مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

هل تحتاج سويسرا حقا إلى مبادرة لحظر ارتداء النقاب؟

امرأة ترتدي البرقع الأسود تجلس في وسائل النقل العام
يُقدّر عدد النساء اللواتي يَرتَدين البُرقع أو النِقاب في الأماكن العامة بسويسرا بـنحو 30 سيدة، لكن مؤيدي المبادرة يقولون إن هناك حاجة إلى قانون بهذا الشأن على الصعيد الوطني. Gian Ehrenzeller/Keystone

بعد مرور أكثر من عشر سنوات على التصويت الشعبي على مبادرة حظر بناء مآذن جديدة في سويسرا، سيكون للناخبين السويسريين القول الفَصل بشأن اقتراح يَحظر تغطية الوَجه في الأماكن العامة.

فيما يُشار إليه في كثير من الأحيان بتعبير “حَظر البرقع”، تهدف المُبادرة الشعبية التي أطلقتها الجماعات اليمينية أيضاً إلى حَظر ارتداء النقاب وغير ذلك من المُمارسات منها غير الدينية أيضاً لإخفاء الوجه في الفضاء العام. ومن المُقَرَّر أن يُدلي الناخبون السويسريون بأصواتهم بشأن المُبادرة التي تحمل عنوان “نعم لِفَرض حظرٍ على إخفاء الوجه” يوم 7 مارس القادم.

تجري حملة المبادرة في وقت أصبح فيه ارتداء الناس للأقنعة الطبية الواقية إلزامياً في الأماكن العامة المُزدحمة بسبب انتشار فيروس كورونا المُستجد، الأمر الذي يضيف طابعاً من السُخرية إلى النقاش حول الحرية الدينية، ومساواة المرأة والخوف من الإرهاب.

يهَدف الاقتراح الذي أطلقته دوائر يَمينية قَريبة من حزب الشعب السويسري (يمين محافظ) إلى حَظْر تغطية الوَجه في الأماكن العامة، لا سيما في الشوارع، وفي وسائل النَقل العام، والمكاتب، والمطاعم، والمتاجر وملاعب كرة القدم. كما لا تَسمح المَبادرة باستثناءات للسياح.

صور لأشكال الحجاب
swissinfo.ch

مع ذلك تم التنصيص على استثناءات خاصة حيث لا يُطَبَّق الحَظر في أماكن العبادة، أو عند وجود أسباب صحية أو ظروف مناخية معينة.

في محاولة لعرقلة المبادرة، وافق البرلمان الفدرالي على تعديل قانوني يَحظر تغطية الوجه لغرض واحد فقط هو التَثَبُّت من هوية الفرد، لا سيما في الوظائف العامة أو في وسائل النقل العام.

وينُص المشروع المُضاد غير المُباشررابط خارجي على اتخاذ تدابير لتعزيز المساواة في الحقوق وإدماج النساء المسلمات في المجتمع. وسوف يدخل التعديل القانوني حَيّز التنفيذ في حال رَفَضَ الناخبون المبادرة في التصويت الذي سيُجري على مستوى البلاد.

يجادل مؤيدو المبادرة بأن حَظر تغطية الوجه يساعد في مَنْع الهجمات الإرهابية وأشكال أخرى من عمليات العُنف.

وفي نفس الوقت، يُنظَر إلى الحَظْر باعتباره وسيلة لتعزيز المساواة بين النساء والرجال المسلمين، الأمر الذي يُحرر المرأة من مجتمع أبوي تمييزي.

كما حَذَّر أعضاء لجنة المُبادرة من انتشار الإسلام في أوروبا وتهديده للثقافة المسيحية. لكن اللجنة ترفض الإدعاءات بتقويض مقترحها للحرية الدينية، وتقول إن الحَظر انما يهدف إلى تعزيز القيم الأساسية للعالم الغربي.

بالإضافة إلى ذلك، يشدد المؤيدون للمبادرة على وجود قيود مُماثلة في بلدان أخرى، ويقولون إن حَظر ارتداء النقاب الذي تم فَرضه في كانتونين سويسريَين (تيتشينو (جنوب) وسانت غالَّن (شرق)) قَبل خمس سنوات كان فعالاً.

رغم ذلك، يرى المعارضون أن حَظر تغطية الوجه على كافة الأراضي السويسرية غير ضروري، ويشيرون إلى إضراره بالقطاع السياحي وعدم تماشيه مع هيكل السلطة في البلاد المُنقسم بين السلطات الفدرالية (وطنيا) وسلطات الكانتونات (محليا).

وبرأيهم، لا يوجد هناك مُبَرِّر لتعديل دستور البلاد من أجل مجموعة صغيرة جداً من الناس – يُقَدَّر عددهم بحوالي 30 سيدة، ممن يرتَدين النقاب أو البُرقُع بإرادتهم الحُرّة.

ويضيف المعارضون أيضاً ان حظراً كهذا لن يُساعد في تعزيز المساواة في الحقوق بين النساء المُسلمات أوتحسين اندماجهن في المجتمع السويسري. وهم يرون أن الإصلاح القانوني الذي سبق للبرلمان وأن وافق عليه في عام 2020 هو الأنسب.

بالإضافة إلى ذلك، يحذر المعارضون أيضاً من أن سياح دول الخليج العربي الثرية قد يمتنعون عن قضاء العطلات في سويسرا في حال موافقة غالبية الناخبين على المبادرة.

قامت لجنة من السياسيين اليمينيين والنشطاء المحافظين بتقديم المائة ألف توقيع الضرورية لطرح مبادرة شعبية لفرض حظر على إخفاء الوجه في الأماكن العامة على تصويت الناخبين على المستوى الوطني.

وبالفعل، تم جمع أكثر من 105,000 توقيع صحيح لفائدة هذه المبادرة الشعبيةرابط خارجي التي تحمل عنوان “نعم لفرض حظر على إخفاء الوجه” بين شهري مارس 2016 وسبتمبر 2017.

في ظل النظام السويسري للديمقراطية المباشرة، يحتاج أي تعديل دستوري في البلاد إلى دَعم ما لا يقل عن 100,000 ناخِب سويسري.

الداعمون الرئيسيون للمبادرة هم حزب الشعب السويسري (اليميني المحافظ) بالإضافة إلى مجموعات محافظة أخرى والعديد من السياسيين من أحزاب وسط اليمين والوسط.

بالإضافة إلى ذلك، أيدت مجموعة من أنصار الحركة النسوية والمسلمين الليبراليين حَظر ارتداء البرقع والنقاب في الأماكن العامة.

على الجانب الآخر، يواجه مؤيدو المبادرة تحالفاً واسعاً من المعارضين من الأحزاب السياسية الرئيسية الأخرى، من اليسار إلى الوسط، بالإضافة إلى الحكومة السويسرية والأغلبية الواضحة في البرلمان الفدرالي.

كما أوصت المنظمات المدافعة عن حقوق الإنسان، ومجموعات نسائية، ولجان كَنَسية، وقطاع السياحة السويسري والنقابات العُمّالية الناخبين السويسريين بِرَفض هذه المبادرة.

خلال العقد الماضي، قامت حوالي خمس عشرة دولة في أوروبا باعتماد قانون يَحظر تغطية الوجه في الأماكن العامة.

وكانت فرنسا هي الدولة الأوروبية الأولى التي تَحظر ارتداء البرقع والنقاب في عام 2011. من ثمَّ قامت ثلاث دول أخرى مجاورة لسويسرا هي ألمانيا وإيطاليا والنمسا بفرض قيود تمثلت إما بالحظر العام، أو بتدابير مُحددة وإقليمية.

ويسري فَرض حَظر بشكل ما على ارتداء البرقع والنقاب في العديد من البلدان في أوروبا، وآسيا، وأفريقيا وأمريكا الشمالية.

وفي سويسرا، قام كانتونان من كانتونات البلاد الـست والعشرينرابط خارجي بفرض حظر على ارتداء النقاب والبرقعرابط خارجي منذ عام 2016. كما حظر خمسة عشر كانتوناً آخر تغطية الوجه خلال المظاهرات والأحداث الرياضية.

لجنة “إيغيركينغَن” (Egerkinger Komitee) التي تقف وراء إطلاق مبادرة حَظر ارتدء النقاب والبرقع هي ذات اللجنة التي قامت بإطلاق مبادرة حظر بناء المزيد من المآذن في سويسرا. وتضم هذه اللجنة مجموعة من السويسريين المنتمين إلى تيارات سياسية يمينية.

وقد أثار التصويت الذي تم على مبادرة حظر بناء المزيد من المآذن في 29 نوفمبر 2009 الكثير من التعليقات ومشاعر الغضب، عندما أيد 57.5% من الناخبين و22 كانتوناً من أصل 26 حظر بناء مآذن جديدة في مساجد سويسرا.

على عكس ما جرى قبل اثني عشر عاماً، تشير استطلاعات الرأي إلى أن مؤيدي مبادرة حَظر ارتداء النقاب يتمتعون اليوم بدعم مبدئي قوي. لكن الخبراء يقولون إن احتمالات الغضب السياسي هذه المرّة تبدو أقل لأن المشاعر المُعادية للإسلام لم تَعُد من المُحرمات (أو التابوهات).

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية