مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الصراع في العراق يجذب مقاتلين في سن المراهقة

متطوعون شيعة منضمون إلى الجيش العراقي لمحاربة المتشددين من الدولة الإسلامية يصعدون إلى شاحنات في بغداد يوم التاسع من يوليو تموز 2014. تصوير: أحمد سعد - رويترز. reuters_tickers

من ماجي فيك

بغداد (رويترز) – يظهر مقطع الفيديو على هاتفه صبيا يطلق النار من رشاش ثقيل فوق حامل ثلاثي القوائم من خلال فتحة في مبنى متهالك بينما يرتج جسده من أثر ارتداده.

وقال الصبي وهو نجم سابق لكرة القدم للناشئين في بغداد “كنا متوترين نوعا ما ليس لأننا جبناء بل لأن هذه كانت معركتنا الأولى وكنا صغارا.”

ويقول إنه كان في الخامسة عشرة من عمره حين أرسلته ميليشيا شيعية عراقية للمرة الأولى إلى إيران ليتلقى تدريبا على أيدي الحرس الثوري الإيراني في تلال خارج طهران في مارس آذار. قضى عيد ميلاده السادس عشر قبل أربعة شهور في سوريا يقاتل على الجبهة قرب دمشق.

ويقول إنه عاد إلى العراق الآن ليقاتل المتشددين السنة.

وأضاف “اكتسبنا بعض الخبرة العسكرية في سوريا في المداهمات والمهارات التي تعلمناها في سوريا تساعدنا في سامراء” مشيرا إلى المدينة العراقية التي ساعدت فيها ميليشيات شيعية القوات الحكومية على وقف تقدم المتشددين السنة.

ولا يعرف أحد على وجه اليقين عدد المقاتلين تحت سن العشرين الذين يشاركون في القتال بالعراق. والسن الرسمي للتجنيد بالجيش العراقي هو 18 عاما. وتقول ميليشيا شيعية تقاتل في صفوف القوات الحكومية إنها لا تجند أطفالا أيضا.

لكن مع اجتياح متشددين سنة أجزاء من شمال وغرب العراق لبى آلاف الشيعة نداء المرجع الشيعي الأعلى آية الله علي السيستاني لحمل السلاح ضدهم. وهناك أدلة قوية على أن مقاتلين مراهقين ينضمون إلى الصراع العرقي والطائفي بالعراق.

يقول شهود إنهم رأوا أكثر من مرة مراهقين بين المقاتلين السنة في نقاط التفتيش في الشمال.

يقول الشاب الشيعي الذي تحدث إلى رويترز في بغداد خلال ما وصفها بأنها استراحة من ساحة المعركة في سامراء لبضعة أيام ليزور عائلته إنه انضم للقتال لينقذ أبناء طائفته الشيعية من تنظيم الدولة الإسلامية.

وطلب الشاب عدم نشر اسمه. ولم يتسن لرويترز الاطلاع على وثائق للتحقق من سنه لكنه يبدو أقل من 16 عاما. ورفض والداه إجراء مقابلة معهما.

وتنفي منظمة بدر وهي جماعة شيعية يقول شبان إنها جندتهم الدفع بمقاتلين تحت السن إلى المعركة.

وقال علي العلاق العضو البارز بالمنظمة “نحترم الطفولة لأن الأطفال مستقبل العراق الواعد.”

وأضاف أن المنظمة هي “أبرز طرف” في تحرير المناطق حتى الآن وبالتالي ربما يتباهي بعض الشبان بأنهم يقاتلون في صفوفها لكن “هذا غير صحيح إطلاقا.” وأضاف “لا يوجد لدي متطوع تحت السن القانونية.”

وقال مكتب رئيس الوزراء نوري المالكي إن الحكومة طالبت الميليشيات بعدم تجنيد الأطفال وأضاف “الحكومة كانت واضحة في أنه يجب أن يكون المتطوعون بالغين وأن يكونوا تحت قيادة وسيطرة قوات الأمن العراقية.”

“اذهب يا بني لتؤدي واجبك”

بعد أن تلقى تدريبا لفترة قصيرة في إيران في وقت سابق من العام الحالي يقول الشاب إنه قضى ستة أسابيع في ضاحية المليحة في دمشق مع وحدة شيعية تقاتل ضد جبهة النصرة جناح تنظيم القاعدة في سوريا. ويقول إن نحو نصف المقاتلين في كتيبته وعددهم 130 فردا أصيبوا أو قتلوا هناك وتحدث عن اشتباكات عنيفة على أسطح المباني وفي الأزقة.

وهو ليس متأكدا إن كان قد قتل أحدا لكنه رأى أحد زملائه يطلق رصاصة بين عيني مقاتل من جبهة النصرة تسلل إلى المبنى الذي كانا نائمين فيه.

حين عاد إلى العراق كان التنظيم الذي عرف في ذلك الحين باسم الدولة الإسلامية في العراق والشام قد بدأ تقدمه المباغت من سوريا إلى شمال العراق. ذهب إلى سامراء بمباركة عائلته للمساعدة في وقف تقدم التنظيم إلى بغداد.

وقال “أمي كانت سعيدة” ونقل عنها قولها “اذهب يا بني لتؤدي واجبك.”

على الجبهة كان يعمل ضمن دورية تساعد في إلقاء القبض على السنة المشتبه في أنهم يساعدون المتشددين.

وقال “أبحث عن السنة الذين يتعاونون مع الدولة الإسلامية ويدعون أنهم رعاة أغنام. أستجوبهم ثم أسلمهم لرفاقي.”

وعرض لرويترز مقطع فيديو على هاتفه يظهر فيه مع مقاتل آخر ويستجوبان رجلين يرتديان الجلباب ويجلسان على الأرض. وقال إنهما سلما الرجلين فيما بعد لقائدهما بعد أن عثرا على رسائل على هاتفيهما توضح إحداثيات نقاط التفتيش التابعة لميليشيا محلية.

خارج سامرا ازداد الموقف خطورة حين فرت قوات الشرطة الحكومية التي تدعم الميليشيا التي ينتمي لها في منتصف المعركة ليصبح المقاتلون مكشوفين. وقال الشاب إن هذا يظهر أهمية المتطوعين في الميليشيات وأضاف “نقاتل بدافع من عقيدتنا بينما الشرطة تتواجد من أجل تقاضي الرواتب وحسب.”

“فوجئت بصغر سنهم”

قال مقاتلان من كتائب حزب الله التي تدربت في إيران وكتائب أبو الفضل العباس واللتين أرسلتا آلاف المتطوعين إلى سوريا لرويترز إنهما حضرا تدريبا هذا الشهر في بغداد شارك فيه فتية تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما.

وقال عضو في كتائب حزب الله عمره 19 عاما طلب عدم نشر اسمه ليتحدث بحرية “فوجئت بصغر سن هؤلاء الشباب… لم يعرفوا كيفية تحميل خزينة السلاح أو إطلاق النار. سألت وقالوا لي إنهم من مواليد عامي 1997 و1998.”

وقال مقاتل عمره 18 عاما انضم لكتائب أبو الفضل العباس إنه شارك في تدريب في معسكر للجيش في التاجي إلى الشمال من بغداد وهو موقع تدريبي تديره وزارة الدفاع. وقال إنه كان هناك مراهقون أصغر سنا هناك وهو يعتقد أن بعضهم سيرسلون إلى ساحة المعركة دون تلقي تدريب كاف.

وقال لرويترز بالهاتف عن المراهقين في المعسكر الذي تدرب فيه “الشباب الأصغر سنا لا يعرفون كيف يقاتلون.”

“ضم جميع الأعمار”

والعراق موقع على اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل التي تدعو الحكومات لحماية الأطفال دون سن 15 عاما من المشاركة في القتال. ولم تستطع رويترز العثور على أدلة على وجود مقاتلين في هذا السن وإن كانت هناك أدلة على وجود مقاتلين في سن قريبة لهذا ودون سن التجنيد الرسمي في العراق وهو 18 عاما.

وعلى الرغم من أن الحكومة تقول إنها تتخذ خطوات لإبعاد المقاتلين المراهقين عن المعركة وعلى الرغم من قول منظمة بدر إنها لا تقبلهم فإن مسؤولا عن التجنيد بمكتب للمنظمة في أحد الأحياء قال إنه في ظل الظروف الحالية يقبل طلبات المتطوعين من كل الأعمار.

وقال وهو يتصفح طلبات الانضمام إنه جمع ما يقرب من سبعة آلاف طلب للاشتراك في المعركة منذ أصدر السيستاني فتوى تدعو الشيعة لخوض القتال في 13 يونيو حزيران.

وأضاف “نضم كل الأعمار حتى النساء. لا نرفض أحدا لأن هؤلاء جاءوا استجابة لدعوة السيستاني.”

ولدى سؤاله عما إذا كان قد صادف مقاتلين في السادسة عشرة من العمر أجاب “نعم. وصبية أصغر من هذا. البعض مازالوا يتدربون والبعض اشتركوا في القتال بالفعل.

وقال مسؤول التجنيد إن العراق ليس في وضع يسمح بالالتزام بالقواعد التي تحظر تجنيد الأطفال.

وأضاف “في دول أخرى وفي الظروف العادية ربما تلتزم بهذا القانون الدولي لكن لأنك لست في حالة حرب. لكن البلد الآن في خطر وهناك فتوى وأصبح هذا واجب ديني.”

وحين سئل عما إذا كان لديه أبناء وإن كان سيسمح لهم بالقتال قال “إنهم صغار. ثلاثة أعوام وعشرة أعوام. لكنني سجلت اسميهما بالفعل.”

على الجانب الآخر من البلدة تحدث الشاب الذي يقضي عطلة في بغداد ليستريح من القتال عن الوقت الذي قضاه في سوريا والعراق متجولا بين الصور على هاتفه المحمول ليصل إلى صور أقدم التقطت في وقت أفضل حين كان نجما لفريق الناشئين لكرة القدم ويسافر للاشتراك في بطولات بدول الخليج.

وقال “أفضل لعب كرة القدم على القتال في الحرب لأن كرة القدم موهبتي… لكنني أشعر أن علي واجبا. إذا لم أذهب وإذا لم يذهب جاري فمن سيذهب للقتال؟”.

(إعداد دينا عادل للنشرة العربية- تحرير أحمد حسن)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية