مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

عدن بعد غياب العدو المشترك.. “الثورة” السعودية إلى أيْن؟.. تحالفات جديدة في الشرق الاوسط

مجموعة صحف سويسرية
اهتمت الصحف السويسرية هذا الأسبوع بالتحالفات الدولية في اليمن وتداعياتها على الانقسامات الداخلية وبوضع الاقتصاد المصري والتحولات الجارية في السعودية. swissinfo.ch

اهتمت الصحف السويسرية الصادرة هذا الأسبوع بحقيقة ما بات يسمى "الثورة السعودية"، وبالأوضاع في مدينة عدن بعد هزيمة الحوثيين واندلاع الخلافات بين أبناء الجنوب، والوضع الصعب للإقتصاد المصري. وفيما لم تغفل تطوّرات الأوضاع في سوريا، وفي الأراضي الفلسطينية، توقفت بالتحليل عند الشرخ الكبير الذي هو بصدد الارتسام في منطقة الشرق الأوسط نتيجة الصراع على مناطق النفوذ بين القوى الدولية المتنازعة.

عدن وضياع العدو المشترك

 في تقرير خاص من مدينة عدن اليمنية، وصفت مراسلة صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” في تقرير صادر بتاريخ 1 نوفمبر 2017 الأوضاع السائدة في المدينة بعد إخراج الحوثيين منها بدعم إماراتي سعودي. وأفادت المراسلة أن الوضع الأمني ما زال هشا في ظل غياب أجهزة الدولة، مشيرة إلى أن “نصف الحكومة، بمن فيهم الرئيس عبد ربه منصور هادي ونائبه، ما تزال في المنفى. كما أن محافظ مدينة عدن الذي عُين في شهر إبريل ما يزال يقيم في القاهرة ولم يتمكن من تولي منصبه حتى اليوم”.

الصحيفة التي تصدر بالألمانية في زيورخ أضافت أن نفوذ الإنفصاليين يزداد في عدن منذ تحريرها من سيطرة الحوثيين، مشيرة إلى أن “معظم القوات المقاتلة كانت ميليشات انفصالية ولا تتبع الحكومة المركزية”. وبعد هزيمة الحوثيين دعا حاكم اليمن السابق، عيدروس الزبيدي، آلاف المتظاهرين إلى إجراء تصويت على استقلال الجنوب. الحرب ضد الحوثيين وحدت كل الأطياف في عدن من تيارات الإخوان المسلمين والسلفيين والإنفصاليين ومؤيدي الحكومة وحتى تنظيم القاعدة وبمجرد غياب العدو الحوثي المشترك، تراجع الشعور بالوحدة الوطنية، حيث يوجد الآن حوالي 55 ألف مسلح في المدينة، فيما لا يزيد عدد قوات الأمن الحكومية عن 5 آلاف. وما يزيد الوضع تعقيدا هو أن الإمارات والمملكة السعودية تقدم الدعم لمجموعات مختلفة.

ونقلت الصحيفة عن أحد المحللين هناك قوله “نحن أنفسنا لا نعرف من في صف من! التحالفات تتغير باستمرار”.

الإقتصاد المصري على طريق التعافي ولكن!

 تناولت مراسلة صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” الصادرة يوم 2 نوفمبر 2017 وضع الإقتصاد المصري ودور الجيش فيه. وأفادت الصحيفة أن برنامج مصر الإقتصادي الطموح يحظى بدعم المختصين، متجاهلين دور الجيش في الخطة الجديدة. 

الصحيفة أشارت إلى “ثناء صندوق النقد الدولي على البرنامج الإقتصادي وضخ مبلغ 12 مليار دولار على مدار ثلاث سنوات في الإقتصاد المصري مقابل مطالب بإجراء إصلاحات اقتصادية كتعويم الجنيه المصري ورفع سعر الفائدة وخفض الدعم الحكومي ورفع ضربيه القيمة المضافة.. واستطاعت هذه الإجراءات إنقاذ البلاد من الإفلاس، لكن المشكلة أن المواطن العادي لم يشعر بعد بتأثير هذه الإصلاحات بعيدة المدى”.

الصحيفة أردفت أن تقرير صندوق الدولي الأخير “يؤكد على أهمية الشفافية ومكافحة الفساد، في الوقت الذي يسيطر الجيش على حوالي 40% من الإقتصاد المصري، حيث يتمتع الجيش وشركاؤه بفرص تفضيلية في الحصول على العقود الحكومية”، كما لفتت إلى أن “انتشار الجيش في العديد من قطاعات الإقتصاد يعود إلى سياسة تأميم جمال عبد الناصر في ستينيات القرن الماضي”.  

ونقلت الصحيفة عن أحد المراقبين قوله: “بدلا من تأميم الشركات، بدأ تأميم السوق من قبل الجيش، الذي ينافس شركات القطاع الخاص”.

شكوك حول “الثورة السعودية”

 على صعيد آخر، قالت صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” إن ولي العهد السعودي تجرأ على كسر نوع آخر من المحرمات، حين سمح للمرأة بدخول ثلاث ملاعب رياضية ابتداء من عام 2018. ورأت الصحيفة أن “الأمير الشاب يأخذ خطوات حذرة ولكنها سريعة باتجاه تحرير المجتمع السعودي، فقبل شهر واحد فقط، أعلن مرسوم ملكي إنهاء الحظر على قيادة للنساء بدءً من شهر يونيو المقبل، كما أعلن ولي عهد عن مشاريع استثمارية ضخمة، لكن الأهم تعليقات الأمير سلمان على السياسة الدينية ودعمه للإسلام المعتدل، فلو أتبع ولي العهد هذه الكلمات بالأفعال، فإنه لن يغير المملكة العربية السعودية فقط، ولكن أيضا الثقافة الإسلامية في جميع أنحاء العالم. لأن البترودولار السعودي مول نشر الفكر الوهابي المحافظ المرتبط بالجهادية”.

في المقابل، أشارت الصحيفة إلى أنه بالنظر إلى أوضاع حقوق الإنسان في المملكة “وفي ظل تواصل سجن مُدونين مثل رائف بدوي واضطهاد الأقلية الشيعية، ستبقى الشكوك تحوم حول حقيقة الثورة السعودية”. 

الشرخ الخطير 

تحت عنوان “الشرق الأوسط: الشرخ الخطير”، حذّر بول غروسريدر، المدير السابق للجنة الدولية للصليب الأحمر، في مقال نُشر في صحيفة “لوتون” يوم الخميس 2 نوفمبر 2017، من الوضع الذي تسير إليه منطقة الشرق الأوسط مع بداية انحسار العنف المسلّح في بلدان مثل سوريا والعراق، بإستثناء اليمن من جهة، واندلاع صراعات سياسية إقليمية واصطفافات دولية في المنطقة من جهة أخرى. ورغم وجود مؤشرات على سير الأوضاع نحو الإنفراج كالتقارب بين حركتيْ حماس وفتح، وإلحاق هزيمة عسكرية بداعش في سوريا والعراق ..، فإن الأصعب والأخطر بحسب صاحب المقال “هو مواجهة تبعات وانعكاسات هذه النزاعات، ومن ذلك تحقيق المصالحات الداخلية، لأن القوى المحلية المنتصرة سوف تريد الهيمنة على السلطة بالكامل، وكذلك القوى الأجنبية التي تريد المحافظة على مناطق نفوذها ومكاسبها التي حققتها بفضل مشاركتها في دعم هذه الجهة او تلك”. 

المقال يتوقّف على وجه الخصوص عند التحالفات والإستقطابات التي يجري بناؤها حاليا في المنطقة. وتبدو الصورة برأيه على النحو التالي: “من جهة إيران الموجودة في بيروت ودمشق وبغداد، والتي تحظى بعلاقات وثيقة ومتطوّرة مع الصين”. ويشترك البلدان برأي صاحب المقال في نفس القلق: “مواجهة التطرّف السنّي”. في المقابل، يتشكّل التحالف الثاني من الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة العربية السعودية وإسرائيل. وهذا التحالف “غير مبال بتحقيق السلام في المنطقة”، وفق صاحب المقال، وهدفه المعلن “مواجهة التمدّد الشيعي والنفوذ الإيراني”. 

بقي الدب الروسي، الذي يريد أن ينأى بنفسه عن هذا الإستقطاب. وهنا يقول غروسريدر: “بعد إنقاذ الأسد، بشكل مؤقت على الأقل، يواصل بوتين تعزيز تحالفه مع إيران، دون التوقّف عن إقامة علاقات جيّدة مع إسرائيل. وفي نفس الوقت يرحّب بالتقارب بين حماس وفتح، ويتقرّب من تركيا دون أن يقطع علاقاته مع معارضيها الأكراد، ويستقبل بترحيب كبير العاهل السعودي، الملك سلمان. فهل ستكون روسيا على الإستعداد في مستقبل الأيام لكي تتحوّل إلى قوة وساطة؟ يختم المقال متسائلا! 

روسيا تجني ثمار تدخلها في سوريا 

وتحت عنوان “مقابل الدعم الذي قدّمته لنظام البعث في سوريا، روسيا تحاول جني الثمار”، شدّد فينسنت براون، في مقال نشرته صحيفة “لا ليبرتي” (تصدر بالفرنسية في فريبورغ) في عددها الصادر يوم 28 أكتوبر 2017 على ان النظام السوري مدين في استمراريته إلى روسيا، لأن تدخّلها إلى جانبه ألحق أضرارا بالغة بأعدائه، وفي نهاية العام الماضي، مثلا تمكن الجيش السوري من استعادة السيطرة الكاملة على حلب، ثاني أكبر مدينة في البلاد، بفضل القصف الجوي الروسي. بل يذهب المحلل إلى حد التأكيد على أن “النظام السوري ما كان ليصدم ويستمر لو انسحب الروس والإيرانيون”. ويستند في ذلك إلى رأي فريدريك بيشّون، الباحث المتخصص في سوريا والأستاذ بجامعة فريبورغ. 

ولكن ما الذي ينتظره الروس في المقابل؟ وما هي التنازلات الممكن تقديمها لشكرهم على الخدمات التي أسدوها لرأس النظام في دمشق؟ يستند المقال في الإجابة على هذا السؤال إلى رأي سيريل براي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة باريس، الذي يقول: “بتدخلها في سوريا، أرادت روسيا تعزيز تحالفها الإستراتيجي مع إيران، وضمان استمرارية قواعدها في سوريا”. 

ثم يضيف الخبير الفرنسي: “لم يكتف الروس بالحفاظ على مواقعهم الحيوية في سوريا بل هم يقومون حاليا بتوسعة قاعدة طرطوس، وتحديث قاعدة جابلي البحرية. وسوف يعطيهم السوريون كل ما يريدون”.

ماذا بعد اتفاق المصالحة؟ 

يوم 2 نوفمبر الجاري، نشرت صحيفة “لوتون” (تصدر بالفرنسية في لوزان) مقالا لمراسلها في تل أبيب بعنوان “السلطة الفلسطينية تستعيد السيطرة على قطاع غزة”، وأشار المراسل إلى أنه “كما كان متوقّعا، استعادت السلطات السيطرة على المعابر: معبر رفح على الحدود المصرية والمعابر الثلاثة الرئيسية بين القطاع والدولة العبرية وفقا لبنود اتفاق 12 أكتوبر الموقّع بوساطة من المخابرات المصرية”. وأشار التقرير كذلك إلى أن عملية تسليم المعابر تمت بحضور الجانب المصري، وفي الاثناء يجري العمل على عودة المراقبين الأوروبيين إلى معبر رفح لمراقبة ما يجري في نقطة العبور هذه في محاولة لطمأنة الجانب الإسرائيلي. 

كذلك تجري عودة السلطات الفلسطينية إلى غزة بتنسيق مع الجهة الإسرائيلية المعنية بالربط بين الدولة العبرية والأراضي الفلسطينية المحتلة. وبحسب صاحب المقال، فإنه “رغم هذا التنسيق، ليست هناك أي مؤشرات على أن إسرائيل سوف ترفع حصارها على القطاع، وربما استغرق ذلك بعض الوقت”. 

في نهايته، يتوقّف المقال عند الإعتداء الإسرائيلي الأخير الذي أودى بحياة 12 غزاويا (حتى كتابة هذا التقرير) بعد قصف الطائرات الإسرائيلية لنفق بصدد الإنشاء، في الوقت الذي كانت فيه السلطات الفلسطينية بصدد نشر جهازها الأمني في القطاع. وذكر المراسل بأن أغلب الملاحظين فهموا هذه الخطوة على أنها محاولة من إسرائيل لاختبار مدى صمود اتفاق المصالحة، وقال: “إن الفصائل الفلسطينية قد التقطت الرسالة، واكتفت بشجب العملية والتهديد، ولكن لم يتجاوز ذلك حدود الخطاب”. 

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية