مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

ايه بي بي.. تواجد سويسري عريق في السعودية وآفاق اقتصادية واعدة

كاتب الدولة السويسري للشؤون الاقتصادية جون دانيال غيربر والوفد المرافق له يستمع لشروح الدكتور محمد ماهر المصري عن تخصصات شركة أيه بي بي في السعودية swissinfo.ch

بتواجدها الذي يشمل خمسة مصانع متخصصة في مكونات إنتاج ونقل الطاقة تشغل حوالي 1400 عاملا وموظفا، تجسد شركة أيه بي بي السويدية - السويسرية، أحسن وأعرق مثال للتواجد السويسري في المملكة العربية السعودية منذ عام 1951. ومع إطلاق برامج تنموية وصناعية عملاقة في البلاد، تؤكد الشركة أنها على استعداد لمواكبة تطورات الإقتصاد السعودي في مجال إنتاج الطاقة بشقيها الأحفوري والمتجدد.

لم يتردد جون دانيال غيربر، كاتب الدولة السويسري للشؤون الاقتصادية في الإشارة أكثر من مرة أثناء اللقاءات التي جمعته بمسؤولين سعوديين خلال الزيارة التي قام بها وفد اقتصادي سويسري هام إلى الرياض وجدة من 22 إلى 26 أكتوبر 2010، في الإشادة بالتواجد السويسري العريق في المملكة من خلال نشاطات مجموعة إيه بي بي السويسرية – السويدية.

ويعود تواجد مجموعة “آزيا براون بوفيري” ABB، المتخصصة في صنع أجهزة إنتاج ونقل الطاقة بمختلف أنواعها في السعودية إلى عام 1951 عندما قامت بتسليم أول توربين لتوليد الطاقة إلى شركة “أراموكو” السعودية لانتاج النفط.

فرع ABB السعودي.. ضمن العشر الأوائل في العالم

في المقابل، يعود تواجدها الحديث بصفتها شركة متعددة الإختصاصات إلى عام 1976. حيث عرفت خلال الأعوام الخمسة والثلاثين المنقضية العديد من مراحل تطورها ونموها. ويقول السيد محمد ماهر المصري، مدير قسم منتجات الطاقة الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في حديث خص به swissinfo.ch في مقر الشركة بالرياض: “بدأنا المقاولات في عام 1980. وفي عام 1985 أدخلنا قسم الخدمات. وفي عام 1987 أقمنا المصنع وبدأنا عملية التصنيع المحلي في المملكة العربية السعودية”.

ويتجسد تواجد شركة أيه بي بي اليوم في المملكة من خلال خمس شركات. أولها شركة إيه بي بي للصناعات الكهربائية المحدودة، التي تقوم بتصنيع تجهيزات الضغط المتوسط والضغط المنخفض، والمحولات. وتستقطب هذه الشركة قطع الغيار من مختلف مصانع شركة أيه بي بي المتواجدة في شتى أنحاء العالم ثم تقوم بتصنيع الأجهزة والمحولات الضرورية للسوق السعودية وتخصص قسما منها للتصدير. ويشير السيد محمد ماهر إلى أن “القيمة المضافة محليا هي في حدود 50%، أما الصادرات فهي في اتجاه باقي دول الخليج وسوريا ومصر”.

الشركة الثانية متخصصة في قطاع المقاولات وتتركز مهمتها على تشييد محطات الطاقة بقوة 380 كيلوفولت أو 132 كيلوفولت وتسليم المفتاح لأصحابها (إما شركة الكهرباء السعودية أو شركة المياه السعودية أو شركات انتاج النفط). ويلاحظ مدير قسم منتجات الطاقة الإقليمي بالشرق الأوسط وإفريقيا أن هذا الوضع “يجعلنا الشركة الرائدة في قطاع المقاولات محليا، إذ نستقي المعلومات والتجهيزات الفنية من الشركة الأم في سويسرا أو من ألمانيا”.

الشركة الثالثة في نسيج شركة إيه بي بي في المملكة العربية السعودية تهتم بالخدمات وقطع الغيار، فيما تتخصص الشركة الرابعة في ” الأتمتة” automatisation وصنع الموصلات وأجهزة التحكم عن بُعد وتقنيات التحكم الآلي في المحطات. أما الشركة الخامسة فهي عبارة عن مؤسسة تجارية متخصصة في تجارة الأجهزة الكهربائية. ويخلص الدكتور محمد ماهر المصري إلى أن “الشركات الخمس تسمح بتحقيق ما مجموعه مليار دولار سنويا (من المداخيل)، ويجعل نشاطات الشركة في المملكة تتبوأ مرتبة ضمن العشر الأوائل في ترتيب فروع شركة ايه بي بي في العالم” مؤكدا في هذا الصدد أن “المستقبل يُنبئ بآفاق أحسن”.

التوجه إلى الطاقات البديلة.. لا يُخيف

مع بداية التخطيط لإقامة أكثر من ستة مدن جديدة في المملكة ذات طابع صناعي أو علمي أو تجاري تبدو الأجواء ملائمة لنشاط شركة عملاقة تحقق نسبة نمو سنوي تزيد عن 15%.

في هذا السياق، يقول مدير قسم منتجات الطاقة لمنطقة الشرق الأوسط وإفريقيا في الفرع السعودي لشركة آي بي بي: “نركز في الوقت الحالي على تزويد قطاعات انتاج النفط والغاز بالتجهيزات الكهربائية بحكم أن هناك ثلاثة من أكبر المشاريع تنجز اليوم في السعودية لبناء مصفاة الجبيل وينبع ورأس تنورة”.

ولا يقتصر الأمر على شركات البترول والغاز والطاقة الكهربائية التي تعتبر من الزبائن التقليديين لشركة ايه بي بي، بل يشمل أيضا الشركات المعنية بالمياه في بلد صحراوي ويعتمد في قسم كبير من موارده المائية على عملية التحلية. ويقول السيد محمد ماهر المصري: “من أكبر الزبائن عندنا المؤسسة العامة لتحلية المياه إلى جانب شركة الكهرباء السعودية وأرامكو وسابك ومعادن”.

من جهة أخرى، لا يرى السيد محمد ماهر المصري في قطاع الطاقات المتجددة التي تشمل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح وغيرها “تحديا، لأن شركة ايه بي بي لديها الحلول لذلك”، على حد تأكيده. ومع أن الحديث يكثر عن ضرورة اللجوء إلى استخدام الطاقات المتجددة بل يتم التركيز على الدراسات المتعلقة بهذه المسائل، فإنه يلاحظ أنه “لم تظهر بعدُ برامج واضحة في هذا الإطار”.

وجدير بالذكر أن المملكة العربية السعودية تستهلك حوالي 20% من إنتاجها النفطي لإنتاج الطاقة الكهربائية الضرورية للإنارة والتبريد، وهو ما يدفع العديد من الخبراء في هذا البلد الذي يمتاز بتوفره على أكبر نسبة إشعاع شمسي في العالم إلى الحث على التحول الى الطاقات البديلة لتلبية احتياجات الإستهلاك المحلي وتخصيص النفط والغاز للتصدير.

خبرة دولية تطبق محليا

عندما يزور المرء مصنع ايه بي بي في المنطقة الصناعية الثانية بضواحي العاصمة السعودية الرياض، يكتشف مراحل التوسعة المختلفة التي مر بها خلال الثلاثين عاما الماضية، لكن ما يلفت النظر هو أنه لا يختلف كثيرا – من حيث تنظيمه ونمط العمل فيه – عما هو قائم في المصانع العديدة التابعة للشركة الأم في البلدان الأوروبية، لكن الإختلاف يقتصر على تركيبة اليد العاملة، حيث تتشكل فئة الإطارات من الأوروبيين والسعوديين وبعض العرب، وتتركب فئة المُسيّرين في الأغلب من كوادر عربية، أما العمال فيقدم معظمهم من بلدان آسيوية.

وماذا عن السمعة المتداولة عن ايه بي بي في السعودية؟ يجيب الدكتور محمد ماهر المصري، رئيس قسم منتجات الطاقة بالشرق الأوسط وافريقيا: “إنها سمعة شركة دولية استوعبت خبرة تعود لمئات السنين وتحاول نقلها إلى السوق المحلية”، ولعل هذا ما سمح بهذه الإستمرارية (60 عاما تقريبا) لتواجد الشركة في المملكة لحد أنها أصبحت تعتبر “نموذجا ومثالا يُقتدى به”، على حد قول الدكتور المصري.

من المشاريع الكبرى التي حصلت عليها الشركة مؤخرا في العربية السعودية وفي منطقة الخليج عموما:

– مشروع تطوير بناية وزارة التعليم العالي وهي أول بناية حكومية تتحكم في استهلاك الطاقة بفضل استخدام تكنولوجيا مبتكرة من شركة إيه بي بي، تسمح بتوفير 35% من حجم الإستهلاك اليومي للطاقة.

– مشروع تزويد الشركة الكيماوية (صدف) في ينبع بمحطة تصحيح للطاقة الكهربائية بما قيمته 20 مليون دولار.

– تسليم أول محول ضخم للكويت في إطار صفقة لتصنيع ثلاث محولات لمحطات فرعية في الصليبية والجابرية وحنيف بما قيمته 400 مليون دولار.

– تزويد جامعة الأميرة نورة بنت عبد الرحمن بتقنية التحكم الآلي لكي تصبح أول جامعة محافظة على البيئة.

– الحصول على مشروع تزويد محطة فرعية في الرياض بالتجهيزات الضرورية لنقل الطاقة الكهربائية الى مركز الملك عبد الله المالي بما قيمته 89 مليون دولار.

من النقاط التي أثارتها بعض الشركات السويسرية أثناء زيارة الوفد الإقتصادي السويسري إلى السعودية، مسألة ما يُعرف بالسعودة أي إجبار الشركات الأجنبية العاملة في المملكة من توظيف مواطنين سعوديين بنسب متعددة تصل إلى 75% من مجمل اليد العاملة في بعض الأحيان.

شركة ايه بي بي التي تشغل في منشآتها في السعودية أكثر من 1400 عامل وموظف من أكثر من 30 جنسية من أوروبيين وعرب وآسيويين، ترى على لسان الدكتور محمد ماهر المصري، مدير قسم منتجات الطاقة الإقليمي أن “السعودة تُعتبر حلا وليست مشكلة” ويعتقد بالمناسبة أنها تمثل “بحق الإستثمار الحقيقي”.

وحسب السيد محمد ماهر المصري، أصبحت شركة إيه بي بي “تشغل أكثر من 300 مهندس سعودي أي بنسبة 35%، والهدف هو الوصول إلى 40% قريبا”.

ويضيف السيد المصري “نستهدف أيضا زيادة عدد السعوديين في المناصب القيادية، ولنا حاليا مدراء أقسام ومدراء شركات ومدراء مناطق من السعوديين”.

هذا التوجه جعل الشركة تحصل للمرة الخامسة على التوالي على “جائزة الأمير سلمان” التي تكرّم الشركات التي قامت بمجهود محترم في مجال السعودة.

إضافة إلى ذلك، تقوم شركة ايه بي بي سنويا بمنح أكثر من 100 طالب سعودي فرصة إجراء تدريب في فروعها مما يسمح لها باختيار أفضل الخريجين الجدد وتوظيفهم لديها.

زيادة على ذلك، تقوم بتحمل نفقات طالبين أو ثلاثة سعوديين في السنة لابتعاثهم إلى أوروبا لإعداد شهادة الماجستير.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية