مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الشؤون العربية في الصحف السويسرية في أسبوع

صحف سويسرية
أفردت الصحف السويسرية هذا الأسبوع مساحات مهمة للحديث عن هجوم مسجد الروضة في مصر وعن الجولة الثامنة من المفاوضات السورية في جنيف. swissinfo.ch

أسباب فشل الأمن المصري في منع حصول هجوم مسجد الروضة الدموي، ومفاوضات السلام السورية في جنيف، ومرتزقة الإمارات في اليمن، بالإضافة إلى نظرة الدوائر الغربية للتدمير الذي تتعرّض له المدن العربية، ومسألة العبودية في ليبيا ... كانت هذه أهم المواضيع التي اهتمت بها الصحف السويسرية هذا الأسبوع.  

“القبضة الأمنية لا تكفي”

تناولت العديد من الصحف السويسرية الهجمات الدامية في شمال سيناء، ومنها صحيفة “بوته دير أورشفايتس” الصادرة بتاريخ 27 نوفمبر 2017 والتي رأت أن “مجزرة مسجد الروضة تدشّن بداية لنوع جديد من الإرهاب في مصر”.

وأوضحت الصحيفة خلفيات الهجوم بالقول إن “عددا كبيرا من سكان قرية بئر العبد التي وقعت فيها المذبحة، هم من أتباع الطرق الصوفية”. وتفيد هذه الصحيفة نقلا عن شهود عيان أن “جهاديين زاروا القرية قبل أسبوع من الهجوم، وطلبوا من السكان إنهاء الممارسات الصوفية وإغلاق المركز، الذي يقع مباشرة أمام مسجد الروضة”.

وبعد تهديد الجهاديين في بئر العبد، تقول الصحيفة “قام الشيخ المسؤول بغلق مركز التجمع الصوفي، وفي إجراء احترازي قام سكان القرية بإغلاق الطرق المؤدية إلى المسجد القريب بسياراتهم، لكن ذلك لم يشكل عائقا أمام المسلحين بسياراتهم ذات الدفع الرباعي”.

 وأضافت الصحيفة أن “أفظع مذبحة إرهابية في تاريخ مصر تحمل بصمات تنظيم الدولة الإسلامية”، وذكّرت بأن “مصر خاضت حربا بلا هوادة ضد الجهاديين منذ عام 2013، لكن آثار هذه الحرب طالت أيضا المدنيين، حيث أفاد ناشطون حقوقيون مصريون أن ما لا يقل عن ألفي شخص من سكان المنطقة أصبحوا بلا مأوى ونزحوا إلى مدن أخرى. في الوقت ذاته يقترح بعض الجنرالات المصريين حتى الآن إجلاء كل سكان منطقة شمال سيناء. ومن هذا المنطلق بدت غارات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على منطقة بئر العبد محاولة يائسة لاستعادة السلطة، التي فقدتها قوات الأمن منذ سنوات”، حسب الصحيفة.

 أما يومية “لوتسرنر تسايتونغ” الصادرة بتاريخ 27 نوفمبر 2017 فرأت أن “الرد العسكري وحده لا يكفي لاجتثاث “تنظيم الدولة الإسلامية”، الذي يستغل الظروف الاجتماعية المتدهورة كتربة خصبة لزرع أيدلوجيته المتوحشة”. وفي مورد تحليلها أشارت الصحيفة السويسرية الناطقة بالألمانية إلى وجود “60 ألف سجينا سياسيا في مصر وإلى الإهمال، الذي يعاني منه بدو سيناء منذ عقود، حيث كانوا يعيشون في الماضي أساسا من تهريب السلع إلى قطاع غزة. وبعد تدمير أكثر من 8000 نفق هناك، ارتفعت نسبة البطالة وزاد الفقر واليأس. وفي الوقت نفسه قامت القوات الجوية المصرية بتدمير قرى بأكملها وتسويتها بالأرض وهذه الاستراتيجية العسكرية تدفع بالشباب إلى أحضان الجماعات المتشددة”.

“الحل في سوتشي والمفاوضات في جنيف”

صحيفة “أرغاور تسايتونغ” اهتمت بالجولة الثامنة من مفاوضات جنيف وقالت “إنها تحصيل حاصل لأن المحادثات الحاسمة جرت قبل أيام في سوتشي بمشاركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيرهما الإيراني حسن روحاني. ورغم ذلك تبقى محطة جنيف، برأيها “مهمة لأنها تضفي الشرعية الدولية على نتائج سوتشي”.

وتضيف الصحيفة الصادر بأورغاو: “في حال توصل جنيف وسوتشي إلى وقف تام لإطلاق النار في الأسابيع القليلة المقبلة، فإن ذلك سيكون نقطة تحوّل هامة بعد سبع سنوات تقريبا من إراقة الدماء. وبهذا ستنتهي الحرب في سوريا، لكن السلام سيبقى بعيد المنال”.

ووفقا لنفس الصحيفة باتت الظروف الدولية والإقليمية مهيأة لإنهاء الأزمة السورية، حيث “دعا الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الطرفين الإيراني والتركي لوضع اللمسات الأخيرة لهندسة نظام سوريا ما بعد الحرب، ليتم بعدها نقل نتائج سوتشي إلى جنيف لإضفاء الشرعية الدولية عليها”.

على مستوى آخر، توقّفت صحيفة “لوتون” الناطقة بالفرنسية الصادرة يوم الأربعاء 29 نوفمبر 2017 ودائما في إطار تغطية الجولة الثامنة من المفاوضات السورية في جنيف عند القرار المفاجئ الذي اتخذته العديد من المنظمات السورية الهامة الممثلة للمجتمع المدني برفض دعوة المبعوث الأممي للحضور إلى جنيف. وسبب هذا الرفض وفقا لبيان أصدرته هذه المنظمات غير الحكومية التي تعمل على وجه الخصوص في جمع الأدلّة حول جرائم الحرب التي ترتكب على الأراضي السورية، والدفاع عن حقوق المخطوفين والمسجونين هو شعورها ب”عدم الجدية” في تعامل الفريق الأممي معها، و”عدم احراز الجولات السابقة لأي تقدّم”، بل و”عدم أهمية العملية” من الأساس.

لكن المبررات الحقيقية لهذا الموقف بحسب كاتب المقال، لويس ليما، هي “إحساس هذه المنظمات بأنها تستخدم كواجهة فقط في المحادثات التي تحوّلت في الحقيقة إلى لعبة دبلوماسية – استراتيجية أكبر، وبأن مستقبل الشعب السوري يقرّر الآن بين القوى الكبرى في العالم في غياب الأغلبية الساحقة من السوريين”. 

ويعكس هذا الوضع وفق صاحب المقال “التطوّرات الميدانية التي أصبحت القوة الفاعلة والمحددة فيها روسيا بعد تراجع الدور الأمريكي في المنطقة في عهد باراك أوباما، وتواصل ذلك بأقدار مع إدارة دونالد ترامب”. “لقد أصبحت روسيا اللاعب الأكبر في الأزمة السورية، وهي تحاول اشراك بقية القوى الإقليمية في إدارة هذه الازمة وفق منظورها هي وفي احترام كامل للخطوط الحمراء التي تضعها”، يضيف المقال. يحدث هذا في الوقت الذي أصبح فيه دور الأمم المتحدة، نتيجة تعدّد مراكز المفاوضات بين موسكو وسوتشي وأستانا، ضعيفا ومحدودا وباتت مفاوضات جنيف مجرّد موعد للتفاوض من بين عدّة مواعيد أخرى”. 

مرتزقة الإمارات في اليمن

أفردت صحيفة “لا ليبرتي” الصادرة في فريبورغ يوم الثلاثاء 28 نوفمبر 2017، مساحة هامة لدعوى قدّمتها منظمة غير حكومية مقرّها في لندن إلى المحكمة الجنائية الدولية تتهم فيها مرتزقة أجانب يعملون لصالح الإمارات في اليمن، بارتكاب جرائم حرب وممارسة التعذيب ضد المدنيين، وتطالب المدعي العام في هذه المحكمة بفتح تحقيق حول هذه الجرائم.

ورغم أنه لا توجد أرقام رسمية حول عدد هذه القوات المرتزقة، فإن تقديرات مؤسسة “عين على الشرق الأوسط” صاحبة الشكوى، تذهب إلى أنها تتجاوز 1500 عنصرا.  

ووفقا للسيد جوزيف براهام، محامي هذه المؤسسة غير الحكومية ” هؤلاء المرتزقة المجندين من الإمارات العربية المتحدة المتهمين بإرتكاب جرائم حرب قدموا من جنوب إفريقيا، ومن أستراليا، ومن الشيلي، وكولومبيا، وبنما، والسلفادور، وجميع هذه البلدان تعترف بمحكمة الجنايات الدولية”، لذلك يتوفّر الأساس القانوني لمحاكمتهم أمام محكمة الجنايات الدولية، لأن بلدانهم الأصلية تعترف بهذه المحكمة. 

أما جرائم الحرب التي تندد بها مؤسسة “عين على الشرق الأوسط” فهي تتخذ ثلاثة أشكال: التعذيب، واستخدام الأسلحة المحرّمة دوليا، ومهاجمة المدنيين. وسيكون الآن على “المدّعي العام بمحكمة الجنايات الدولية التحقيق حول هذه الجرائم. فإذا ما ثبتت صحتها، سيكون عليه المرور إلى الخطوة الثانية، وهي دعوة إحدى غرف هذه المحكمة الدولية إلى تنظيم جلسات استماع أوّلية، ما سيسمح بالمضي قدما في المحاكمة”، بحسب الصحيفة السويسرية. 

وتشير مصادر الأمم المتحدة إلى أنه منذ مارس 2015، تسببت الحرب في اليمن في سقوط 9000 قتيل وإصابة 50000 آخرين، لكن هذه الأرقام لم تحيّن منذ أشهر، ولا تشير إلى إصابة حوالي مليون يمني بمرض الكوليرا نتيجة تردي الخدمات الصحية وقلة الأغذية بسبب الحصار الذي يفرضه التحالف العسكري الذي تتزعمه المملكة العربية السعودية وحليفتها الإمارات العربية المتحدة. 

“الثورة يجب أن تقف في درعا”    

تحت عنوان “التدمير في نسخته العربية”، كتب ألان كومبيوتّي، في صحيفة “لوتون” يوم الإثنيْن 27 نوفمبر 2017 مقالا نقديا تركّز على تحليل النظرة الغربية حول ما يحدث من نزاعات وحروب في العديد من البلدان العربية مثل العراق وسوريا، وليبيا، واليمن. ويقرّ الكاتب السويسري بأن فكرة مقاله استقاها من الكاتب والمفكّر الألماني فينفريد جورج سيبالد (1944- 2001)، والمقارنة هنا هي بين الدمار الذي يحيق الآن بالمدن العربية مثل الموصل وحلب وصنعاء..، والدمار الذي لحق بالمدن الألمانية خلال الحرب العالمية الثانية. 

وبرأي الكاتب “الصمت الدولي أمام مشاهد المدن المدمّرة في العديد من البلدان العربية الآن بدعوى محاربة “تنظيم الدولة الإسلامية”، يثير نفس الأسئلة التي طرحها الكاتب الألماني حول الصمت الذي التزمه الجميع بعد تدمير الحلفاء وبشكل منتظم ومقصود للمدن الألمانية بدعوى محاربة “المارد النازي”. كذلك لا تختلف تبريرات المنتصرين في الحالتيْن: القضاء على النظام النازي في الأولى، وعلى الإرهاب في الثانية.  

وفي سياق المقارنة دائما، يضيف الكاتب: “السوريون والعراقيون الآن هم مثل الألمان بعد الحرب الثانية. مشتتين موزّعين عن الملاجئ والمهاجر، همّهم الوحيد البقاء على قيد الحياة، وهو ما لا يترك لهم مجالا للحديث عن الدمار الذي لحق بمدنهم. اما المهاجمين الذين قادوا عملية التدمير، فلا يبدون أي أسف: لقد قاموا بما كان يجب أن يقوموا به”.  

ومرّة أخرى، مثلما أثار الكاتب الألماني الأسئلة المزعجة والباحثة عن حقيقة ما جرى بين 1939 – 1945، يرى الكاتب السويسري أن الوقت الآن يسمح بطرح السؤال التالي: لماذا كل هذه القنابل؟ وكل هذه البراميل المتفجّرة؟ وكل هذه الصواريخ الموجّهة؟ والجواب المباشر برأيه هو ما نسمعه ونقرأه كل يوم وهو “القضاء على الإرهابيين، قاطعي الرؤوس”، وأما الجواب عن الابعاد الإستراتيجية الحقيقية، فيتطلّب العودة إلى 2011، ويشرح ذلك قائلا: “ما جرى في 2011 في الفضاء العربي الإسلامي مزعج: ثورات شعبية متلاحقة ضد أنظمة استبدادية دكتاتورية حظيت بإستمرار بدعم الغرب، وبتسامحه مع ما كانت ترتكبه بدعوى الواقعية وحفظ المصالح”. وفي ضوء ذلك “كان على الثورة السورية أن تقف عند درعا. النقطة التي انطلقت منها شرارة الثورة السورية”. 

وبالنهاية، نتيجة تلك السلسلة من الثورات الشعبية، والقمع الذي جوبهت به مطالبها في كل من ليبيا ومصر واليمن، وسوريا هو “صعود نجم الإرهاب والأصوات الراديكالية وعنوانها الأكبر “داعش” من جهة، وظهور تحالفيْن بدعوى مجابهته يضمّان كل الأنظمة الإستبدادية في المنطقة، تحالف بقيادة روسيا، وآخر بقيادة الولايات المتحدة”. وهذا مؤشر كاف برأي المحلل على “عودة المنطقة إلى النظام العربي القديم الذي يحظى برضاء الغرب ومباركة سياساته الواقعية الساعية إلى الاستقرار وضمان مصالحه”.  

“العبودية في ليبيا والنفاق العالمي” 

تحت هذا العنوان، كتبت ماريلين دوما، وهي مراسلة تغطي التطوّرات الليبية انطلاقا من تونس، وتتعاون مع العديد من الصحف الفرنسية والسويسرية، في مقال نشرته صحيفة “24 ساعة” الصادرة بلوزان يوم 27 نوفمبر أكّدت فيه أن “افتقار الصور التي نشرتها سي إن إن الأمريكية حول ظاهرة العبودية وبيع الأفارقة في المزادات العلنية إلى الجودة لا يجب أن يؤدّي إلى نفي وجود الظاهرة من أصلها”.  

وفي هذا السياق، تذكّر هذه الصحفية بالتقرير الذي أصدرته منظمة الهجرة الدولية في شهر أبريل الماضي، والذي لا يترك عنوانه أي مجال للتأويل “أسواق للعبيد تعرّض حياة المهاجرين في بلدان شمال إفريقيا للخطر”. وتوقّف هذا التقرير عند العديد من الحالات المفزعة “مهاجر سنغالي “بيع” واقتيد إلى أحد المنازل ضمن مجموعة من المهاجرين الأفارقة، وأجبرهم خاطفوهم على الإتصال بأسرهم في بلدانهم الأصلية لطلب أموال كفدية لهم، وتعرّضهم للضرب خلال الإتصال للتأثير على أسرهم وإجبارها على دفع الأموال”.

وبحسب هذه المراسلة “هذه الظاهرة ليست جديدة، وما بثّته قناة سي إن إن الأمريكية مؤخرا لا يعدّ اكتشافا. فسوء المعاملة التي يتعرّض لها المهاجرون الأفارقة على تتوقّف على الخاطفين، أو المتاجرين في البشر”. “في ليبيا ينظر إلى المهاجرين القادمين من بلدان جنوب الصحراء على أنهم يد عاملة رخيصة ومناسبة لتوظيفها في قطاع البناء وتنظيف الشوارع”. ولأنهم يدخلون ليبيا بشكل غير شرعي، يصبحون عرضة لكل المعاملات السيئة من دون أن تكون هناك أي جهة للدفاع عنه، تضيف صاحبة المقال”. 

وتستند هذه الصحفية فيما ذهبت إليه إلى العديد من الشهادات من ذلك هذا الشاب النيجيري الذي يقول: “هنا، يعاملوننا كالعبيد، وفي بعض الأحيان، يستخدمونا كعمال بناء ثم يضربوننا، ثم يرفضون منحنا أجورنا في آخر النهار”. وهذا شاب آخر، من غانا يقول: “في بعض الأحيان تعتقلنا الشرطة، ثم يجبروننا على العمل لفائدتهم مجانا وبدون مقابل قبل أن يطلقوا سراحنا”. 

وتختم هذه المراسلة مقالها بالقول: “رغم أن الجميع على علم بهذه الممارسات، فإن الإجراءات التي اتخذت للحد منها قليلة جدا. فالبلدان الإفريقية لا تفعل شيئا من أجل ارجاع مواطنيها إلى بلدانهم، والإتحاد الأوروبي يوجه كل جهوده لتدريب حرس الشواطئ في ليبيا لكي يقبضوا على المهاجرين الذين يريدون الخروج من ليبيا ليعيدوهم إليها، وهو عمل وصفه المفوّض السامي لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة بكونه “عمل غير إنساني”. وهذا السلوك بحسب كاتبة المقال “أحد مظاهر النفاق العالمي”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية