مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

يورو 2008 ومعضلة اسمها ” التسويق المُـتوحش”

Keystone

بينما يستعد 16 فريقا لخوض المنافسة من أجل الفوز بكأس الأمم الأوروبية لكرة القدم "يورو 2008" التي تحتضنها قريبا كل من سويسرا والنمسا، تحاول بعض الشركات استخدام هذه البطولة لاجتذاب قلوب وعقول وأموال المُستهلكين.

فقد أنفقت مؤسسات تجارية كبيرة الملايين من أجل ارتباط علامتها بشكل حصري بهذا الدوري الأوروبي الهام، لكن بعض المنافسين لهذه الجهات الراعية الرسمية يلجؤون لنوع آخر من التسويق دون دفع أي مقابل للمُنظمين. وهو ما يُسمى بـ”التسويق المُتوحش” أو “كمين التسويق” (Ambush Marketing).

كانت ممارسة “التسويق المُتوحش” تقتصر في الماضي على عدد قليل من الشركات متعددة الجنسيات المُخادعة التي كانت تحاول انتحال صفة الراعي الرسمي خلال التظاهرات الرياضية الهامة. لكن نطاق هذا التضليل اتسع ليشمل شركات أصغر حجما وأكثر مكرا باتت تنتهج استراتيجيات تسمح لها باللعب في “الهامش القانوني الرمادي”.

فعلى سبيل المثال، زيـّن أحد الفنادق غـُرفَه بألوان الفِرق المُشاركة في البطولة، فيما تبيع بعض المخابز منتجات على شكل كرة القدم، بينما صممت إحدى الشركات ملابس خاصة بالنساء اللاتي لا تهتم بهذه الرياضة. أما سلسلة المتاجر الكبيرة “ميغرو” فقد أطلقت منذ عدة أشهر حملتها تحت شعار “عشاق بطولة M’08”.

أشيل براكاش، عضو شركة التسويق السويسرية “بوبليسيس” (Publicis) قال في تصريح لسويس انفو: “كان هذا الموضوع مُحـَرّما حتى كأس العالم الأخيرة عندما اضطر أكثر من 400 من الجهات التسويقية الاستغلالية لمواجهة 20 شركة راعية رسمية. لكن ليس هنالك أي سبب لاعتبار التسويق المُتوحش ممارسة غير قانونية أو غير أخلاقية، أو مواجهة بين الأشرار والأخيار”.

وقد وضع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم (UEFA)، الهيئة المكلفة بإدارة كرة القدم الأوروبية، ضمانات لحماية الراعين الرسميين لبطولة 2008، الذين يُساهمون بـمجموع 400 مليون فرنك من أصل المليارين اللذين من المتوقع أن يحصدها الدوري.

ولكن إذا كان القانون يوفر حماية صارمة للأسماء التجارية المسجلة، مثل “UEFA Euro 2008″، فإن السلطات السويسرية ترفض إعتماد تشريعات هادفة إلى حظر التسويق المتوحش.

دليلٌ للتسويق المتوحش!

وسيتم استثناء المطاعم الواقعة خارج “مناطق المُحبـّين” – التي يمكن للمُشجعين مشاهدة المباريات فيها على شاشات عملاقة – من بيع جعة غير تلك التي تحمل العلامة الرسمية. والأشخاص الذين يدخلون “مناطق المحبين” أو الملاعب قد يُضطروا إلى إزالة قمصانهم إذا ما كانت تحمل شعارات غير رسمية.

وفي توضيح لسويس انفو حول هذه النقطة، قال مارتين كالين، رئيس موظفي التشغيل في الاتحاد الأوروبي لكرة القدم: “لن يواجه المتفرج الذي يرتدي شعارا غير مُرخص به أية مشكلة طالما لم يكن جزءا من تحرك تسويق متوحش واسع النطاق. نحن نعتمد في عملنا على الحس السليم ولسنا عدوانيين بأي حال من الأحول”.

ولكن هذه التدابير تظل تقييدية أكثر من اللزوم في نظر يوتا يوتنير، الخبيرة في مجال التسويق في كلية العلوم التطبيقية بجامعة لوتسرن؛ إذ تقول: “إننا نحترم حق الاتحاد الأوروبي لكرة القدم في حماية علاماته التجارية، لكننا نعتقد أيضا أن أحد أكبر الأحداث الرياضية في سويسرا له أهمية ومنافع اقتصادية يُفترض أن تتجاوز مجرد عدد صغير من الرعاة الرسميين للحدث”.

وقد أنتجت يوتنير، إلى جانب شركة “بوبليسيس” وشركاء آخرين، دليلا يقدم النصح للشركات حول كيفية استخدام التسويق المُتوحش خلال بطولة يورو 2008 دون الدخول في متاهات ومشاكل قانونية.

تمويـلٌ مهدد؟

ويعتقد أشيل براكاش أنه سيكون هنالك خاسر واحد فقط بين الاتحاد الأوروبي لكرة القدم وممارسي التسويق المتوحش. وقال في هذا السياق: “إن النموذج الحالي لتمويل الأحداث الرياضية الكبيرة بأموال الرعاية ليس له مُستقبل لأن الرعاة الرسميين لن يظلوا دائما على استعداد لدفع الكثير من الأموال إذا ما لم يتم ضمان حماية علاماتهم التجارية”.

غير أن مارتين كالين واثق من أن الضمانات القانونية ستحمي تمويل رعاية التظاهرات الرياضية في المُستقبل، إذ صرح لسويس انفو: “نحن نعمل على حماية كبريات الجهات الراعية لنا، وسنواصل هذه المساعي لحماية البطولات القادمة أيضا. فقد تطرأ بعض التكييفات، لكن لن يحدث تغيير كبير في النهج الذي نتبعه”.

سويس انفو – ماتيو آلن

(ترجمته من الإنجليزية وعالجته إصلاح بخات)

تمت صياغة مصطلح (Ambush Marketing)، الذي يُقصد به التسويق الوحشي بدون ضوابط والذي يُنعت أحيانا بـ”كمين التسويق”، في بداية التسعينات لوصف استراتيجية الشركات الكبيرة لربط علامتها التجارية بتظاهرات كبيرة دون دفع مقابل ذلك الامتياز.

وارتبط هذا السلوك التسويقي لأول مرة بشكل خاص بالألعاب الأولمبية، لكن سرعان ما انتقل إلى الأحداث الرياضية الأخرى مثل بطولة كأس العالم والبطولات الأوروبية بشتى أنواعها.

اقتنعت العديد من البلدان بتوصيات الهيئات الرياضية لإصدار تشريعات لحماية العلامة التجارية للحدث. وقد سلكت بريطانيا هذا النهج لحماية العلامة التجارية والشعار الأولمبي خلال دورة الألعاب الأولمبية لعام 2012.

من التعابير التي أطلقت أيضا على “كمين التسويق” وصفه بتسويق “حرب العصابات والطفيليين والمستغلين”.

تحتضن كل من سويسرا والنمسا بطولة الأمم الأوروبية لكرة القدم من 7 يونيو إلى 29 يونيو في سويسرا والنمسا.

ستجري المباريات الإحدى والثلاثين للبطولة في أربع مدن سويسرية (بازل وبرن وجنيف وزيورخ) وأربع مدن نمساوية (إنسبروك وكلاغنفورت وسالزبورغ وفيينا).

تسلم الإتحاد الأوروبي لكرة القدم 8.7 مليون طلب تذكرة دخول، بالنسبة لمجموع المباريات بالبطولة البالغة 31 مباراة منها 15 مباراة في سويسرا. والحال أن عدد الأماكن المتاحة، لا تتجاوز 1.050 مليون مقعد.

يتوقع أن يتابع مجريات البطولة في سويسرا ما يصل إلى 5,4 مليون من محبي كرة القدم، بما فيهم 1,4 مليون في الخارج.

ستُبث مباريات الدوري النهائي في 170 بلدا ويتوقع أن يبلغ العدد الإجمالي للمتفرجين على كافة المباريات 8 مليار مشاهد.

يتوقع الاتحاد الأوروبي لكرة القدم تحقيق أرباح بقيمة 1,1 مليار فرنك من هذه التظاهرة الرياضية. وحسبما ورد في دراسة سويسرية، قد ينتعش اقتصاد الكنفدرالية بزهاء 1,5 مليار فرنك.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية