مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

“العراق على طريق التغيير السلمي” … لكن مشاكل البلد لا حدود لها

صفحات أولى لست صحف يومية سويسرية
هذا الأسبوع، تناولت الصحف السويسرية بالتحليل التداعيات المرتقبة لقرار إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقف تمويلها لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (أونروا). swissinfo.ch

استأثر العراق بتغطية الصحف السويسرية للشأن العربي في الأسبوع المنصرم. وانصبّ الإهتمام تحديدا على الانتخابات الأخيرة في كل من بغداد وكردستان، والمخاطر التي باتت تحدّق بحياة شخصيات نسائية عراقية مؤثرة. 

بالنسبة لموضوع الإنتخابات العامة في العراق، كتب كريستيان فايسفلوغ في زاوية “الرأي” مقالة له في صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ الصادرة يوم الجمعة 5 أكتوبر بدأها بالقول: “يبدو أنّ هناك مفاجآت سارّة من الشّرق الأوسط”. ثمّ انتقد الصّحفي قرار جورج بوش في حربه على العراق لنشر الحريّة هناك، على أمل أن تؤدّي الحريّة بالتّالي إلى السّلم، ويرى أن ما أدّت إليه الحرب قبل 15 عاماً هو المزيد من الحروب الطّائفيّة والعرقيّة.  

العراق على طريق التغيير السلمي

لكن المفاجأة السارة بالنسبة للكاتب هو نجاح العراق في نقل السّلطة بطريقة سلميّة، فبعد شكوك كبيرة في نجاح الانتخابات في شهر مايو الماضي، استطاعت القوى السّياسيّة في العراق والشعب العراقي يوم الثّلاثاء 2 أكتوبر تقرير مصير الرّئاسة بفوز برهم صالح الكرديّ الأصل بأغلبيّة ساحقة. وقام الرئيس المنتخب صالح في غضون ساعة واحدة فقط بتكليف عادل عبد المهدي الشّيعيّ المذهب بمهمّة تشكيل الحكومة. 

وتجري العادة في العراق، بحسب تعبير فايسفلوغ، على أن يكون من يتولّى منصب رئاسة الجمهوريّة من أصل كرديّ، أما منصب رئاسة الحكومة فيشغله شخص من أصول شيعيّ، في حين تكون رئاسة البرلمان من حظ سياسي من أصل سنيّ، وبما أنّ الأكراد لم يتّفقوا هذه المرّة على مرشّحهم لرئاسة الجمهوريّة، قام البرلمان العراقيّ باختيار صالح كمرشّح للمنصب. 

لكن هذا النجاح، لا يغمض عينيْ الصّحفي كريستيان فايسفلوغ، عن الصّعوبات المعروفة التي يواجهها العراق هذه الأيام، من شعور بعض الفئات في المناطق السّنيّة بعدم التّقدّم في إعادة إعمار المناطق التي كانت تحت سيطرة تنظيم الدّولة، وغضب الأغلبيّة الشّيعيّة جنوب العراق، حيث المياه الملوّثة والكهرباء المنقطعة، ما أدّى في الأسابيع الماضية إلى اندلاع بعض الإحتجاجات، هذا على الرغم من تشديد الصحفي السويسري على أهميّة الانتقال الدّيمقراطيّ للسلطة في العراق، ويرى أنّ هناك بصيص أمل على الأقل بأن “يجد العراق عبر الحريّة طريقه إلى السّلام”.

الخبز والإصلاحات قبل الإستقلال

في مقال ثان، عالجت صحيفة نويه تسورخر تسايتونغ ولكن هذه المرة يوم 1 أكتوبر الجاري، وضع الانتخابات البرلمانيّة في كردستان العراق، التي سيتوقّف عليها تشكيل الحكومة ليس فقط في أربيل ولكن أيضاً في بغداد، بحسب إنغى روغ التي كانت متواجدة على عين المكان خلال الإقتراع، ونقلت عن النّاخبين والنّاخبات خيبة أملهم وتراجع حماستهم للأحزاب السّياسيّة المسيطرة هناك، وهما “الحزب الديمقراطي الكردستانيّ” و”الحزب الوطنيّ الكردستانيّ”. ويرى النّاخبون أن هذه الأحزاب – وفق ما نقلته الصحيفة السويسرية – “لم تفعل شيئا للشّعب”، وأنّه يجب على الحكومة المستقبليّة تأمين المساواة بين المواطنين وأيضاً توفير فرص العمل لهم.. “هذا أهمّ من الإستقلال” بحسب ما نقلته الصّحفيّة عن إحدى النّاخبات في اربيل. 

وتعيش كردستان العراق حالة من الجمود لأسباب منها انخفاض أسعار النّفط والنزاعات مع الحكومة في العراق بشأن الميزانية والفساد المنتشر والحرب على تنظيم الدولة، وتوقّف الإزدهار وعدم استكمال المشاريع وتأخر الأجور لشهور عدة، وزادت حدّة الأزمة مبادرة الإستقلال في العام الماضي، التي أدّت إلى “مواجهة حصار على المنطقة من طرف أنقرة وطهران وبغداد”، كما تقول الصّحفيّة.  

أمّا الآن، فقد هدأت الأمور بعض الشيء بين بغداد وأربيل، بحيث أصبح بإمكان الأكراد إصدار التأشيرات بأنفسهم وفتحت المطارات بوجه رحلات الطّيران الدولي، ولكن الحكومة خسرت بسبب تلك الأزمة أكثر من مصدر دخل مهمّ. لكن هذا لا يعني أنّ الحزب الديمقراطي الكردستاني ينوي التّخلي عن المطالبة بالاستقلال، فبحسب أحد المرشّحين للحكومة في أربيل “سيعتمد الحزب على الأغلبيّة في البرلمان من أجل الحوار مع بغداد من أجل الإستقلال”، دائما وفق ما نقلته الصحيفة. 

عموما، يرغب أغلب الناخبين، حتى من بين من يدعم المطالبة بالإستقلال وينتخب الحزب الديمقراطي الكردستاني، في أن تنجز الحكومة قدرا من وعودها وقبل كلّ شيء على مستوى خدمات البنية التّحتيّة كالكهرباء والماء وغيرها. وختمت إنغى روغ مقالتها بالحديث عن تنظيم صناديق الاقتراع والمشاركة القليلة بالإنتخابات. 

موسم اصطياد الرؤوس

هذا ما ورد في تقرير نشرته صحيفة “24 ساعة” الناطقة بالفرنسية والصادرة في لوزان في عددها ليوم الجمعة 5 أكتوبر. والذي يشير إلى المصير الأسود الذي باتت تواجهه عراقيات يعملن في مجال عمليات التجميل، والناشطات المدافعات على حقوق الانسان، وعارضات الأزياء، والمدوّنات، وما شابهها من أنشطة. ويتوقّف التقرير عند العديد من حالات القتل والتهديد التي حصلت في العراق في الأشهر الأخيرة كحالة ملكة جمال العراق لعام 2015، شيماء قاسم (25 عاما)، التي نشرت مؤخرا تسجيلا مصوّرا تؤكّد فيه تلقيها لتهديدات جدية بالقتل، وكان مفاد الرسالة التي وصلتها: “ستكونين أنت الضحية المقبلة”. ويأتي هذا التهديد بعد أيام قليلة من اغتيال المدوّنة الشابة تارا فارس في أحد شوارع بغداد في وضح النهار. ويتابع كل من حسابيْ قاسم وفارس على الأنستغرام أزيد من مليونيْن ونصف مشترك، ولا تتورع كل منهما عن نشر صور لهما في أوضاع يعدها البعض مخلّة بالأخلاق والأعراف في مجتمع شرقي محافظ مثل العراق.  

قائمة الضحايا تطول، وقبل فترة من اغتيال فارس، كان الدور على سعاد العلي (46 عاما)، التي قتلت بطلق ناري مباشر في أحد شوارع مدينة البصرة المكتظة بالمارة. ويُعرف عن العلي دفاعها عن حقوق المرأة وحقوق الإنسان عامة، وكذلك تنديدها بمظاهر الفساد في العراق “الجديد”. وقبلها أيضا، وبالتحديد في شهر أغسطس الماضي، عُثر على جثّتيْ امرأتيْن تحظيان بشعبية كبيرة في العراق، مقتولتيْن كل في شقتها، وفي ظروف غامضة: الأولى الدكتورة رفيف الياسري، رئيسة معهد الجراحة التجميلية، والمشرفة في نفس الوقت على برامج طبية موجهة للنساء خصيصا، كما تهتم بمساعدة الأطفال المتضررين من الحرب. والثانية، رشا الحسن، مديرة صالون تجميل يوجد عليه إقبال كبير في بغداد، فكان هذا ذنبا كافيا لاغتيالها في منزلها. 

ويختم التقرير بالإشارة إلى ان ردود الفعل على هذه الجرائم تختلف من شخص إلى آخر في عراق اليوم، فهناك من يرى أنها عمليات هدفها “إرهاب النساء اللواتي يُطالبن بالحرية ويتحدين العادات والتقاليد المكبلة لهن”، وهناك من يعتقد أن “الضحايا هن المسؤولات عما حصل لهن لأنهن تجاوزن الخطوط الحمر وتلاعبن بقيم المجتمع وأعرافه”. أما هانواي إدوارد، مديرة “أمل”، وهي منظمة غير حكومية تدافع عن حقوق النساء، فإن “الإعتداء على النساء، اللواتي يمثلن شخصيات عامة وقتلهن بهذا الشكل هدفه اجبار النساء عموما على الإنكفاء داخل منازلهن وتحديد نشاطهن”.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية