مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

إجراءات قانونية مرتقبة ضد أنصار غولن في سويسرا

هل ستتمكن السفارة التركية في برن من الزج بأشخاص يُقيمون في سويسرا وراء القضبان إذا ما كانوا ينتمون إلى "حركة غولن الإرهابية"، حسب توصيف أنقرة؟ Keystone

بعد أن تحدثت تقارير إعلامية إلى احتمال انتقال شرارة الصراع بين أنصار الرئيس التركي ومعارضيه إلى سويسرا، يبدو أن رغبة أردوغان في معاقبة مُساندي الإنقلاب لا تستثني المقيمين منهم في الكنفدرالية. وفي مؤتمر صحفي عُقد في مقر السفارة التركية في العاصمة برن، وصف السفير بالنيابة حركة فتح الله غولن بأنها "منظمة إرهابية"، ولم يستبعد إمكانية اتخاذ إجراءات قانونية ضد أنصار غولن في سويسرا.

في بداية الندوة الصحفية التي دُعيت إليها وسائل الإعلام صباح الجمعة 22 يوليو 2016، صرح فولكان كاراغوز، السفير التركي بالنيابة، أن لدى بلاده أدلة واضحة منذ المحاولة الإنقلابية الفاشلة، على أن حركة غولن “منظمة إرهابية”. وكان غولن في السابق من المقربين لأردوغان قبل أن تُجّه له تهم بالفساد، إلا أنه أصبح منذ محاولة الإنقلاب الفاشلة في 15 يوليو الجاري، العدوّ رقم واحد للنظام التركي.

وفي تصريحات أدلى بها إلى الإعلام، قال فولكان كراقوز: “نحن نعلم أنه توجد بعض المؤسسات والأشخاص المرتبطون بهذه المنظمة”، مضيفا أنه “لا وجود أي مشاكل لهؤلاء المواطنين إذا لم يكونوا على ارتباط بهذه المنظمة الإرهابية. أما إذا كانوا على علاقة بها فإن كل الأمور ستتم طبقا لقواعد دولة القانون”.

بوادر توتر داخل الجالية

على صعيد آخر، أكدت صحيفة “20 دقيقة” اليومية الواسعة الإنتشار أن “مؤيّدي النظام التركي يدعون، عبر فايسبوك و”واتس أب” إلى الإبلاغ عن المعارضين”. وأعادت هذه الصحيفة التي توزّع مجانا باللغتيْن الألمانية والفرنسية نشر عدّة نصوص انتقتها من مواقع التواصل الإجتماعية تدعو إلى مطاردة عشوائية للمعارضين. ونقلت عن أحد أنصار النظام قوله: “معا سنعمل على إخراج أنصار الإنقلاب من جحورهم. أولئك الذين لا يُدينون الإرهابيين والخونة”.

حظر تصدير أجهزة تنصّت إلى تركيا

عقب انطلاق حملة الإعتقالات في تركيا وبعد المحاولة الإنقلابية الفاشلة، شدّدت كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية مراقبتها على الصادرات السويسرية إلى تركيا التي يمكن أن تُستخدم في التضييق على المواطنين هناك. وورد في مقال نشرته صحيفة “نويه تسوخر تسايتونغ” (تصدر بالألمانية في زيورخ): “نظرا للأحداث الأخيرة في تركيا، باتت تكنولوجيا المراقبة تخضع لتدابير مشددة”، بحسب ما يؤكّد يورغن بولرن، المسؤول عن مراقبة الصادرات في كتابة الدولة للشؤون الإقتصادية. ويضيف أنه “حتى قبل محاولة الإنقلاب الفاشلة، كان قد تقرّر منع تصدير أجهزة التنصّت على الهواتف المحمولة إلى تركيا”.

وفي رسالة أخرى نشرت على الفايسبوك، طالب مؤيّد آخر لحزب العدالة والتنمية، الحاكم في تركيا بإغلاق مدرسة تأسست في عام 2009 في زيورخ من قبل جماعة فتح الله غولن.

هذه القطيعة بين غولن وأردوغان أدّت بالفعل إلى تقسيم الجالية التركية في سويسرا منذ ثلاث سنوات. فبين عشية وضحاها، توقف بعض الأصدقاء عن الكلام في ما بينهم، وفقا لما صرّح به المؤرخ جبرائيل تيرميليز، من زيورخ، إلى التلفزيون السويسري العمومي الناطق بالألمانية (SRF). ويضيف هذا المؤّرّخ، والعضو بجماعة غولن: “الأحداث في تركيا تؤثّر على الأتراك المقيمين في سويسرا. ورغم أن الجميع راض عن نهاية العملية الإنقلابية، إلا أن الإستقطاب داخل هذه الجالية يظل على أشدّه”.

العديد من الأكراد الذين يعيشون في سويسرا، والذين تظاهروا في أكثر من مناسبة في شوارع العاصمة الفدرالية لتأكيد مطالبهم، يخشون أيضا الذراع الطويلة للرئيس أردوغان. وهو ما تؤكّده أديبه غولجيلي، النائبة من أصل كردي في البرلمان المحلي لكانتون بازل، في تصريحات أدلت بها إلى يومية “بازل لاند تسايتونغ” (تصدر بالألمانية في بازل)، حيث قالت: “هذه المرة، الأكراد يلتزمون الحذر”.

وتضيف غولجيلي: “الآن ليس الوقت المناسب للخروج إلى الشوارع والإحتجاج ضد سياسة أردوغان. فالأكراد أيضا يُدينون محاولة الإنقلاب. يجب طرد أردوغان من السلطة عبر الوسائل الديمقراطية”، كما لا تُخفي النائبة قلقها من احتمال اندلاع حرب أهلية في تركيا، الأمر الذي قد يؤدي إلى هروب العديد من الأتراك من بلدهم.

في سويسرا، يرى كورت فلوري، النائب الليبرالي الراديكالي، أنه “من الواقعي تصوّر زيادة في طلبات اللجوء من تركيا”، وهو يؤكّد وفقا ما نقلته عنه صحيفة “در بوند” (تصدر بالألمانية في برن) على ضرورة أن تدرس تلك الطلبات بعناية “سواء أعجب ذلك أردوغان أم لم يعجبه”. وفي نفس المقال، يرد أندرياس غلانر، من حزب الشعب السويسري (يمين محافظ)، والمعروف بمعارضته الشديدة لسياسة اللجوء التي تتبعها الحكومة السويسرية، بالتشديد على أنه “لا يُوجد أي سبب لمنح اللجوء في سويسرا إلى انقلابيين”. ويضيف غلانر أن “أردوغان هو رئيس منتخب بطريقة ديمقراطية”.

تجدر الإشارة إلى أن نهاية الأسبوع الماضي شهدت احتشاد المئات من المتظاهرين الأتراك المؤيدين لأردوغان أمام مقر القنصلية التركية في مدينة زيورخ للتعبير عن فرحتهم لفشل المحاولة الإنقلابية. ووفقا للشرطة، فإنه “لم يُسجّل حدوث أي مشكلات”. 

(نقله إلى العربية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية