مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مجموعة من البدو تعيش قرب جبال من القمامة في اسرائيل

مكب نفايات دودايم في 7 شباط/فبراير 2016 afp_tickers

تزكم رائحة القمامة النتنة التي تخرج من مكب نفايات دوديام في صحراء النقب في جنوب اسرائيل الانوف، وتمتزج للحظات برائحة القهوة العربية التي يعدها موسى الترابين على جمر الفحم.

ويقول موسى الترابين (52 عاما) لوكالة فرانس برس “الرائحة النتنة توقظنا من نومنا في منتصف الليل لشدتها”.

ويعيش موسى مع اولاده السبعة وحوالى اربعين عائلة اخرى في تجمع بدوي صغير في النقب متاخم لمكب دوديام، مركز نفايات جنوب اسرائيل. وهم جزء من قبيلة الترابين المنتشرة في صحراء سيناء في مصر والنقب وفلسطين والاردن.

وفيما موسى يتكلم، تنزل طيور في تلال القمامة تفتش عما تأكله ثم تطير مجددا.

وتشكل الظروف القاسية التي يعيشها البدو في هذا التجمع نموذجا صارخا لعمق الصراع على الارض بين الدولة الاسرائيلية والبدو في صحراء النقب.

ويقول موسى “كان العيش هنا متعة وهناء، على السلطة الاسرائيلية معرفة ماذا ستفعل بشاننا”.

ويقول افراد تجمع الترابين ان اسرائيل نقلتهم العام 1956 من اراضيهم في تل الشريعة على الحدود المصرية وبنت مكان منازلهم كيبوتزات وقرى زراعية ومدنا مثل اوفاكيم ومفتاحيم وغيرها. ويشيرون الى انهم نقلوا الى هذه الارض في النقب التي انشأت اسرائيل فيها منذ 1990 مكبا للنفايات.

وتعد قبيلة الترابين في النقب نحو خمسة آلاف نسمة موزعين بين شقيف السلام وقرية ترابين الصانع وراهط وغيرها من التجمعات. وتعيش غالبية بدو اسرائيل (حوالى 300 الف) في النقب.

وتسلط مشكلة المكب والترابين الضوء على محاولات اسرائيل تنظيم ترتيبات نهائية للبدو الرحل الذين يتمسك الكثير منهم باسلوب حياتهم التقليدي.

ويعيش حوالى 230 الف من البدو في قرى صحراء النقب، 140 الفا ضمن مجموعات معترف بها، وتسعون الفا في قرى غير معترف بها، وبالتالي لا يستفيدون من الخدمات البلدية مثل المياه والكهرباء، ويعانون من نقص كبير في الخدمات الصحية والتعليمية، بحسب احصاءات اسرائيلية رسمية.

ويشكو البدو من تدمير اسرائيل لقراهم باستمرار، وبنقلهم الى امكنة غير التي يعيشون فيها بالقوة. بينما تندد السلطات الاسرائيلية بعمليات البناء العشوائية وعدم وجود صكوك ملكية معهم.

وتقر سلطة تطوير وتسوية امور البدو في النقب التابعة للحكومة الاسرائيلية بان “الترابين كانوا موجودين قبل المكب، لكن (…) وجودهم غير قانوني، ويشكل تعديا على املاك الدولة، وقد قضت المحاكم بهذا الامر”، بحسب ما تقول ناطقة باسمها.

وتضيف المتحدثة ان الترابين استلموا مقترحات عدة مختلفة لنقلهم خلال السنوات الماضية، “لكن للاسف لم يتعاونوا كلهم مع السلطات” التي تبحث عن تأمين “اقامة دائمة لهم”.

وشرعت اسرائيل “قانون برايفر” لتجميع البدو عام 2013، لكن العرب في اسرائيل اعتبروا انه سيهجر سكان عشرات القرى البدوية.

– جبل من القمامة –

ويقول جمعة القاضي من تجمع الترابين ان “الخلاف بين الاقرباء هو السبب بعدم التنسيق ونسف الجهود في الحديث مع الدولة.وعلينا اولا العمل والاتفاق والتنسيق فيما بيننا كافراد عائلة”.

ويقول موسى الترابين “كل هذه الصعوبات التي نواجهها تهون مقابل العيش بجانب مكب تنبعث منه مثل هذه الرائحة”.

ويؤكد موسى ورجال آخرون جلسوا معه “ان هناك ارتفاعا في معدل الوفيات بين العائلات نتيجة سرطان الرئة بسبب الواح الاسبستوس (اميانت) المعالجة في المكب”.

وتقول وزارة حماية البيئة “عند استلام الاسبستوس، يتم التعامل معه بطريقة لا تسمح للغبار بالانتشار الى المناطق المحيطة، وبالتالي لا ضرورة لتحديد المسافات بين معالجة الاسبستوس في المكب والتجمعات السكنية”.

وقال رئيس شركة دوديام التنفيذي يدو روبنشتاين لوكالة فرانس برس انه لا يوجد خطر من اي نوع في المكب من المواد الخطرة التي يتم تفريغها، لكنه اقر بان “احدا لا يجب ان يتعرض لمثل هذه الرائحة”.

ويدعو الى ايجاد “حلول منطقية”، معتبرا ان “لا شيء يبرر اقامة الناس بالقرب من مكب”.

على تلة صغيرة بالقرب من السياج الذي يحيط بمكب النفايات، يبني سالم الترابين، في العشرينات، منزلا جديدا بمساعدة ابن عمه عودة الترابين. وحكمت محكمة مصرية على عودة الترابين بالسجن لمدة 15 عاما عندما كان في سن ال19، بتهمة التجسس لصالح اسرائيل والمساعدة على جمع معلومات. وافرج عنه في كانون الاول/ديسمبر، واستقبله رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتانياهو عندما عاد الى البلاد.

وقال عودة الترابين مشيرا بيده نحو المكب، “عندما غادرت، لم يكن هناك شيء في هذا المكان، الان هناك جبل من القمامة”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية