مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

30 عاما في خدمة الإعلام السويسري انطلاقا من الشرق الأوسط

الصحفي السويسري أرنولد هوتنغر، صيف 2013 Thomas Kern

تعلَّـم السويسري أرنولد هوتنغر اللغة العربية وأصبح مراسلا لأهم صحيفة سويسرية في الشرق الأوسط بحكم الصدفة، لكنه يُـعتبر اليوم من الخبراء القلائل الذين أحسنوا معرفة واقع العالميْـن، العربي والإسلامي، وأنصفوا في نقل أحداثهما للقارئ الغربي، بعيدا عن الأفكار المُـسبقة والكليشيهات المترسّبة.

لم يكن مسار هوتنغر التعليمي يُرشِّـحه لكي يتحول “بعد العديد من الحوادث العارضة”، إلى عميد للمراسلين السويسريين في منطقة الشرق الأوسط، التي لم تكن تجلب اهتمام الإعلام السويسري بعد نهاية الحرب العالمية الثانية.

في المقابل، ساعده إتقانه للغة العربية، على العمل بكفاءة مراسلا لـ “نويه تسورخر تسايتونغ” (NZZ)، أهم صحيفة سويسرية ناطقة بالألمانية، وللعديد من وسائل الإعلام الأخرى، من بينها إذاعة سويسرا العالمية سابقا، على مدى أكثر من 30 عاما. فهذا الإعلامي المولود في عام 1926 في مدينة بازل من أب سويسري وأمّ فرنسية من ستراسبورغ، تخرّج من جامعتيْ بازل وزيورخ بشهادة دكتوراه في الأدب واهتم بحُـكم تخصّصه، باللغتين اليونانية واللاتينية.

لقد دفعه فضوله وحرصه على معرفة المزيد في مجال الأدب، إلى تعلّـم اللغة الإسبانية التي “كانت آنذاك من اللغات غيْـر المعتادة في سويسرا”. وبما أن أستاذه للغة الإسبانية كان من المتخصِّصين في علوم الفلسفة واللغة “الإسبانية القديمة”، التي تعود للحقبة الإسلامية في الأندلس، فقد اقترح عليه دراسة اللغة العربية أيضا إلى جانب الإسبانية، وكانت هذه البداية الفعلية لعلاقة أرنولد هوتنغر بالعالم العربي، التي توطدت عمليا بزيارة قام بها إلى تونس في عام 1946 بنصيحة من والدته، التي شجَّـعته على إتقان اللغة العربية في إحدى البلدان الناطقة بها.

أرنولد هوتنغر لم يكتف بإتقان اللغة العربية، بل تعرّف عن قُـرب عن واقع المجتمع العربي تحت الإحتلال أو الحماية الفرنسية، وكانت فرصة بالنسبة له كما يقول “للتعرف على حضارة تختلف عن حضارتنا في الغرب”، ويضيف: “كنت منذ صغري مهتَـما بوجود حضارات أخرى، ولكننا لم نكن نسمع عنها الكثير. فقد ترعرعنا في جوٍّ متقوقع على النظرة الأوروبية. وبزيارتي إلى تونس، اكتشفتُ مجتمعا مُغايرا ورغبت في معرفة وفهم كيفية سيره، ولماذا هو مختلف وما هي أوجُـه الإختلاف وما الذي يجمعنا به من الناحية الإنسانية”.

أوروبا تسمع لأول مرة عن الحرب الأهلية اللبنانية

رغب أرنولد هوتنغر، وهو السويسري المُولع بالدقة والتفاني، في تعزيز رصيده اللغوي بدراسة لهجات عربية مختلفة إلى جانب الفارسية، وذلك من خلال الإلتحاق بالمدرسة الوطنية للّغات الشرقية الحية في باريس.

بعد حصوله منها على مِـنحة للتعمُّـق في اللهجة اللبنانية، انتقل إلى بيروت في أوج أزمة قناة السويس (صيف 1956)، ما جعل بعض وسائل الإعلام السويسرية، التي لم يكن لها مراسل دائم في المنطقة، تعتمد عليه لتغطية هذه الأحداث بصورة مؤقتة. ومن بين تلك المنابر الإعلامية، صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ”، الرصينة التي تصدر منذ يناير 1780 في عاصمة المال والإعلام السويسرية.

  

بعد انقطاع مؤقت، وعقب عودته إلى سويسرا وضجره من مشاكل البحث عن مُدرِّس لمواصلة تعزيز رصيده اللغوي، استأنف هوتنغر مرة أخرى العمل الصحفي. وفي عام 1958، تزامنت عودته إلى بيروت مع وصول طلائع القوات الأمريكية وبداية الحرب الأهلية اللبنانية الأولى، ما سهَّـل عليه مباشرة مهمَّـة المراسل المؤقت، إذ يقول: “شرعت في سرد الأحداث والتعمُّـق في محاولة فهْـمها وعرضها على القرّاء، بعد بداية الإضطرابات الأولى في طرابلس. وكان لدى الناس رغبة في الإطلاع على تلك الأحداث، خصوصا وأنها كانت المرة الأولى التي يسمع فيها الجمهور في أوروبا عن هذه الحرب”.

إثر ذلك، دفعه تعلقه بأوجه المعرفة والحياة في العالم العربي، للعودة من إقامة بالولايات المتحدة في لوس أنجلس وشيكاغو، لكي يطلب من صحيفة “نويه تسورخر تسايتونغ” توظيفه كمراسل دائم في الشرق الأوسط، وهذا ما تم بالفعل واستمر لأكثر من 30 عاما.

لدى سؤاله عن ثورات الربيع العربي التي تهز المنطقة بعد أن أثارت موجة من التفاؤل في بدايتها، يقول أرنولد هوتنغر: “إنها ما زالت في طور الإنجاز ولا أحد بإمكانه التكهن بمصيرها لحد الآن. فهي مستمرة في تونس ببعض التعقيدات ولا أحد يعرف توجّهاتها، شأنها في ذلك شأن ما يحدث في مصر”، لكنه يرى أن “آمال الجمهور تم التعبير عنها، وهذا ما لا يمكن تجاهله، وهذه خطوة مهمة، حتى ولو أن مسار تطورها ما زال غير معلوم”.

على النقيض مما يراه البعض من منتقدي تيار الإخوان المسلمين، الذين وصلوا في عدة بلدان إلى السلطة، يعتبر هوتنغر أن “المسار الإنتخابي قد يستمر تحت سلطتهم، ولكنهم سيفقدون بعضا من نفوذهم وجاذبيتهم”. وبما أن الثورات هي عبارة عن “تغيير أيضا في العقليات”، فهذا يتطلب وقتا أطول وصبرا أكبر في نظره.

وبخصوص الحفاظ على المسار الديمقراطي، الذي أوصل التيارات الإسلامية إلى السلطة، يرى الصحفي السويسري أن “هناك في تيارات الإخوان المسلمين مَـن هم قادرون على إقامة مؤسسات ديمقراطية  إسلامية، مثلما هو الحال في تركيا”.

وفي معرض توصيفه للوضع الحالي في عدة بلدان، يقول: “إنه صراع يعمل على تقوية التيارين الراديكاليين من الطرفين، أما الغالبية القادرة على التعايش وعلى قبول الحلول الوسطى، فإنها ستعرف ضعفا مع الزمن، وهذا أمر غير مُفرح. وكلما استمرت الأوضاع بدون انتخابات جديدة، كلما زادت الأوضاع خطورة أكثر”.

انقلابات وحروب ومحاولات وحدة!

العالم العربي الذي اكتشفه أرنولد هوتنغر لدى وصوله إليه في نهاية خمسينيات القرن الماضي، كان عالما يطغى عليه التجاذب ما بين أنصار عبد الناصر ومعارضيه والصراع الأيديولوجي المحتدم داخل حزب البعث، وهو يرى أن “جمال عبد الناصر خرج مُنتصرا في حرب السويس، وبالأخص في مواجهة قوى عظمى، ولكنه عرف بعض الإنتكاسات بانهيار الوحدة مع سوريا”.

ويتذكر هوتنغر كيف أن سوريا “شهدت حتى سبعينات القرن الماضي، انقلابات متتالية… بدأت بمثابة لعبة سياسية، يتم بعدها إرسال جنرالات الإنقلاب كمستشارين عسكريين في الخارج، لكي تتحول مع أمين الحافظ ومن بعده عبد الحميد السراج، إلى صراعات أكثر قمعا ودموية، وتنتهي بالإنقسام بين حزب بعث ماركسي يساري وحزب بعث ذي توجه قومي انتقل إلى بغداد”، ثم يخلص إلى القول: “صمدت سوريا في وجه تقلُّـبات العصر الجليدي، ولكن الجمود في نظامها ظل قائما، وهو ما يعرف هذه الأيام انفجارا دمويا”.

شكلت بيروت منطلقا لزيارة أرنولد هوتنغر لعدة بلدان عربية وأشرك قُرّاءه في اكتشافها، كان من بينها العراق في عهد نوري السعيد (قبل حرب السويس) حيث “تحسّس التوترات القائمة بين البعثيين والشيوعيين”، قبل أن ينتقل الى إيران رفقة الحجاج العائدين من كربلاء.

أما زيارته لليمن، فكانت في عام 1963 عبر السعودية وبمناسبة الإطاحة بنظام الإمام بدر. ومن الطرائف ما حصل معه عند لقائه بالإمام قرب الحدود السعودية، حيث عرض عليه “تخصيص حراسة له لمرافقته إلى داخل اليمن، للتعرف على المقاومة التي يبديها أنصاره ضد مؤيدي الثورة”.  

في عام 1963، اكتشف بحُكم زيارة عائلية، المغرب الأقصى وتابع حرب الحدود التي دارت حينها مع الجزائر المستقلة حديثا. وحتى بعد القرار الذي اتخذته الصحيفة بعد حرب عام 1967 بنقلته لكي يصبح مراسلا انطلاقا من مدريد، واصل أرنولد هوتنغر زياراته للعالم العربي وتغطيته لأحداثه التي اتَّـسمت أولا بحالة اللاحرب واللاسِلم مع إسرائيل، لتصل في موفى السبعينات إلى إبرام اتفاقية السلام المفاجئة بين مصر وإسرائيل.

هوتنغر كان أيضا من بين القلائل الذين قاموا بتغطية الندوة الصحفية التي عقدها معمر القذافي في طرابلس إثر إطاحته بالنظام الملكي في عام 1969، ولا زال يتذكَّـر كيف كان العقيد الراحل “يستعين بعبد السلام جلود، عندما كان يتعذّر عليه الجواب على الأسئلة”.

نشاطاته السابقة سمحت له بمقابلة العديد من قادة المنطقة وربط علاقات وثيقة مع بعضهم، لكن بحذر، بحُـكم التجربة التي حصلت له مع الزعيمين اللبنانيين كميل شمعون وصائب سلام، التي قال عنها “إن القرب من هذه الشخصيات، يجعلك تتأثر بمواقف ودعاية طوائفهم، وهو أمر لا يمكن قبوله مِهنيا”. في المقابل، سمحت له علاقاته مع الصحفيين العرب بـ “التعرف على نظرة مغايرة للنظرة الأوروبية والأمريكية للأحداث”، كما كان “يستعين بمعرفتهم لتفاصيل ملفات كانوا لا يستطيعون نشرها”. 

أما أغرب حادث تعرض له أرنولد هوتنغر، فكان أثناء الحرب الأهلية اللبنانية الأخيرة (1975 – 1990)، عندما كاد أن يفقد الحياة بسب سوء تقدير، إذ وجد نفسه في خط التماس بين مقاتلي الشطر المسيحي والشطر المسلم في وسط بيروت، أثناء فترة هدوء لم تستمر طويلا. ولولا تدخّل جندي سوري واحتجازه في نقطة الجيش حتى سقوط الليل، لكان مصيره مثل مدني قتل الليلة السابقة في نفس المكان.

انحياز يُمليه الجهل والتشدّد الأيديولوجي  

قبل بداية حرب الأيام الستة في 5 يونيو 1967، سارعت إدارة نويه تسورخر تسايتونغ إلى نقل أرنولد هوتنغر للعمل كمراسل من إسبانيا، مع الإستمرار في الإهتمام بشؤون المنطقة العربية. ويبدو أن القرار اتخذ بسبب كتاباته عن العرب، ولاعتقاد المسؤولي في الصحيفة بأن “حرب يونيو وتفوق إسرائيل، سيضع حدّا للتقلبات في المنطقة”، وهو تقييم لم يكن يشاطره أرنولد هوتنغر، بل إن التطورات اللاحقة أكدته فعلا، مع بدء موجة اختطاف الطائرات وتفجيرها في عدد من المطارات العربية والغربية.

موقف جريدة نويه تسورخر تسايتونغ من الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي – حسب رأي أرنولد هوتنغر – هو وليد خلفية تاريخية وأيديولوجية، نظرا لأن “الصحيفة اليومية الناطقة بالألمانية إلى جانب صحيفة “دي فيلت فوخه” لم تقفا إلى جانب هتلر، وتحدثتا عن المحرقة. يُضاف الى ذلك، أن رئيس التحرير آنذاك، المدعو شترايف، كان من المجندين في ما يُسمى بحرب تحرير إسرائيل في عام 1948 وقد عايش التطورات من هذه الزاوية فقط”.

ويضيف هوتنغر أن النظرة التي كانت سائدة لدى هؤلاء تتلخص في أن “الطرف الآخر (أي العربي) لا وجود له. فهو عبارة عن صحاري وجمال لا غير، وأن الإسرائيليين قدموا للمنطقة وحوّلوها إلى جنة، وهذه الصورة لا تختلف عما كان سائدا في الفكر الإستعماري عن الشعوب الأصلية”.

وإذا كان مردّ هذا الموقف في البداية، الجهل والتزمّت الأيديولوجي، فإن استمراره لدى جريدة نويه تسورخر تسايتونغ “الموالية للموقف الأمريكي”، على حد زعمه يعود إلى “ظهور جماعات الضغط الموالية لإسرائيل، ولتحول إسرائيل الى قاعدة للنفوذ الأمريكي في المنطقة” حسب رأي أرنولد هوتنغر.  

المزيد

المزيد

أرنولد هوتنغر

تم نشر هذا المحتوى على وُلد أرنولد هوتينغر سنة 1926 في بازل شمالي سويسرا. وعمل من عام 1961 حتى 1991 مراسلا لصحيفة نويه تسورخر تسايتونغ التي تصدر في زيورخ في منطقة الشرق الأوسط والعالمين العربي والإسلامي انطلاقا من بيروت. كما اشتغل في وقت لاحق، مراسلا في مدريد، وأخيرا في نيقوسيا. تعاون مع عدد من المحطات الإذاعية، ونشر مقالات مُعمّقة في…

طالع المزيدأرنولد هوتنغر

التعمق في فهم الأشياء ونقلها للقارئ

الطريقة التي اختارها أرنولد هوتنغر لنقل ما يشاهده ويلمسه على عين المكان، تمثلت في تقديم وصف للأشياء كما هي، ويشير إلى أن الحديث عن أحداث “معيّنة” يتطلب الذهاب الى المنطقة ووصف الأشياء كما هي والتطرق لها أيضا انطلاقا من دمشق. لكن ذلك كان يتطلب حيزا كبيرا في الجريدة، وهو ما لم يعد متوفرا اليوم. أما الإستعانة بالصور، فلم تكن متوفرة آنذاك. يُضاف إلى ذلك، أن رئيس التحرير كان يردد على الدوام أن “ما يحتاجه قارئ الجريدة، هو المقال. أما من يرغب في رؤية الصور، فهناك مجلة illustrierte (الشعبية المصورة)”.

لم يكن القيام بعمل صحفي في ذلك الوقت بالأمر الصعب، إذ أن أقصى ما كان يتعرض له المراسل، هو رفض منحه تأشيرة الدخول. ويقول أرنولد هوتنغر “بما أن الأوضاع كانت كثيرا ما تعرف تغيرات مباغتة، فإن ما كان ممنوعا بالأمس، يصبح مسموحا به اليوم”.

ما حاول التميُّز به وبقي محافظا عليه طوال حياته المهنية، هو التعمق في فهم الأوضاع ومحاولة شرحها للقارئ، وكما يقول: “كانت هناك تغطية للوكالات، ولكنها تغطية سطحية تقتصر على الحدث. لكن الحيثيات والخلفيات، كانت تفتقر إليها الغالبية، مما يجعلها تحكم على أبناء المنطقة أنهم غريبو الأطوار وغير متحضرين ولا يمكن توقع تصرفاتهم، وهو ما يجعل أي حديث عن الأوضاع في المنطقة أكثر تعقيدا”. وكأديب، استعان أرنولد هوتنغر “بقراءة التاريخ والتاريخ الثقافي للمنطقة ومدى تأثير وتأثر المنطقة بالحقبة الإستعمارية… ومدى تأقلمها مع التطورات التاريخية، مثلما فعلت تركيا للحفاظ على خصوصيتها”.

يقول هوتنغر، الذي قدِم للمنطقة لمحاولة فهمها ونقل ذلك للقارئ، إنه استطاع اكتشافها من خلال ثقافتها ومؤلفات بعض من كبار أدبائها الذين حاول ترجمة بعض منهم، ويقول: “مؤلفات الأدباء الكبار تعكس دوما جانبا من ثقافة المنطقة”، لكنه تعلّم الكثير من مشاهدة الناس العاديين، إذ يعتبر أن “لهم خصوصيتهم كما يُولون أهمية كبرى للقيم العائلية ويتمسكون، على الأقل بالنسبة للأجيال السابقة، بالثقافة الشفهية. أما الكتابة، فما هي إلا دعم لما هو محفوظ في الذاكرة”. ومع أنه يعتبر نفسه من المستشرقين، إلا أنه حاول الإبتعاد عن أسلوبهم “القائم على الحُكم على الأشياء، انطلاقا من النظرة الأوروبية أو انطلاقا من نظرة تقهقر الحضارات”.

وعما إذا كان قد أسهم من خلال عمله وكتاباته في توضيح هذا الواقع للقارئ السويسري والتخفيف من الأحكام المُسبقة الرائجة عن المنطقة العربية، يجيب هوتنغر بكل تواضع: “لقد كانت هناك محاولة، ولكن تأثيرها بقي في حدود ضيقة”. ويستشهد على ذلك، بما حصل في مبادرة حظر بناء المزيد من المآذن في سويسرا (نوفمبر 2009)، ذلك أن “كتاباته كانت موجهة للنخبة المثقفة وهذه النخبة منفتحة وواعية، ومن يخاطبها كمن يخاطب شخصا مقتنعا بتلك الأفكار”. وينتهي إلى أن “تغيير منطق وعقلية شعب بأكمله، أمر يتطلب الكثير والكثير من الوقت”.

عطاء مستمر

لم يتوقف أرنولد هوتنغر، الذي أحيل على التقاعد رسميا كمراسل في الشرق الأوسط منذ عام 1991، عن العطاء بمواصلة تقديم أفكاره وتحاليله لأوضاع المنطقة العربية والاسلامية، من خلال المحاضرات والندوات ومن خلال بعض المقالات التحليلية في عدد من الصحف السويسرية والأجنبية. وقبل بضع سنوات، اختار المشاركة بكتاباته المجانية في “جورنال 21″، وهي منصة إعلامية افتراضية تجمع مُعلقين ومراسلين من بلدان مختلفة، مخضرمين وغيورين على العمل الصحفي الجاد والبعيد عن ترويج الأفكار المسبقة أو التغطية السطحية للأحداث.

وتقديرا لهذا الإجتهاد، تم تكريمه في عدة مناسبات بمنحه شهادة الدكتوراه الفخرية من جامعة بازل في عام 1991 ومن جامعة برن في عام 2003، وكان أحدث تكريم له في شهر أبريل 2013 حيث تحصل على جائزة مؤسسة راينهارت فون غرافنريد في مدينة برن.

وحسب رأي أرنولد هوتنغر، فإن ما يُؤسف له بالنسبة لمهنة الصحافة عموما وفي سويسرا بالخصوص، هو هذا التوجه نحو معاملة الإنتاج الصحفي من منظور تجاري، حيث يقول: “إن ما يجد رواجا أكثر اليوم، هو العمل الهادف لترسيخ الأفكار المُسبقة، وليس العمل الرامي لمحاربتها. وإن أكبر خطإ يرتكبه الصحفيون الجدد في المهنة، هو السير في هذا الإتجاه، أي ترسيخ الأفكار المُسبقة من أجل الحصول على اعتراف سريع”. وفي زمن الإنترنت، يحذر هوتينغر أيضا من “مخاطر الإعتماد على مصادر الشبكة دون الرجوع الى الخبراء للتحقق من صحتها (أي الأخبار)”.    

لم يتميز أرنولد هوتنغر فقط  بمقالاته وتحاليله وتحقيقاته الصحفية عن معظم بلدان العالم العربي، بل بنشره أيضا للعديد من الكتب، إما من تأليفه أو كترجمات لمؤلفات كتّـاب عرب ومسلمين.

من مؤلفاته:

1958: محاولة لتقديم كتاب كليلة ودمنة باللغة العربية – الإسبانية القديمة

1960: العرب، مصيرهم وعلمهم وتطورهم وأزمة الحضارة العربية لديهم.

1962: العنصر الشعبي في الأدب الإسباني المعاصر

1967: فلاحون وموظفون – أساليب التنمية في الشرق الأوسط

1970: مقالات عن الشرق الأوسط في سلسلة من عشر حلقات، تم تجميعها في كتيِّـب عام 1988.

1971 : البلدان العربية في شمال إفريقيا

1976: إسبانيا – تاريخها بالنص والصورة

1985: مصر (بالاشتراك مع باربارا بيغلسباخر)

1988: العرب في مواجهة مستقبلهم – تاريخ وتعقيدات اتباع نمط الحياة الغربية

1990: الجار الغريب

1991: الشرق الأوسط – برميل متفجرات، حديث مع إيريك غيسلينغ

1991: الله اليوم

1993: الأصولية الإسلامية

1993: عُـمان: بخور وبترول

1995: عرب إسبانيا: الثقافة العربية في إسبانيا.

1998: أكبر العظيم (1542-1605)، حاكم الهند عبر التآخي بين الأديان

2000: الديمقراطية في العالم الإسلامي

2004: العالم الإسلامي، الشرق الأوسط، تجربة ولقاءات وتحاليل

2008: البلدان الإسلامية، التاريخ والتقاليد والتطور نحو العصرنة

كُـتب عربية ترجمها إلى اللغة الألمانية:

1983: “بونابارت في مصر” للمؤرخ عبد الرحمن الجبرتي (1745-1829)

1979: “الفرج بعد الشدة” للتنوخي.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية