مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مناطق نائية في العالم لم تسلم من تداعيات كورونا

صورة التقطت بتاريخ 7 شباط/فبراير 2011 لأحد شواطئ تونغا afp_tickers

قد تبدو جزيرة استوائية في شمال المحيط الهادئ لم يصل إليها فيروس كورونا المستجد بعد المكان الأنسب للاحتماء من الوباء العالمي، لكن سكان بالاو يقولون إن الحياة عليها ليست بهذه الدرجة من المثالية.

وتعد الدويلة التي يبلغ عدد سكانها 18 ألف نسمة بين عدد متناقص من المناطق على الأرض التي لم تعلن بعد تسجيل أي إصابات بكوفيد-19 الذي يحصد أرواح الآلاف حول العالم.

وتشمل هذه الدول والمناطق ساموا وتركمانستان وكوريا الشمالية والقواعد المقامة على القارة القطبية الجنوبية.

ولا تبدو بالاو إلا كنقطة في المحيط تفصلها مئات الكيلومترات عن أقرب جيرانها. ولعل الفضل في عدم تسجيلها إصابات يعود إلى المحيط الهادئ الذي شكّل حاجزا بينها وبين الفيروس.

ويبدو أن العامل ذاته، إضافة إلى القيود المشددة التي فرضت على السفر، هو ما أبعد الإصابات عن عدد آخر من الدول بينها تونغا وجزر سليمان وجزر مارشال وميكرونيزيا.

ومع ذلك، فإن كونها نائية لا يعني أنها ستبقى بمعزل عن تفشي الفيروس الجديد الذي ينتقل بسهولة، إذ أكدت جزر ماريانا الشمالية أولى الإصابات لديها خلال عطلة نهاية الأسبوع، لتعلن عن حالة وفاة يشتبه أنها ناجمة عن الوباء الاثنين.

وتبدو الفنانة كلاميوكل تولوب البالغة من العمر 28 عاما متفائلة حيال قدرة بالاو على تجنّب مصير ووهان أو نيويورك أو مدريد، حيث استُنزفت الخدمات الصحية رغم امتلاكها الموارد.

لكنها تتحدث عن شعور متزايد بالقلق من وصول الفيروس أو أسوأ من ذلك — أن يكون موجودا على الجزيرة ولم يكتشف بعد.

وقالت لفرانس برس “تشعر بتنامي التوتر والقلق بمجرّد الذهاب للتسوق. باتت المتاجر مزدحمة حتى في غير أوقات دفع الرواتب”.

وساد الرعب بالاو عدّة مرّات، بما في ذلك عندما وضع شخص قيد الحجر الصحي هذا الأسبوع بينما تنتظر السلطات نتائج الفحوص التي أجريت له.

– عزلة في القطب الجنوبي –

وداخل أربع قواعد أبحاث تابعة لأستراليا في القارة القطبية الجنوبية، وجد نحو 90 شخصا أنفسهم معزولين في القارة الوحيدة الخالية من الفيروس بينما تابعوا التحوّلات التي تجري في بلدهم الأم.

ولا يبدو أن هناك داعٍ للتباعد الاجتماعي في القارة الجرداء.

وقال مدير قسم عمليات القارة القطبية الجنوبية روب كليفتون لفرانس برس “لعلّهم الأستراليون الوحيدون حاليا القادرين على الاجتماع بعدد كبير من الناس لتناول العشاء أو ارتياد حانة أو صالة رياضية”.

وبما أن القواعد معزولة حاليا حتى تشرين الثاني/نوفمبر، فلا خوف على المجموعة. لكن كليفتون أقر أن “الشاغل الأساسي لأذهان المستكشفين هو حال أحبائهم في بلدهم الأم”.

لكن في بعض الأماكن، لا يعني عدم الإعلان عن إصابات بالضرورة عدم وجود حالات.

وعملت كوريا الشمالية مثلا على إظهار إجراءات الطوارئ التي اتخذتها على أنها نجاح منقطع النظير في التصدي لكوفيد-19، رغم تفشي الوباء في الصين وكوريا الجنوبية المجاورتين.

لكن بدا كذلك وكأن وسائل الإعلام الرسمية تلاعبت بالصور لتضيف أقنعة على وجوه المواطنين الكوريين الشماليين، وهو ما أثار الشكوك بأن الحكومة الأكثر سرية في العالم قد تكون تخفي جزءا من الحقيقة.

– قدر لا مفر منه –

وبينما لم تسجل بالاو أي إصابات مؤكدة، إلا أنها لم تسلم من الذعر الذي أحدث تغييرات في سلوكيات الناس المجتمعية والشلل الاقتصادي الذي تشهده بقية دول العالم.

وكانت أروقة المتاجر في كبرى مدن البلاد كورور أبرز شاهد على تهافت الناس لشراء احتياجاتهم في حالة من الهلع وسط نقص في مواد تعقيم الأيدي والأقنعة الواقية والكحول الطبي.

وتعتمد الجزر بشكل كبير على جلب البضائع إما بحرا أو جوا، ما يعني أن الإمدادات قد تنفذ سريعا.

وكانت شركة الخطوط الجوية المتحدة (يوناتد إيرلاينز) تسيّر ست رحلات في الأسبوع من غوام القريبة، حيث سجلت 60 إصابة، لكن لم تعد هناك حاليا سوى رحلة في الأسبوع.

وتستذكر تولوب كيف تعامل السكان “بشكل سيء مع الأمر عندما تأخرت شحنات قبل تفشي هذا الوباء. كان الجميع في حالة غضب”.

واستبق السكان الأحداث وبدأوا بالتدرّب على التباعد الاجتماعي بينما ينتظر الأطباء وصول معدات فحص كوفيد-19 من تايوان. وفي الأثناء، تبني الحكومة خمس غرف عزل تتسع لنحو 14 مريضا.

ويبدو الأمر أشبه بانتظار قدر لا مفر منه.

وقالت تولوب “كان بودّي أن أبدي تفاؤلا بأن الفيروس لن يصل إلينا. لكن لا شك في أنه سيصل إلى بالاو. نعتمد بشكل كبير على السياحة ويحتاج معظمنا حتى للسفر من أجل العمل”.

وفي هذا السياق، يقر روندي روني الذي يعمل في استضافة مناسبات سياحية كبيرة بأنه “قلق للغاية” في وقت يبدو أن عمله تلقى ضربة موجعة.

وقال “لدي قروض وفواتير ودفعات علي إتمامها. سيضرني ذلك بلا شك. آمل بأن تفعل الحكومة شيئا حيال اقتصادنا لمساعدته على التعافي”.

ولعل الاختبار الأكبر لبالاو سيأتي مع تسجيل أول إصابة مؤكدة بكوفيد-19.

لكن حتى في أطراف العالم النائي، يشعر السكان بتداعيات هذا الوباء إذ لا يبدو أن هناك مكان خالٍ فعلا من الفيروس.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية