مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

تغطية الجزيرة والأزمة الخليجية وإستقالة ديل بونتي ..

صورة للصفحات الأولى لبعض اليوميات السويسرية
اهتمت الصحف السويسرية هذا الأسبوع بمحاولات التقارب بين السعودية وشيعة العراق وأوضاع المدنيين في مدينة الرقة السورية وفرص الحلول السياسية في سوريا ووقف تمويل سويسرا لمنظمة فلسطينية. swissinfo.ch

تساؤلات حول استبدال المملكة السعودية النقاب بالبكيني في جزر البحر الأحمر وتحرر قناة الجزيرة القطرية من الإعتبارات السياسية في تغطيتها للقضايا الخليجية وأبعاد ودلالات استقالة كارلا ديل بونتي من لجنة التحقيق الأممية حول سوريا وسباق التسلح في منطقة الخليج وأسبابه.. كلها ملفات تناولتها الصحف السويسرية هذا الأسبوع. 

 البكيني بدلا من النقاب

 اهتمت العديد من الصحف السويسرية الصادرة في الأيام الأخيرة بالمشروع السعودي الذي يقضي بتحويل 50 جزيرة ومجموعة من المواقع المطلة على ساحل البحر الأحمر إلى منتجعات سياحية.

صحيفة “20 دقيقة” اليومية المجانية الصادرة بتاريخ 9 أغسطس تساءلت على سبيل المثال إذا ما كانت السعودية ستنتهج سياسة المالديف، الدولة الإسلامية ذات قوانين الشريعة الصارمة والتي حولت جزرها إلى واحدة من أغلى وأرقى المنتجعات في العالم، رغم أنها لديها قوانين إسلامية صارمة. وطرحت الصحيفة تساؤلات حول السماح بتناول المشروبات الكحولية في هذه الجزر السعودية، مشيرة إلى أنه من المتوقع أن يتم تعليق قانون فرض الحجاب في هذه الجزر والسماح بارتداء البكيني.

صحيفة نويه تسورخر تسايتونع الصادرة بتاريخ 8 أغسطس ذهبت في مقال نشرته تحت عنوان “قبلة السياح على البحر الأحمر” أن عجز ميزانية المملكة العربية السعودية المقدر بنسبة 16 % على مدار العامين الماضيين دفعها إلى البحث عن مصادر دخل بديلة واستحداث هذا المشروع السياحي على ضفاف البحر الأحمر. وأشارت إلى أن السعودية أصبحت الآن على استعداد لرمي الأعراف الإجتماعية الصارمة في عرض البحر من أجل تحقيق هذا المشروع، تماما كما حدث في جزر المالديف، التي سنّت قوانين أكثر ليبرالية في الجزر لتناسب السائح الأجنبي. وأضافت الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ أن “هناك حديث عن تمتع هذه الجزر السعودية بحكم ذاتي”، وإلى أن “قوانينها ستتناسب مع المعايير الدولية”.

“نويه تسورخر تسايتونغ” ختمت الصحيفة بالقول: “إن هذه الإجراءات تبقى على أي حال مجرد قطرة في محيط بلد، لديه أكبر احتياطي نفطي في العالم في الوقت الحاضر ورغم ذلك يعيش ثلث السكان تحت خط الفقر وتجاوزت فيه نسبة البطالة أكثر من 12 في المائة”.

“قناة الجزيرة: حرية أكبر في تغطية القضايا الخليجية” 

نفس الصحيفة نقلت في عددها الصادر بتاريخ 5 أغسطس 2017 عن مذيع قناة الجزيرة محمد كريشان أن “الدول الأربعة المقاطعة لقطر تراجعت عن مطلب إغلاق الجزيرة، لأنها أدركت أنه شرط سخيف”. ومن جهتها، أدانت الأمم المتحدة مطلب إغلاق القناة واعتبرته غير عادي وغير مسبوق وانتهاكا لحرية التعبير. وصرح محمد كريشان في مقابلة أجرتها معه الصحيفة في الدوحة أنه يأمل بعد ما سماه بـ “الدعاية المجانية لقناة الجزيرة” من قبل الدول الأربعة أن “تصبح القناة أكثر مهنية وأن تتحرر من الإعتبارات السياسية وأن تقدم تغطية إخبارية أكثر شجاعة حول الشؤون الداخلية القطرية وكذلك الأحداث الدائرة في دول الخليج الأخرى”.

الإعلامي التونسي أكد أيضا أن ايجابيات الأزمة الحالية هي أن قناة “الجزيرة تستطيع الآن أيضا تغطية الحرب الظالمة في اليمن بدون قيود”. فقبل الأزمة لم تكن المحطة الإخبارية تذكر على سبيل المثال سقوط ضحايا من المدنيين في اليمن نظرا “لأن قطر كانت مثل المملكة العربية السعودية والبحرين والإمارات العربية المتحدة وغيرها من الدول مُشاركة في الحرب”. وفي شهر يونيو الماضي، تم استبعاد قطر من التحالف. وأكد كريشان أنه “لن يكون هناك تراجع بعد هذه الأزمة وإلا كان هذا انتهاكا لأخلاقيات المهنة”.

صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ أكدت أيضا أن “محمد فهمي رئيس مكتب الجزيرة الإنجليزية السابق في مصر، انتقد في الماضي استخدام دولة قطر القناة الإخبارية كأداة للسياسة الخارجية”. كما يعتقد بعض المراقبين أن قناة الجزيرة “أصبحت منبرا للنشطاء منذ الإنتفاضات العربية، حيث كانت قطر تأمل بأن تؤدي الثورات في العالم العربي إلى وصول جماعة الإخوان المسلمين في العديد من البلدان ولا سيما في مصر إلى السلطة”، وفق ما جاء في الصحيفة.

ديل بونتي: “جرائم لا مثيل لها” في سوريا

في عددها الصادر يوم 7 أغسطس، أوردت صحيفة “لا ليبرتي”، الناطقة بالفرنسية والصادرة بفريبورغ الإعلان المفاجئ للمدعية العامة الفدرالية السابقة، كارلا ديل بونتي، مغادرتها في شهر سبتمبر المقبل لجنة التحقيق الدولية حول سوريا، لاعتقادها أنه “لا توجد إرادة سياسية لدى المجتمع الدولي لدعم أعمال لجنة التحقيق المعنية بالانتهاكات المرتكبة في سوريا”. الخبر أعلنت عنه ديل بونتي على هامش مشاركتها في أشغال مائدة مستديرة ضمن فعاليات المهرجان الدولي للأفلام بلوكارنو.

القشة التي قصمت ظهر البعير بالنسبة لهذه المدافعة الشرسة عن حقوق الإنسان، كان قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة بتعيين شخصية ليس لها تجربة مدعية عامة على رأس آلية التحقيق التابعة للأمم المتحدة في سوريا. وبرأي ديل بونتي، فإنه “في غياب الدعم السياسي الضروري، ليس بمقدور لجنة التحقيق الدولية فعل أي شيء من أجل إرساء العدالة، وليس لها أي مستقبل”. 

وردّا على سؤال حول من يتحمّل المسؤولية في الأوضاع المتردية في سوريا، أشارت المدعية العامة الفدرالية السابقة بإصبع الإتهام إلى “روسيا التي تدعم نظام بشار الأسد، والتي توفّر له ترسانة الأسلحة التي يواصل بها شنّ حربه”.

كارلا ديل بونتي، قالت إنها “تغادر مهمّتها وهي تشعر بالإحباط”، مضيفة “كنا نظن أننا قد حققنا تقدما خلال محاكمتيْ يوغسلافيا ورواندا، ولكن عدنا الآن إلى نقطة البداية. خلال محاكمة مجرمي يوغسلافيا كان هناك دعم قويّ بشكل خاص من الولايات المتحدة. صدقوني: الجرائم الفظيعة التي ارتكبت في سوريا أنا لم أر مثيلا لها في رواندا أو في يوغسلافيا سابقا”.

صحيفة “لوتون” الناطقة بالفرنسية والصادرة في لوزان، عادت من جديد إلى الموضوع نفسه في افتتاحيتها ليوم الخميس 10 أغسطس 2017 تحت عنوان “واجب مكافحة الإفلات من العقاب في سوريا”، حيث كتب ستيفان بوسار: “من المغري دائما الإشادة بالأشخاص الذين يحاولون إيقاظ العدالة الدولية من غفوتها، ومن خلال موقفها الأخير، يمكن لكارلا ديل بونتي، المدعية العامة السابقة بالمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا سابقا أن تجتذب تعاطف أولئك الذين يرون في الصراع السوري واحدة من المآسي التي ستترك طابعها في القرن الواحد والعشرين”.

ولئن شاطر كاتب الإفتتاحية المدعية العامة الفدرالية السابقة الإعتقاد بأنه في غياب الإرادة السياسية لدى المجتمع الدولي، وفي ظلّ معارضة موسكو القوية لأي حديث عن محاكمة دولية للجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا، سوف ينتاب الإحباط  ضحايا نظام بشار الأسد، وسيسفّه أحلامهم في رؤية العدالة تأخذ مجراها، لكنه يعتقد مع ذلك بأن كل العمل الذي قامت به لجنة التحقيق الدولية حتى الآن من رصد وتوثيق للجرائم والتقارير العديدة التي نشرتها حول هذه الجرائم “سوف لن يذهب سدى”، وأنه “سيمتلك أهمية خاصة عندما يحين الوقت لانعقاد هذه المحاكمة الدولية”.

ورغم الصعوبات التي واجهتها محكمة الجنائية الدولية في السنوات الأخيرة ولا تزال تواجهها، بعد النجاحات التي حققتها في بداية التسعينات، يعتقد الكاتب أنه بإمكان المحاكم الأوروبية لعب دور في تحقيق العدالة في الحالة السورية خاصة وأن أعدادا كبيرة من السوريين، ضحايا كانوا، أم متهمين بارتكاب جرائم، يُوجدون اليوم في البلدان الأوروبية كمقيمين ولاجئين. وبالتالي، فإن آلية الأمم المتحدة المستقلة والمحايدة، المعنية بتوثيق الجرائم في سوريا، ليس مصيرها الفشل كما تقول كارلا ديل بونتي، إذ أن عمل هذه الآلية سيكون مفيدا ومُجديا للمحاكم الأوروبية إذا ما قررت النظر في الدعاوى التي سيقدّمها إليها رعايا سوريون يُقيمون فوق أراضيها.

أخيرا، خلصت افتتاحية صحيفة “لوتون” إلى أن “الإفلات من العقاب ليس خيارا. وأن محاكمة المجرمين واجب أخلاقي من أجل الحفاظ على كرامة الضحايا، ومن أجل نجاح عملية إعادة البناء في سوريا مستقبلا”.

تسخين جبهات الحرب الباردة في الخليج

في عددها الصادر يوم 9 أغسطس الجاري، رأت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ أن سباق التسلح في منطقة الخليج “يعكس الصراع السياسي على النفوذ والهيمنة”، مشيرة إلى أنه “لا توجد منطقة في العالم تتفوق على الخليج في مجال الإنفاق على شراء الأسلحة من الغرب، حيث زادت الرياض ميزانيتها العسكرية بين عامي 2003 و2015 من 18 إلى 87 مليار دولار، وذلك على الرغم من انخفاض أسعار النفط، الذي تعتمد الحكومة السعودية على إيراداته بشكل أساسي”.

الصحيفة الرصينة أشارت أيضا إلى أن هناك عدة أحداث تاريخية أججت سباق التسلح بين الخليج وإيران ألا وهي اندلاع الثورة الإسلامية في عام 1979 وسقوط نظام صدام حسين في عام 2003. ومع وصول حكومة ذات أغلبية شيعية في العراق وتزايد نفوذ الميليشات الشيعية في سوريا أصبحت السعودية تخشى أكثر من هيمنة الهلال الشيعي، حيث تسعى دول الخليج عبر شراء الأسلحة الحديثة إلى تعويض التفاوت في القوة العددية أو الكثافة السكانية بينها وبين إيران.

الصحيفة أضافت أن “دول الخليج الإستبدادية تعقد صفقات شراء الأسلحة بالمليارات بهدف شراء الولاءات والدعم السياسي في الغرب، لكن الدعم الأمريكي وعدم وجود خبرة عسكرية خليجية وانعدام الثقة يُضعف موقف دول الخليج أمام طهران، فالخوف من وقوع انقلاب في السعودية مثلا أدى إلى عزل وحدات الحرس الوطني والحرس الملكي والقوات شبه العسكرية عن بعضها البعض. كما أن وجود حوالي 30 ألف جندي أمريكي في قطر والإمارات والبحرين أضعف الجيوش في الدول التي تعتمد على الحماية الأمريكية. وحتى الآن فشلت الدول الخليجية في بناء درع للدفاع الصاروخي ضد إيران أو إنشاء مقر عسكري مشترك في الرياض. وكانت الخلافات الخليجية واضحة في حرب اليمن، بعد رفض الكويت وسلطنة عُمان المشاركة في التحالف العسكري وانسحاب قطر منه بعد الأزمة الأخيرة. وأدى ذلك إلى أن دول الخليج تقود حربا دون قيادة أو مقر موحد. كل هذه الأسباب أدت إلى ميل الكفة لصالح إيران في الحرب اليمنية”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية