مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إقليم كردستان يعرض على بغداد “تجميد نتائج” الاستفتاء على الاستقلال

صورة للبرلمان الكردي في احدى جلساته في اربيل، 15 ايلول/سبتمبر 2017 afp_tickers

قامت حكومة إقليم كردستان الأربعاء بمبادرة تجاه بغداد، عارضة تجميد نتائج الاستفتاء على الاستقلال الذي أثار أزمة كبيرة مع الحكومة الاتحادية مستمرة منذ نحو شهر.

وتشترط بغداد إلغاء نتائج عملية التصويت هذه لبدء أي مفاوضات. وكانت نفذت الاسبوع الماضي عملية عسكرية سريعة سيطرت خلالها على مناطق متنازع عليها مع إقليم كردستان انسحب منها مقاتلو البشمركة.

وخسر الاكراد الكثير خلال هذه الازمة، فيما بدأ الاقليم يعاني من أزمة اقتصادية. وغابت صور الاحتفالات التي عمت الاقليم بعد اعلان نتيجة الاستفتاء التي جاءت “نعم” بغالبية ساحقة.

وفي بيان نشر ليل الثلاثاء الأربعاء، قالت حكومة الإقليم “من منطلق المسؤولية أمام شعب كردستان والعراق نقترح للحكومة والشعب والرأي العام العراقي والعالمي (…) تجميد نتائج الاستفتاء (…) وبدء حوار مفتوح مع الحكومة الاتحادية وفق الدستور”.

كما يقترح النص المؤلف من ثلاث نقاط “وقف اطلاق النار فورا ووقف جميع العمليات العسكرية في إقليم كردستان”، بعد مقتل نحو 30 عنصرا من قوات البشمركة والقوات العراقية في اشتباكات خلال عملية “إعادة فرض الأمن” في المناطق المتنازع عليها، وخصوصا محافظة كركوك الغنية بالنفط. وكانت قوات البشمركة سيطرت على هذه المناطق خلال الفوضى التي عمت العراق في ظل هجمات تنظيم الدولة الاسلامية عام 2014.

وتقضي خسارة إيرادات الحقول النفطية في محافظة كركوك إلى حد كبير على أحلام إقليم كردستان العراق بالاستقلال.

ولم يصدر أي رد فعل رسمي من الحكومة العراقية حيال هذه المبادرة، لكن قوات الحشد الشعبي التي تقاتل الى جانب القوات الحكومية وتشكل جزءا من القوات الاتحادية، أعلنت الأربعاء أن مقترح حكومة إقليم كردستان العراق “لا قيمة له”.

وقال المتحدث باسم فصائل الحشد الشعبي أحمد الأسدي لوكالة فرانس برس إن مبادرة كردستان “لا قيمة لها، إذ أن التجميد يعني الاعتراف بالاستفتاء، وطلب الحكومة واضح، إلغاء الاستفتاء”.

-العبادي في تركيا-

ويأتي اقتراح أربيل في وقت التقى فيه رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي الثلاثاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان خلال زيارة رسمية إلى تركيا.

وعارضت تركيا بقوة الاستفتاء على الاستقلال في كردستان، خشية تمدد النزعة الانفصالية للاكراد الى أرضها.

وقال العبادي الأربعاء خلال مؤتمر صحافي مشترك مع أردوغان إن الاستفتاء “حصل من طرف واحد (…) من دون أي مشاورة وغصبا عن الآخرين”.

وأضاف أن “البعض حاول من خلال الاستفتاء إعادة التقسيم من جديد من خلال القوة وسفك الدماء (…) والحمد لله انتصرت في الاخير إرادة الخير من قبل العرب والتركمان والأكراد وكل المكونات في تحقيق سريان القانون على كل الأراضي العراقية”.

وأبدت الأمم المتحدة التي سعت حتى عشية الاستفتاء الى طرح بدائل تفاديا لإجرائه، استعدادها “لتسهيل الحوار” بين بغداد وأربيل.

ودعا الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق يان كوبيش الجانبين إلى “البدء عاجلا بحوار شراكة ومفاوضات بين بغداد وأربيل على أساس الدستور”.

وأضاف كوبيش “نحن واثقون من أن حكومتي العراق وإقليم كردستان، كما تآزرتا لهزم داعش، يمكنهما أن تعملا جنباً إلى جنبٍ للتغلب على خلافاتهما من خلال الحوار وبعيداً عن المواجهة”، مؤكدا أن “الأمم المتحدة مستعدة للمساعدة، إذا طلب منها ذلك”.

ولقي الاستفتاء رفضا دوليا، باستثناء إسرائيل التي أيدت علنا عملية التصويت.

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو الثلاثاء أن لدى اسرائيل “تعاطفا كبيرا” مع تطلعات الأكراد، مطالبا العالم بضرورة الاهتمام بأمنهم ومستقبلهم.

وأصرّ رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني على اجراء الاستفتاء في 25 ايلول/سبتمبر، الامر الذي اعتبر مغامرة في ظل رفض الحكومة الاتحادية له والمعارضة الإقليمية والدولية.

ويقول المحلل السياسي في معهد الشؤون الدولية والإستراتيجية في فرنسا كريم بيطار لفرانس برس “سيتعين على بارزاني أن يعيد النظر في موقفه المتشدد وأن يعيد فتح قنوات التفاوض”.

-إيران تفتح معبرا حدوديا مع الإقليم-

وقال المواطن محمد علي (59 عاما) “اليوم أصبحنا لوحدنا ولا يلتفت إلينا أحد غير الله”.

ويرى الطالب الجامعي شاروخ سوران (21 عاما) إن المشكلة تكمن في أن “الأكراد ليسوا موحدين. نصف قادة الاتحاد الوطني خانوا الشعب الكردي”.

ووسط التوتر القائم، قرر برلمان كردستان الثلاثاء تأجيل الانتخابات البرلمانية ثمانية أشهر جراء الأزمة السياسية الحادة مع حكومة بغداد، بعدما كان مقررا إجراؤها في الاول من تشرين الثاني/نوفمبر مع انتخابات رئاسية تم إرجاؤها أيضا.

وسيعلن البرلمان في وقت لاحق عن موعد جديد للانتخابات الرئاسية.

وانتهت ولاية بارزاني الذي يعد أول رئيس للاقليم، عام 2013، غير أنه تم تمديد فترته الرئاسية عامين، بسبب هجمات تنظيم الدولة الإسلامية الذي احتل مساحات من العراق عام 2014. وبقي في منصبه بعد انتهاء فترة التمديد.

وقرر برلمان كردستان الثلاثاء تجميد مهام بارزاني الرئيسية لعدم قدرته على تمديد ولايته قانونيا، الامر الذي ينهي صلاحياته.

واتخذ القرار خلال جلسة حضرها معظم نواب الحزبين الكرديين الرئيسيين، الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديموقراطي الكردستاني الذي يتزعمه بارزاني.

وقاطعت الجلسة كتلة “التغيير” (غوران) والجماعة الاسلامية اللتان تشغلان 30 مقعدا من اصل 111 في برلمان الاقليم.

ويسيطر حزب الاتحاد الوطني الكردستاني سياسيا على محافظة السليمانية، حيث أعادت إيران الأربعاء فتح أحد مراكزها الحدودية الثلاثة مع إقليم كردستان.

وصرح مسؤول نقطة العبور جهانغير باخشي “لقد أعيد اليوم فتح مركز باشماخ الحدودي”، الذي يقع على الطريق الرئيسية بين إيران والسليمانية.

ويوجد ثلاثة معابر حدودية بين إيران وكردستان هي باشماخ وبرويزخان في السليمانية، ومعبر حاج عمران في أربيل.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية