قافلة المساعدات تدخل مضايا المحاصرة والمتضورة جوعا
دخلت طليعة قافلة المساعدات الغذائية والطبية الاثنين الى بلدة مضايا في ريف دمشق حيث تفرض قوات النظام منذ ستة اشهر حصارا محكما على اكثر من اربعين الف شخص تسبب بوفاة نحو ثلاثين منهم جوعا وفق منظمات دولية.
ووصلت اولى الشاحنات الـ 44 عند الخامسة عصرا (15,00 ت غ) الى مضايا التي تبعد نحو اربعين كيلومترا عن دمشق بعد انطلاقها منها ظهرا، تزامنا مع بدء وصول اولى الشاحنات الـ 21 الى بلدتي الفوعة وكفريا في محافظة ادلب (شمال غرب) واللتين تبعدان اكثر من 300 كيلومتر عن العاصمة وتحاصرهما الفصائل المقاتلة منذ الصيف الماضي.
وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الاحمر في سوريا بافل كشيشيك لوكالة فرانس برس "دخلنا الى البلدات الثلاث بشكل متزامن"، مضيفا ان عملية افراغ الحمولة ستستمر طيلة الليل.
واوضحت رئيسة بعثة اللجنة الدولية في سوريا ماريان غاسر في بيان "العملية قد بدأت ومن المرجح استمرارها بضعة أيام"، مضيفة هذا "تطور إيجابي جدا وينبغي ألا يقتصر على تنفيذ عملية توزيع واحدة فحسب، فيتعين الوصول بشكل منتظم لهذه المناطق لتخفيف معاناة عشرات الآلاف من السكان".
وتابعت "علينا أن نضع نصب أعيننا أن هناك ما يزيد عن 400 الف شخص يعيشون في مناطق محاصرة في جميع أرجاء سوريا".
وتحمل الشاحنات وفق المنظمين، حليبا للاطفال وعبوات مياه وبطانيات ومواد غذائية، بالاضافة الى ادوية للاطفال وادوية للامراض المزمنة يفترض ان تكفي لمدة ثلاثة اشهر، ومستلزمات ضرورية للجراحات الطارئة.
-لحم قطط ونفايات-
وعند مدخل مضايا، نقلت مراسلة فرانس برس في المكان مشاهدتها لامرأتين تجلسان على حقائب سفر بانتظار اجلائهما.
وقال مسؤول في الهلال الاحمر السوري لفرانس برس انه "سيسمح بخروج عشرات الاشخاص من البلدة".
وروى علي عيسى (61 عاما) الوالد لثمانية اطفال، وهو ينتظر اجلاءه وعائلته لفرانس برس، "ليس هناك كهرباء ولا تدفئة ولا حتى غذاء، الاسعار مرتفعة جدا، ثمن علبة الشاي 25 الف ليرة سورية (83 دولارا)، لم يعد لدينا اموال او ادوية".
وتنتظر هبة عبد الرحمن (17 عاما) بدورها مغادرة مضايا مع عائلتها المؤلفة من خمسة افراد. وقالت لفرانس برس "منذ 15 يوما لا نأكل سوى الحساء، رأيت بام عيني شابا يقتل قططا لتقديمها الى افراد عائلته على انها لحم ارانب". واضافت "هناك اشخاص يقتاتون من النفايات وآخرون يأكلون الاعشاب".
وشددت قوات النظام والمسلحون الموالون لها الحصار على مضايا قبل حوالى ستة اشهر. وهي واحدة من اربع مناطق سورية مع مدينة الزبداني المجاورة والفوعة وكفريا، تم التوصل الى اتفاق بشأنها في ايلول/سبتمبر بين الحكومة السورية والفصائل المقاتلة ينص على وقف لاطلاق النار وايصال المساعدات واجلاء الجرحى ويتم تنفيذه على مراحل عدة.
ويعيش في مضايا اربعون الف شخص، بينهم نحو عشرين الف نازح من الزبداني. واحصت منظمة اطباء بلا حدود وفاة 28 شخصا على الاقل بسبب الجوع فيها منذ بداية كانون الاول/ديسمبر.
اما في ادلب، فتحاصر فصائل "جيش الفتح" التي تضم "جبهة النصرة" (ذراع القاعدة في سوريا) وفصائل اسلامية اخرى، نحو عشرين الف شخص في كفريا والفوعة بشكل محكم منذ الصيف الماضي، تاريخ سيطرتها على كامل المحافظة.
ونقلت منظمة العفو الدولية في بيان لها شهادة احد سكان الفوعة واسمه مازن، اذ قال "لا يتوفر بحوزتنا سوى كميات قليلة من الأغذية". واضاف "يعيش البعض على ما ادخروه لأوقات الطوارئ أو على ما قاموا بإعداده من غير مياه أو على ما تلقيه عليهم الحكومة السورية من إمدادات من الجو"، مشيرا الى ان خدمات المياه انقطعت منذ اشهر عدة.
-تنديد دولي بالحصار-
ودعا السفير البريطاني لدى الامم المتحدة ماثيو رايكروفت الاثنين الى انهاء الحصار المفروض على مناطق سورية، وقال "ان تجويع المدنيين تكتيك غير انساني يستخدمه نظام الاسد وحلفاؤه".
وفي باريس، دعا الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند الاثنين بعد لقائه رياض حجاب، المنسق العام للهيئة العليا للمفاوضات مع النظام السوري، الى "اتخاذ اجراءات انسانية فورية تعطى الاولوية فيها الى المناطق المحاصرة خصوصا مضايا".
واكد حجاب بدوره بعد اللقاء "لا يمكن التفاوض مع النظام وهناك جهات خارجية تمارس القصف على الشعب السوري".
الا انه اوضح ان وفد المعارضة الى المحادثات المفترض عقدها في 25 كانون الثاني/يناير في جنيف برعاية الامم المتحدة، يتألف من 15 شخصا.
كذلك اعتبر حجاب في مقابلة مع فرانس برس ان الرئيس السوري بشار الأسد يعتمد "اليوم أكثر من ذي قبل على التمويل الخارجي وعلى القصف الجوي الروسي، وعلى الميليشيات الطائفية الإيرانية ومجموعات المرتزقة" لضمان بقائه في السلطة.
- قتلى اطفال في حلب -
وقتل الاثنين 19 شخصا، بينهم 14 طفلا ومعلمة في غارة روسية استهدفت مدرسة في بلدة عنجارة الواقعة تحت سيطرة الفصائل المقاتلة في ريف حلب الغربي في شمال البلاد، بحسب ما ذكر المرصد.
لكن المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زخاروفا اكدت لفرانس برس ان "روسيا لا تقوم بعمليات ضد المدنيين".
وتنفذ موسكو منذ 30 ايلول/سبتمبر ضربات جوية في سوريا تقول انها تستهدف "المجموعات الارهابية" وتتهمها دول الغرب والفصائل المقاتلة باستهداف المجموعات المعارضة اكثر من تركيزها على الجهاديين.
ودارت اشتباكات عنيفة تزامنا مع غارات جوية روسية في ريف حلب جنوبي والجنوبي الغربي اسفرت الاثنين عن مقتل "23 عنصرا من قوات النظام والمسلحين الموالين لها فضلا عن 18 آخرين من الفصائل الاسلامية والمقاتلة"، وفق المرصد.
وفي مدينة حلب، افادت وكالة الانباء السورية الرسمية "سانا" الاثنين عن مقتل ثلاثة اطفال بقذائف صاروخية اطلقها "ارهابيون تكفيريون" على حي الاشرفية.
وتدور في مدينة حلب منذ صيف 2012 معارك متواصلة بين قوات النظام التي تسيطر على احيائها الغربية والفصائل المعارضة التي تسيطر على احيائها الشرقية.
وتشهد سوريا نزاعا داميا تسبب منذ اذار/مارس 2011 بمقتل اكثر من 260 الف شخص وبدمار هائل في البنى التحتية وبنزوح ولجوء اكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.