مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نظام التكوين المهنيّ السويسري يُثير اهتمام السعوديين

توماس شتيلين، الرئيس السويسري لمجلس الأعمال السويسري - السعودي يلقي كلمة في افتتاح أشغال الدورة الثالثة للمجلس التي انعقدت في مدينة بازل يوم 20 نوفمبر 2012. swissinfo.ch

أبدى وفد من رجال الأعمال السعوديين، شارك هذا الأسبوع في فعاليات الدورة الثالثة لمجلس الأعمال السويسري - السعودي في بازل، اهتماما خاصا بنظام التكوين المهني المتبع في سويسرا.

وبدا واضحا وجود رغبة في الإستفادة من هذه التجربة لتأهيل الشباب السعودي وإنجاح سياسة “سعْودة” العمالة التي تنتهجها المملكة، إضافة الى جلب استثمارات ومشاركات سويسرية في المدن الصناعية التي تخطط المملكة لإنشائها.

بعد اجتماع أول عقد سنة 2007 في لوتسرن، وآخر انتظم عام 2009 في العاصمة برن، عقد مجلس الأعمال السويسري  السعودي ثالث اجتماع له في مدينة بازل الشمالية من 20 إلى 22 نوفمبر 2012 بحضور سفير المملكة في سويسرا السيد حازم كركوتلي ومشاركة وفد هام من رجال الأعمال السعوديين  جاؤوا لمقابلة نظرائهم السويسريين من مسؤولين حكوميين ورجال مال وأعمال.

السيد طارق عبد الهادي القحطاني، الرئيس السعودي لمجلس الأعمال المشترك، ذكر في تصريح إلى swissinfo.ch أن الإجتماع يهدف إلى “تقوية الإستثمارات بين البلدين، خصوصا وأن العلاقات بين السعودية وسويسرا جيدة وقديمة”.

من جهته، أوضح توماس شتيلين، الرئيس السويسري لمجلس الأعمال السويسري السعودي أن القطاعات التي يرغب الجانب السويسري في التركيز عليها في هذه الدورة تشمل “صناعة علوم الحياة خصوصا وأن هذه المنطقة من سويسرا أي بازل تؤوي اثنتين من كبريات شركات صناعة الأدوية نوفارتيس وروش، كما سنزور شركة سوتر المتخصصة في الهندسة الميكانيكية والالكترونيات والتي تعتبر أيضا من الشركات الرائدة في ميدان تكنولوجيا النانو التي تميزت بها جامعة بازل. وسنخصص اليوم الثالث من الزيارة لنظام التعليم والتكوين المهني الذي تتميز به منطقة بازل”.

خيار التركيز على هذه القطاعات بالذات قد يعني – برأي البعض – تحولا في اهتمام المملكة بقطاعات تعاون جديدة بعيدا عن مجال البتروكيماويات، إلا أن السيد القحطاني يُوضّح أنه “من القطاعات التي ستحظى بالإهتمام صناعة البتروكيماويات والإلكترونيك والتكوين وتنمية القوى البشرية وقطاع السياحة والفندقة” ويضيف أن “سويسرا لديها خبرة في هذه الميادين وعندها مدارس متوفرة، لذلك نبحث عن إقامة شراكات مع هذه المدارس من أجل إنشاء فروع ومعاهد تدريبية في السعودية لتدريب الشباب” في هذه المجالات..

التكوين المهني  تمهيد لحل مشكل “السعودة”

في سياق متصل، شهدت هذه الدورة تركيزا من الجانبين السويسري والسعودي على ملف التدريب والتأهيل عموما والتكوين المهني بوجه خاص، حيث تم استعراض أنظمة التعليم والتكوين في البلدين في الجلسة الرسمية التي عقدت يوم الثلاثاء 20 نوفمبر.

وبالرغم من وجود نواة تكوين مهني في المملكة، إلا أن الجانب السعودي يرغب في استمالة مدارس ومعاهد سويسرية لنقل تجربتها إلى شبه الجزيرة العربية، بل وإلى إقامة فروع لها هناك. وفي هذا الصدد، يقول السيد طارق عبد الهادي القحطاني: “المعاهد التدريبية موجودة في المملكة ولكننا نبحث عن تخصّصات لكي نطور عملية التدريب خصوصا فيما يتعلق بالسياحة والفندقة، لذلك نبحث عن شراكة مع المعاهد المتخصصة السويسرية”.

يجدر التذكير أن الزيارة التي قام بها جون دانيال غيربر، كاتب الدولة السويسري للشؤون الإقتصادية للمملكة على رأس وفد اقتصادي هام في عام 2010 تخللتها إثارة مشكلة صعوبة تلبية الشركات السويسرية العاملة هناك لرغبة الحكومة في توظيف نسبة معينة من السعوديين ضمن ما يُعرف بسياسة “السعودة” نظرا لضعف التكوين.

فهل يمكن حل المشكلة باستقطاب مراكز تكوين ذات خبرة؟ عن هذا التساؤل، يجيب توماس شتيلين بقوله: “نظام التكوين المهني الذي نجده في سويسرا وأيضا في ألمانيا والنمسا يُعتبر فريدا من نوعه، وقادرا على تلبية حاجيات الإقتصاد والصناعة. وقد نجحت سويسرا في تصديره كنظام تكوين الى بلدان أخرى لذلك نرغب الآن في تمكين السعودية من الإستفادة منه”. وأشار السيد شتيلين أيضا أن “نظام التكوين السويسري إذا ما تم اعتماده قد يساعد على منح المتخرجين  السعوديين الكفاءات الضرورية وتحسين نوعية اليد العاملة المستخدمة في تلك المؤسسات وهذا هو هدف الجميع”.

هذه الرؤية يؤكدها نظيره السعودي طارق عبد الهادي القحطاني الذي لفت إلى أن “كل الدول ترغب في مراعاة مصلحة مواطنيها، لذلك نرغب في تزويد الشباب بالتكوين الضروري سواء داخل المملكة او خارجها، والسماح له بالإحتكاك بمنتسبي ثقافات وجنسيات أخرى لإثراء معارفه. وهذا هو التوجه في المملكة اليوم لتكوين الشاب السعودي بطريقة يكون فيها منفتحا على افقتصاد العالمي”. في الأثناء، لا مفر من انتظار ما قد تسفر عنه أشغال هذه الدورة لمعرفة ما إذا كانت هذه الأفكار ستتبلور في نهاية المطاف إلى مشاريع عملية وملموسة بين البلدين.

دعوة لمشاركة سويسرية في المدن الصناعية

إلى جانب ما أبداه من اهتمام بقطاعي علوم الأحياء والتكوين في سويسرا، يرغب الجانب السعودي في لفت أنظار المستثمرين السويسريين ورجال الصناعة إلى ما تعرفه المملكة من حركية اقتصادية وصناعية ومحاولة استمالتهم إلى المشاركة بفعالية في مشاريع المدن الصناعية المتعددة التي شرعت المملكة في التخطيط لها وبدأت في إنجاز البعض منها.

في هذا الإطار، أفاد السيد طارق عبد الهادي القحطاني أن “السويسريين بدؤوا في دراسة الإمكانيات المُتاحة من خلال مشاريع المدن الصناعية وهناك تحمس للمشاركة فيها ، لذلك نحاول توظيف مثل هذه الزيارات لنشر مزيد من المعلومات. كما أن هناك جهودا تُبذل على المواقع الالكترونية لمختلف المصالح لنشر تلك المعلومات بأكبر قدر من الشفافية”، وأضاف السيد القحطاني أن “سوق المملكة قوي وكبير ومضمون من الناحية الإقتصادية ويقدم ضمانات لرأس المال. إذ بالإضافة الى الضمانات الإقتصادية التي تقدمها، هناك رغبة من السلطات لدعم التصنيع في  المدن الصغيرة في المناطق الغربية وفي جنوب وشمال المملكة عبر (الصندوق السعودي لدعم الإستثمار الصناعي) الذي يقدم قروضا حتى حدود 50% في المدن الكبرى وقد تصل إلى 70% في المناطق الصغيرة”.

وفي ظل الرواج الكبير الذي تمر به العلاقات السويسرية السعودية في المجالات الاقتصادية والتجارية، يرغب رجال المال والأعمال من الطرفين في مزيد تعزيزها عبر استغلال  الفرص الجديدة والقطاعات الحديثة  سواء في تكنولوجيا النانو أو في قطاع الخدمات (البنوك والتكوين المهني على سبيل المثال) . فقد شهدت الآونة الأخيرة إقدام شركات سعودية على مزيد الإستثمار في سويسرا وخاصة في القطاع العقاري “بل حتى في شراء مصانع”، على حد قول السيد القحطاني.

في المقابل، تواصل شركات صناعية سويسرية عريقة مستقرة في المملكة منذ عقود (مثل آي بي بي وأخرى تعمل في مجالات صناعة الأدوية والمواد الغذائية) في تسويق منتجاتها وخدماتها داخل المملكة وفي باقي بلدان الخليج، لكن السيد القحطاني يبدو حريصا على حث المستثمرين السويسريين على عدم تفويت الفرصة مشددا على أن “المملكة في طفرة ويجب استغلال الفرصة خصوصا وأن الشعبين السعودي والسويسري تربطهما علاقات عريقة ويجب تعزيزها بتقوية العلاقات الإقتصادية أيضا” على حد قوله.       

الصادرات السويسرية إلى السعودية:

القيمة الإجمالية: 1634 مليون فرنك سويسري

–    المنتجات الكيماوية ومشتقاتها

–    الآلات والمعدات

–    وسائل القياس الدقيقة

الصادرات السعودية إلى سويسرا:  

القيمة الإجمالية: 113 مليون فرنك

–    وسائل القياس الدقيقة

–    المعادن الثمينة.

تقيم سويسرا علاقات دبلوماسية مع المملكة العربية السعودية منذ عام 1927.

2007: تاريخ آخر زيارة رسمية  للعاهل السعودي  الملك عبد الله بن عبد العزيز إلى سويسرا، ومقابلة رئيسة الكونفدرالية ووزيرة الخارجية آنذاك ميشلين كالمي ري.

2009: تاريخ آخر زيارة رسمية لرئيس الكنفدرالية هانس رودولف ميرتس إلى المملكة ومقابلة الملك عبد الله ابن عبد العزيز.

1976: تعزيز العلاقات الاقتصادية بين البلدين من خلال تأسيس اللجنة المشتركة السويسرية السعودية التي عقدت آخر اجتماع لها في عام 2009 في برن.

تجد أشغال اللجنة المشتركة بين البلدين تعزيزا لها في نشاطات “مجلس الأعمال السعودي السويسري” الذي يهدف من خلال تنظيم لقاءات وزيارات بين رجال الأعمال من الجهتين إلى تعزيز المبادلات في الميادين المالية والصناعية والتجارية.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية