مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

المعارك متواصلة في قره باغ وماكرون يندد بنشر “جهاديين” أجانب في المنطقة

صاروخ في ايفانيان بناغورني قره باغ بتاريخ 1 تشرين الأول/أكتوبر 2020 afp_tickers

استمر القصف المدفعي العنيف المتبادل بين المقاتلين الأرمن والجيش الأذربيجاني الخميس، فيما اعتبر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن نشر مقاتلين جهاديين في ناغورني قره باغ يعد تطوراً “جديداً خطيراً”.

وجددت روسيا والغرب الدعوات إلى وقف القتال المتواصل منذ أيام في الجيب الانفصالي والذي أسفر عن مقتل أكثر من 130 شخصاً.

وفي دعوة مشتركة، حض الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأميركي دونالد ترامب وماكرون، الطرفين على العودة إلى المفاوضات الهادفة إلى تسوية هذا النزاع القديم.

وأعلن ماكرون في موقف منفصل أن جهاديين سوريين نقلوا عبر تركيا للانضمام إلى القتال في قره باغ، واصفا الأمر بأنه تطور “خطر للغاية، يغير الوضع”.

ورفض رئيس الوزراء الأرميني نيكول باشينيان والرئيس الأذربيجاني إلهام علييف فكرة عقد محادثات.

في مارتوني، القرية الصغيرة الواقعة على بعد 25 كلم من خط الجبهة، أرغم القصف الشديد السكان على الهرب من شراسة الهجمات عبر الاحتماء في أقبية تحت بيوتهم.

وقتل أربعة مدنيين نتيجة هذا القصف، وفق الانفصاليين، وأصيب 11 آخرون بينهم أربعة صحافيين على الأقل.

وأكدت وزارة الدفاع الأرمينية مساء الخميس أن “المواجهات متواصلة على طول الجبهة. يجري صد هجمات الأذربيجانيين”.

من جهتها أكدت وزارة الدفاع الأذربيجانية أن الطرف المقابل قصف أهدافا في مدينة غوراديز.

وتعهد أرتاك ألويان وهو عامل بناء يبلغ 54 عاماً، احتمى في قبو منزله مع مسنّ يقطن في حيه، بالبقاء في قره باغ رغم المعارك التي لم تشهد المنطقة مثيلاً لها منذ سنوات.

وقال لفرانس برس “بنيت هذا البيت بيدي. لن أذهب إلى أي مكان. الأمر محسوم. سأموت هنا في المعركة الأخيرة”.

وكان صحافيون بينهم فريق من فرانس برس يجرون مقابلات مع السكان حين وقع قصف قرب مارتوني ما أدى إلى إصابة مراسل ومصور من صحيفة “لوموند” الفرنسية بجروح. ولم يصب أي من صحافيي فرانس برس.

– “ضربات ساحقة” –

دخل البلدان الخصمان في القوقاز في نزاع مرير بشأن منطقة قره باغ منذ انهيار الاتحاد السوفيتي عندما انفصلت المقاطعة ذات الغالبية العرقية الأرمينية عن أذربيجان.

والأحد اندلعت أعنف اشتباكات بين القوات الأرمينية والأذربيجانية منذ سنوات وتأكد مقتل نحو 130 شخصا بينما تواصل القتال لليوم الخامس على التوالي.

وقالت وزارة الدفاع الأذربيجانية الخميس إن قواتها شنت “ضربات مدفعية ساحقة على مواقع القوات الأرمينية في الأراضي المحتلة” طوال الليل.

ونفت أذربيجان ما أعلنته يريفان عن إسقاط مروحية أذربيجانية ووقوعها في إيران. وأضافت أن المقاتلين الأرمينيين “أرغموا على التراجع من مواقع كانوا يسيطرون عليها على طول خط الجبهة”.

ويزعم الطرفان أنهما ألحقا خسائر فادحة ببعضهما، وتجاهلا الدعوات المتكررة من زعماء دوليين إلى وقف القتال.

ويخشى إذا ما اندلعت حرب مباشرة بين أذربيجان المسلمة وأرمينيا ذات الغالبية المسيحية أن تُستدرج إلى النزاع قوتان إقليميتان هما روسيا وتركيا اللتان تدعم كل منهما طرفًا في النزاع.

ودعا بوتين وماكرون وترامب في بيانهم الخميس إلى “وقف فوري للأعمال العدائية”، وحضوا الطرفين على التزام المحادثات.

وقال الزعماء الثلاثة “ندعو أيضاً قادة أرمينيا وأذربيجان إلى أن يلتزموا، بلا تأخير، استئناف المفاوضات الجوهرية”.

والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا ضمن مجموعة مينسك التي شكلتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا والمعنية بإيجاد حل للنزاع منذ التسعينات.

– خطر تدويل –

وتنضوي يريفان في تحالف عسكري لجمهوريات سوفياتية سابقة بقيادة موسكو واتهمت تركيا بإرسال مرتزقة من شمال سوريا لدعم القوات الأذربيجانية في النزاع الدائر في قره باغ.

وخلال اتصال هاتفي الخميس، اتفق وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والتركي مولود تشاوش أوغلو على “التنسيق الوثيق بين تحركات روسيا وتركيا من أجل تحقيق استقرار الوضع” في ناغورني قره باغ، وفق بيان للخارجية الروسية.

والتدخل العسكري لأنقرة غير ثابت، إذ تؤكده حتى الآن أرمينيا فقط، وقد أفادت أن تركيا نشرت طائرات إف-16 وطيارين وطائرات مسيرة وخبراء عسكريين.

وأعلنت يريفان الخميس أنها استدعت سفيرها في تل أبيب للتشاور حول بيع أسلحة إسرائيلية لأذربيجان.

من جهته، دعا حليف أذربيجان، الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الذي سبق أن أكد دعم بلاده الكامل لباكو، الخميس القوات الأرمينية إلى مغادرة قره باغ.

وقال إردوغان “الطريقة الوحيدة لوقف إطلاق نار مستدام في المنطقة تعتمد على انسحاب الأرمينيين من كل شبر من الأراضي الأذربيجانية”.

– ضحايا مدنيون –

سجلت أرمينيا مقتل 104 عسكريين و8 مدنيين. ولم تفد أذربيجان من جهتها عن أي ضحايا عسكريين، لكنها أكدت مقتل 19 مدنياً بالقصف الأرميني.

غير أنّ صحافيًا في وكالة فرانس برس في منطقة بيلاغان في جنوب البلاد شهد تشييع جنازة جندي قتل في الاشتباكات.

وأثار إعلان استقلال قره باغ عن أذربيجان حربًا في أوائل التسعينات أودت بحياة 30 ألف شخص، لكن لم تعترف أي جهة بعد، ولا حتى أرمينيا، باستقلال الإقليم.

وأعلنت أرمينيا وقره باغ الأحكام العرفية والتعبئة العسكرية العامة الأحد، فيما فرضت أذربيجان الأحكام العسكرية وحظر تجول في المدن الكبرى.

والمحادثات الهادفة إلى تسوية النزاع، والتي بدأت مع تفكك الاتحاد السوفياتي في 1991، متعثرة بشكل كبير منذ اتفاقية لوقف إطلاق النار عام 1994.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية