مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الدولة الإسلامية تفتح جبهة جديدة ضد أمريكا بفيديو ذبح الصحفي فولي

طائرة مقاتلة تهبط على متن حاملة طائرات امريكية بعد المشاركة في ضرب مواقع لجماعة الدولة الاسلامية في العراق يوم 12 اغسطس اب 2014. تصوير: حمد محمد - رويترز reuters_tickers

من مايكل جورجي ومريم قرعوني

بغداد/بيروت (رويترز) – يوحي ذبح الدولة الإسلامية صحفيا أمريكيا وتهديدها “بتدمير الصليب الأمريكي” بأنها اكتسبت بعد الاستحواذ على مناطق شاسعة بالعراق وسوريا ثقة تدفعها لتوجيه نظرها إلى أهداف أمريكية رغم المخاطر.

أذاع التنظيم مساء الثلاثاء تسجيلا مصورا قال إنه لأحد مقاتليه وهو يذبح الصحفي جيمس فولي الذي خطف في سوريا منذ حوالي عامين.

وعرض مقاتل الدولة الإسلامية الذي كان يرتدي زيا أسود ويتحدث الإنجليزية بلكنة بريطانية صحفيا أمريكيا آخر وقال إن مصيره يتوقف على خطوة الرئيس باراك أوباما القادمة.

كانت الفعلة مفاجئة لأنه بدا أن الدولة الإسلامية تركز على إقامة خلافة في الأجزاء العراقية والسورية التي تسيطر عليها وعلى الزحف نحو بغداد وإعادة رسم خريطة الشرق الأوسط.

لكن في عدة محادثات هاتفية مع أحد مراسلي رويترز خلال الأشهر الماضية نوه مقاتلو الدولة الإسلامية إلى أن زعيمهم العراقي أبو بكر البغدادي يحمل في جعبته العديد من المفاجآت للغرب.

لمحوا إلى احتمال تنفيذ هجمات على مصالح أمريكية أو حتى على الأراضي الأمريكية نفسها من خلال خلايا نائمة في أوروبا والولايات المتحدة.

قال أحدهم “الغرب مغفل وأحمق. يظنون أننا ننتظر أن يمنحونا تأشيرات دخول حتى نذهب ونهاجمهم أو أننا سنهجم عليهم بلحانا ومظهرنا الإسلامي.”

ومضى قائلا “يعتقدون أن بإمكانهم أن يميزونا هذه الأيام. إنهم حمقى والأكثر من ذلك أنهم لا يعرفون أن بمقدورنا أن نلعب لعبتهم بذكاء. تسللوا إلينا عبر أشخاص ادعوا أنهم مسلمون ونحن أيضا نخترق صفوفهم عبر أناس يبدون مثلهم.”

* أخوة مترددون

مقاتل آخر بالدولة الإسلامية قال إن الجماعة لديها أسباب عملية للنيل من الولايات المتحدة.

قال “كلما اشتدت الحرب على الولايات كان ذلك أفضل. فهذا سيدفع الأخوة المترددين للانضمام إلينا. أمريكا ستطلق صواريخها ونحن سنفجر قنابلنا. لن يهاجموا أراضينا بينما تظل أراضيهم في مأمن.”

وعلى النقيض من القاعدة.. لم تبد الدولة الإسلامية في البداية عزما على تنفيذ هجمات كبرى على الغرب. فقد استغلت مشاعر الخوف في تعزيز قبضتها على المدن التي سيطرت عليها في شمال العراق بعد مقاومة لا تذكر من الجيش العراقي الذي دربته الولايات المتحدة ومقاتلي البشمركة الأكراد الذين يسيطرون على أجزاء من المنطقة.

لكن سلسلة التسجيلات المصورة التي بثت في الآونة الأخيرة -وبخاصة التسجيل الذي يصور مقتل فولي- تشبه التغطية التي بثها تنظيم القاعدة أثناء قتل جنود أمريكيين وقطع رؤوس مواطنين أمريكيين وذبح شيعة خلال الاحتلال الأمريكي.

جاءت تلك التسجيلات عقب أول ضربات جوية أمريكية في العراق -مستهدفة مقاتلي الدولة الإسلامية- منذ انسحاب قوات الولايات المتحدة عام 2011.

ويبدو واضحا أن الدولة الإسلامية تصعد الموقف وهي تدرك أن موت أمريكي بمثل هذه الطريقة المروعة وصورة آخر وهو تحت رحمة مقاتل يستهزئ برئيس أمريكي قد تثير انتقاما.. ضربات جوية أعنف على الأقل.

ربما كانت هذه طريقة لتحسين سجلها الجهادي واجتذاب مزيد من الأتباع ورفع المكانة في عالم إسلامي متشدد لابد من النيل فيه من الولايات المتحدة “الكافرة”.

وهناك تسجيل ربما يحمل في طياته معاني أكبر وهو ذلك الذي أذيع قبل قليل من بث التسجيل الذي يظهر فيه فولي بزي برتقالي كذلك الذي يرتديه لاعبو القفز ليعيد تذكير الأمريكيين بأن المقاتلين الإسلاميين مازالوا غاضبين من احتجاز مسلمين في خليج جوانتانامو.

كان التسجيل السابق يوحي بأن الدولة الإسلامية تتأهب لحرب وجود مقدسة بين الخلافة وأمريكا الصليبية ويحمل تهديدا بتدمير “الصليب الأمريكي”.

* جوازات غربية

في أحد المشاهد يبكي جندي أمريكي بعد أن فقد رفيقا ويمكن سماع تراتيل مسيحية. وفي آخر هناك أنفاس واضحة من شخصية دارث فيدر في فيلم (حرب النجوم).

وبعد بث التسجيل أهاب وزير الخارجية العراقي هوشيار زيباري بالمجتمع الدولي مساعدة بلاده في مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية.

لكن الولايات المتحدة والقوى الغربية الأخرى ربما تحول الآن اهتمامها من المسلحين السنة بشمال العراق إلى ما يمكن أن يفعلوه في الخارج.

فبمقدور الجماعة الآن أن تستعين في تنفيذ تهديداتها بمئات إن لم يكن آلاف الأجانب الذين يحملون جوازات سفر غربية يمكن أن تقيهم عملية الفحص والتمحيص مثل الرجل ذي اللكنة البريطانية الذي يبدو أنه قتل فولي.

وصرح مسرور البرزاني رئيس مجلس الأمن القومي في المنطقة الكردية لرويترز في الآونة الأخيرة بقلقه من خلايا الدولة الإسلامية النائمة في منطقته شبه المستقلة بالشمال.

لكنه أبدى نفس القدر من القلق إزاء مشكلة أوسع نطاقا.

قال “كثير من أعضاء (الدولة الإسلامية) الذين جاءوا من الخارج .. جاءوا من أوروبا ومن الولايات المتحدة ومن الشرق الأوسط ومن كل أنحاء العالم.”

وتابع “هؤلاء أناس لن يموتوا في معارك بالعراق وسوريا. كثيرون منهم سيعودون إلى أوطانهم وقد يصبحون قياديين أو عناصر إرهابية وهو ما قد يمثل في الحقيقة خطرا أكبر لبلدانهم.”

* وضع خطير

الدول الغربية تعلم الأمر جيدا -فقد احتجزت النمسا يوم الأربعاء تسعة أشخاص للاشتباه باعتزامهم الانضمام للمقاتلين الإسلاميين في سوريا- لكن هل وضعت خططا لمواجهة المسألة؟

قال وزير الخارجية البريطاني فيليب هاموند لهيئة الإذاعة البريطانية “ندرك تماما أن هناك أعدادا كبيرة من المواطنين البريطانيين ضالعون في جرائم مريعة وربما في ارتكاب أعمال وحشية وفي المشاركة في الجهاد مع (الدولة الإسلامية) وتنظيمات متطرفة أخرى.”

وتابع “لا أظن أن هذا الفيديو يغير شيئا. إنه فقط يزيد الوعي بوضع خطير جدا نتعامل معه منذ أشهر.”

قال جمال خاشقجي الخبير بشؤون القاعدة والذي عقد لقاء مع أسامة بن لادن إن الحذر والقلق الأمني ربما يمنع الدولة الإسلامية من تنفيذ هجمات على أهداف غربية حتى الآن.

لكنها لن تتردد إذا سنحت الظروف المواتية.

قال “إذا تسنى لهم تنفيذ تفجير انتحاري في تايمز سكوير عصر اليوم سينفذونه. ما يمنعهم هو الحذر والأمن.”

ومضى قائلا “لكن علينا أن نعترف بأنهم يستهدفوننا جميعا. لو أمكنهم شن هجوم إرهابي في الرياض أو نيويورك أو لندن فسيشنونه.”

(شارك في التغطية يارا بيومي من دبي وكوستاس بيتاس من لندن وإيزابيل كولز من أربيل – إعداد أمل أبو السعود للنشرة العربية – تحرير سيف الدين حمدان)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية