مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

حماس تخوض معركة في غزة لا تعرف كيف تنهيها

الدخان يتصاعد بعد ما قال شهود فلسطينيون إنه هجوم جوي اسرائيلي في رفح بقطاع غزة يوم الخميس. تصوير: ابراهيم ابو مصطفى - رويترز. reuters_tickers

من نضال المغربي ونوح براونينج

غزة (رويترز) – بدأت أحدث حرب محدودة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) بنشطاء في غزة يتوقون لتوجيه ضربة لكن التصعيد الذي تلا ذلك جعلهم مكشوفين دبلوماسيا وميدانيا دون طريق واضح للخروج.

أطلقت حماس صواريخها على اسرائيل بعد مداهمات قام بها الجيش في الضفة الغربية المحتلة على مدى شهر بحثا عن ثلاثة شبان إسرائيليين مفقودين انتهت بالزج بأكثر من 900 فلسطيني في السجن بينهم الكثير من أعضاء الحركة.

واضطرت حماس للتحرك بسبب الغضب واسع النطاق بعد أن أحرق من يشتبه أنهم متطرفون يهود شابا فلسطينيا حيا الأسبوع الماضي وكان هذا هجوما انتقاميا على ما يبدو بعد العثور على الشبان الثلاثة مقتولين بالرصاص في الضفة الغربية. وحملت إسرائيل المسؤولية عن قتلهم لحماس.

وقالت حماس إنها لم تكن تسعى للحرب لكن مئات القنابل الإسرائيلية الآن تسقط على القطاع الساحلي ويقول مسؤولون طبيون فلسطينيون إنها قتلت عشرات من ابناء غزة أغلبهم من المدنيين.

وتقول الحركة إن المسؤولية عن إنهاء الأعمال القتالية تقع على عاتق إسرائيل حيث لم تسبب الهجمات الصاروخية خسائر في الأرواح والتي اعترض نظام دفاعها الصاروخي الكثير من صواريخ حماس.

وقال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في كلمة أذيعت يوم الأربعاء “إذا أراد العالم أن يوقف نزيف الدم في فلسطين عليه أن يضغط على نتنياهو وعصابته ليوقف عدوانه على غزة والضفة وكل الأراضي المحتلة وأن يوقف نتنياهو سياسة القتل والعدوان والاستيطان.”

واضاف “إن الاحتلال الصهيوني هو من بدأ الحرب والمقاومة والشعب الفلسطيني له الحق في الدفاع عن نفسه.”

ومضى يقول “نقول للمطالبين بتهدئة مع الاحتلال مقابل تهدئة… عودوا للوراء… الحرب فرضت علينا أعطينا كل الفرص ولم يبق أمامنا إلا أن ندافع عن أنفسنا.”

كانت المعارك السابقة غير المتكافئة بين النشطاء الفلسطينيين وجيش إسرائيل القوي تنتهي دون المساس بوضع حماس إلى حد كبير. وكانت آخر هذه المعارك صراع دام ثمانية ايام عام 2012 ومواجهات استمرت شهرا بدأت في أواخر 2008 وشملت غزوا بريا لقطاع غزة.

وكانت الحركة تعلن انتصارها مدعومة ببعض التعاطف الدولي وتسارع لتجديد مخزونها من الصواريخ عبر حدود غزة غير المحكمة مع مصر وتحافظ على وجودها الواسع في الضفة الغربية.

لكن الكثير قد تغير منذ ذلك الحين.

في مصر عزل الجيش الرئيس المنتمي لجماعة الاخوان المسلمين محمد مرسي إثر احتجاجات شعبية حاشدة على حكمه. وكانت جماعة الاخوان حليفة رئيسية لحركة حماس وساعد مرسي في الوساطة في تهدئة عام 2012.

وسيكون من الصعب الآن ان تجدد مخزونها من الصواريخ حين تنتهي الأعمال القتالية بعد أن كثفت الحكومة المصرية جهودها لهدم الأنفاق على الحدود بين مصر وغزة والتي لم تكن تغذي مخازن الأسلحة بالقطاع المحاصر وحسب وإنما اقتصاد القطاع بكامله.

كانت غزة ذات يوم القضية المفضلة للقوى الإقليمية لكن في ظل موقف مصر المعلن في الوقت الحالي وتشتت انتباه الدولتين الداعمتين تركيا وقطر بسبب الصعود المفاجىء للإسلاميين المتشددين في العراق وجدت حماس نفسها وحيدة.

وقال حمزة ابو شنب المحلل السياسي في غزة إن تركيا وقطر قد تلعبان دورا في محاولة إعادة الهدوء لكن ليس لهما تأثير مباشر على الاحتلال مما يضعف موقفيهما.

في الضفة الغربية ايضا تلقت حماس ضربة جديدة بعد الاعتقالات الاسرائيلية.

وقال النائب من حركة حماس فتحي قرعاوي لرويترز إن إسرائيل تحمل كل الفلسطينيين المسؤولية عن قتل الإسرائيليين الثلاثة مشيرا الى أن هذا هو ما تفعله من خلال حملة الاعتقالات التي تشنها في أنحاء الضفة الغربية وقال إن سياسة العقاب الجماعي التي تنتهجها امتدت الآن الى غزة.

وأضاف أن حماس اضطرت للرد فتطورت الأحداث. وقال النائب إن الفلسطينيين يريدون تهدئة مشيرا الى أن مصر لاتزال قادرة على لعب دور جيد في الضغط على إسرائيل لوقف هجماتها.

لكن مشعل عبر عن سعادته بقدرة الحركة على إطلاق الصواريخ طويلة المدى على تل ابيب وإيصالها لمسافات لم يسبق لها مثيل في عمق شمال اسرائيل.

وعلى الرغم من سقوط القتلى والألم الذي يلحق بالمواطنين في غزة تقول حماس إنها قادرة على خوض حملة طويلة اذا اقتضى الأمر.

وقال المسؤول الكبير في حركة حماس مشير المصري يوم الاربعاء إن من يظن أن ذخيرة حماس ستنفد خلال ايام او اسابيع او شهور فهو واهم مضيفا أن الحركة لديها الكثير.

وأضاف في تصريح لتلفزيون الأقصى أن حماس تريد تركيع اسرائيل وتحقيق النصر.

لكن التصريحات العنيفة هي نوعا ما غطاء لضعف في الداخل حيث أسهمت زيادة الفقر والمعاناة في غزة في دفع الحركة الى تشكيل حكومة توافق وطني مع حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس.

ويقول جريشون باسكين ناشط السلام والمحلل الإسرائيلي “حماس ضعيفة جدا الآن. أضعف من أي وقت مضى. استسلمت تماما لمطالب عباس بتشكيل حكومة مصالحة. غزة تمر بأزمة اقتصادية. حماس مفلسة ولم يتبق لها أصدقاء في العالم.”

وشارك باسكين في مفاوضات سرية أدت عام 2010 للإفراج عن جندي إسرائيلي خطفته حماس مقابل إطلاق سراح اكثر من الف سجين فلسطيني. ويقول إن الخلافات داخل الحركة قد تعرقل التوصل بسرعة الى وقف لإطلاق النار.

وأضاف “هناك صراعات على السلطة داخل حماس وهي تفتقر لقيادة رسمية. إنها في حالة فوضى من الداخل. لكن اذا كان هناك شيء تتفق عليه جميع أركان التنظيم فهي أن الهجوم الإسرائيلي على غزة يزيد التعاطف معها هناك وفي الضفة الغربية والعالم العربي.”

واذا كان الأمر كذلك فالثمن سيكون باهظا إذ لمحت اسرائيل إلى أنها يمكن أن تشن هجوما بريا على القطاع لإضعاف قدرة حماس بشدة.

ويقول فراس ابو علي المحلل بمجموعة آي.إتش.إس لاستشارات المخاطر في لندن إن حملة بالمشاة والدبابات ستمنح حماس فرصة لإحداث خسائر بشرية بل وخطف جنود إسرائيليين ومبادلتهم بسجناء فلسطينيين.

وقال المتحدث باسم حركة حماس سامي ابو زهري يوم الخميس إن الحركة ليس لديها ما تخسره.

وأضاف أنها مستعدة لخوض المعركة للنهاية وعازمة على مواجهة الاحتلال.

(إعداد دينا عادل للنشرة العربية- تحرير أحمد حسن)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية