مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الانتخابات الفلسطينية وتهديد عباس قد يكونان مناورة

رام الله (الضفة الغربية) (رويترز) – لم يبدأ تسجيل الناخبين للانتخابات الفلسطينية القادمة كما كان مقررا له يوم الثلاثاء مما يزيد من المؤشرات على أن الرئيس محمود عباس ربما يناور بشأن الانتخابات الحاسمة التي تجري في يناير كانون الثاني.
اذا صح هذا فربما يكون عباس يناور ايضا بشأن عدم الترشح لانتخابات الرئاسة. قد تكون أهدافه الحقيقية اصلاح حال الوحدة الفلسطينية التي تضررت بشدة وتعزيز الدعم الامريكي لموقفه في محادثات السلام مع اسرائيل.
لكن اذا لم تكن هذه مناورة فان جهود حل الصراع في الشرق الاوسط ستدخل في منطقة مظلمة. وستؤدي الانتخابات الى انقسام الحركة الفلسطينية وفي نفس الوقت ستزيح من المشهد الرجل الذي يعتمد عليه الغرب كصانع للسلام مع اسرائيل.
ودعا عباس الى اجراء الانتخابات في 23 اكتوبر تشرين الاول لان الدستور ينص على هذا. لكنه كان يعلم أن حركة حماس المنافسة والتي تسيطر على قطاع غزة سترفضها على الارجح.
ويرى محللون مقامرة في الامر حيث تحجم حماس عن أن يكتسب الانقسام طابعا رسميا وتوافق في نهاية المطاف على اتفاق “للمصالحة.”
وفي الاسبوع الماضي أعلن عباس أنه شخصيا لا يعتزم خوض الانتخابات لولاية أخرى في 24 يناير كانون الثاني مشيرا الى خيبة امله بسبب تداعي عملية السلام وما يعتقد أنه اخفاق من واشنطن في دعم مطالب فلسطينية مشروعة.
وكان من المفترض أن يشهد يوم الثلاثاء بدء عملية تسجيل تستمر خمسة ايام لتسجيل ما يقدر بنحو 260 الف شاب فلسطيني بلغوا السن القانونية للتصويت منذ الانتخابات الاخيرة التي جرت عام 2006.
لكن لم يفتح اي من مراكز التسجيل الالف بالضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة لتسجيل الاسماء. ولم تعقب لجنة الانتخابات المركزية الفلسطينية المستقلة التي نظمت الانتخابات اعوام 1996 و2005 و2006 على الارجاء.
والى جانب غياب الملصقات واللوحات او اللافتات السياسية الخاصة بالسباق النيابي والرئاسي فان غياب الاثارة التي تحيط عادة بالحملات الانتخابية مؤشر اخر على أن الموعد المحدد لاجراء الانتخابات ربما يكون محض خيال سياسي.
وقال دبلوماسي غربي “كل هذه مؤشرات على ان الانتخابات لن تجري في الرابع والعشرين.”
ويتحدث مسؤولون بالفعل عن سيناريوهات بديلة.
وقال نبيل ابو ردينة مساعد الرئيس عباس ان لجنة الانتخابات المركزية ستبلغ الرئيس في غضون أسبوع من الان ما اذا كانت تستطيع تنظيمها وأضاف أنه اذا لم يتسن اجراؤها سيبحث عباس خيارات اخرى.
وليست هناك دلائل على ما قد تتضمنه هذه الخيارات لكن احدها هو أن يظل عباس الذي أعلن هذا الشهر أنه لا يعتزم الترشح لولاية رئاسية ثانية لخيبة امله من تداعي عملية السلام مع اسرائيل رئيسا للسلطة الفلسطينية.
ويشعر عباس بخيبة امل من أن الرئيس الامريكي باراك اوباما “يحابي” اسرائيل بتخليه عن اصراره على أن تجمد بناء جميع المستوطنات على اراضي الضفة الغربية المحتلة قبل أن تستأنف محادثات السلام المعلقة.
وحصل عباس على دعم من الامم المتحدة وفرنسا يوم الثلاثاء. وقال قصر الاليزيه يوم الثلاثاء ان الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي شجعه على المضي قدما حتى يتسنى استئناف محادثات السلام على أساس “يوافق عليه المجتمع الدولي” مما يعني تجميد بناء المستوطنات.
وقال روبرت سيري مبعوث الامم المتحدة للشرق الاوسط عقب لقاء عباس ” هذا الاصل الثمين الان معرض للخطر” وأن قراره عدم الترشح لولاية جديدة كان “نداء استنهاض مدو وواضح” لاسرائيل لتوقف بناء المستوطنات.
لكن المستوطنات ليست مشكلة عباس الوحيدة.
ففي غضون دقائق من دعوته لاجراء الانتخابات في بيان في 23 اكتوبر واجه عباس تحديا خطيرا من حركة حماس خصمه اللدود والتي سيطرت على قطاع غزة بعد أن طردت القوات الموالية لحركة فتح التي يتزعمها عباس عام 2007.
وقالت حماس انها لن تسمح باجراء الانتخابات في غزة وبالتالي يستبعد ثلث الشعب الفلسطيني من المشاركة فيها وقد تجري انتخابات منفصلة تقود الى اقامة حكومتين متنافستين في الضفة الغربية وغزة.
وترفض حركة حماس سياسة عباس التي تنطوي على السعي الى التوصل لاتفاق للسلام مع اسرائيل واقامة دولة فلسطينية الى جانب دولة يهودية مؤكدة أنه يجب الا يتم التخلي عن الكفاح المسلح.
وتقول ان سياسة عباس (74 عاما) فشلت وانه لم تعد له اي شرعية.
وقال مسؤول مطلع على القواعد “ما دامت حركة حماس في غزة عازفة عن التعاون مع لجنة الانتخابات المركزية فانها لا تستطيع بدء الخطوات التي تسبق اجراء الانتخابات مثل تحديث سجلات اسماء الناخبين وامور أخرى.”
ودفع قرار عباس تحديد موعد الانتخابات على الرغم من الانقسام الفلسطيني العميق الكثير من المحللين للبحث عن دافع خفي وراء اعلانه والتكهن بأن الانتخابات لن تجري في يناير بل في يونيو حزيران ليشارك فيها طرفا الصراع الفلسطيني.
وجاءت هذه الخطوة بعد أن فشلت فتح وحماس بعد وساطة القاهرة التي استمرت عاما في الالتزام بمهلة حلت في شهر اكتوبر لتوقعا اتفاقا للمصالحة بوساطة مصرية.
وقال محللون انه تهديد واضح مفاده أنه ما لم ترضخ حماس للتسوية فسينتهي بها المطاف الى تحمل اللوم عن شق صف حركة الاستقلال الفلسطينية بشكل نهائي.
وأكد عباس هذه القراءة عندما قال انه سيرجيء الانتخابات حتى يونيو شريطة أن يعطي الاسلاميون موافقتهم.
لكن هذا لم يحدث حتى الان.
(شارك في التغطية توم بيري من رام الله)
من محمد السعدي ودوجلاس هاملتون

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية