مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

بعد خمس سنوات من الحرب المتمردون اليمنيون أقوى من أي وقت مضى

يمنيون يحملون رشاشات كلاشينكوف خلال اجتماع قبلي في 21 أيلول/سبتمبر 2019 في صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون afp_tickers

بعد خمس سنوات من بدء التدخل العسكري السعودي في النزاع اليمني دعما للقوات الحكومية ضد المتمردين الحوثيين، يبدو الحوثيون أقوى من أي وقت مضى وأكثر قدرة على الصمود وذلك على التقدم على الأرض والسيطرة على مناطق جديدة.

وشهدت الأشهر الـ12 الماضية تحوّلا جذريا في قدرات المقاتلين القادمين من مناطق جبلية، إذ تمكنّوا من تطوير طائرات مسيّرة تحلّق لمئات الكيلومترات، وإصابة أهداف حيوية داخل البلد الفقير وداخل أراضي السعودية.

ويرى خبراء أنّ الضغوط على المملكة لخفض وتيرة ضرباتها التي تسبّبت بمقتل مدنيين، وتقليص الإمارات حضورها العسكري منتصف 2019، والخلافات في معسكر الحكومة، فتحا الباب أمام الحوثيين لتعزيز قوتهم.

وبينما لم تتضح بعد التأثيرات المحتملة لفيروس كورونا المستجد على مجريات الحرب في بلد لم يعلن عن أي إصابة بالفيروس حتى الآن، تبدو الطريق معبّدة أمام الحوثيين لتسجيل مزيد من النقاط.

من هم المقاتلون الحوثيون؟

يتبع الحوثيون المذهب الزيدي الشيعي القريب فقهيا من السنة. ويطلق عليهم هذا الاسم تيمنا بزعيمهم الروحي الراحل بدر الدين الحوثي ونجله حسين الحوثي الذي قتلته القوات اليمنية في 2004. لكن اسمهم الرسمي هو “أنصار الله”.

ويقيم الحوثيون شبكة علاقات وتحالفات مع قبائل سنية نافذة في شمال البلاد.

كما استطاعوا التقرّب من المجتمع المدني مع مشاركتهم في الاحتجاجات الشعبية ضد نظام الرئيس علي عبد الله صالح في 2011، قبل أن يصبحوا حلفاء له، ثم يغتالوه في 2017 بعد اتهامه بخيانتهم.

وهم متمرّسون بالقتال، فقد خاضوا بين 2004 و2010 ست حروب مع صنعاء خصوصا في معقلهم الجبلي في صعدة شمال العاصمة، كما قاتلوا السعودية بين 2009 ومطلع 2010 في أعقاب توغلهم في أراضي المملكة.

ومنذ بداية حربها في 26 آذار/مارس 2015، لم تتمكن السعودية وإلى جانبها الامارات ودول التحالف الأخرى من هزم الحوثيين، رغم أن المملكة وحلفاءها توقّعوا الانتصار في فترة بين الشهر والستة أشهر.

وخسرت السعودية التي تعدّ الأفضل تجهيزا في السلاح في الخليج، عشرات من جنودها في مواجهة المقاتلين الشرسين الذين يتدربون ويتنقّلون بسهولة في الجبال الوعرة.

من أين تأتي الأسلحة؟

قبائل اليمن مسلّحة تقليديا، لكن المتمردين يملكون قدرات تسليحية ضخمة تشمل الدبابات والصواريخ البالستية والمضادة للدروع التي استولوا عليها من مخازن الجيش بعيد سيطرتهم على صنعاء في آب/أغسطس 2014.

ويصنّع الحوثيون ويطوّرون صواريخ وطائرات من دون طيار.

وكانوا عرضوا في تموز/يوليو 15 مجسّما على الأقل لطائرات مسيّرة وصواريخ بعيدة وقصيرة المدى، أبرزها “صماد 3″، وهي طائرة مسيّرة برأس متفجّر قادرة على التحليق لمسافة 1500 كلم، بحسب قولهم.

وحاول الحوثيون إثبات قدراتهم العسكرية عبر تبني هجمات غير مسبوقة ضد منشآت لشركة أرامكو النفطية في أيلول/سبتمبر، لكن الرياض وواشنطن شكّكتا في هذا التبني ووجّهتا أصابع الاتهام الى إيران.

وتقول السعودية والولايات المتحدة إن الحوثيين “أداة” بيد طهران، وإن إيران تقوم بتهريب مكوّنات صواريخ وطائرات إليهم، وهم ما تنفيه الجمهورية الاسلامية، مؤكّدة أنّ دعمها ينحصر بالسياسة.

لكن بحسب معهد “مجلس العلاقات الخارجية”، فإن نفوذ إيران على الحوثيين “قد يكون محدودا”، وليس الى الحد الذي تدعيه الاتهامات السعودية والاميركية.

وقال المجلس في تقرير نشره الشهر الماضي إن القاسم المشترك بين المتمردين وإيران هو “المصالح الجيوسياسية. فطهران تسعى لمقارعة سطوة السعودية والولايات المتحدة في المنطقة، والمتمردون يتنافسون مع حكومة” معترف بها دوليا مدعومة من الرياض.

– ما الذي يساعدهم على الصمود؟

تسبّب تقليص الإمارات لعديد جنودها منتصف 2019 بفجوة عسكرية تزامنت مع تراجع ضربات المملكة في ظل ضغوط واتهامات وجّهت لها في الكونغرس ومن منظمات حقوقية بارتكاب جرائم حرب.

ويقول “معهد واشنطن” إنّ “قدرات القوات الحكومية (…) تراجعت بشكل كبير بعد تقلص غارات التحالف وانسحاب عناصر إماراتية رئيسية (…) ما سمح بتخفيف الضغوط العسكرية على الحوثيين”.

كما أنّ الخلافات التي عصفت بمعسكر السلطة شغلت خصوم الحوثيين بالاقتتال الداخلي خصوصا في الجنوب حيث تسبّبت مواجهات دامية بين الحكومة والانفصاليين الجنوبيين بمقتل مئات من الجنود الذين كان من المفترض أن يقاتلوا الحوثيين جنبا إلى جنب.

واستغل المتمردون تصدّع المعسكر المقابل لتعزيز قدراتهم القتالية منذ ربيع العام 2019. فقاموا، بحسب تقرير لـ”معهد واشنطن” نشره هذا الشهر، بالتمرس في “استبدال قوات النخبة بين الجبهات” بمساعدة من حزب الله اللبناني، والعمل على إصابة أهدافهم بدقة عبر الصواريخ البالستية والطائرات المسيّرة، والدفاع عن المناطق الجديدة التي تسقط بأيديهم من خلال زراعة الألغام.

– ماذا عن المستقبل؟

يرى “معهد الشرق الأوسط” ان الحوثيين يعملون حاليا على “تعزيز قوّتهم في اليمن”.

ووفقا لقائد عسكري في القوات الحكومية فضّل عدم الكشف عن اسمه، فإن المتمرّدين “أصبحوا أقوى مما كانوا عليه قبل خمس سنوات، بل أقوى من أي وقت مضى”.

ويكتسب الحوثيون خبرات إضافية مع تواصل الحرب تساعدهم على تحقيق انتصارات جديدة على الأرض آخرها السيطرة على مدينة الحزم، عاصمة محافظة الجوف المحاذية للحدود السعودية بداية الشهر الحالي.

ويعتبر خبراء أنّ سيطرة المتمردين على عاصمة الجوف قد تغير مسار الحرب كليا، إذ إنها تضع محافظة مأرب المجاورة الغنية بالنفط، وهي آخر معاقل الحكومة المعترف بها في شمال اليمن، في مرمى نيراهم.

وقال معهد “مجموعة الازمات الدولية” الأسبوع الماضي إن “خريطة اليمن السياسية على وشك أن تتغير بالكامل”.

وأوضح “إذا خسرت الحكومة مأرب، فستكون نسفت جزءا كبيرا من صورتها كنظير مساو للحوثيين في محادثات السلام”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية