مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

واشنطن تحمّل طهران “مسؤولية” هجومين استهدفا ناقلتي نفط ببحر عمان

صورة من وكالة الأنباء الإيرانية "إيسنا" تظهر ناقلة نفط نروجية تشتعل النار فيها في 13 حزيران/يونيو 2019 afp_tickers

حمّلت الولايات المتّحدة إيران “مسؤولية” هجومين استهدفا الخميس ناقلتي نفط نروجية ويابانية في بحر عمان وأدّيا لاشتعال النيران فيهما وإجلاء طاقميهما، في تطوّر جديد يزيد التوترات في منطقة تعيش منذ أسابيع على وتيرة التصعيد بين واشنطن وطهران.

وفور شيوع نبأ الهجومين قفزت أسعار النفط ووصلت نسبة ارتفاعها 4,5% قبل أن تعود وتغلق على زيادة بنسبة 2,2%. وهذه هي المرة الثانية في غضون شهر التي يتمّ فيها استهداف ناقلات نفط في هذه المنطقة الاستراتيجية، بعد تعرّض أربع سفن بينها ثلاث ناقلات نفط لعمليات “تخريبية” قبالة سواحل الإمارات في 12 أيار/مايو قالت واشنطن إنّ طهران تقف خلفها.

وقال وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو في تصريح أمام الصحافيين في واشنطن إنّ “حكومة الولايات المتحدة تعتبر أنّ جمهورية إيران الإسلامية مسؤولة عن هجومي اليوم في بحر عمان”.

وأضاف أنّ اتهاماته تستند إلى جملة من الأسانيد هي: معلومات جمعتها أجهزة الاستخبارات و”الأسلحة التي استخدمت” في الهجومين، والهجمات السابقة التي استهدفت سفن شحن في المنطقة واتهمت واشنطن طهران بالوقوف خلفها، وواقع أنّ أيّاً من الجماعات الموالية لإيران في المنطقة ليس لديه وسائل “على هذا القدر من التطوّر”.

وإذ اعتبر الوزير الأميركي أنّ هدف إيران من هذه الهجمات هو منع النفط من عبور مضيق هرمز، حذّر من أنّ الانشطة التي تقوم بها إيران “تمثّل تهديداً واضحاً للأمن والسلم الدوليين، وهجوماً فاضحاً على حرية الملاحة وتصعيداً للتوتّرات من جانب إيران غير مقبول”.

وأتى تصريح بومبيو بعيد دقائق من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أنّه من المبكر جداً “حتّى مجرّد التفكير” بإبرام اتفاق مع إيران.

وقال ترامب في تغريدة على تويتر إنّه يثمّن مهمّة الوساطة التي يقوم بها رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي الذي بدأ زيارة إلى طهران الأربعاء، مضيفاً “أشعر شخصياً أنّه من المبكر جداً حتّى مجرّد التفكير بإبرام اتّفاق. هم ليسوا مستعدّين، ولا نحن أيضاً”.

وفي حين كان ترامب يستبعد التفاوض مع إيران كان بومبيو يقول أمام الصحافيين إنّ بلاده ما زالت تريد أن تعود طهران إلى طاولة المفاوضات “عندما يحين الوقت لذلك”.

وأعلنت القيادة المركزية في الجيش الأميركي انها أرسلت المدمرّة “يو أس أس أس مايسون” الى موقع الحادث ل”تقديم المساعدة”.

– مجلس الأمن –

وعقد مجلس الأمن الدولي اجتماعاً مغلقاً الخميس بطلب من الولايات المتّحدة، حيث أطلع السفير الاميركي لدى الأمم المتحدة بالوكالة جوناثان كوهين المجلس على تقييم واشنطن الذي يحمّل إيران مسؤولية الهجوم على الناقلتين.

واعتبر كوهين أنّ الهجوم الذي جاء بعد شهر على حادثة مشابهة استهدفت أربع ناقلات أمام سواحل الإمارات العربية المتحدة “يعرض التهديد الواضح الذي تشكله ايران على السلام والأمن الدوليين”.

وقال “لقد طلبت من مجلس الأمن أن يبقي المسألة قيد المتابعة، وأنا أتوقع أن نجري المزيد من الحوارات حولها وحول كيفية الرد في الأيام المقبلة”.

وقال السفير الكويتي منصور العتيبي إن أعضاء المجلس أدانوا العنف والعديد منهم دعوا لإجراء تحقيق لتحديد الوقائع.

واضاف للصحافيين بعد الاجتماع “نرغب بأن نعرف من الذي يقف وراء الحادث”.

وردت بعثة ايران في الأمم المتحدة في بيان بأن العقوبات الأميركية وحشدها العسكري في الخليج هما “التهديد الأكبر للسلام والأمن” في المنطقة.

وأضاف البيان “يجب على الولايات المتحدة وحلفائها الاقليميين التوقف عن التحريض على الحرب”.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى “تقصّي الحقائق” وتحديد الجهة “المسؤولة” عن الهجوم، مشدّداً على أنّه “إذا كان هناك شيء لا يستطيع العالم تحمّله، فهو اندلاع مواجهة كبيرة في منطقة الخليج”.

وأشار خلال جلسة سابقة للمجلس إلى أنّ الأمم المتحدة تتعاون مع جامعة الدول العربية بهذا الشأن.

