مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

مشروع مُثير للجدل يُوحّـد الضريبة على القيمة المُـضافة

سيتعين على وزير المالية هانس-رودولف ميرتس بذل جهود كبيرة في البرلمان للدفاع عن مشروعه Keystone

رغم الاعتراضات المُعلنة لعدد من الأوساط المعنية، سلمت الحكومة السويسرية للبرلمان الفدرالي يوم الخميس 26 يونيو في برن مشروعها لإصلاح نظام الضريبة على القيمة المُضافة.

لـكن مقترح اعتماد معدل واحد يستقر في 6,1%، والذي يمس أيضا قطاعي الصحة والتكوين، يكاد يكون مُنعدم الحظوظ لأنه لا يحظى لحد الآن سوى بدعـم الحزب الراديكالي. ويفترض أن يكون مجلس النواب الغرفة الأولى التي ستتدارس المشروع في البرلمان اعتبارا من الخريف القادم.

قال وزير المالية السويسري هانس-رودولف ميرتس أمام وسائل الإعلام يوم الخميس في العاصمة الفدرالية إنه يتمتع بالقدر الكافي من الهدوء لفرض وجهة نظره. وصرح في هذا الصدد: “إن جماعات الضغط المختلفة سوف تظهر” في غرفتي البرلمان، مجلس النواب ومجلس الشيوخ، “لكنني واثق من أن معدّلا واحدا يستقر في 6,1%، وهي أدنى نسبة في أوروبا، يـُمثل الخيار الأفضل بالنسبة للبلاد وللاقتصاد السويسري”. ودعا السيد ميرتس كافة القطاعات المعنية إلى دراسة الملف بعمق للتعرف جيـدا على النتائج المرجوة من الإصلاح.

رسالتـان مُنفصلتــان

ومثلما أعلنت عن ذلك في شهر يناير الماضي، اعتمدت الحكومة الفدرالية رسالتين منفصلتين في إطار هذا الإصلاح: الأولى، والتي لا تثير أية اعتراضات من أية جهة، تتعلق بحوالي 50 تعديل على التشريع الخاص بالضريبة على القيمة المضافة بهدف تبسيط اقتطاع الضرائب، مما سيؤدي إلى خفض التكاليف الإدارية للشركات بنحو 10%.

أما الرسالة الثانية فتهدف إلى تحديد معدّل الضريبة على القيمة المضافة في نسبة مُستقرة هي 6,1% عوض المعدلات الحالية الثلاثة (7,6 و3,6 و2,4%). وذلك يعني أنه من بين المجالات الـ 25 المعفاة حاليا من تلك الضريبة، لن يتبـقى سوى 5 (الخدمات المالية والتأمينات، والمراهنة واليانصيب، والخدمات داخل نفس الجماعة العمومية، والزراعة، وبيع واستئجار السكن). بينما ستـُفرض الضريبة على المجال الاجتماعي والصحة والتكوين والبحوث والثقافة.

ولم يبخل وزير المالية بعبارات الثناء على هذا الإصلاح الذي يحظى بأهمية خاصة لديـه، إذ قال: “كل شيء تقريبا سيـُصبح أرخص!”، مُـعدِّدا أمثلة كثيرة منها الـبنزين والأثاث والملابس والوجبات في المطاعم وبناء المنازل والأجهزة الكهربائية.

وتراهن الحكومة السويسرية على التأثيرات الإيجابية لهذا الإصلاح على معدل النـمو على المدى البعيد، إذ يُفترض أن يرتفع إجمالي الناتج الداخلي من 0,3 إلى 0,8%، وأن يزيد دخل كل أسرة بمبلغ يتراوح ما بين 100 و700 فرنك في العام، وأن تنخفض التكاليف الإدارية التي يتكبـّدها الاقتصاد بأكثر من 20% أو حتى 30%.

في المقابل، سترتفع الفاتورة بالنسبة لبعض القطاعات، إذ ستزيد أقساط المساهمة في التأمين الصحي بـ 2,5%، وسيخضع ما يصل إلى 30000 شركة إضافية للضريبة، كما سترتفع أسعار الأغذية والمشروبات غير الكحولية، وكذلك الخدمات الثقافية والرياضية والفندقية والتكوينية. ويُتوقع أن تُنفق كل أسرة ما مُعدله 6 فرنكات إضافية كل شهر.

تـصحيح اجتماعي

ولتسهيل “تجـرّع” مشروع الإصلاح هذا، تصوّرت الحكومة الفدرالية حلا يتمثل في نوع من “التصحيح الاجتماعي”؛ بحيث تقترح أن يـُعاد توزيع 0,1 نقطة من معدل 6,1% على أصحاب المداخيل الأكثر تواضعا (الذي يمثلون 40% من العائلات في سويسرا).

وستـُكلـَّف الكانتونات بتسديد مبلغ 380 مليون فرنك التي سيتم تجميعها، بشكل مُباشر إلى الأسر المعنية، وذلك عن طريق آلية تخفيض أقساط التأمين الصحي. وسيرتفع هذا التعويض إلى معدل 170 فرنك للفرد الواحد في العام، وفقا لحسابات الحكومة.

أما التنازل الحكومي الآخر فيتمثل في إعفاء المؤسسات ذات النفع العام والجمعيات العاملة على أساس طوعي من أداء الضريبة على القيمة المضافة، إلا في حال تحقيقها لرقم مبيعات يتجاوز 300000 فرنك.

دعم ضئيل

ولحد الآن، تقتصر دائرة التأييد للمقترح الحكومي على رابطة الشركات السويسرية “economiesuisse” (التي حيـّت يوم الخميس ما وصفته بـ “مشروع مُحكمِ الدراسة”)، والرّابطة الوطنية للفندقة والمطاعم “Gastrosuisse” والحزب الراديكالي، لذلك لا يُتوقع أن يحظى المشروع بدعم البرلمان.

وقد عارض حزب الشعب (يمين مُتشدد) واليسار ما وصفاه بإصلاح مُضر على المستوى الاجتماعي بسبب العبء الذي يفرضه على الأسر ذات الدخل المنخفض. ووجهت الأوساط الصحية والتكوينية والرياضية انتقادات حادة للمشروع، وعبرت معظمها عن استيائها من تجاهل الحكومة المُطلق للانتقادات الشديدة لمقترحاتها خلال مرحلة الاستشارة.

الاتحاد السويسري للفنون والمهن (USAM) والجمعية السويسرية لموظفي القطاع التجاري (SEC) وصفتا انتزاع الإعفاء من أداء الضريبة على القيمة المضافة من قطاع التكوين بـ “الخطأ”. وشدّدت الجمعية (SEC) في بيان صدر عنها يوم الخميس على أن “التكوين هو استثمار في الرأسمال البشري وليس مادة استهلاكية”.

من جهتهما، عبـّر اتحاد النقابات السويسرية (USS) وجمعية مصالح تجارة التجزئة السويسرية (CI CDS) عن الأسف لغلاء المنتجات الغذائية الذي سيتم على حساب المُستهلكين.

أما جمعية الرابطات الرياضية السويسرية (Swiss Olympic)، فحذرت من أن 700 جمعية ومؤسسة رياضية، التي يتجاوز رقم مبيعاتها 300000 فرنك، ستصبح مـُهددة إذا ما لم يُعدِّل البرلمان المشروع الحكومي المقترح. وتطالب سويس أولمبيك بأن يتم رفع عتبة التكليف الضريبي إلـى رقم مبيعات يعادل 500000 فرنك.

سويس انفو مع الوكالات

اليوم، توجد الضريبة على القيمة المُضافة (TVA)، التي اخترعتها فرنسا عام 1954، في جميع بلدان الاتحاد الأورويبي وفي عدد كبير من بلدان العالم.

أما الاستثناء المشهور في هذا المجال فتمثله الولايات المتحدة الأمريكية التي تعتمد نظما ضريبية على المبيعات تختلف حسب الولايات، ولا تُفرض إلا على المُستهلكين النهائيين (خلافا للضريبة على القيمة المضافة التي تفرض أيضا على الوسطاء التجاريين).

وحتى في حال إدخال معدل واحد لهذه الضريبة، فسيظل معدها في سويسرا أدنى بكثير من جميع دول الاتحاد الأوروبي التي تتراوح معدلاتها العادية بين 15 و25%.

وتعتمد معظم بلدان الإتحاد نظام معدل مُتغير. ففي فرنسا على سبيل المثال، توجد نسبة عادية تستقر في 19,6% وأخرى منخفضة لا تتجاوز 5,5% تُطبق على المنتجات الغذائية والكتب والنقل العمومي، بينما خصص حد أدنى بـ2,1% للصحافة والأدوية.

وتعد الدنمرك الدولة الوحيدة في أوروبا التي تطبق معدلا واحدة يستقر في 25%.

وقد قررت دول أوروبية كثيرة إعفاء بعض السلع من تلك الضريبة تماما، مثل الصحف (في بلجيكا)، وملابس الأطفال (أيرلندا والمملكة المتحدة) والذهب الخام (إيطاليا) والأدوية (المملكة المتحدة والسويد).

تمثل هذه الضريبة التي اعتمدت في سويسرا عام 1995، واحدة من الموارد الضريبية الأساسية للكنفدرالية.

وتتولى الكانتونات والبلديات في سويسرا جباية الجزء الأكبر من الضرائب المباشرة (الضريبة على الدخل والضرائب على الثروة، إلخ). ولا تتلقى الكنفدرالية سوى الضريبة الفدرالية المباشرة التي تظل متواضعة.

في الواقع، تستمد الدولة الفدرالية معظم إيراداتها من الضرائب غير المباشرة: التعريفات الجمركية، ضريبة الوقود، الضرائب على التبغ، وغير ذلك. وتعد الضريبة على القيمة المضافة TVA أهم الضرائب غير المُباشرة.

حاليا، تبلغ النسبة العادلة للضريبة على القيمة المضافة في سويسرا 7,6%، لكن الضروريات الأساسية والأدوية وبعض الممتلكات الثقافية تستفيد من معدل مُنخفض يستقر في 2,4%. أما الليالي المُقضاة في الفنادق فتخضع لمعدل خاص، 3,6%.

لا تخضع الشركات التي يقل رقم معاملاتها عن 75 ألف فرنك، ومنتجات الفلاحة والبستنة للضريبة على القيمة المضافة، وهو ما يتسبب في تكاليف بيروقراطية إضافية بسبب تدخل مفتشي الضرائب.

لتبسيط النظام، يرى البعض أن الحل المثالي يتمثل في اعتماد نسبة وحيدة وفي إلغاء الاستثناءات.

تبلغ النسبة العادية لهذه الضريبة في الاتحاد الأوروبي حوالي 15%.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية