مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مبعوثو الأمم المتحدة والمهمات المستحيلة

المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا خلال مؤتمر صحافي في مقر الأمم المتحدة بفيينا بتاريخ 27 كانون الثاني/يناير 2018 afp_tickers

يوصف مبعوثو الأمم المتحدة بأنهم ذوو خبرة دولية واسعة وأطباع مثابرة وقدرة على مقاومة الضغوط حتى يتمكنوا من الاضطلاع بمهمات إحلال السلام في دول تشهد نزاعات، لكن الواقع أن مهمتهم غالبا ما تكون مستحيلة.

ويبدو أن قدر الرجال والنساء الذين يضطلعون بمهمة مبعوثي الأمم المتحدة في النزاعات الدولية هو مواجهة التحديات المرعبة في أماكن كسوريا، ليبيا وجمهورية الكونغو الديموقراطية.

ولدى الأمم المتحدة نحو 20 مبعوثا خاصا، بعضهم يعمل في مهمات قصيرة الاجل فيما آخرون يشغلون مناصبهم منذ عقود.

وقال دبلوماسي عن عمل مبعوثي الأمم المتحدة إنه “عمل شاق”.

وتابع “أنهم يتعرضون للنقد من طرف ثم الطرف الآخر، هم موضع لافراغ أي احباط”.

وبعض المهمات ربما لا تكون خطرة، مثل العمل على توحيد جزيرة قبرص، أو إيجاد اسم لمقدونيا ترضى به اليونان او حل الخلاف حول وضع الصحراء الغربية، لكن هذه الأزمات غير الخطرة تبدو في المقابل مستعصية منذ سنين.

وقال الدبلوماسي “عليهم أن يظهروا الكثير من التواضع والصبر واستغلال اي فرصة لخلق الظروف المناسبة لعقد حوار”.

وتابع أن الأمر “يبدو مثل كونك لاعب شطرنج من الطراز الرفيع وتطلب من الآخرين تحريك القطع على الرقعة”.

– الحفاظ على الغطاء –

ولا يتوقف نجاح أي مبعوث أممي على الحنكة الدبلوماسية التي يتمتع بها، فالأمر يتعلق أيضا برغبة أطراف النزاع في التوصل لحل، وفي بعض الأوقات، يتوقف الأمر بشكل كبير على دعم القوى الكبرى في مجلس الأمن الدولي.

ففي كولومبيا على سبيل المثال، تلاقت كل هذه الشروط لإنجاح مهمة مبعوث الأمم المتحدة في التوصل لاتفاق سلام تاريخي بين الحكومة ومتمردي القوات المسلحة الثورية الكولومبية ” فارك”. ويشار لذلك على أنه مثال ناجح لمبعوث أممي في نزاع دولي.

ويحاول الدبلوماسي الايطالي السويدي ستافان دي ميستورا، المبعوث الثالث للأمم المتحدة في الملف السوري، التوفيق بين روسيا والدول الغربية، وكلاهما في خلاف شديد بخصوص التوصل لتسوية سياسية في النزاع الذي دخل عامه الثامن.

لكن نجاح مبعوث أممي لا يرتبط حصرا بانهاء العنف.

فاحتواء النزاع او “الحفاظ على غطاء سياسي” يمكن أيضا اعتباره انجازا دبلوماسيا.

ويتلقى مبعوثو الأمم المتحدة في سوريا، واليمن وليبيا نحو 12 الف دولارا شهريا، لكن في المقابل يوافقون على “تعطيل” حياتهم الشخصية، فهم يسافرون باستمرار ويقدمون تقارير عن انجازاتهم واخفاقاتهم لمقرات الأمم المتحدة المختلفة.

وينبغي أن يحصل المرشح لشغل منصب مبعوث الأمم المتحدة على موافقة الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن اي بريطانيا، والصين، وفرنسا، وروسيا، والولايات المتحدة، وأطراف النزاع نفسه.

ودخل الدبلوماسي الموريتاني اسماعيل ولد الشيخ احمد، الذي سيترك منصبه كمبعوث أممي في اليمن نهاية الشهر، في خلاف شديد مع المتمردين الحوثيين، ما ساهم في فشل جهود الوساطة في النزاع الدامي في افقر بلدان شبه الجزيرة العربية.

ويبدو العديد من مبعوثي الأمم المتحدة مصابين بالاحباط.

وقال غسان سلامة المبعوث الخاص لليبيا في مقابلة مع وكالة فرانس برس نهاية العام الفائت “حلمي بان أكون اخر مبعوث خاص لليبيا”، وتابع “لا أريد أن يستمر دوري” من بعدي.

وثمة آخرون دفعوا الثمن غاليا، على رأسهم الدبلوماسي البرازيلي سيرجيو فييرا دي ميللو، الذي يعتبر أحد أكثر مبعوثي الأمم المتحدة موهبة وقتل في اعتداء في بغداد في آب/اغسطس 2003.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية