مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مزيد من القتلى المدنيين في قصف التحالف الدولي على مدينة الرقة

تصاعد الدخان جراء المعارك في الرقة في 14 اب/غسطس 2017 afp_tickers

قُتل عشرات المدنيين خلال يومين جراء غارات للتحالف الدولي على مدينة الرقة السورية، في وقت تضيق قوات سوريا الديموقراطية الخناق اكثر على تنظيم الدولة الاسلامية في احياء مكتظة في وسطها.

وأكد التحالف الدولي بقيادة واشنطن تكثيف قصفه على المدينة، اذ قال المتحدث باسمه الكولونيل راين ديلون الثلاثاء لوكالة فرانس برس ان “اكثر من 250” غارة ضربت الرقة ومحيطها خلال الاسبوع الماضي وحده.

وينفي التحالف الدولي تعمده استهداف مدنيين، ويؤكد اتخاذ الاجراءات اللازمة لتفادي ذلك.

ويدعم التحالف بغارات جوية ومستشارين على الارض هجوم قوات سوريا الديموقراطية المستمر منذ الاسبوع الاول من حزيران/يونيو داخل مدينة الرقة، معقل تنظيم الدولة الاسلامية الابرز في سوريا.

وقتل 42 مدنيا بينهم 19 طفلا الاثنين في قصف للتحالف على احياء عدة لا تزال تحت سيطرة التنظيم المتطرف، وفق ما وثق المرصد السوري لحقوق الانسان الثلاثاء.

ويأتي ذلك غداة مقتل 27 آخرين الاحد في قصف استهدف حارة مكتظة بالسكان في وسط المدينة.

وارتفعت بذلك حصيلة قتلى غارات التحالف الدولي على الرقة خلال اسبوع الى 170 مدنيا، بينهم 60 طفلا، وفق المرصد السوري.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن ان ارتفاع حصيلة القتلى المستمر يعود الى ان “الغارات تضرب احياء مكتظة بالسكان خصوصا في وسط المدينة”، مضيفا “تستهدف غارات التحالف اي مكان او مبنى ترصد فيه تحركات لتنظيم الدولة الاسلامية”.

واشار الى سقوط قتلى مدنيين “يوميا” جراء غارات التحالف الدولي مع اقتراب المعارك اكثر من وسط المدينة.

– غارات مكثفة –

وشدد ديلون، الذي يرافق وزير الدفاع الاميركي جيم ماتيس في زيارة الى العراق، بدوره على “اننا نأخذ هذه الادعاءات على محمل الجد”، مشيرا الى انه سيتم التحقيق في امرها.

وفي تقريره الشهري الاخير في آب/اغسطس الحالي، قدر التحالف ان “624 مدنيا على الأقل قتلوا بشكل غير متعمد في ضربات التحالف” منذ بدء عملياته العسكرية في سوريا والعراق في صيف العام 2014.

لكن منظمات حقوقية تقدر ان العدد اكبر بكثير.

وأعرب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة الثلاثاء عن “قلقه العميق”، داعياً جميع الاطراف الى “احترام التزاماتهم” لحماية المدنيين.

وقال وزير الدفاع الاميركي في معرض تعليقه على سقوط قتلى مدنيين في الرقة ان “العدو الذي يختبئ خلف النساء والاطفال ويجبر الابرياء على البقاء في مناطق سيحولها الى ميدان قتال، يُظهر بوضوح الطرف الذي ينتهك كل المعايير الاخلاقية”.

وتكثف طائرات التحالف الدولي قصفها للمناطق التي تسعى قوات سوريا الديموقراطية للتقدم نحوها. وباتت تلك القوات تسيطر على نحو 60 في المئة من الرقة، وتضيق الخناق اكثر على تنظيم الدولة الاسلامية في مساحة تقارب عشرة كيلومترات مربعة في وسط المدينة وشمالها.

وقال ديلون “زدنا غاراتنا مؤخرا خصوصا مع انتهاء معركة الموصل” التي اعلنت بغداد استعادتها من تنظيم الدولة الاسلامية في العاشر من تموز/يوليو.

وخلال تواجده في العراق، اوضح قائد قوات التحالف الدولي الجنرال ستيفن تاونسند “كان هناك زيادة في الغارات في الرقة لسبيين، الاول انها باتت تعد الاولية بالنسبة للتحالف بعدما كانت الموصل هي الاولوية سابقا، وثانيا يدور القتال حاليا في الاجزاء الاصعب من المدينة، وشركاؤنا بحاجة الى الدعم”.

واضاف “من المنطقي الاستنتاج ان هناك ارتفاعا في عدد الضحايا المدنيين، ولكني اطلب تزويدي بدليل حقيقي”.

وتتركز المعارك حاليا في المدينة القديمة فضلا عن حيي الدرعية والبريد غربا واطراف وسط المدينة من الجهة الجنوبية.

وتعد احياء وسط مدينة الرقة الاكثر كثافة سكانية ما يعقد العمليات العسكرية، ولا سيما أن تنظيم الدولة الاسلامية يعمد الى استخدام المدنيين “دروعاً بشرية” ويمنعهم من الهرب، بحسب شهادات اشخاص فروا من مناطق سيطرته.

– “ممرات امنة” –

وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديموقراطية طلال سلو لفرانس برس ان “احد اهم اسباب بطء معركة الرقة هو الحفاظ على حياة المدنيين وتجنب وقوع خسائر كبيرة في صفوفهم”.

وفتحت قوات سوريا الديموقراطية، على حد قوله، “ممرات آمنة لعبور المدنيين” باتجاه مناطق سيطرتها.

وفر عشرات آلاف المدنيين من مدينة الرقة خلال الاشهر الماضية ولجأ معظمهم الى مخيمات نزوح تفتقد الى الحاجات الاساسية.

ولا يزال نحو 25 الفا آخرين عالقين في المدينة، وفق تقديرات الامم المتحدة.

ويحاول المدنيون يوميا الفرار من المدينة، لكنهم يواجهون مخاطر عدة من نيران الاشتباكات والقصف الى قناصة تنظيم الدولة الاسلامية والالغام التي زرعها الجهاديون في الشوارع.

وقال ابو محمد من حملة “الرقة تذبح بصمت” التي تضم ناشطين محليين في المدينة وتشكل مصدراً بارزاً للمعلومات عن الرقة، ان بين قتلى غارات التحالف منذ يوم الاحد عائلات بكاملها وآخرون نازحون الى الرقة من مناطق سورية اخرى.

واضاف “للاسف لا توجد اي طريقة ليحمي الناس انفسهم، كل ما يمكنهم فعله هو ايجاد ملجأ او الابتعاد قدر الامكان عن الشوارع”.

وكان رئيس مجموعة العمل الاممية حول المساعدة الانسانية في سوريا اعتبر ان “اسوأ مكان في سوريا اليوم هو الجزء الذي لا يزال يسيطر عليه ما يسمى بتنظيم الدولة الاسلامية في الرقة”.

ومنذ اندلاعه في اذار/مارس 2011، تسبب النزاع في سوريا بمقتل اكثر من 330 الف شخص ونزوح وتشريد اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية