مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

زعماء سنة مستعدون للانضمام إلى الحكومة العراقية الجديدة بشروط

المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني في صورة من ارشيف رويترز. reuters_tickers

من رحيم سلمان ومايكل جورجي

بغداد (رويترز) – عرض زعماء عشائر سنية ورجال دين في معقل السنة بالعراق تقديم دعمهم المشروط يوم الجمعة لحكومة جديدة تأمل في احتواء العنف الطائفي وهجوم مسلحي الدولة الاسلامية الذي يهدد بتمزيق أوصال البلاد.

وقال زعيم إحدى أقوى العشائر السنية في العراق إنه مستعد للعمل مع رئيس الوزراء الجديد حيدر العبادي بشرط حماية حقوق الأقلية السنية التي همشها سلفه نوري المالكي.

وترك علي الحاتم سليمان زعيم عشيرة الدليم التي تهيمن على محافظة الأنبار معقل السنة في العراق مسألة امكانية ان يحمل السنة السلاح ضد مقاتلي الدولة الاسلامية مفتوحة بنفس الطريقة التي انضم بها هو وأخرون الى القوات الحكومية التي يتزعمها الشيعة وتدعمها الولايات المتحدة لاحباط هجمات القاعدة في العراق في الفترة بين عامي 2006 و2009 .

ويواجه رئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي مهمة صعبة لتبديد مخاوف السنة في محافظة الأنبار حيث دفع الإحباط والسياسات الطائفية بعض أفراد الأقلية السنية إلى الانضمام لتنظيم الدولة الإسلامية.

وكان العراق قد انزلق الى اتون أسوأ أعمال عنف منذ أوج الحرب الاهلية الطائفية في 2006-2007 حيث اجتاح مقاتلون سنة بقيادة الدولة الاسلامية أجزاء واسعة في الغرب والشمال وأجبروا مئات الالاف على الفرار للنجاة بحياتهم وتهديد الاكراد في اقليمهم شبه المستقل.

وسيكون كسب تأييد السنة الذين هيمنوا على الساحة السياسية في عهد صدام والذي جرى تهميشهم خلال ولاية المالكي أمرا بالغ الأهمية لأي جهود لاحتواء الصراع الطائفي الذي يشهد أعمال خطف وقتل وتفجيرات بصورة يومية.

وقال طه محمد الحمدون الناطق الرسمي باسم جماعة الحراك الشعبي في محافظات سنية عراقية لرويترز إن ممثلين للسنة في الانبار ومحافظات أخرى أعدوا قائمة بالمطالب التي ستطرح على رئيس الوزراء المكلف وهو شيعي معتدل.

ودعا الحكومة وقوات الميليشيات الشيعية الى وقف الاعمال القتالية لاتاحة الفرصة أمام إجراء محادثات.

وقال الحمدون في محادثة هاتفية مع رويترز انه لا يمكن اجراء أي مفاوضات تحت القصف بالبراميل المتفجرة والقصف العشوائي. ودعا الى وقف القصف وسحب الميليشيات الشيعية حتى يتمكن الحكماء في تلك المناطق من التوصل الى حل.

وألقى المرجع الشيعي الأعلى في العراق آية الله علي السيستاني بثقله وراء رئيس الوزراء العراقي الجديد وقال إن تسليم السلطة للعبادي يمثل فرصة نادرة لحل الأزمات والسياسية والأمنية.

ودعا السيستاني الساسة المتناحرين إلى أن يكونوا على قدر “المسؤولية التاريخية” ويتعاونوا مع العبادي في محاولته تشكيل حكومة جديدة وتجاوز الانقسامات بين الشيعة والسنة والأكراد التي تعمقت مع اصرار المالكي على تنفيذ أجندة وصفها منتقدون بأنها طائفية شيعية.

وحث العبادي في تصريحات له العراقيين على الوحدة وحذر من وعورة الطريق في المرحلة المقبلة.

وأشار السيستاني أيضا إلى الجيش الذي باغته هجوم التنظيم على شمال العراق في يونيو حزيران. وقال “كما نؤكد على ضرورة ان يكون العلم العراقي هو الراية التي يرفعونها في قطعاتهم ووحداتهم وليتجنبوا استخدام أية صور أو رموز أخرى.”

ودعا السيستاني -وهو ثمانيني- القوات المسلحة العراقية إلى تنحية الاختلافات الطائفية جانبا. ويلقى باللوم على المالكي في تداخل الخطوط الفاصلة بين الجيش والميليشيات الشيعية.

وأنهى المالكي ثمانية أعوام من حكمه وأيد تعيين العبادي زميله في حزب الدعوة الاسلامية خلفا له وذلك في كلمة تلفزيونية كان يقف خلالها بجانب العبادي وزعماء آخرين.

ولاقى تعيين العبادي الذي ينظر له على أنه شخصية معتدلة تأييدا كبيرا داخل العراق وأيضا في الولايات المتحدة وإيران.

وقال السيستاني في خطبة الجمعة التي يلقيها متحدث باسمه اسبوعيا في مدينة كربلاء إلى الجنوب من بغداد “الترحيب الإقليمي والدولي فرصة ايجابية نادرة للعراق كي يستثمرها لفتح آفاق جديدة تكون باكورة خير لحل كافة مشاكله لاسيما السياسية والأمنية.”

وبعد الاستيلاء على مدينة الموصل في شمال العراق في يونيو حزيران تقدم تنظيم الدولة الإسلامية سريعا صوب حدود إقليم كردستان العراقي مما أثار قلق بغداد ودفع الولايات المتحدة لتوجيه أول ضربات جوية أمريكية على العراق منذ انسحاب القوات الأمريكية في عام 2011.

وقال مسؤولون أمريكيون وأوروبيون إن الولايات المتحدة طلبت من الدول الأوروبية تقديم الأسلحة والذخيرة للقوات الكردية.

وفي بروكسل قرر وزاء خارجية الاتحاد الاوروبي ان حكومات الدول الاعضاء في الاتحاد لها حرية ارسال أسلحة الى أكراد العراق الذين يقاتلون مسلحي الدولة الاسلامية بشرط موافقة السلطات العراقية.

وقال الاتحاد الاوروبي انه سيبحث أيضا كيفية منع مسلحي الدولة الاسلامية الذين اجتاحوا بعض حقول النفط في سوريا والعراق من الاستفادة من مبيعات النفط.

وقالت عدة حكومات أوروبية من بينها فرنسا وألمانيا وجمهورية التشيك وهولندا إنها سترسل أسلحة للأكراد أو تدرس القيام بذلك. وفي لندن قالت الحكومة البريطانية أيضا انها ستبحث “بايجابية” أي طلب من الاكراد للحصول على أسلحة.

وقالت بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مثل السويد والنمسا إنهما لن ترسلا أسلحة لكن الاتحاد الأوروبي تجنب الخلاف الذي أدى إلى انقسام الاتحاد الذي يضم 28 دولة العام الماضي حول تسليح مقاتلي المعارضة في سوريا.

وقال رئيس الوزراء الكندي ستيفن هاربر يوم الجمعة إن بلاده أرسلت طائرتي شحن عسكريتين للعراق للمساعدة في توصيل الأسلحة للأكراد العراقيين. وأضاف أن كندا مستعدة لتقديم مساعدات أخرى للمقاتلين الأكراد. وقال في بيان إن طائرتي نقل من القوات الجوية الكندية في طريقهما إلى العراق مع طاقم يتألف من 30 عسكريا.

وتابع “كندا لن تقف مكتوفة الأيدي بينما الدولة الإسلامية مستمرة في قتل المدنيين الأبرياء والأقليات الدينية.” وتابع قائلا دون أن يقدم تفاصيل “مستمرون في مراقبة الوضع في العراق ومستعدون لتقديم مزيد من المساعدات.”

وفي جنيف قالت الامم المتحدة ان نحو 80 الف شخص فروا الى محافظة دهوك الآمنة نسبيا على الحدود التركية والسورية ضمن 1.2 مليون عراقي نزحوا داخل البلاد هذا العام.

وقال دان ماك نورتون من مفوضية الامم المتحدة لشؤون اللاجئين ان محنتهم شديدة. وقال في افادة صحفية “الناس اصابهم الاجهاد ويعانون من العطش ودرجات الحرارة المرتفعة” مضيفا انه يوجد أطفال ومسنون بين الذين أجبروا على السير عدة أيام بدون غذاء أو مياه أو مأوى.

وبقي عدة الاف على قمم جبل سنجار التي هرب اليها اعضاء الاقلية اليزيدية من مسلحي الدولة الاسلامية الذين يعتبرونهم “عبدة شيطان”.

وقال الرئيس الامريكي باراك أوباما يوم الخميس انه تم كسر حصار المسلحين الاسلاميين لجبل سنجار وانه لا يتوقع ان تقوم الولايات المتحدة بعملية اجلاء او تواصل اسقاط مساعدات انسانية من الجو.

غير ان ماك نورتون قال انه مازالت هناك حاجة للمساعدات. وقال “ذلك الموقف مازال مأساويا بالنسبة لهؤلاء الناس بغض النظر عن عدد الاشخاص الذين على الجبل. من المهم للغاية ضمان حصولهم على مساعدة ودعم يحتاجون اليهما من المجتمع الدولي.”

واستولى مسلحو الدولة الاسلامية على أجزاء كبيرة من سوريا أيضا وهم يحاولون إقامة دولة الخلافة عبر الحدود التي رسمها المستعمرون الاوروبيون قبل قرن مضى. وقال الامين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله ان المسلحين السنة يمكنهم توسيع تهديدهم ليصل الى الاردن والسعودية والكويت ودول خليجية اخرى.

وقال نصر الله الذي تساعد جماعته الرئيس السوري بشار الاسد في القتال ضد مقاتلي المعارضة “هذا الخطر لا يعرف شيعيا أو سنيا ولا مسلما أو مسيحيا أو درزيا أو ايزيديا أو عربيا أو كرديا. هذا الوحش ينمو”.

(إعداد رفقي فخري للنشرة العربية – تحرير محمد هميمي)

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية