مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عالم بازل والأزمة المالية: “فرصةٌ لجـسِّ النبض وإعادة ضبط الوقت”

Keystone

افتتح "عالم بازل"، أكبر معرض لصناعة الساعات في العالم، دورته لعام 2009 التي تتواصل من 26 مارس إلى 2 أبريل.

وفي حديث مع سويس انفو، أعرب السيد فرانسو تْيِيبو، رئيس لجنة العارضين السويسريين، عن اعتقاده بأنه له علاقة للوضع الراهن بالأزمة الكبيرة التي شهدها قطاع الساعات في عقد السبعينات، وبأن الوقت قد حان للعودة إلى التقاليد الحقيقية لهذا القطاع وتفادي تجاوزات الماضي.

بعد خمس سنوات من النمو القياسي، افتـُتحت أبواب أبرز معرض عالمي للساعات والمجوهرات يوم الخميس 26 مارس الجاري في بازل، في أجواء اقتصادية تخيم عليها ضلال الأزمة المالية العالمية. وحظي وزير الشؤون الداخلية السويسري، باسكال كوشبان، بشرف تدشين دورة عام 2009 لـ “عالم بازل” التي تتواصل لمدة ثمانية أيام.

ويُعتبر هذا المعرض، حسب السيد فرانسوا تـْيـِيبو، مقياسا لوضع قطاع الساعات والمجوهرات، بحيث تتوافد عليه أعداد كبيرة من العارضين والزوار والصحفيين. ويدعو رئيس لجنة العارضين السويسريين إلى “العودة إلى تقاليد قطاع صناعة الساعات ونسيان تجاوزات الماضي”.

سويس انفو: إن العالم مريض جراء إصابته بالأزمة المالية. فمن أي مرض يشكو قطاع صناعة الساعات؟ أهو زكام شديد، أم نزلة برد قوية، أو سعال مُستمر، أو انفلونزا شرسة، أم سرطان الرئة؟

فرانسوا تـْييبو: لا، إنه لا يشكو قطعا من مرض عضال. فقطاع صناعة الساعات متأثر بالأزمة العالمية، لكن الأمر يتعلق أكثر بأزمة ثقة بالأحرى. فالناس لا يتوفرون على السـّيولة، والقروض المصرفية مـُجمـّدة، وبما أن وسائل الإعلام تقوم بتغطية واسعة لمناخ الكآبة هذا، فإن الزبائن يؤجلون قرار الشراء.

تتوفر مجموعة “سواتش” التي أنتمي على العديد من المحلات التجارية في العالم، ونلمس بوضوح أن الاستهلاك لا يتوقف، ولئن سـُجـّل، لسوء الحظ، ارتفاع في معدلات البطالة. لكن الأمر يتعلق ببضعة نسب مئوية. في المقابل، نلاحظ بعض بوادر الانتعاش قُبيل انعقاد قمة بلدان مجموعة العشرين في لندن (يوم 2 أبريل القادم). وآمل أن تُستأنف نشاطات القطاع بسرعة.

سويس انفو: أنتم واثقون في المُستقبل. لكننا سنشهد مع ذلك مرحلة “ما بعد الأزمة”…

فرانسوا تـْييبو: إنها بالتأكيد أكبر أزمة يشهدها العالم منذ عقد الثلاثينات، لكن ذلك يدفع إلى تغيير العقليات. فنحن سنعود إلى القيمة الحقيقية للأشياء. سيقلّ ميولنا إلى إسرافات السنوات الأخيرة، خاصة على مستوى الأسعار. سنتوجه أكثر نحو القيم الحقيقية، ونحو تقاليد قطاع صناعة الساعات، ونحو رفع قيمة عمل الحـِرفيين. سنقوم، بعبارة أخرى، بإعادة ضبط الوقت!

سويس انفو: ما هي مناطق العالم الأكثر تضررا حاليا في القطاع؟

فرانسوا تـْييبو: تعتبر الأمريكتان، الشمالية والجنوبية، أبرز المناطق المتضررة، وخاصة الولايات المتحدة حيث سـُجل تراجع تتراوح نسبته بين 20 و30% وحتى 60% أحيانا. كما أفلست العديد من الشركات. وفي أوروبا، تضررت إسبانيا بالخصوص منذ عام بسبب قطاع العقار. في المقابل، لا يزال الوضع جيدا في البلدان العربية.

ولئن كان هنالك حديث عن الأزمة العقارية في الإمارات العربية المتحدة، فإن الفنادق ممتلئة بحيث حجزها السياح لقضاء عيد الفصح المقبل. فقد تراجع عدد السياح الروس وتضاعف الإقبال على المحلات التجارية، لكن فيما يخصنا، تظل نسبة المبيعات شبيهة بالمعدلات التي سجلناها العام الماضي. وفي آسيا، يظل اليابان أكثر البلدان تأثرا بالأزمة. وهذا ليس هو الحال في الصين التي تتوقع هذا العام نموا بنسبة 8%.

سويس انفو: يجب القول أيضا أن أرقام المبيعات التي تتداول في قطاع الساعات (22,4 -في شهر فبراير 2009 مقارنة مع 2008) مُضلـّلة بما أنها تتعلق بالصادرات وليس بالضرورة بالمبيعات. ماذا عن المخازين؟

فرانسوا تـْييبو: صحيح أن أرقام الصادرات المذكورة لا تعني أن الأمر يتعلق بساعات تم بيعُها. فهذه الساعات صُدّرت في البداية انطلاقا من سويسرا، لكن هل وُضعت لدى تجار الجملة أو المُوزعين أو في منافذ البيع بالتجزئة؟ وهل وصلت هذه الساعات إلى المُستهلك النهائي؟ هذه أمور لا علم لنا بها.

لكنني أعتقد أن الانخفاض الحاد الذي سُجل اعتبارا من أكتوبر 2008 يعني أن حجم المخزونات يتضاءل. وتوضح أرقام شهر مارس أننا بدأنا في الصعود وأن شهري مايو ويونيو سيسجلان قدرا من الانتعاش. نحن لن نكون على موعد مع الرخاء، لكن أعتقد أن التشاؤم سيبدأ في التلاشي خلال الأشهر القادمة.

سويس انفو: “عالم بازل” هو مقياس جيد لوضع قطاع الساعات. ونلاحظ أن عدد العارضين قد ارتفع، بحيث استثمرت 40 شركة في صالات عرض جديدة، فيما لم يُسجل قطاع المجوهرات سوى عدد قليل من إلغاءات المشاركة..

فرانسوا تـْييبو: يُفترض أن يزودنا عدد الزوار والصحافيين الذين سيتوافدون على المعرض لغاية 2 أبريل المقبل بمؤشرات أخرى. إن قطاع الساعات يقع في قلب عالم الرفاهية والترف الذي ضربته الأزمة بشكل خاص. وستتمكن الصحافة من مراقبة التوجـُّهات، وإذا ما لاحظت وسائل الإعلام علامات انتعاش في بازل، فذلك سيكون إشارة رائعة لكامل القطاع.

سويس انفو: هل تؤدي الأزمة في قطاع الساعات إلى فرض قيود في مجال الرياضة، من خلال قطاع الرعاية؟

فرانسوا تـْييبو: حتى الآن، لم تُقْدم العلامات التجارية التي أمثلها على أي تخفيض في الميزانية، ولئن كان صحيحا أن الوقت ليس مـُلائما لاتخاذ التزامات جديدة. فمن جهة، نحن وقعنا عقودا تُلزمنا، ومن جهة أخرى، قد يكون ذلك إشارة سلبية للجمهور.

وإذا سجلنا نسبة أرباح أقل، فإن شركات الساعات الكبرى تستمر في تحقيق الأرباح، وبالتالي، ينبغي علينا بالأحرى التوفير في تكاليف الشراء والسفر والتمثيل. فلا بُد اليوم من حماية المهارة والموظفين، وليس الإقدام على عمليات الفصل بصفة مُستعجلة.

سويس انفو: وماذا عن السوق الرمادية؟ هل أنتم “مُسلحون” ضد هذه الآفة؟

فرانسوا تـْييبو: عندما تسير الأمور على ما يُرام، تكون الواردات الموازية بحالة جيدة جدا أيضا. وعندما تسوء الأوضاع بعض الشيء، يُفترض أن تكون السوق الرّمادية أيضا في وضع صعب. لكن صحيح أن بعض تجار التجزئة سيحاولون إعادة بيع البضائع بتخفيضات هامة. ويكفي أن تسوء أحوال سوق واحدة ليميل بعض الموزعين إلى إعادة بيع مخزونهم بأسعار رخيصة جدا.

وقد أضرت هذه الظاهرة ببعض العلامات التجارية، لكن توجد عقود توزيع تضمن متابعة المنتوج والخدمة ما بعد البيع. ويشتمل الخروج من الدائرة التقليدية على مخاطر، حتى بالنسبة للمُستهلك. فاقتناء البضائع من السوق السوداء أو شراء المنتجات المزيفة يسهم في زعزعة استقرار الاقتصاد. فمن الأفضل التعامل مع أشخاص يكسبون رزقهم بأمانة بدل دعم المجرمين ومُستغلي الأطفال أو أرباب عمل لا يطبقون قواعد شبكة الأمان الاجتماعي. يجب المراهنة على الجودة وعلى العلامة السويسرية.

سويس انفو – أوليفيي غريفا – بازل

يُقام في بازل شمال سويسرا، ويركز على الساعات والمجوهرات والقطاعات العالمية الملحقة بها. وتتواصل دورة عام 2009 من 26 مارس إلى 2 أبريل.

هو منبثق عن “المعرض السويسري للعيـِّنات في بازل” (أو MUBA) حيث أُنـشأ قطاع الساعات والمجوهرات في عام 1917.

يجتمع في “عالم بازل”، أكبر معرض يُنظم في سويسرا، 1952 عارضا من 45 بلدا (مقابل 2087 في عام 2008).

يشغل 359 من صانعـي الساعات ثلثي المساحة الإجمالية لصالات العرض التي تمتد على 160000 متر مربع.

تـُمَثـَّل نسبة 95% من منتجات صناعة الساعات السويسريـة في المعرض.

ثلثا العارضين أوروبيون، ورُبعم آسيويون.

تجاوز عدد الزوار الذين توافدوا على دورة عام 2008 من معرض “عالم بازل” 160000 شخصا، بينما حضرها قرابة 3000 صفحي.

تقرر تنظيم الدورة القادم من 18 إلى 25 مارس 2010.

تراجع: شهدت صناعة الساعات، ثالث قطاع تصدير في سويسرا، تراجعا ملفتا في يناير وفبراير 2009 بعدما سجل 17 مليار فرنك في 2008.

في الولايات المتحدة، التي تمثل سوق الصادرات الثاني للساعات السويسرية، وفي اليابان (السوق الخامسة) تراجعت الصادرات على التوالي بـ –47,5% و13,3%.

استثناء: سجلت كل من أوروبا وآسيا تراجعا بأقل من 10%. واحتفظت إيطاليا فقط (السوق الثالثة للساعات السويسرية) بأرقام إيجابية.

فصل العمال: كان قطاع صناعة الساعات السويسري يوظف قرابة 50000 شخص في بداية الأزمة، لكن ألفا منهم (حسب التقديرات) قد تضرروا من الأزمة.

أمثلة: قلصت بعد علامات تجارية مثل “روجي دوبوي”، و”إيبل” و”جيرار بيبرغو” و”زينيت” فرق عملهم.

بطالة جزئية: يحاول قطاع الساعات السويسري مواجهة الأزمة دون اللجوء إلى فصل العمال، وتطبق لذلك إجراءات البطالة الجزئية التي مدّدتها الكنفدرالية مؤخرا.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية