مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الذهب.. مـلاذ آمـن للتوقي من انعكاسات الأزمة الإقتصادية

يظل المعدن الأصفر الملاذ الآمن للحفاظ على قيمة المدخرات، ولإنقاذ رؤوس أموال المستثمرين زمن الأزمات الإقتصادية. Keystone

من المتوقع أن يستمر ارتفاع أسعار الذهب بحسب الخبراء، ويعزّز هذا التوجّه ضعف قيمة الدولار، وشبح التضخّم الواسع الذي يخيم على اقتصاد الولايات المتحدة الأمريكية.

وأكّد عدد من الخبراء خلال مؤتمر استضافته زيورخ أخيرا ونظّمته وكالة المعلومات الإقتصادية بسويسرا ان المعدن الأصفر يظل أفضل “ملاذ آمن”.

واشترى البنك المركزي الهندي قرابة 200 طن من السبائك الذهبية من صندوق النقد الدولي في الآونة الأخيرة. ولم تستبعد الهند اشتراء المزيد اليوم الأربعاء 25 نوفمبر. اما في سويسرا فقد أعلن البنك الوطني السويسري تحقيقه أرباحا تبلغ 7 ملايين فرنك خلال التسعة أشهر الأولى من هذه السنة، وتعود هذه الأرباح في الأساس لإرتفاع قيمة مدخراته من الذهب.

الذهب للإحتماء

ارتفع سعر الذهب بنسبة تزيد عن 33% سنة 2009، ليصل يوم الإربعاء 25 نوفمبر إلى 1.180 دولار للأونصة الواحدة (نصف أوقية تقريبا)، وهو ما يعد سعرا قياسيا في تاريخ التجارة في هذا المعدن الثمين. ويرجع الخبراء هذا الارتفاع الهام بالأساس إلى انهيار قيمة الدولار، وسعي المستثمرين عبر العالم للاحتماء من الانعكاسات السلبية للأزمة الاقتصادية العالمية.

وخلال هذه السنة، تراجعت قيمة الدولار أمام اليورو بنسبة 6.5%، ويذكّر جيمس تورك، مؤسس شركة “غولدموني” النشطة في أسواق الذهب بأن “المعدن الأصفر هو البديل الأفضل للدولار، وهو الملاذ الآمن للإدخار منذ سنة 2001”.

وتبرهن الأرقام التي كشف عنها تورك خلال مؤتمر زيورخ بانه ومنذ عام 2001، حققت قيمة الذهب تفوّقا بلغ 16% مقارنة بالدولار، و10% تقريبا مقارنة باليورو والفرنك السويسري.

وامام هذه الحقائق، وجد المستثمرون في الذهب ملاذا لمدخراتهم. وتزامن ذلك مع زيادة الحكومات والبنوك المركزية من نفقاتها، وتخفيضها من معدلات الفائدة على القروض من أجل الخروج من الأزمة الإقتصادية الخانقة.

ويضيف جيمس تورك موضحا ما سبق “لا نستطيع أن نراهن على البنوك المركزية في اتخاذ القرارات الصائبة، وعلينا حماية أنفسنا من خلال اشتراء الأسهم التي باستطاعتنا قبضها ولمسها، كالذهب أو المواد الأولية”.

تضخّم على نطاق واسع

تواجه الولايات المتحدة مخاطر التضخّم الاقتصادي على نطاق واسع لأن الإدارة الأمريكية والبنك المركزي الأمريكي كانا قد ضخّا مبالغ قياسية في شكل قروض، وخفّضا معدلات الفائدة إلى ما يساوي الصفر تقريبا.

ويعتقد تورك، هذا الخبير الاقتصادي الذي شارك في مؤتمر زيورخ، والذي يشبّه الوضع الحالي في الولايات المتحدة الأمريكية بالوضع في الأرجنتين سنة 1991. وبالنسبة لهذا الخبير “انهيار الدولار الأمريكي” ليس إلا مسألة وقت. وسيلقى هذا الأخير المصير الذي واجهته العملة الأرجنتينية أمام حالة التضخّم المتسارعة آنذاك”، ليخلص إلى النتيجة التالية: “في الحالتيْن، العلة واحدة: الحكومة تنفق الكثير من الأموال”.

أما بالنسبة لروبارت لانديس، عضو بالجمعية الأمريكية “غولدن سيكستانت أدفايسر” فإن “قرار الحكومة الأمريكية السنة الماضية بتوفير الاموال الضرورية للمؤسسات المالية الكبرى في البلاد لانتشالها من الإفلاس هي عملية تعني في النهاية أن “خسائر تلك البنوك قد أصبحت الآن خسائر للحكومة الأمريكية”.

انهيار الثقة في العملات

ما يطيل في أمد النظام الإقتصادي الحالي هو أن المستثمرين الاجانب مثل الصينيين لا يزالون يدعمون الدولار. “لكن، سوف يأتي الوقت الذي يتخلون فيه عن العملة الامريكية ويتجهون إلى الذهب الذي هو ثروة طبيعية، ورمز قوي للملكية الخاصة” مثلما يتوقع روبارت لانديس.

ولا يختلف في ذلك طوني ديدن، وهو مستثمر يقيم في سويسرا، الذي يشير بدوره إلى أن هدفه النهائي هو الحفاظ على ودائع حرفائه، وهو السبب الذي دفعه كما يقول إلى تحويل 45% من قيمة تلك المدخرات إلى الذهب: “أحتفظ بالذهب، لأن ثقتي في العملات تنقص من يوم إلى آخر”.

swissinfo.ch – نايل ماكلوكاس

(ترجمه عن الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

لقي الذهب عبر عصور التاريخ البشري الطويلة الإعجاب والإقبال من كافة الأمم والشعوب من المصريين القدامى، إلى اليونانيين، مرورا بالرومان، والأمم المتتابعة.

ويبلغ بحسب الخبراء في هذا المجال حجم الذهب الذي استخرجته البشرية عبر تاريخها الطويل وإلى موفى سنة 2006، 150.000 طن.

وحاليا يتم استخراج 2.500 طن تقريبا كل سنة. وأهم دولة منتجة للمعدن الاصفر هي جنوب إفريقيا.

لزمن طويل أستخدم الذهب كمرجع لقياس قيمة العملات، وعلى اساس من ذلك يتم تبادل العملات وتحديد قيمتها الواقعية. وتدريجيا بدأالتخلي عن هذا النظام النقدي القديم منذ نهاية الحرب العالمية الأولى. لم يعد الذهب يلعب أي دور نقدي منذ تم التوصل إلى اتفاق نقدي عالمي سنة 1976.

في المقابل احتفظ الذهب باهميته كملاذ للحفاظ على قيمة المدخرات. وتحتفظ البنوك المركزية بالنسبة الكبيرة من مدخرات السبائك الذهبية، ونجد اهمها في بنك الإحتياطي الأمريكي بنيويورك.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية