مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

منظمة حظر الأسلحة الكيميائية تبدأ عملها في سوريا غداة الضربات الغربية

رسم بياني حول غاز الكلور afp_tickers

بدأت بعثة منظمة حظر الأسلحة الكيميائية الأحد عملها في مدينة دوما، للتحقيق في تقارير عن هجوم كيميائي مفترض اتهمت دمشق بتنفيذه، وشنت دول غربية على اثره ضربات غير مسبوقة ضد أهداف عسكرية للنظام قرب العاصمة وفي وسط سوريا.

وحذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاحد من ان توجيه الغرب ضربات جديدة ضد سوريا سيحدث “فوضى” في العلاقات الدولية، فيما أعلنت واشنطن أنها ستفرض عقوبات جديدة على موسكو على خلفية دعمها لدمشق.

وبعد ساعات من توجيه الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا فجر السبت ضربات دمرت ثلاثة مواقع يشتبه أنها مرتبطة ببرنامج السلاح الكيميائي السوري، تقدّمت الدول الثلاث بمشروع قرار الى مجلس الأمن يتضمن إنشاء آلية تحقيق جديدة حول استخدام الاسلحة الكيميائية.

وفيما أشادت واشنطن بالضربات معتبرة أنها حققت “أفضل” نتيجة ممكنة، قللت كل من السلطات السورية وفصائل المعارضة من تداعياتها، فيما أكد المرصد السوري لحقوق الانسان ان المواقع المستهدفة تم اخلاؤها قبل الضربات.

وبعد ساعات من هذه الضربات، أعلنت منظمة حظر الأسلحة على موقع تويتر وصول فريق تقصي حقائق الى دمشق ظهر السبت تمهيداً للتحقيق في الهجوم الكيميائي المفترض في دوما الذي ادى الى مقتل أربعين شخصاً، وفق مسعفين وأطباء محليين. واتهمت الدول الغربية دمشق بارتكابه باستخدام غازي الكلور والسارين.

وليس معروفاً حتى الآن ما اذا كان الفريق توجه الى دوما ليبدأ عمله الميداني، كما كان اعلن مسؤول سوري.

وقال معاون وزير الخارجية السورية أيمن سوسان لفرانس برس “سندعها (البعثة) تقوم بعملها بشكل مهني وموضوعي وحيادي ومن دون أي ضغط”.

وبعد نحو ثلاث ساعات من دخوله اليه، شاهدت مراسلة فرانس برس نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد مغادراً الفندق الذي يقيم فيه وفد المنظمة من دون الإدلاء بتصريح.

وعادة ما يبدأ المحققون عملهم بلقاء المسؤولين، لكن الاجتماعات تعقد خلف أبواب مغلقة، كما يفرض الطرفان تعتيماً اعلامياً على مسار عمل وفد المحققين.

وطوال سنوات النزاع السوري، نفت دمشق استخدام أسلحة كيميائية، مؤكدة أنها دمرت ترسانتها في 2013 بموجب قرار اميركي روسي، ما جنبها ضربة كانت تهدد بها واشنطن اثر اتهامها بهجوم كيميائي اودى بحياة المئات قرب دمشق.

وتعهدت المنظمة في بيان السبت بأن يواصل فريقها مهمته “لإثبات الحقائق”.

– أدلة الموقع –

وتواجه البعثة مهمة صعبة في سوريا بعدما استبقت كل الأطراف الرئيسية نتائج التحقيق، بما فيها الدول الغربية. وتتعلق المخاطر أيضاً باحتمال العبث بالأدلة في موقع الهجوم المفترض في دوما التي دخلتها قوات شرطة روسية وسورية.

ويقول رالف تراب، عضو ومستشار بعثة سابقة للمنظمة الى سوريا، إن إزالة الأدلة من الموقع هي “احتمال يجب أخذه دائماً في الاعتبار، وسيبحث المحققون عن أدلة تظهر ما اذا كان قد تم العبث بموقع الحادث”.

وبعد ساعات من الضربات الغربية، أعلنت دمشق سيطرتها بالكامل على الغوطة الشرقية بعد اجلاء آخر مقاتلي جيش الاسلام من دوما.

وأشادت افتتاحيات الصحف السورية الأحد بتصدي الدفاعات الجوية السورية لما وصفته بـ”العدوان الثلاثي” بعدما اعلن الجيش انها تصدت لنحو “مئة وعشرة صواريخ باتجاه أهداف سورية في دمشق وخارجها… وأسقطت معظمها”.

وكتبت صحيفة الوطن “خرجت دمشق من العدوان الثلاثي عليها أكثر قوة، وبات الرئيس الأسد اليوم أكثر من أي وقت مضى، زعيماً عربياً وأممياً”.

– “فوضى” وعقوبات –

أما الرئيس الأميركي فأشاد بالضربة معتبراً أنها تمت “بشكل مثالي”، وكتب على تويتر “المهمة انجزت”، في عبارة اثارت انتقادات كونها ذكّرت باعلان الرئيس الاميركي الاسبق جورج دبليو بوش السابق لاوانه الانتصار في الحرب في العراق في 2003.

من جهته اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الأحد أن الضربات الغربية ضد النظام السوري شكلت نجاحا عسكريا لكنه شدد على انها ليست إعلان حرب على سوريا، قائلا إنه أقنع نظيره الأميركي دونالد ترامب بعدم سحب القوات الأميركية من الأراضي السورية.

ومساء الأحد، قال الجيش الأميركي إنّ اثنتَين من المقاتلات التي شنت الضربات في سوريا قد أقلعتا من قاعدة العُديد في قطر.

ومنذ ورود أول التقارير حول الهجوم الكيميائي، يشهد المجتمع الدولي توتراً بين موسكو والدول الغربية.

ودان الرئيس السوري بشار الأسد الأحد “حملة من التضليل والأكاذيب في مجلس الأمن” الدولي.

وحذر بوتين الاحد خلال اتصال هاتفي مع نظيره الايراني حسن روحاني من أنه “اذا تكررت افعال مماثلة في انتهاك لميثاق الامم المتحدة فإن هذا سيُحدث بدون شك فوضى في العلاقات الدولية”.

واعتبر الرئيسان ان “هذا العمل غير القانوني يلحق ضررا بالغا بإمكانات التوصل الى تسوية سياسية في سوريا”.

وأكدت وزارة الدفاع الأميركية بدورها أن لا ضربات جديدة مرتقبة ضد سوريا، فيما قالت السفيرة الاميركية لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي إن بلادها “مستعدة للتحرك مجدداً” في حال تكرر استخدام المواد الكيميائية.

وردا على سؤال لشبكة سي بي اس، قالت هايلي “سترون ان العقوبات على روسيا وشيكة”، مشيرة الى أنها “ستستهدف مباشرة كل انواع الشركات التي تهتم بمعدات مرتبطة بالاسد واستخدام اسلحة كيميائية”.

واثر العملية العسكرية، شدد المسؤولون الغربيون على أن الضربات يجب أن يعقبها دفع جديد للجهود الدبلوماسية من أجل تسوية النزاع الذي دخل عامه الثامن.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية