مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“سوريا الصغرى” في كيليس التركية تخشى توافد مزيد من اللاجئين

نازحات سوريات مع اطفالهن عند الحدود السورية التركية 8 فبراير 2016 afp_tickers

منذ حوالى خمس سنوات والحرب تستعر على الطرف الاخر من الحدود، وكيليس تتحول تدريجيا الى “سوريا صغرى”، اذ اصبح سكانها الذين باتوا اقل عددا من جيرانهم يخشون توافد دفعة هائلة اضافية من اللاجئين.

امام المستشفى المحلي لخصت الممرضة الشابة طوبى كايا مشاعرها بوضوح بالقول “لم اعد اشعر بانني في تركيا. مع كل خطوة تلتقون بسوري”، وتابعت “اذا حصلت هجرة جماعية اخرى فستشل الحياة هنا”.

على بعد كيلومترات يواصل عشرات الاف المدنيين السوريين من نساء واطفال وكبار في السن التجمع منذ الجمعة امام منطقة التماس الاسمنتية الفاصلة بين البلدين.

فقد فر هؤلاء من حلب على عجل خوفا من الهجوم الذي تشنه قوات النظام السوري مدعومة بغارات جوية لحلفائها الروس.

منذ الجمعة ما زالت الحواجز على معبر اونجو بينار الحدودي مغلقة. ويتجمع النازحون حاليا في مخيمات عشوائية انشئت في بلدة باب السلامة المواجهة. لكن التوتر يتصاعد في الجهة السورية حيث وصف الوضع الانساني بانه “يدعو الى اليأس”.

وفي الطرف التركي تنتشر تقديرات مخيفة حول حجم دفعة اللاجئين الجديدة التي قد تتدفق على كيليس.

وتحدث حاكم محافظة هاتاي سليمان تابسيز عن “امكانية” نزوح 70 الف مدني، فيما ذكر المتحدث باسم الحكومة نعمان كورتولموش 100 الف. ويقدر عدد السكان في المناطق الخاضعة للمعارضة في حلب ب350 الف شخص.

كل ذلك يثير استياء سكان كيليس. وقال يشار ماوزر “بسبب كل هؤلاء السوريين يعاني مزيد من الاتراك من البطالة والجوع. كما ارتفعت بدلات الايجار بسرعة كبيرة” مضيفا “على الدولة ان تهتم بنا اولا”.

قبل بدء الحرب في سوريا كانت المدينة الحدودية تعد حوالى 100 الف نسمة. وتفيد السلطات المحلية ان حجمها ارتفع الى اكثر من الضعفين مع وصول 134 الف سوري، استقر منهم 34 الفا فقط في مخيمات، فيما يقيم الاخرون في المدينة حيث يعتاشون باغلبيتهم من اعمال بسيطة.

– “السوريون في ديارهم” –

وتابع ماوزر منفعلا “كل شيء هنا من اجل السوريين. الوظائف والمساكن. لكن اهل المدينة بشر ايضا، اليس كذلك؟” واضاف “قد يكون افضل بكثير ان يقيم السوريون في منطقة امنية على اراضيهم وليس عندنا في تركيا”.

وقال البقال محمد زيتجي اوغلو البالغ 50 عاما “كيليس مدينة صغيرة لا تملك امكانات دعم هذا العدد من الناس” واضاف “ليكن الله في عونهم”.

تعد تركيا وحدها 2,7 ملايين سوري، نتيجة سياسة “الباب المفتوح” التي دافع عنها رئيس البلاد رجب طيب اردوغان بشراسة، لكن ثمنها اتى باهظا. فقد كلفت ما لا يقل عن 10 مليارات دولار منذ 2011 بحسب الحكومة فيما حصلت حوادث توتر متكررة مع السكان الاتراك.

واعتبر مدير مركز الابحاث حول الهجرات والسياسة في جامعة حاجيتيبي في انقره مراد اردوغان ان استياء السكان الاتراك “طبيعي” تماما.

واوضح “ان وصول مزيد من السوريين الى المدينة قد يتسبب بالحد من الخدمات البلدية، كما قد يساهم في زيادة الجريمة” مضيفا “كل هذا سيشكل امتحانا قاسيا لمدى صبر السكان”.

اما سوريو كيليس المنفيون قسرا فيحاولون اعادة بناء حياتهم.

ويدير محمد حميدي، المحامي في سوريا، مقهى. ويقول “كنت مرتاحا ماديا عند وصولي الى تركيا في 2013، فاستاجرت هذا المتجر، واعمل فيه مذاك”. واضاف “ياتي الكثير من الاتراك الى المقهى…الشعب التركي احسن استقبالنا، نحن السوريين، اكثر من الاردنيين او اللبنانيين”.

بالرغم من حسن استقبال الاتراك، يحلم الجزء الاكبر من النازحين بعبور الحدود عائدين الى ديارهم في اسرع ما يمكن.

وتؤكد صباح العلي ذلك بوضوح، فالعودة الى حلب اصبحت هاجسا. وقالت بتاثر “نعيش هنا لكننا لا نشعر باننا في الديار لان بلدنا وحده عزيز على قلبنا…ديارنا هي سوريا”.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية