مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأوضاع في مصر.. والأزمة الخليجية .. والتطورات الميدانية في سوريا ..

الصفحات الأولى لعدد من الصحف اليومية السويسرية بالألمانية والفرنسية
موضوعات عربية كثيرة تناولتها الصحف السويسرية بالتغطية والتحليل هذا الأسبوع، اخترنا لكم منها باقة متنوعة: حوار مع وزير خارجية قطر، وشهادة إعلامي سويسري عن الأوضاع في مصر ست سنوات بعد الآمال العريضة التي أطلقتها ثورة 25 يناير، والمفارقة بين الصورة التي تروّج عن الواقع في المملكة العربية السعودية والإستخدام الواسع للإنترنت في هذا البلد،.. swissinfo.ch

أفردت الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع حيّزا مهما لتغطية القضايا والشؤون العربية، تراوحت ما بين تطوّرات النزاع المسلح في سوريا، وتردّي أوضاع الحريات وحقوق الإنسان في مصر، وعرض وجهة النظر القطرية من الازمة التي تعصف بمنطقة الخليج منذ شهر أيلول الماضي، بالإضافة إلى العديد من القضايا الأخرى نقدمها إليكم في هذا العرض الصحفي الاسبوعي.

معركة دير الزور

تحت عنوان “الأسد وحلفاؤه يستعيدون السيطرة على نصف سوريا”، توقّف تقرير نشرته كل من صحيفة “لا تريبون دي جنيف” الصادرة بجنيف، وصحيفة “24 ساعة” الصادرة بلوزان يوم 9 سبتمبر الجاري عند الأهمية الاستراتيجية لمعركة دير الزور التي اعتبرها التقرير بمثابة “نقطة تحوّل” في الصراع السوري “فاختراق الجيش النظامي والقوات المتحالفة معه وتحقيقهم النصر في هذه المحافظة الأخيرة التي هي بيد تنظيم الدولة الإسلامية يمكّن نظام بشّار الأسد من السيطرة على أكثر من نصف البلاد”. 

وسواء طال وقت هذه المعركة أو قصر، فإن تمكّن النظام من استعادة السيطرة على هذه المنطقة التي تزيد مساحتها عن 33.000 كيلومتر مربّع يرى التقرير أنه “سيشكّل مكسبا إقليميا كبيرا للنظام”، ووفقا لفابريس بالونش، خبير متخصص في الشؤون السورية “بات بشار الأسد يسيطر الآن على نصف البلاد، بعد أن كان في شهر ديسمبر الماضي، لا يسيطر إلا على ثلثها”. في المقابل، وبحسب نفس الخبير: “تسيطر القوات الكردية على 23% من الأراضي السورية، وبقية المجموعات المعارضة على 12%”. 

السيطرة على محافظة دير الزور لها أهمية اقتصادية رئيسية أيضا، لأن جزءً كبيرا من الثروة النفطية في سوريا يأتي من هذه المحافظة. ويشير جهاد اليازجي رئيس تحرير “تقرير سوريا” (Syria report) إلى أن “انتاج سوريا من النفط قد تراجع مع اندلاع الثورة السورية من 377.000 بريل في اليوم إلى 28.000 برميل في اليوم في نهاية 2013، أي تراجع بنسبة 93%، ومنذئذ أصبح النظام السوري يستورد 3 مليون برميل في الشهر، منها 1.8 مليون برميل من إيران”. 

“لم نندم على دعمنا للثورات العربية”

يصرّ رئيس الدبلوماسية القطري الشيخ محمّد بن عبد الرحمان آل ثاني على قوّة الروابط بين بلاده والولايات المتحدة. ويرفض أي تراجع أمام المملكة العربية السعودية ويقول إن “بلاده يجب أن تكون أقلّ اعتمادا وتبعية لجيرانها”. 

وفي حوار أجرته معه صحيفة “لوتون” في عددها الصادر يوم الأربعاء 13 سبتمبر 2017 خلال زيارته إلى جنيف للدفاع عن قضية بلاده، شدّد الوزير على أن قطر “تواجه مجموعة من البلدان من غير الممكن التنبؤ المسبق بسلوكاتها ومواقفها”، و”ما نقرّ به هو أن رؤانا مختلفة حول بعض القضايا على الساحة الدولية. ولكن علينا “أن نجد حدا من الاتفاق لضمان أمن منطقة الخليج”، يضيف المسؤول القطري. 

لكن المشكلة كما يرى رئيس الدبلوماسية القطرية أن “الدول التي فرضت حصارا على بلاده لا تبدو مهتمّة بتبادل معقول للحجج. وهي لا ترغب في الحصول على أدلّة بل تريد وضعنا تحت الوصاية، لكننا دولة ذات سيادة. وحقوقنا كدولة هي نفس حقوق المملكة العربية السعودية بغض النظر عن حجم تلك الدولة أو قوّتها”. 

وفي ردّه عن سؤال إن كانت قطر ستتجه لتعزيز علاقتها مع إيران أو روسيا كرد على الحصار المفروض عليها من جيرانها، أجاب: “دعونا نكون واضحين: لدينا شراكة وثيقة جدا مع الولايات المتحدة. ونذكّر بأن في قطر توجد أكبر قاعدة جوية أمريكية في الخارج، حيث يتمركز 11.000 جندي أمريكي. كما تستضيف قطر مركز قيادة التحالف المناهض لداعش. نحن نعمل مع الولايات المتحدة في مجال الامن ومحاربة الإرهاب، وفي مجال الدفاع، والإقتصاد، … وهذا التحالف ليس موضع شك أو أخذ ورد”. 

ولمّا سئل الوزير إن كانت قطر نادمة عن الدعم والتأييد الذي قدمته إلى ثورات الربيع العربي خلال السنوات الأخير، أجاب: “انتفضت الشعوب العربية ضد الدكتاتوريات، ولم يكن بإمكاننا أن نبقى مكتوفي الأيدي عندما بدأت الأنظمة الدكتاتورية تقتّل شعوبها. وحاولنا مساعدة تلك الأنظمة على القيام بإصلاحات، ولكن عندما فشلت هذه الجهود، وبدأوا بمهاجمة المدنيين وقصفهم بالطائرات، كان علينا اتخاذ موقف واضح”. 

وأضاف وزير الخارجية القطري: “نحن لم نشعل فتيل الثورات، والشعوب هي التي انتفضت، ولابد من الإقرار بأن الامر يعود إليها وليس لغيرها. وأذكّرك أنه آنذاك لم يكن هناك إرهاب، والشعوب كانت تؤمن بإمكانية تغيير الأوضاع سلميا”. 

شهادة الوداع 

بعد تسع سنوات قضاها في مصر، قرر مارتن غيلين، مراسل صحيفة لوتسرنر تسايتونغ، الانتقال إلى تونس ولكن ليس قبل أن يسجل شهادته حول الأوضاع السياسية والاجتماعية السائدة حاليا في مصر، بعد ست سنوات من اندلاع ثورة 25 يناير وما أعقبها من تتحوّلات. 

في هذا السياق كتب المراسل أن ” جميع الآمال تلاشت في مصر وعاد الناشطون للعمل السياسي في العالم الافتراضي على مواقع التواصل الاجتماعي، كما تم خنق المجتمع المدني والقضاء على أوصال الحياة السياسية ووُضع أكثر من 60 ألف شخص خلف قضبان السجن، فيما اختفى مئات من النشطاء دون أي أثر”. 

وأضاف المراسل أن قانون المنظمات غير الحكومية الذي أدخل مؤخرا، سيقضى على ما تبقى من مؤسسات المجتمع المدني. وحتى مركز النديم لتأهيل ضحايا العنف والتعذيب، وهي المنظمة الوحيدة في مصر من هذا النوع على الصعيد الوطني، أمرت السلطات المصرية باغلاقه. وتوضح مؤسِسة المركز، عايدة سيف الدولة، أنه “منذ بداية تأسيس المركز في عام 1993 لم تكن هناك مثل هذه الظروف في مصر”. “في الوقت ذاته ازدادت وحشية التعذيب بشكل هائل، حيث تتعرض النساء والرجال على حد سواء في السجون لعنف جنسي مفرط”. 

ويضيف مراسل الصحيفة أن وتيرة الحياة اليومية في القاهرة لم تتأثر بهذه الممارسات وتسير بشكل عادي، فالهجمات المسلحة تستهدف بشكل رئيسي نقاط الشرطة على الواقعة على أطراف المدينة. ونقل المراسل عن عبد الحليم إبراهيم، المهندس المعماري في جامعة القاهرة “المصريون فنانون في البقاء. أتساءل دائما كيف يستطيع الناس تحمل هذه الأوضاع، بل ويشعرون بالسعادة في مثل هذه الظروف؟” ويجيب إبراهيم بنفسه “هذا هو جوهر الثقافة المصرية القادرة على البقاء على قيد الحياة منذ آلاف السنين”.   

دروس المحكمة الدولية الخاصة بلبنان 

نشرت صحيفة “لوتون” على صفحتها التاسعة التي تخصصها عادة لتسليط الضوء على قضية مثيرة أو لإجراء حوار مع شخصية عامة معروفة يوم الخميس 14 سبتمبر حوارا مطوّلا مع روبارت روث، أستاذ القانون بجامعة جنيف والخبير في مجال العقوبات الدولية والعدالة الجنائية الدولية. وهو أيضا أحد قضاة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان. وحول هذا الموضوع بالذات تضمّن الحوار نقاطا عديدة. 

فقد عدّد رجل القانون السويسري في البداية الدروس التي استخلصها من تجربة المحكمة الدولية الخاصة بلبنان: كالحاجة الملحة إلى العدالة الجنائية الدولية لمعالجة القضايا والجرائم التي لا يكون بمقدور القضاء الوطني البت فيها، وأفضل مثال على ما يقول برأيه المحكمة الخاصة بلبنان التي وجدت بعد إعلان القضاء اللبناني عدم قدرته على التحقيق في الهجمات الإرهابية وفي التفجيرات التي أودت بحياة رئيس الوزراء آنذاك رفيق الحريري. 

أمّا الدرس الثاني، فهو أن هذه العدالة الدولية لا معنى لها إذا لم تحترم المبادئ الأساسية للعدالة وللقضاء المستقل، وإذا لم تخدم قضايا حقوق الانسان. ويضيف روبارت روث: “في اعتقادي العدالة الدولية لابد أن تكون في الطليعة. لكن ما ألاحظها أنها وفي أكثر من مكان تكتفي بملاحقة الاحداث”. وبالإمكان ارجاع ذلك برأيه إلى “علاقاتها المتوتّرة مع السياسيين، وبالتالي سعيها الدائم لإثبات استقلاليتها وحياديتها”. 

لكن هل كانت هذه الضغوط سبب استقالته من هذه المحكمة الخاصة؟ يجيب: “أعتقد أن المحكمة لم تنجح في رفع هذا التحدي (تحدي الإستقلالية والحيادية) كما يجب. استقلال هذه المحكمة كان مختلا، ولم تكن هذه المحكمة مهيأة وقادرة على مواجهة وضعا كانت السياسة اللبنانية تلعب فيه دورا هاما جدا. ويجب التذكير أن المحاكم الخاصة كانت تخضع لضغوط كبيرة بسبب طرق تمويلها. بالنسبة للمحكمة الخاصة بلبنان، كانت بيروت تساهم بتمويلها بنسبة 49%، وهذا الأمر يترك تأثيرا كبيرا على قرارها خاصة إذا كانت الشخصية التي تترأسها ليست قوية بما فيه الكفاية”. 

أما على المستوى الشخصي، فيقول روبارت روث: “لقد تعرضت إلى مناورات زائفة كان الهدف منها خلق حالة من عدم الاستقرار. والهجوم الذي تعرضت إليه كان بسبب أصولي اليهودية. ولم يكن للمحكمة الشجاعة الكافية للتحرّك لوضع حد لهذا الموضوع. وهذا ما يبدو لي مصدر الانزعاج الأكبر. وبعد مرور أربع سنوات على بعثها، تبدو هذه المحكمة أضعف وأشدّ هشاشة”. 

سويسري يعيد الحياة لخط حديدي في شرق المغرب

الخبر أوردته صحيفة “20 دقيقة” الناطقة بالفرنسية نقلا عن وكالة الأنباء السويسرية ويتعلّق الامر بإحياء خط حديدي قديم يعبر الصحراء بشرق المملكة المغربية، ويربط بين مدينة وجدة القريبة من الحدود الجزائرية، ومدينة بوارفا في أقصى الجنوب الشرقي.

 الطريف في الامر هو أن الفضل في إعادة تشغيل هذا الخط القديم الذي يعود إلى مرحلة الإستعمار الفرنسي وبالتحديد إلى العشرينات من القرن الماضي، يعود إلى إدوارد كونز، سويسري متخصص في الميكانيكا الدقيقة في مجال صناعة الساعات ويبلغ من العمر حاليا 70 عاما. ومنذ 2004، ينظّم كونز رحلات سياحية على متن هذا القطار الذي يعبر مناطق ومشاهد طبيعية خلابة، ويوفّر للمسافرين قاطرات وعربات مكيّفة. 

ويذكر أن “قطار الصحراء”، كما يسمى هناك، وبحسب الصحيفة “يقضي ما بين 8 ساعات إلى 12 ساعة لقطع مسافة 305 كلم. وفي حالة حصول عواصف رملية أو تردي للظروف المناخية، قد تمتد الرحلة لأطول من ذلك”. لكن المهم بالنسبة لمشغلي هذا الخط “انطلاق الرحلة ووصولها إلى هدفها”. 

الإنترنت ساحة صراع بين النظام السعودي ومعارضيه 

أشار تقرير نشرته صحيفة “لوتون” يوم الجمعة 15 سبتمبر 2017 إلى أنه “منذ أسبوع، أطلق النظام السعودي حملة ضد معارضيه، ونشاطهم في العالم الافتراضي، وطلبت من مستخدمي الشبكة العنكبوتية “الإبلاغ عن أي منشورات “متطرّفة” بإستخدام تطبيق على الهواتف المحمولة، محذّرة بأن “كل إساءة لصورة المملكة سوف يتم التعامل معها بوصفها جريمة إرهابية”. ويأتي هذا الإعلان بعد تناقل وكالات الأنباء لخبر شن المملكة العربية السعودية بداية هذا الأسبوع حملة اعتقالات في صفوف علماء دين مثل سلمان العودة “المعروف بدفاعه عن الحريات الشخصية، والذي يتجاوز عدد متابعي حسابه على تويتر 14 مليون شخص، وأيضا الناشط على موقع يوتيوب، غانم الدوسري، ما يؤكّد تعاظم أهمية ودور الفضاء الرقمي في بلد نصف سكانه من الشباب دون 25 عاما”، وفقا لما نقلته صحيفة “لوتون”. 

وتبدو المفارقة صارخة في علاقة المملكة العربية السعودية بشبكة الإنترنت. يقول التقرير “في الوقت الذي تنتشر فيه صورة سلبية عن هذا البلد في مجال حقوق المرأة، وحرية التعبير، وحرية اللباس، نجد فيه نسبة عالية جدا من المتصلين بالإنترنت: 93% من عموم المواطنين البالغ عددهم 31 مليون نسمة يستخدمون الإنترنت، و35% لديهم حسابات على مواقع التواصل الاجتماعية (8 مليون على الفايسبوك، و7.4 مليون على تويتر، و5.5 مليون على أنستغرام)، بل إن المملكة العربية السعودية هي التي تحوز على الرقم القياسي عالميا في استخدام هذه الشبكات، وفقا لمؤسسة غلوبال ميديا إنسايت”. 

وطبقا لشهادة مواطن سعودي ناشط في الفضاء الإفتراضي ضمّنته الصحيفة السويسرية في تقريرها: “تقدّم مواقع التواصل الاجتماعية خدمة جليلة للمملكة. فهي تغيّر بشكل عميق مجتمعنا، والصورة التي يحملها العالم حولنا. فمن كان يتصوّر ذلك؟”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية