مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

سويسرا تُواصل لعب دور “الوسيط الحميد” بين واشنطن وطهران

يتوّج الإتفاق النووي بين إيران والقوى العظمى 12 عاما من المفاوضات الماراطونية التي استضافتها العديد من المدن في العالم مثل جنيف ولوزان ونيويورك وفيينا،.... AFP

رغم الجهود الدبلوماسية الجارية، من المرتقب أن يتسع دور سويسرا ويتعزّز من خلال رعايتها للمصالح الامريكية في إيران، في وقت تستعد فيه الجمهورية الإسلامية للإنخراط من جديد في المجتمع الدولي، يوضّح دبلوماسي سويسري رفيع المستوى.

إيف روسييه، كاتب الدولة بوزارة الخارجية، عاد قبل فترة وجيزة من طهران بعد أربعة أيام من المحادثات السياسية مع وزراء ومسؤولين إيرانيين. وكشف مكتبه أن تلك المحادثات أسفرت عن تحديد “الخطوات المقبلة من الحوار الثنائي بشأن ملفيْ العدالة وحقوق الإنسان”. 

swissinfo.ch:  ماذا تقصدون بالضبط عندما تقولون إن سويسرا وإيران اتفقتا على “الخطوات المقبلة” في حوارهما بشأن العدالة وحقوق الإنسان؟

 إيف روسييه: هناك رغبة واضحة من إيران في العودة إلى المجتمع الدولي، وهذا له علاقة بالعديد من القضايا تمتد من الاقتصاد إلى حقوق الإسنان. 

وتجري سويسرا محادثات بشأن حقوق الإنسان مع بلدان أخرى عندما يتوفّر شرطانن: أوّلا أن يكون هذا في سياق تحسين أوضاع حقوق الإنسان على المستوى العالمي، وأن نكون قادرين على مناقشة القضايا التي تبدو لنا أكثر أولوية وأهمية.

في الماضي، كان لنا حوار مماثل مع إيران حول موضوع حقوق الإنسان والعدالة، لكنه توقّف لأنه لم يحرز أي تقدّم. هذه المرة بلغتنا إشارة واضحة بأنهم يريدون استئناف هذا الحوار، واتفقنا على القضايا التي يجب ان يتناولها: حرية التعبير، وعقوبة الإعدام. إنها ليست أكثر من إشارة، ولكنها إشارة إيجابية. هي محاولة وتستحق أن نخوضها.

swissinfo.ch: ما هو الإطار الزمني للمحادثات في المرة القادمة؟

إيف روسييه: لم نضع أي جدول زمني محدد لبداية هذه المحادثات، ولكن سنشرع في ذلك قريبا. الاجتماع الأوّل سيكون على مستوى الخبراء لوضع شروط وإطار هذه المحادثات. ستكون هناك عبارة عن ورقة حكومية، ثم عقب ذلك يبدأ الحوار. من المنتظر أن يكون هناك اجتماع أو اجتماعيْن في السنة، بالتوازي مع التعاون متعدد الاطراف على مستوى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف.  

إيف روسييه، كاتب الدولة بوزارة الخارجية. Keystone

هل أثارت إيران في المقابل “أي من القضايا” حول سياسات سويسرا تشعر تجاهها بالقلق مثل حظر بناء “مآذن جديدة” مثلا؟

إيف روسييه: أبدا على الإطلاق. التقينا محمد جواد لاريجاني، رئيس مكتب حقوق الإنسان في إيران، والذي له دور كبير على مستوى النظام القضائي هناك. اتفقنا على بدء مناقشات، لذلك من المحتمل جدا انه سيتم التطرّق لبعض القضايا الأخرى، ولكن لا يوجد أي شيء من ذلك الآن.

swissinfo.ch:  صرّح وزير الخارجية ديديي بوركهالتر أن سويسرا سوف تعيد النظر في العقوبات الإقتصادية المفروضة على إيران، إلا أن الخطوات المقبلة في هذا المضمار سوف تتحدّد بعد عودتك من طهران. هل المناقشات هي حول رفع جميع العقوبات – التي تتضمّن تجميد حسابات مصرفية في البنوك السويسرية، وحظرا على تجارة الأسلحة، والتجارة في الغاز والبتروكيمياويات، والألماس – أم هي حول رفع جزئي فقط؟

إيف روسييه: هذا الأمر يجب أن تبت فيه الحكومة السويسرية. هناك مرحلتان: الاولى من الآن وحتى بدء تنفيذ الإتفاق. وتأتي هذه المرحلة بعد أن تصدر الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرها، والذي سيكون في النصف الأوّل من شهر ديسمبر المقبل.

إذا كان كل شيء على ما يرام، سوف يكون هناك قرار من مجلس الأمن الدولي في نهاية عام 2015 أو بداية 2016. وهكذا، حتى ذلك الحين، العقوبات التي فرضها الإتحاد الأوروبي أو الولايات المتحدة على إيران لن يتم رفعها بالكامل. المرحلة الثانية، سوف تبدأ بعد رفع العقوبات، والعودة إلى الوضع الطبيعي. 

اتبعت سويسرا سياسة عقوبات مستقلة. كنا نفرّق بين العقوبات التي تستهدف الإقتصاد الإيراني بشكل عام، والتي لم نتبناها، وتلك التي تستهدف بشكل مباشر البرنامج النووي الإيراني، وهذه الأخيرة اعتمدناها. 

المزيد

المزيد

مستثمرون سويسريون يرحبون بالإتفاق النووي الإيراني

تم نشر هذا المحتوى على ينتظر قادة الأعمال السويسريون بفارغ الصبر استئناف المبادلات التجارية مع إيران، وذلك بعد الإتفاق النووي الذي يمهّد الطريق لرفع العقوبات المفروضة على طهران. (RTS/swissinfo.ch)

طالع المزيدمستثمرون سويسريون يرحبون بالإتفاق النووي الإيراني

swissinfo.ch:  إذن ما المرجّح أن يحدث الآن؟

إيف روسييه: توجد سويسرا في وضع خاص جدا. فقبل سنتيْن أو ثلاث لم يكن هناك أي تواصل او محادثات بين إيران والولايات المتحدة. الآن، تغيّر الوضع، لقد تكلما مع بعضهما البعض مطوّلا، وقطعا شوطا طويلا من العمل الدبلوماسي الناجح جدا في رأيي. وسويسرا مستعدّة لمواصلة عملها في تيسير التواصل بين هذيْن البلديْن، والتوصّل إلى حل للأزمة، وتهيئة الاوضاع لعودة إيران إلى وضعها الطبيعي على الساحة الدولية.

ما هو أهمّ من ذلك في نظري، هو كيف يمكننا تعزيز دور سويسرا الحالي. والحفاظ على الثقة التي تحظى بها لدى الجهتيْن: الولايات المتحدة وإيران. كيف يمكننا مرافقة هذا التغيير، وتسهيل هذه العملية برمّتها؟

هذا هو كل ما عليه الأمر، وليس ما إذا كانت العقوبات سترفع الآن، ام غدا، أو في غضون شهر أو نصف سنة. إنها تتعلّق بالأساس بإعداد فترة ما بعد رفع العقوبات.

swissinfo.ch:  أي مساعدة تستطيع سويسرا تقديمها على وجه التحديد؟

إيف روسييه: طوّرت إيران اقتصاد عقوبات قائم الذات، لكنه يعمل بفعالية أقل، وبتكلفة أكبر. وهناك فجوة كبيرة في مجال الخبرات. والكثيرون في إيران لديهم تعليم جيّد لكنهم يفتقرون إلى الخبرة، والعمل مع العديد من الشركاء، خاصة من البلدان الغربية، بسبب العقوبات. و60% من الطلبة في الجامعات الإيرانية من النساء. خاصة في مجال العلوم الطبيعية وعلوم الهندسة.

لقد سألنا كيف يمكننا المساعدة. ووضعنا آليات معيّنة خلال مرحلة الإتفاق المؤقت، مثل رفع التجميد على جزء من الاموال الإيرانية لصرفها إلى أغراض انسانية، مثل اقتناء الأدوية، على سبيل المثال.

وهناك آليات قائمة بموافقة الطرفيْن. ولن نفعل أي شيء ليس متفقا عليه من الجانبين. وقبل كل شيء نحن في خدمة الجهتيْن، والأمر متروك إليهما لكي يقولوا لنا ما الذي نستطيع أن نفعله، ولقد تلقينا بعض التلميحات في هذا المجال، ونحن بصدد العمل على ذلك. ولكن لا أستطيع أن أتحدث بتفصيل أكبر في هذه المرحلة. 

swissinfo.ch:  كجزء من سياسة “المساعي الحميدة”، كانت سويسرا راعية المصالح الأمريكية في طهران منذ سنة 1980. هل كان هناك أي حديث مع إيران حول وضع حد لهذا الدور، خصوصا إذا كانت الولايات المتحدة تنوي إعادة علاقاتها الدبلوماسية مع إيران؟

إيف روسييه: لا، هذا لم يحدث. وهذه الولاية من شأنها أن تكون عاملا مساعدا عندما يحين موعد استئناف العلاقات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة وإيران. ولكن هذا ليس على جدول الاعمال حتى الآن. وهذه القضية سوف تكون ذات دلالة رمزية كبيرة، لكنه امر لم يُذكر لا من طرف الإيرانيين ولا من طرف الأمريكيين. على المستويْين القصير والمتوسط، نتوقّع تعاظم الدور السويسري وليس العكس.

تنفيذ الإتفاق النووي هو الشيء الاكثر إلحاحا في الوقت الحالي. ثم ثانيا، ما سيعقب رفع العقوبات، ليس فقط على المستوى الإقتصادي، بل وكذلك انعكاسات ذلك على المستوى السياسي، وعلى مستوى الأمن الإقليمي. هناك العديد من القضايا التي سوف تشغل اهتمامنا، وهي أكثر إلحاحا من السؤال النظري المتعلّق باستئناف العلاقات الدبلوماسية. 

اتفاق تاريخي

جاءت المحادثات التي أجراها كاتب الدولة بوزارة الخارجية السويسرية في طهران في أعقاب التوصّل إلى الإتفاق النووي يوم 14 يوليو 2015 بين إيران والقوى العظمى (الولايات المتحدة، الصين، بريطانيا، روسيا، فرنسا زائد ألمانيا).

الإتفاق الجديد يقضي بتحجيم برنامج إيران النووي في مقابل رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي، على الجمهورية الإسلامية، والتي أعاقت بشدة التنمية الإقتصادية للبلد.

يُتوج الإتفاق 12 عاما من المفاوضات الماراطونية، شاركت في استضافتها العديد من المدن السويسرية منها جنيف ولوزان. وتحظى سويسرا باهتمام خاص في إيران لكونها كانت الدولة الراعية للمصالح الامريكية في طهران لمدة 35 عاما.

(نقله من الإنجليزية وعالجه: عبد الحفيظ العبدلي)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية