المعارضة السورية تنقسم في رؤيتها لمحادثات فيينا
انقسمت المعارضة السورية في رؤيتها لنتائج محادثات فيينا بين القوى الكبرى حول مرحلة انتقالية تنهي النزاع في البلاد، فاعتبرها البعض "غير واقعية" فيما تحدث آخرون ببعض من الايجابية.
واتفقت الدول المشاركة في محادثات فيينا السبت، وبينها روسيا والولايات المتحدة، على جدول زمني في اطار الحل السياسي للنزاع السوري بعد اكثر من اربع سنوات على اجتماعات ولقاءات متنوعة لم تسفر عن نتيجة.
وينص الجدول الزمني المتفق عليه على تشكيل حكومة انتقالية في سوريا خلال ستة اشهر واجراء انتخابات خلال 18 شهرا، على انه يعقد لقاء بين ممثلين عن المعارضة والنظام بحلول الاول من كانون الثاني/يناير.
ويرافق العملية الانتقالية وقفا لاطلاق النار، وفق ما قال وزير الخارجية الاميركي جون كيري الذي اشار الى ان الخلاف حول مستقبل الرئيس السوري بشار الاسد لم يحل حتى الآن.
وبدا انس العبدة العضو في الائتلاف السوري المعارض حذرا من نتائج محادثات فيينا. ورأى ان البيان الصادر عنها "ليس واضحا"، مشيرا في الوقت ذاته لوكالة فرانس برس الى ان الحديث عن وقف لاطلاق النار "امر ايجابي بشكل مبدئي على اعتبار انه يخفف من معاناة الناس، لكن الاهمية تكمن في تنفيذه".
اما العضو في الائتلاف السوري سمير نشار فابدى رفضه لنتائج المحادثات. وقال لفرانس برس "انها مبادرة محبطة وغير واقعية"، مضيفا "البلاد مدمرة، عن اي انتخابات يتحدثون، هناك ضرورة لحصول مصالحات بين مكونات المجتمع السوري" قبل الحديث عن اجراءات مماثلة.
واكد نشار على ان "المبادرة ستلاقي صعوبات كثيرة كونها لا تلبي طموحات الشعب السوري"، معربا عن استغرابه لموافقة بعض الدول عليها خاصة انها برأيه "من صنع روسيا" بشكل اساسي.
وتعتبر موسكو وطهران الحليفتين الاهم للنظام السوري، وبدأت روسيا في 30 ايلول/سبتمبر الماضي تدخلا جويا لدعم الجيش السوري على الارض.
وتختلف روسيا وايران مع الدول الغربية حول مصير الاسد وفي تحديد الفصائل المقاتلة المتوجب وصفها بـ"الارهابية" وتلك التي يمكن اعتبارها من المعارضة.
ووصف نشار بـ"الطعنة" عدم ذكر مستقبل الرئيس السوري في البيان النهائي.
- الطريق الى الحل -
واجتماع فيينا هو الثاني خلال خمسة عشر يوما بين 17 دولة وثلاث منظمات دولية تسعى جميعها لوضع اطر انتقال سياسي في سوريا التي تشهد نزاعا مسلحا منذ اكثر من اربع سنوات اسفر عن مقتل 250 الف شخص على الاقل.
وعقد الاجتماعي الثاني غداة اعتداءات استهدفت العاصمة الفرنسية باريس، تبناها تنظيم الدولة الاسلامية، واسفرت عن مقتل 128 شخصا.
ورحبت هيئة التنسيق الوطنية لقوى التغيير الديموقراطي، التي تعد من ابرز مكونات المعارضة المقبولة من النظام، بمحادثات فيينا.
وقال المنسق العام للهيئة حسن عبد العظيم لفرانس برس ان تلك الجهود تقع على "طريق الحل السياسي"، مضيفا "نحن موافقون على كل ما يجري في فيينا خاصة انه ينسجم مع رؤية هيئة التنسيق الوطنية للحل السياسي وآلياته".
وبالنسبة له فان "مسألة تطبيق المرحلة الانتقالة تاخذ وقتا، اما المهم اليوم فهو الخطوات الاولية التي تمهد لها وتتعلق باجراءت بناء الثقة ووقف اطلاق النار والافراج عن المعتقلين والاسرى ووصول الاغاثة الى كل المناطق وعودة المهجرين والنازحين".
ورأى عبد العظيم ان "من يرفض ما يجري في فيينا يعزل نفسه عن العملية السياسية".
وتكمن اهمية الجدول الزمني، بالنسبة لكريم بيطار الباحث في معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية في باريس، في انه "متفق عليه من قبل دول عدة ولكن ذلك لا يعني انه سيتم تنفيذه بحذافيره ومن دون مشاكل".
ويوضح بيطار ان هذا الجدول الزمني "لن يغير اي شيء على الارض على الامد القريب، وطالما بقي مبهما بهذا الشكل ولم تناقش تفاصيله ستسارع القوى في الميدان الى تعزيز مواقعها".
-محادثات بعيدة عن الواقع -
وبعيدا عن المعارضة السياسية، ابدت فصائل مقاتلة ايضا حذرها من نتائج محادثات فيينا. وقال قائد لواء "فرسان الحق" فارس بيوش لفرانس برس ان "هناك صعوبة كبيرة في تنفيذ قرار وقف اطلاق النار بسبب وجود اطراف عدة لا تخضع للقرارات الدولية".
وتنتشر على الارض السورية فصائل مقاتلة واسلامية عدة، بينها جبهة النصرة ذراع تنظيم القاعدة في سوريا، وتخوض جميعها معارك مع قوات النظام تضاف الى التنافس في ما بينها.
وراى بيوش ان "القرارات التي صدرت من فيينا بعيدة عن الواقع وهي تحتاج الى آليات جدية وسريعة حتى يتم تنفيذ ولو جزء منها".
وتخوض الفصائل الاسلامية والمقاتلة معارك عنيفة مع قوات النظام تصاعدت بشدة مع بدء الجيش السوري في السابع من تشرين الاول/اكتوبر عمليات برية بغطاء جوي روسي في محافظات عدة.
وابدى اسعد حنا المتحدث باسم الفرقة 101 المقاتلة رفضه لاجتماعات فيينا متساءلا "الثورة على الارض، فكيف تعقد اجتماعات لا تضم صناع القرار على الارض؟".
وبالاضافة الى تلك المجموعات المسلحة، يسيطر تنظيم الدولة الاسلامية على جزء كبير من الاراضي السورية، ويخوض اشتباكات مع الجيش من جهة والفصائل المقاتلة من جهة ثانية.
ومن هنا يقول حنا ان "اذا عقد المجتمع الدولي مؤتمرا صحافيا، لا يعني ذلك انه سيوقف داعش".