وكان الأسطول الخامس الأميركي ومقرّه البحرين قال في بيان “نحن على علم بالهجوم المفترض الذي استهدف ناقلتي نفط في خليج عُمان”، مشيراً إلى تلقّيه “نداءي استغاثة منفصلين عند الساعة 6,12 صباحا بالتوقيت المحلي والساعة 7,00 صباحا”.

وكانت السلطات البحرية النروجية أعلنت أن ناقلة النفط “فرونت ألتير” المملوكة لمجموعة “فرونتلاين” النروجية والتي ترفع علم جزر مارشال، تعرّضت لـ”هجوم” في بحر عُمان بين الإمارات وإيران، وسُمعت ثلاثة انفجارات على متنها، مؤكّدة عدم إصابة أي عنصر من الطاقم بجروح.

وذكرت أن الناقلة التي تبلغ سعتها 111 ألف طن، اندلعت فيها النيران.

وقالت شركة “كوكوكا سانغنيو” اليابانية، مشغّلة ناقلة النفط الثانية “كوكوكا كوريجوس”، إنّ الناقلة تعرّضت لإطلاق نار وقد تمّ إنقاذ كل أفراد الطاقم، مطمئنة إلى أنّ حمولة الميثانول التي كانت تنقلها لم تتضرر.

وقال رئيس الشركة يوتاكا كاتادا “يبدو أن بواخر أخرى تعرّضت أيضاً لإطلاق نار”.

– “مثير للشبهات” –

وذكرت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا” أن “إيران قدّمت المساعدة لناقلتي نفط أجنبيتين”، مشيرة في مرحلة أولى إلى تعرضهما ل”لحادثة” في بحر عُمان.

ونقلت عن “مصدر مطّلع” قوله إن “وحدة إنقاذ تابعة للبحرية الإيرانية في محافظة هرمزكان (جنوب إيران) أغاثت 44 بحاراً من المياه نقلوا إلى ميناء بندر جاسك”.

ووفقاً للوكالة الإيرانية، فقد وقع الحادث الأول الساعة 8,50 (4,20 ت غ) على بعد 25 ميلاً بحرياً من بندر جاسك على متن ناقلة ترفع علم جزر مارشال وتنقل حمولة من الميثانول من قطر إلى تايوان.

وقالت “إرنا” إنّ 23 بحاراً كانوا على متنها قفزوا في المياه وتمّ إنقاذهم، مضيفة أنّه “بعد ساعة من حادث السفينة الأولى، تعرّضت ناقلة أخرى لحريق على مسافة 28 ميلا من جاسك”.

وترفع هذه الناقلة الثانية علم بنما وكانت متجهة من أحّد الموانئ السعودية إلى سنغافورة وتحمل بدورها شحنة من الميثانول وعلى متنها 21 بحاراً أنقذتهم أيضاً البحرية الإيرانية، بحسب إرنا.

وأعلنت طهران أنّها أرسلت طائرة مروحية إلى موقع السفينتين للتحقيق، بينما أشار الأسطول الخامس الأميركي الى أنّ “سفن البحرية الأميركية منتشرة في المنطقة وتقدّم المساعدة”.

وفي وقت لاحق، اعتبر وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف أن تزامن “الهجومين” اللذين استهدفا ناقلتي النفط وزيارة رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي لطهران أمر “مثير للشبهات”.

وكتب ظريف على “تويتر” إن “هجومين على ناقلتي نفط مرتبطتين باليابان وقعا فيما كان رئيس الوزراء شينزو آبي يلتقي (المرشد الأعلى) آية الله خامنئي لإجراء محادثات مكثّفة وودّية. القول بأن هذا مثير للشبهات لا يكفي لوصف ما ظهر هذا الصباح”.

وبدأ آبي زيارة إلى طهران الأربعاء في مسعى لتهدئة التوتر القائم منذ أشهر بين الولايات المتحدة وإيران على خلفية تشديد العقوبات الأميركية على إيران، والذي يخشى من تداعياته في المنطقة الغنية بالنفط.

وقال المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية علي خامنئي لآبي، بحسب مقتطفات صوتية نقلها التلفزيون الإيراني الخميس، إنّ الرئيس الأميركي دونالد ترامب “لا يستحق تبادل الرسائل معه”.

وأضاف، بحسب ما نقل موقعه الإلكتروني الرسمي، إنّ إيران “لا ثقة لديها إطلاقا” في الولايات المتحدة، ولن تكرّر تجربة التفاوض معها.

– النفط يرتفع –

وتقع المنطقة التي شهدت الهجومين المفترضين خارج مضيق هرمز الذي تعبر منه يومياً نحو 35 بالمئة من إمدادات النفط العالمية المنقولة بحرا والتي تقدّر بنحو 15 مليون برميل.

وأغلق سعر برميل نفط برنت بحر الشمال على 61,31 دولاراً بزيادة 2,2بالمئة، بينما أغلق سعر برميل النفط الخفيف تسليم تموز/يوليو عند 52,28 دولاراً بزيادة 2,2% أيضاً. وكانت أسعار هذين البرميلين ارتفعت خلال الجلسة بنسبة وصلت إلى 4,5% قبل أن تعود وتتراجع.

وقال الأمين العام للجامعة العربية أحمد ابو الغيط إنّ استهداف ناقلات النفط والهجمات على السعودية تعد “تطورات خطيرة”.

ودعت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي فيديريكا موغيريني إلى “أقصى درجات ضبط النفس وتفادي أي استفزاز”، مشددة على أنّ “المنطقة لا تحتاج لأسباب جديدة مزعزعة للاستقرار ومثيرة للتوتّر”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية