مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ماكرون يعلن من بيروت التزام القوى السياسية بتشكيل حكومة خلال أسبوعين

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال مؤتمره الصحافي في قصر الصنوبر في بيروت في الأول من ايلول/سبتمبر 2020 afp_tickers

أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ليل الثلاثاء أن الأطراف السياسية اللبنانية أبلغته التزامها بتشكيل حكومة خلال أسبوعين، مشيراً الى اتفاقه معهم على “خارطة طريق” تتضمن إجراء إصلاحات سريعة.

وقال ماكرون إنه دعا رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس البرلمان نبيه بري ورئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب والقوى السياسية إلى مؤتمر يعقد في باريس في النصف الثاني من شهر تشرين الأول/أكتوبر لتقييم الخطوات المنجزة على صعيد “خارطة الطريق”. وسيتزامن ذلك مع مؤتمر دعم دولي جديد بالتعاون مع الأمم المتحدة لتقديم مساعدات الى البلد الذي يعاني من تداعيات انفجار بيروت المروع.

وقال ماكرون إنه سيعود الى لبنان في زيارة ثالثة نهاية العام الجاري، مؤكدا أن “فرنسا لن تتخلى عن لبنان”.

ومارس ماكرون في زيارته الثانية الى بيروت منذ الانفجار ضغطاً كبيراً على القوى السياسية في “فرصة أخيرة” لإنقاذ النظام السياسي والاقتصادي المتداعي، وفق قوله. واستبقت القوى السياسية الرئيسية وصوله الإثنين بالتوافق على تكليف مصطفى أديب (48 عاماً) تشكيل الحكومة المقبلة بعد استقالة حكومة حسان دياب إثر الانفجار.

وقال ماكرون خلال مؤتمر صحافي عقده بعد لقائه تسعة من ممثلي أبرز القوى السياسية في مقر السفارة الفرنسية في بيروت “الأطراف السياسية كافة من دون استثناء التزمت هذا المساء بألا يستغرق تشكيل الحكومة أكثر من 15 يوماً”.

وتكون عملية تشكيل الحكومات في لبنان عادة مهمة صعبة وتستغرق أسابيع أو حتى أشهر.

وتحدث عن “حكومة بمهمة محددة مع شخصيات كفوءة، مؤلفة من مجموعة مستقلة ستحظى بدعم كافة الأطراف السياسية التي التزمت مع رئيس الحكومة” المكلف.

وأعلن ماكرون الذي عقد الثلاثاء خلوة مع نظيره اللبناني ميشال عون وأخرى مع رئيس البرلمان نبيه بري في القصر الرئاسي حيث أقيم غداء رسمي على شرفه بحضور كبار المسؤولين ورؤساء كتل برلمانية وسفراء، أن بلاده ستنظم مؤتمر دعم دولي جديد للبنان مع الأمم المتحدة في باريس في النصف الثاني من شهر تشرين الأول/اكتوبر.

وفي موازاة هذا المؤتمر، “تم توجيه دعوات إلى الرؤساء الثلاثة” للمجيء الى باريس في الوقت نفسه لتقييم ما تم تحقيقه من خارطة طريق جرى الاتفاق عليها، مشيراً إلى أنه سيوجه الدعوة أيضاً إلى “كل القوى السياسية”.

– “خارطة طريق” –

وأكد ماكرون أنه توصل مع الأفرقاء السياسيين الذين التقاهم الى “خارطة طريق” تتناول “إدارة مرحلة ما بعد الانفجار ودعم السكان وإعادة بناء المرفأ وإصلاح الكهرباء ومراقبة رؤوس الأموال ومكافحة الفساد…”.

وقال “خارطة الطريق ليست شيكا على بياض أعطي الى السلطات اللبنانية. إذا لم يتم الإيفاء بالوعود في تشرين الأول/أكتوبر، ستكون هناك عواقب”، مضيفا “إنه مطلب محدّد له برنامج زمني يمتد بين ستة الى ثمانية أسابيع”.

ورداً على سؤال عما إذا كانت هذه العواقب تعني فرض عقوبات، لم يستبعد الرئيس الفرنسي ذلك، وقال “إذا تم فرض عقوبات، فسيكون ذلك بالتنسيق مع الاتحاد الأوروبي”.

وردا على سؤال عن حزب الله، قال ماكرون “يمكنني الآن أن أندد بحزب الله، وأن أقول لكم يجب شجبه ونزع سلاحه، وتبقون مع مشكلتكم من دون أن أقوم بأي عمل مفيد”.

وأضاف “نعم حزب الله موجود في مجلس نوابكم على الأرجح بسبب ترهيب، (…) ولأن قوى أخرى لم تنجح في إدارة البلد”، مشيرا الى “قد يصبح أقوى لأنه يملك وسائل لا تملكها القوى الأخرى”، لكن “لديه مؤيدين، وهذا هو الواقع”.

ويسعى ماكرون الذي يعلم أن رهانه في لبنان “محفوف بالمخاطر” إلى إنجاز مهمته والحصول على نتائج سريعة للحفاظ على مصداقيته أمام المجتمع الدولي. ويشترط المجتمع الدولي على لبنان إجراء إصلاحات أساسية لتقديم الدعم المالي له.

وفي إطار الضغط الدولي المتواصل، يصل مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر الأربعاء الى بيروت في ثاني زيارة لمسؤول أميركي منذ الانفجار. وأورد بيان للخارجية الأميركية أن شينكر “سيحض المسؤولين اللبنانيين على تنفيذ إصلاحات تلبي تطلعات الشعب اللبناني وتشكيل حكومة تتصدى للفساد”.

– “تعويم السلطة” –

ورعت فرنسا في التاسع من آب/أغسطس مؤتمراً دولياً لدعم لبنان تعهد خلاله المشاركون بتقديم أكثر من 250 مليون يورو لمساعدة اللبنانيين، على أن تقدم برعاية الأمم المتحدة وبشكل مباشر للشعب اللبناني، من دون أن تمر بمؤسسات الدولة المتهمة بالفساد.

وقبل التفاؤل الذي أبداه الرئيس الفرنسي بإمكانية تحقيق تقدم جدي، كان متظاهرون لبنانيون استنكروا تعامله مع الطبقة السياسية التي يطالبون برحيلها ويتهمونها بالفساد ويحملونها مسؤولية انفجار مرفأ بيروت.

في وسط العاصمة، تظاهر عدد كبير من اللبنانيين عصراً على وقع أغان وطنية رافعين الأعلام اللبنانية ولافتات باللغة الفرنسية دعوا فيها ماكرون إلى عدم التعاون مع الطبقة السياسية “الفاسدة والمجرمة”. وتخللت التظاهرة مواجهات مع القوى الأمنية.

وقالت ريما (46 عاماً) لوكالة فرانس برس “كل الدنيا تعرف مطالبنا ولم نمض أكثر من عشرة اشهر في الشارع ليأتي ويجلس مع فاسدين ومجرمين قتلوا شعبهم”.

وسيتوجه الرئيس الفرنسي صباح الأربعاء إلى العراق.

وتضمن جدول أعماله الثلاثاء زرع شجرة في محمية أرز جاج شمال بيروت لمناسبة الذكرى المئوية لإعلان دولة لبنان الكبير، ثم تفقد مرفأ بيروت وعمليات إفراغ مساعدات عاجلة أرسلتها بلاده، ثم زار مستشفى رفيق الحريري الجامعي، المرفق العام الذي يقود جهود التصدي لوباء كوفيد-19.

وكان زار الإثنين الفنانة فيروز التي تعد رمزاً لوحدة اللبنانيين في منزلها قرب بيروت.

وفي مؤتمره الصحافي اليوم، أنهى كلامه بمطلع جملة في أغنية فيروز بالعربية، قائلا “من قلبي سلام لبيروت”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية