مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

قمة غير مسبوقة في اسطنبول لتحسين التصدي للازمات الانسانية

صورة تذكارية للمشاركين في قمة اسطنبول afp_tickers

دعا الرئيس التركي رجب طيب اردوغان الاثنين الى تقاسم افضل “لعبء” الازمات العالمية، وذلك خلال قمة غير مسبوقة عقدت في اسطنبول لدرس سبل التعاطي بشكل افضل مع الازمات الانسانية.

ودعا الامين العام للامم المتحدة بان كي مون نحو ستة الاف مشارك الى العمل على “بناء مستقبل مختلف”، لمواجهة اخطر ازمة انسانية منذ ما بعد الحرب العالمية الثانية، حيث يوجد حاليا نحو 60 مليون لاجىء ومهجر و125 مليون شخص بحاجة الى مساعدات.

واضاف “ان المهمة ليست سهلة ولا بد من ارادة سياسية واسعة افتقدناها خلال السنوات القليلة الماضية”.

وقرارات هذه القمة لن تكون ملزمة باي حال الامر الذي اثار شكوك الكثير من العاملين في المجال الانساني حول ما سيتحقق خلال هذه القمة. حتى ان منظمة “اطباء بلا حدود” رفضت تلبية الدعوة التي وجهت اليها متوقعة الاكتفاء باصدار “اعلان حسن نوايا” من دون اي خطوات ملموسة.

وتسعى هذه القمة التي ستستمر يومين الى اطلاق سلسلة مبادرات والتزامات لتجنب النزاعات وفرض احترام القوانين الدولية الانسانية وضمان مصادر تمويل ثابتة للمشاريع الانسانية.

وناشد مضيف القمة اردوغان المجتمع الدولي “تحمل مسؤولياته”، مضيفا ان “النظام الحالي غير كاف (…) فالعبء يقع حصرا على عدد من الدول. اليوم على الجميع تحمل مسؤولياتهم”، مذكرا باستقبال بلاده حوالى ثلاثة ملايين لاجئ، بينهم 2,7 ملايين سوري.

اضاف الرئيس التركي ان “الحاجات تتزايد يوميا، لكن الموارد لا تتبعها بالضرورة” واضاف “تركيا تدرك ذلك بمرارة” مذكرا بانفاق بلاده 10 مليارات دولار على استقبال لاجئين سوريين، ومنددا “بتهرب عدد من افراد المجتمع الدولي من مسؤولياتهم”.

اما المستشارة الالمانية انغيلا ميركل فدعت في الافتتاح الى التوقف عن قطع الوعود الفارغة بالمساعدة. وقالت “قطعت وعود فضفاضة واموال المشاريع لا تصل. يجب ان يتوقف ذلك”.

واضافت ان العالم ما زال يفتقد الى انظمة مساعدات انسانية “تناسب المستقبل”.

وصرح نائب الامين العام للامم المتحدة يان الياسون ان الجلسة الاولى احرزت تقدما في الاتفاق على الحاجة الى تجنب النزاعات عوضا عن التعامل مع تبعاتها الدامية.

قال “الاجدى ان ندرك الحاجة الى الانتقال من معالجة الاعراض الى معالجة الاسباب الجذرية. اعتقد ان هذه هي الخلاصة الرئيسية لتلك الجلسة”، مضيفا ان الانفاق على تجنب النزاعات ضئيل مقارنة بنفقات الاغاثة.

– “اجماع عالمي جديد” –

انطلقت القمة التي يحضرها بينهم اكثر من ستين رئيس دولة وحكومة، بالصورة الجماعية المعهودة، تلتها مراسم افتتاح شارك فيها الممثل دانيال كريغ، الذي لعب دور الجاسوس البريطاني الشهير جيمس بوند.

قال كريغ ان هذه القمة قادرة على “اطلاق اهم حركة انسانية في تاريخنا” محذرا من اصدار “كلام فارغ” لن يستتبع بافعال.

وستكون هذه القمة مناسبة لعقد لقاءات ثنائية عدة.

فقد اعربت ميركل الاثنين عن “قلقها العميق”، للرئيس التركي بعد قرار رفع الحصانة البرلمانية في تركيا، ما قد يعرض عشرات النواب المؤيدين للاكراد لملاحقات قضائية.

وقالت ميركل في مؤتمر صحافي عقدته على هامش القمة الانسانية بعيد لقائها اردوغان، ان هذا الاجراء يشكل “مصدر قلق عميق عبرت عنه للرئيس التركي”، مضيفة انها قالت لأردوغان ان الديموقراطية بحاجة “لقضاء مستقل وصحافة مستقلة وبرلمان قوي”.

من جهتها قالت وزيرة البيئة الفرنسية سيغولين رويال لفرانس برس ان “مكافحة الازمة المناخية تعني التحرك لتجنب النزاعات”.

ويشكل اختيار اسطنبول لعقد المؤتمر بادرة رمزية بقدر ما هي مثيرة للجدل.ويتهم عدد من المنظمات غير الحكومية تركيا باعادة اعداد من السوريين الى بلادهم، وهو ما تنفيه اسطنبول.

وتشهد المنطقة نزاعات كثيرة ولا سيما في سوريا حيث افيد عن مدنيين قضوا من الجوع في مدن محاصرة، وهو ما يصور بشكل صارخ عجز النظام الانساني الحالي عن التصدي للاوضاع.

اضافت ميركل “نحن بحاجة الى اجماع دولي جديد لصالح احترام القانون الانساني الدولي” متابعة “سواء في سوريا او غيرها اننا نشهد تعرض مستشفيات ومرافق صحية للقصف المنهجي”.

وقالت وكالة الامم المتحدة لغوث اللاجئين الفلسطينيين – اونروا في تقرير ان نصف مدارسها تقريبا طالتها النزاعات في السنوات الخمس الاخيرة.

كما اضاف امين عام منظمة العفو الدولية سليل شيتي في بيان “من العبثي توقع تحسن الاستجابات الانسانية فيما تمر اعمال القصف المتكررة لمستشفيات ميدانية والاستهداف الروتيني للمدنيين بلا محاسبة”.

واعلنت منظمة اطباء بلا حدود التي تعرضت 75 من مستشفياتها لهجمات العام الماضي، مقاطعة القمة بسبب غياب اي مبادرات ملموسة للحد من “القيود الخطيرة التي تفرضها بعض الدول” على صعيد ايصال المساعدات الانسانية.

وقال الياسون في هذا الاطار “يؤسفني جدا اتخاذهم هذا القرار” مضيفا ان “احد الدوافع الرئيسية لهذه القمة هو غضبنا العارم ازاء انتهاكات القانون الانساني الدولي” مشددا على امله في ان تنعكس “قناعات” المنظمة في نتائج اللقاءات.

ورغم ذلك، يامل المشاركون وبينهم العديد من المنظمات غير الحكومية المتوسطة والصغيرة الناشطة على الخطوط الامامية لمواجهة الازمات الانسانية، في ان تعطي القمة دفعا في الاتجاه الصحيح.

وقال مدير الهلال الاحمر التركي كرم كينيك لوكالة فرانس برس ان قمة اسطنبول يجب ان تكون “مرحلة اساسية” عبر تحديد اهداف تنموية وتعزيز نظام التمويل.

وقال اردوغان “نحن نقطع الوعود هنا اليوم، لكن علينا ارفاق القول بالفعل” متابعا “عندئذ تصبح مشاكلنا كلها محلولة”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية