مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الأكراد يقولون إنهم استعادوا السيطرة على سد الموصل من متشددين سنة

جنديان من قوات البشمرجة خلال عملية انتشار لمواجهة مقاتلي الدولة الاسلامية في العراق يوم 14 اغسطس اب 2014 - رويترز reuters_tickers

من أحمد رشيد ومايكل جورجي

بغداد (رويترز) – استعادت قوات كردية أكبر سد في العراق من مقاتلين إسلاميين يوم الاثنين في حين نفذت الولايات المتحدة ضربات جوية لتأمين السيطرة على ما أصبح هدفا استراتيجيا حيويا في القتال الذي يهدد بتقسيم العراق.

لكن موظفا في الموقع قال إن مقاتلي تنظيم الدولة الإسلامية لا يزالون يسيطرون على سد الموصل مما يمنحهم السيطرة على إمدادات الكهرباء والمياه وحيث سيهدد أي تصدع للسد المتداعي أرواح الآلاف.

وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن مقاتلات أمريكية وقاذفات وطائرات بدون طيار شاركت في الضربات على مواقع الدولة الإسلامية قرب السد. وأضافت أن الضربات إما دمرت وإما الحقت اضرارا بست مركبات مسلحة وعربة مدرعة خفيفة ومعدات أخرى.

وقال الجيش الأمريكي إنه يعتقد أن الضربات الجوية حول السد كانت فعالة في كبح متشددي الدولة الإسلامية لتتمكن القوات العراقية والكردية من المناورة.

لكن الكولونيل ستيف وارن المتحدث باسم البنتاجون قال إن العمليات حول السد “جارية” وإنه غير مستعد بعد لقول ما إذا القوات العراقية استعادت السيطرة على السد.

ومع اشتداد القتال قال حساب على موقع تويتر يدعم تنظيم الدولة الإسلامية إن تقارير افادت بأن مسلحي التنظيم قتلوا عشرات المقاتلين الأكراد وأسروا 170 منهم.

وشكلت سيطرة الإسلاميين على سد الموصل في شمال العراق في وقت سابق هذا الشهر انتكاسة مذهلة للحكومة التي يقودها الشيعة في بغداد وأثارت مخاوف من أن المتشددين قد يقطعون امدادات الكهرباء والمياه أو حتى يفجرون السد المتداعي مما قد يؤدي لخسائر بشرية هائلة وأضرار في منطقة وادي نهر دجلة.

وفي واشنطن قال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية إن “حدوث عطل في سد الموصل يمكن أن يهدد أرواح اعداد كبيرة من المدنيين ويهدد أمريكيين ومنشآت امريكية -بما في ذلك السفارة الأمريكية في بغداد- ويمنع الحكومة العراقية من توفير خدمات حيوية للسكان العراقيين.”

وأشاد مسؤولون عراقيون بما وصفوه بنصر استراتيجي باستعادة السيطرة على السد وأعلنوا أن الهدف المقبل سيكون استعادة السيطرة على الموصل نفسها وهي أكبر مدينة في شمال العراق والتي تبعد عن السد 40 كيلومترا باتجاه المصب.

*رهينة

لكن أي خطر باق على السد من مقاتلي الدولة الإسلامية سيكون بمثابة بندقية مصوبة إلى رأس المدينة وسيبقيها رهينة.

وقال هوشيار زيباري وهو كردي شغل منصب وزير الخارجية في الحكومة العراقية المنتهية ولايتها إن قوات من إقليم كردستان شبه المستقل تمكنت بدعم من ضربات جوية أمريكية من السيطرة من خلال عملية صعبة على السد الذي يعاني من مشاكل هيكلية منذ بناه مهندسون من ألمانيا الغربية لصدام حسين في الثمانينيات.

وأضاف لرويترز “استعادة السيطرة على السد استغرقت وقتا أطول مما ينبغي لان الدولة الإسلامية زرعت ألغاما أرضية.”

وعبر مسوؤولون في بغداد عن تصميمهم على قلب الموازين ضد الدولة الإسلامية التي تهدد حملتها لإقامة خلافة إسلامية في المنطقة بتمزيق وحدة العراق.

وقال صباح نوري وهو متحدث باسم وحدة مكافحة الإرهاب العراقية لرويترز “التكتيك الجديد في شن هجمات مباغته محاطة بالسرية أثبت نجاحه ونحن عازمون على اتباع نفس الأساليب الجديدة في الهجمات و بمساعدة المعلومات الاستخبارية التي يقدمها الأمريكان.”

وتابع “المحطة التالية ستكون الموصل.”

لكن موظفا في السد شكك في رواية الحكومة للأحداث. وقال لرويترز “مقاتلو الدولة الإسلامية لا يزالون يسيطرون بشكل كامل على منشآت السد ومعظمهم يحتمي قرب مواقع حساسة من السد لتفادي ضربات جوية.”

ولم يقدم الموظف تفاصيل أخرى لكن مهندسين عبروا عن قلقهم مرارا بشأن حالة السد الذي يبلغ عرضه 3.5 كيلومتر منذ الإطاحة بصدام في 2003.

وذكر تقرير لسلاح المهندسين الأمريكي عام 2006 حصلت عليه صحيفة واشنطن بوست أن السد الذي يحجز نحو 12 مليار متر مكعب من مياه نهر دجلة قد يغمر مدينتين ويقتل عشرات الالاف من الأشخاص إذا دمر أو انهار. ووصفه التقرير بأنه “أخطر سد في العالم”.

وقد يصل فيضان المياه إلى بغداد التي تقع على بعد 400 كيلومتر.

وحين صدر التقرير قال مسؤولون عراقيون آنذاك إن هذه التحذيرات تثير القلق بدون داع وقالوا إنه يجري اتخاذ إجراءات لتقوية دعائم السد الذي تضرر بسبب تجاويف سببها جرف التربة.

*الأكراد على استعداد للحوار

وقال زيباري إن المسؤولين الأكراد سيشاركون في مفاوضات تشكيل الحكومة في مؤشر على احتمال تحسن العلاقات مع الحكومة المركزية.

وتنحي رئيس الوزراء نوري المالكي الأسبوع الماضي بعد انتقادات بأن سياساته التي قامت على تفضيل الشيعة دفعت بعض أفراد الأقلية السنية للانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية.

وكلف حيدر العبادي وهو شيعي أيضا لكنه اقل ميلا للتصادم بتشكيل حكومة جديدة تضم أفرادا من الأقليات الرئيسية في العراق بهدف تشكيل جبهة موحدة للتصدي لتنظيم الدولة الإسلامية المتشدد.

وفي الأسبوع الماضي عرض شيوخ العشائر ورجال الدين من المناطق السنية تأييدا مشروطا للحكومة الجديدة. وقال أحد أقوى شيوخ العشائر نفوذا إنه على استعداد للعمل مع العبادي بشرط أن تحترم الحكومة الجديدة حقوق السنة.

وقال نائب الرئيس العراقي الهارب طارق الهاشمي إنه لا بد من اعطاء دور لحزب البعث الذي كانت له السيطرة اثناء حكم صدام لأجل الوصول إلى حل سياسي في العراق. وحذر من أن الضربات الجوية الأمريكية لن تجدي نفعا لإنهاء العنف.

*كاميرون يستبعد عملية برية

وساعدت الولايات المتحدة الأكراد بسلسلة من الضربات الجوية ضد مقاتلي الدولة الإسلامية -وهي الأولى منذ سحبت واشنطن جنودها من العراق في عام 2011 – وقالت إنها تمنع وقوع إبادة جماعية في الصراع الذي تسبب في تشريد مئات الالاف.

وسلحت عدة دول من الاتحاد الأوروبي الأكراد أو قالت إنها ستفعل ذلك. ولا يزال التدخل في العراق مسألة سياسية حساسة بعد المعارضة الشديدة من الرأي العام للغزو الغربي الذي أعقبه احتلال طويل غلبت عليه إراقة الدم.

وقلل رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون من احتمال تنفيذ عملية برية جديدة في العراق.

وقال لبي.بي.سي إن “بريطانيا لن تتورط في حرب أخرى في العراق. لن نرسل جنودا على الأرض. لن نرسل الجيش البريطاني.”

واقتصر دور بريطانيا حتى الآن على اسقاط المساعدات والاستطلاع وإرسال الامدادات العسكرية للقوات الكردية المتحالفة مع حكومة بغداد المركزية.

لكن وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون قال في وقت سابق إن دور بريطانيا في العراق تخطى المهمة الانسانية وإن عملياتها الموسعة قد تستمر لأشهر.

وقال فالون لصحيفة ذا تايمز إن طائرات تورنيدو عسكرية وطائرة تجسس تابعة لسلاح الجو الملكي البريطاني تحلق فوق العراق في مناطق أخرى غير منطقة الأزمة الانسانية الرئيسية في اقليم كردستان العراق لجمع معلومات عن قوات تنظيم الدولة الاسلامية.

وقال “هذه ليست مجرد مهمة إنسانية.”

وقال البابا فرنسيس يوم الاثنين إنه سيكون من المبرر تحرك المجتمع الدولي لوقف هجمات المتشددين الإسلاميين في العراق لكنه اوضح انه لا ينبغي ترك المواجهة لبلد واحد.

وفي رده على سؤال بشأن الغارات الجوية الأمريكية ضد تنظيم الدولة الإسلامية قال البابا للصحفيين على متن الطائرة خلال عودته من زيارة لكوريا الجنوبية “في هذه الحالات حيث يحدث اعتداء جائر بوسعي أن أقول إن من المشروع صد المعتدي الظالم.”

(إعداد وتحرير محمد اليماني للنشرة العربية)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية