مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ميركل لولاية رابعة والقوميون المتشددون يدخلون البرلمان بقوة

المستشارة الالمانية انغيلا ميركل تتحدث الى انصارها في 24 ايلول/سبتمبر 2017 afp_tickers

فاز المحافظون الالمان بالانتخابات التشريعية الاحد، الا ان الدخول التاريخي لليمين القومي والشعبوي الى مجلس النواب عكر الى حد كبير فرحة انتصار انغيلا ميركل بولاية رابعة.

ومع ان الحزبين المحافظين الحليفين الاتحاد المسيحي الديموقراطي، والاتحاد المسيحي الاجتماعي، حلا في الطليعة، الا ان النتائج التي حصلا عليها تعتبر الادنى تاريخيا.

وكتبت صحيفة بيلد الشعبية على موقعها الالكتروني “زلزال انتخابي”، مشيرة الى ان حزب الاتحاد المسيحي الديموقراطي بزعامة ميركل بحصوله على 32,9 % من الاصوات “سجل اسوأ نتيجة له منذ 1949” ونشوء الجمهورية الاتحادية.

ولفتت الصحيفة الى ان الحزب الاشتراكي الديموقراطي “حصل على النتيجة الاسوأ له حتى الان” (20,8% من الاصوات)، بينما فرض القوميون والشعبويون في حزب البديل لالمانيا (13% من الاصوات) انفسهم بصفتهم “القوة السياسية الثالثة” في البلاد.

واقرت ميركل مساء الاحد بانها كانت تتوقع الحصول على “نتائج افضل”، كما اعتبرت ان دخول القوميين المتشددين البرلمان يعتبر “تحديا جديدا”.

واعلن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون مساء الاحد انه اتصل بميركل “لتهنئتها” على فوزها بالانتخابات، مؤكدا انهما سيواصلان معا “بعزم” مسيرة “التعاون الضروري” بينهما.

وبات يعود اليوم الى ميركل تسلم المستشارية للمرة الرابعة وتشكيل الحكومة الجديدة مع شركاء اخرين غير الحزب الاشتراكي الديموقراطي الذي سارع الى التأكيد بعد صدور هذه النتائج الاولية، انه قرر الانتقال الى المعارضة بعد ان حكم مع ميركل خلال السنوات الاربع الماضية.

وبات من المرجح ان تسعى ميركل الى التحالف مع الحزب الليبرالي الديموقراطي ومع حزب الخضر لتشكيل اكثرية.

وسارع الليبراليون الالمان الشركاء المحتملون لميركل في الحكومة المقبلة الى التحذير الاحد من انهم سيعارضون مشروع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لموزانة منطقة اليورو.

وعكرت النتيجة التاريخية التي حققها حزب البديل لالمانيا، على ميركل وعلى المحافظين فرحتهم بالبقاء في السلطة.

وهي المرة الاولى التي يدخل فيها هذا الحزب الى البرلمان وهو معروف بمواقفه المناهضة للهجرة وللاسلام وللاتحاد الاوروبي.

وبعدما فشل في دخول مجلس النواب خلال الانتخابات الاخيرة عام 2013، فانه اليوم يتفوق على اليسار الراديكالي (دي لينكي 9%) وعلى الليبراليين (نحو 10%) وعلى الخضر (نحو 9%).

وفي وقت كانت ميركل تركز في حملتها الانتخابية على ضرورة الحفاظ على الازدهار الاقتصادي الذي تنعم فيه البلاد، كان حزب البديل لالمانيا يشن عليها الهجمات العنيفة، ويشيد بسياسات الرئيس الاميركي دونالد ترامب الانعزالية، وبتصويت البريطانيين الى جانب بريكست.

واشادت زعيم اليمين المتطرف الفرنسي مارين لوبن ب”حلفائها” في حزب “البديل لالمانيا” لتحقيقهم “هذه النتيجة التاريخية”، ورأت في ذلك “رمزا ليقظة الشعوب”.

غير انّ العديد من المدن الالمانية شهدت خروج متظاهرين احتجاجا على فوز حزب “البديل لألمانيا”.

وتجمع مئات الاشخاص قرب أحد النوادي في وسط برلين حيث كان أنصار حزب البديل يحتفلون بانتصارهم، وردد المتظاهرون هتافات “كل برلين تكره حزب البديل” و”لا للنازيين”.

– تشدد-

يتهم القوميون ميركل بـ”الخيانة” لفتحها أبواب البلاد عام 2015 أمام مئات الآلاف من طالبي اللجوء وغالبيتهم من المسلمين.

وقالت الكسندر غولاند احدى رئيستي لائحة حزب البديل لالمانيا بعد اعلان النتائج “سنغير البلاد” واعدة ب”مطاردة” ميركل “واستعادة بلادنا وشعبنا”.

ووصفت اليس فيدل الرئيسة الثانية للائحة الحزب اليميني القومي النتائج بانها “رائعة” مضيفة “نحن هنا لنبقى”.

واوضحت ان اول ما سيقوم به حزبها هو المطالبة بتشكيل لجنة تحقيق برلمانية بشأن قرار ميركل فتح ابواب الهجرة عامي 2015 و2016.

ولم يتاخر المجلس المركزي ليهود المانيا عن التعبير عن قلقه ازاء الفوز الذي حققه اليمين القومي، واصدر بيانا دعا فيه الى “التعبئة دفاعا عن الديموقراطية وعن القيم” التي تمثلها البلاد.

وبات اليوم على المستشارة ان تبرر امام حلفائها من الاتحاد المسيحي الاجتماعي في مقاطعة بافاريا، وامام الشريحة المحافظة في حزبها الاتحاد المسيحي الديموقراطي، مواقفها الشديدة الوسطية وانفتاحها الكبير على المهاجرين.

وتمكن حزب البديل لالمانيا من قضم اصوات من المحافظين رغم تطرف بعض قياداته ودعوتهم الالمان الى ان يكونوا فخورين باعمال جنودهم خلال الحرب العالمية الثانية، وهو امر لم يحصل سابقا في بلد تقوم هويته الاساسية على نبذ النازية ونبذ التطرف.

ولم يتردد وزير الخارجية سيغمار غابريال في القول حتى قبل موعد الانتخابات، ان دخول حزب البديل لالمانيا الى البوندستاغ سيسجل عودة النازيين الى المانيا “للمرة الاولى منذ اكثر من سبعين عاما”.

ومع حصول اليسار الراديكالي دي لينكي على نحو 9 % فهذا يعني ان نحو ربع الناخبين اختاروا التطرف. وهذه الظاهرة التي اقتحمت دولا اوروبية عدة تبدو للمرة الاولى واضحة اليوم في المانيا.

اما الخاسر الاكبر في نهاية اليوم الانتخابي الطويل في المانيا فهو بدون منازع الرئيس السابق للبرلمان الاوروبي والزعيم الحالي للحزب الاشتراكي الديموقراطي مارتن شولتز الذي قاد الاشتراكيين الديموقراطيين الى هزيمتهم الرابعة على التوالي بمواجهة ميركل التي تبدو كأنها لا تقهر.

وفشل الحزب الاشتراكي الديموقراطي في تقديم نموذج للتغيير ولم يستفد كثيرا من دخوله الحكومة مع ميركل منذ العام 2013. فهو ركز على شعارات حول العدالة الاجتماعية في حين ان البلاد تعيش نموا كبيرا ونسبة بطالة من الادنى في تاريخها.

حتى ان مستقبل شولتز السياسي على راس الحزب الاشتراكي الديموقراطي بات مهددا بعد ان كان مطلع العام الحالي يحمل الامال الكثيرة لمناصري هذا الحزب.

-الائتلاف الصعب-

وازاء هذه النتائج، واثر موقف الحزب الاشتراكي الديموقراطي لجهة رفضه الاستمرار في الحكم، لن تكون مهمة ميركل سهلة في تشكيل ائتلاف حكومي جديد.

الخيار الاسهل كان ابقاء الائتلاف مع الاشتراكيين الديموقراطيين، ومع غياب هذا الخيار تتجه الامور نحو ائتلاف جديد يضم الحزب الليبرالي والخضر. الا ان الخلافات بين الليبراليين والخضر حول مستقبل الديزل او الهجرة لن تسهل الامور نحو تشكيل هذا الائتلاف.

ويمكن ان تتواصل المحادثات لتشكيل الائتلاف الجديد حتى نهاية العام الحالي، ولن تصبح ميركل مستشارة للمرة الرابعة الا بعد نجاحها في تشكيل ائتلاف جديد.

وسيكون على هذا الائتلاف الجديد تحمل مسؤوليات كبيرة ازاء اصلاح منطقة اليورو، ومستقبل العلاقات بين ضفتي الاطلسي، ومسألة العقوبات على روسيا.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية