب العالمية الثانية.

واعلنت الحكومة ان 920 مقاتلا جهاديا و165 عسكريا و47 مدنيا، قتلوا خلال خمسة اشهر. وانهارت آلاف المباني فيما دُمرت أحياء بالكامل.

– صدمة الأطفال –

قدر وزير الدفاع الفيليبيني دلفين لورنزانا أن عملية اعادة بناء البنى التحتية الأساسية مثل الكهرباء والماء والطرقات تبلغ قيمتها 1,1 مليار دولار.

وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر أن السكان “الأكثر تأثرا” الذين يتراوح عددهم بين 30 ألف و40 ألف شخص، سيحتاجون الى مساعدات انسانية (مواد غذائية ومساكن…) لسنوات عديدة.

وأكد رئيس اللجنة الدولية للصليب الأحمر في جنوب الأرخبيل روبيرتو بيترونيو لفرانس برس أن “الوضع غير اعتيادي ونراه للأسف في عدد من المناطق في العالم مثل الشرق الأوسط أو حتى افريقيا”.

لم تدم الفرحة بالنسبة الى غالبية السكان الذين تمكنوا من العودة الى منازلهم، بسبب حالة مدينتهم وارتفاع حوادث السرقة التي لمسوها.

وقالت نورهانا سانغكوبان وهي تاجرة مسنة في حي ايست بازاك، “الباب كان محطما وعندما دخلت رأيت ملابسنا متناثرة على الأرض. كل مؤننا الغذائية اختفت”.

ويشكل التعليم المدرسي مصدر قلق إضافي بالنسبة للسكان. فقد أغلق عدد كبير من المدارس أبوابه فيما تلقى الكثير من الأطفال صدمة جراء الذي حصل في مراوي.

المدرّسة ديانا ديمارو التي كانت تصطحب حوالى 60 من تلامذتها للترويح عن نفوسهم في ملعب تابع لمبنى حكومي يعجّ بالعائلات التي تم اجلاؤها، أوضحت لفرانس برس أن “الأطفال بحاجة الى مساعدة نفسية طارئة”.

وأضافت “يجب أن نشغلهم لينسوا صدمة ما شعروا به”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية