مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات
اقتراعات 13 يونيو.. خمسُ قضايا تثير سجالات دولية طرحت على التصويت

مُنتقدون يفرضون إجراء تصويت وطني لكبح سياسة الحكومة بشأن الجائحة

مجموعة من البرلمانيين ينظرون إلى بعض الملفات
في شهر سبتمبر 2020، وافق البرلمان السويسري على ما سُمّي بـ "قانون كوفيد"، وقد تم إدخال تعديلات إضافية عليه منذ ذلك الحين. Keystone/Anthony Anex

في منتصف يونيو القادم، ستكون السلطات التي مُنحت للحكومة السويسرية وخوّلتها وضع قيود على سير الحياة العامة في أعقاب انتشار جائحة كوفيد-19 مطروحة على جدول أعمال الاقتراع على المستوى الوطني. فقد أطلقت مجموعة من المواطنين استفتاء وطنيا لمعارضة ما عُرف بـ "قانون كوفيد" الذي سبق أن أقره البرلمان الفدرالي ودخل حيز التنفيذ في شهر سبتمبر 2020.

إنّ المخاوف المتزايدة بشأن الدور الحالي والبارز للسلطة التنفيذية على المستوى الوطني ضمن نظام البلاد الفدرالي والمعتمد للديمقراطية المباشرة، هي ما يحرّك هذه الحملة، فضلاً عن الشكوك القائمة بشأن سياسة التطعيم التي وضعت الحكومة خطتها.

سويسرا هي أول دولة في العالم تمنح مواطنيها حقّ التعبير عن الرأي بشأن الأساس القانوني للتعامل مع أزمة كوفيد. من المقرر أن يتم التصويت على “قانون كوفيد” في 13 يونيو المقبل إلى جانب أربع قضايا أخرى.

ما الذي يُوجد على المحكّ؟

في سبتمبر 2020، وافق البرلمان السويسري على قانون يغطي مجموعة واسعة من الإجراءات التي تهدف إلى مكافحة انتشار جائحة كوفيد – 19.

وكان التشريع، الذي اشتمل في بداية الأمر على أربعة عشر مادة منفصلة، يهدف إلى وضع أساس قانوني متين لحوالي ثمانية عشر قرارًا اتخذتها الحكومة دون مشاركة منتظمة من البرلمان، وذلك في الفترة الفاصلة بين منتصف شهري مارس ويونيو 2020.

تجدر الإشارة إلى أن هذا القانون قد تم تعديله عدة مرات منذ ذلك الحين.

تتضمن هذه القرارات الحكومية تخصيص دعم مالي يزيد عن 30 مليار فرنك للشركات والأفراد المتضررين من القيود المفروضة للحد من انتشار الوباء.

كما أنها تتطرق إلى مجالات أخرى، لا سيما النفقات الصحية (توفير الكمامات، والاستثمار الحكومي المحتمل في إنتاج اللقاحات، و”جواز سفر” صحي مُوحّد)، وحماية العمال، وإيقاف اللجوء وإغلاق الحدود، والحد من التظاهرات الثقافية، والنشاطات الرياضية. كما تتعلق تلك القرارات أيضاً بحقوق المواطنين ووسائل الإعلام.

مع العلم أن صلاحية القانون محدودة زمنياً، بحيث ينتهي العمل به في نهاية عام 2021، وهو يوفر أساسًا قانونياً للحكومة لإعادة تطبيق قانون الحالة الاستثنائية إذا ما لزم الأمر، ولكن فقط بعد التشاور مع البرلمان والسلطات المحلية في الكانتونات البالغ عددها ستة وعشرين، ومنظمات أرباب العمل والنقابات العمالية.

في حال تم رفض هذه القانون من قبل الناخبين والناخبات في صناديق الاقتراع، يصبح القانون، بما في ذلك تعديلاته، لاغيا في غضون ثلاثة أشهر، أي ابتداء من شهر سبتمبر 2021. وذلك لأن التدابير الحالية مغطاة بموجب قانون الحالة الاستثنائية الذي تقتصر صلاحيته على اثني عشر شهرا.

ما هي الحُجج الرئيسية للمُعارضين وللمُؤيّدين؟

يجادل المعارضون بأنه لا ضرورة لمثل هذا القانون، حيث أنّه يمكن تطبيق معظم الإجراءات دون منح الحكومة سلطات خاصة. كما أنهم قلقون من احتمال أن يُشكل القانون سابقة في المستقبل، مما قد يسمح للحكومة بفرض حكم استبدادي.

بصرف النظر عن هذه المبررات العامة للرفض، هناك أيضًا شكوك أساسية تجاه سياسة التطعيم التي تعتمدها الحكومة، حيث يتهم نشطاء السلطات بتجاهل المخاطر الصحية المحتملة، والتي قد تنجم عن جرعات التطعيم. كما أن جزءًا من المعارضة يتعلق أيضًا بالاحتجاج على ما تم تسميته من باب الإدانة بالإجراءات “التعسّفية” لمكافحة جائحة كوفيد – 19.

العلم السويسري ومتظاهرون يرتدون ملابس بيضاء
Keystone/Georgios Kefalas
مجموعة من المتظاهرين
Keystone/Urs Flüeler

يُجادل المعارضون والمعارضات بأن العدد المحدود للوفيات جرّاء الوباء لا يبرر الإغلاق المؤقت للمتاجر والمطاعم أو القيود المفروضة على حرية التجمع أو الالزام بارتداء الكمامات.

في المقابل، يرى المؤيّدون أن القانون يمثل خطوة ضرورية، وأنه يتماشى مع البند المذكور في القانون الفدرالي للأوبئة، الذي ينص على أن الإجراءات الاستثنائية التي تتخذها الحكومة يجب أن تُعرض على البرلمان لمناقشتها في غضون ستة أشهر.

كما يُجادلون بأن العملية تمنح شرعية ديمقراطية إضافية لإجراء سياسي وتوفّر شعوراً باليقين لدى السكان والشركات.

في الواقع، تتميز هيكلية النظام السياسي في سويسرا بتقسيم السلطات بين تنفيذية وتشريعية وقضائية وباستنداده للحكم الفدرالي الذي يمنح للكانتونات (وإلى حد ما أيضًا للبلديات) سلطات تتميز بدرجة كبيرة من الاستقلالية عن الحكومة الوطنية.

ما هو سبب طرح هذا القانون على التصويت الشعبي العام؟

نجحت العديد من اللجان المتركبة من مواطنين ومواطنات، بما في ذلك مجموعة “أصدقاء الدستوررابط خارجي“، في جمع ما يزيد قليلاً عن 90 ألف توقيع لفرض إجراء استفتاء على القانون الذي سبق أن وافق عليه البرلمان الفدرالي في شهر سبتمبر 2020.

الجدير بالذكر أن القانون مُطبّق بالفعل، بل أدخلت عليه تعديلات منذ العام الماضي، في حين أن إطلاق الاستفتاء يعني في العادة التأخير في بدء تنفيذ القانون، كما أن الرفض اللاحق في صناديق الاقتراع يؤدي إلى نقض قرار البرلمان.

بموجب نظام الديمقراطية المباشرة المعمول به في سويسرا، يُمكن الطعن في القرارات البرلمانية واخضاعها للتصويت الشعبي على الصعيد الوطني إذا تمّ جمع ما لا يقل عن خمسين ألف توقيع صحيح في غضون مائة يوم من تاريخ موافقة البرلمان على القانون المعني.

خصوصية سويسرية؟

سويسرا هي أول دولة في العالم تطرح تشريعات تم سنّها بخصوص الجائحة التي نجمت عن انتشار فيروس كورونا للتصويت على المستوى الوطني، فمثل هذا الاستفتاء هو جزء لا يتجزأ من نظامها السياسي، الذي يمنح المواطنين والمواطنات خيار استخدام حق النقض ضد قانون ما أو تعديل تشريعي مُعيّن.

بالفعل، ليس هناك تصويت سابق في التاريخ السويسري الحديث يُمكن مقارنته مباشرة بالاستفتاء القادم. ولكن يمكن رسم بعض أوجه التشابه مع استفتاء أجري عام 2013 على القانون الفدرالي للأوبئة المعدل و مع مبادرة شعبية أطلقت سنة 2005 من أجل حظر استخدام الكائنات المعدَّلة وراثياً في الزراعة.

يقول خبراء في العلوم السياسية إن التصويت على “قانون كوفيد” يمتلك حظوظا عالية لجذب أصوات احتجاجية مناهضة للحكومة، لا سيما من طرف المواطنين المتأثرين بشكل مباشر بالقيود التي فرضتها الجهات الرسمية.

ومن المنطقي القول بأن هذه المسألة ستكون في طليعة القضايا الخمس المُدرجة على جدول الأعمال في 13 يونيو المقبل، إلى جانب استفتاء آخر ضد إصلاح مقترح لقانون ثاني أكسيد الكربون.

من هم المُؤيّدون والمُعارضُون؟

تشكلت اللجنة التي كانت وراء الاستفتاءرابط خارجي العام الماضي فقط، وأطلقت الحملة الخاصة بها وجمعت أكثر من العدد اللازم من التوقيعات في غضون فترة زمنية قصيرة جدًا لفرض إجراء تصويت وطني على “قانون كوفيد” وأيضًا على قانون منفصل ينظم عقوبة الاحتجاز الوقائي للإرهابيين المُشتبه بهم.

في الواقع، كان نجاح المجموعة التي ليس لها انتماء سياسي واضح بمثابة مفاجأة لكثير من المراقبين السياسيين. ويتردد أن عدد أعضائها يُناهز الألفيْ شخص وأن بعضهم يتعاطف مع النظريات السرية والغامضة.

وخلال المناقشة التي شهدها البرلمان في سبتمبر 2020، عارضت أغلبية من نواب حزب الشعب السويسري (يمين محافظ) القانون في مجلس النواب (الغرفة السفلى للبرلمان)، إلّا أنه من الواضح أن الأحزاب السياسية الأخرى كان عدد نوابها يفوق المجموعة اليمينية. أما الغرفة العليا للبرلمان الفدرالي (مجلس الشيوخ) فقد وافقت بالإجماع على القانون.

عموما، لم يوص أي من الأحزاب السياسية الرئيسية الناخبين برفض القانون في اقتراع 13 يونيو، فيما امتنع حزب الشعب السويسري عن اتخاذ موقف بهذا الشأن.

في السياق، توصلت دراسة استقصائية أجرتها مجموعة “سوتومو” Sotomo البحثية بتكليف من هيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية مؤخرًا، إلى أن الغالبية العظمى ممن تم استجوابهم يؤيّدون تعامل الحكومة مع أزمة كوفيد، إلا أن حوالي 30% منهم قالوا إن لديهم ثقة “ضئيلة” أو “ضئيلة جدًا” بها.

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه: ثائر السعدي)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية