مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

الريادة البيئـية تقتضي من سويسرا اعتماد سياسة مناخية أكثر جرأة

Reuters

"على سويسرا انتهاز الفرص التي توفرها التغيرات المناخية من أجل أن تصبح بلدا رائدا في مجال البيئة، والسعي إلى تحقيق مكاسب أهم للحد من الإنبعاثات المضرة بالبيئة". هذا هو رأي الأخصائي السويسري في علم المناخ طوماس شتوكر.

swissinfo.ch تحدثت إلى هذا الخبير المشارك في رئاسة مجموعة عمل تابعة للفريق الحكومي الدولي للتغيرات المناخية (IPCC)، مباشرة بعد انتهائه من إلقاء خطابه أمام المؤتمر العالمي الثالث حول المناخ الذي احتضنته جنيف من 31 أغسطس إلى 4 سبتمبر 2009.

ويذكر أن المؤتمر الذي نظّمته المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، بالإشتراك مع سويسرا انتهى بوضع إطار عالمي للخدمات المناخية “من أجل تعزيز إنتاج تلك الخدمات، وتيسير الوصول إليها وتداولها وتنفيذها ووضع التوقعات المناخية على أسس علمية”.

كما توصّل المؤتمر إلى وسائل فنية مهمة ستُقترح على المؤتمر الدولي حول المناخ الذي من المنتظر أن يعقد بكوبنهاغن، بالدنمارك في ديسمبر 2009.

swissinfo.ch: هل تنتظرون نتائج طموحة من المؤتمر الدولي حول المناخ الذي من المنتظر أن تحتضنه كوبنهاغن؟

طوماس شتوكر: من الصّعب قول ذلك. في نهاية المطاف، على كل دولة شرح موقفها. مشكلة الإحتباس الحراري مشكلة كبيرة جدا ينبغي على جميع المجتمعات على الكرة الارضية معالجتها وفقا لبرنامج واضح يهدف إلى الحد من الإنبعاثات وتكييفها.

هل تعتقدون أن الجهود السياسية للحد من الإحتباس الحراري بمقدار درجتيْن حراريتيْن إضافيتيْن بحلول 2050، وهو المستوى الذي وصفه الإتحاد الأوروبي بالخطير، سوف يتحقق؟

طوماس شتوكر: يمتلك العلماء منذ ثلاثين سنة كل الحقائق والأرقام حول الفترة التي سيكون بالإمكان التوصل فيها إلى تحقيق هدف ما بالنسبة لملوّثات معينة في ظل تغيرات على مستوى تقنيات الإنتاج أو إسلوب إستخدام الطاقة.

لكن الأهداف المطلوبة أصبحت أهدافا طموحة جدا، وإذا لم تأخذ خطوات معينة في هذا الإتجاه، قد يكون من الصعب بعد ذلك التوصل إلى تحقيقها.

ما الذي يجب القيام به للحد بشكل فعّال من تأثيرات التغيّرات المناخية؟

طوماس شتوكر: إجراء واحد لا يمكن أن يحل المشكلة. يجب علينا أن نضع خطة مفصّلة، تشارك من خلالها كل قطاعات المجتمع لتحقيق الهدف الأكبر وهو إخلاء المجتمع من مادة الكربون. نحتاج إلى إغلاق دورات تشغيل الآلات، وإستغلال الطاقة إلى أقصى حد ممكن.

ما هو رأيكم في المقترح الجديد الذي تقدمت به الحكومة السويسرية والهادف إلى خفض انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون بنسبة 20% بحلول 2020 تماما مثال الإتحاد الأوروبي؟

طوماس شتوكر: التغيرات المناخية تمثل أيضا فرصة عظيمة. من الواضح جدا أن إخلاء المجتمع من الكربون يتطلب تقنيات جديدة ومنتجات توزّع في الأسواق.

وعلى بلد مثل سويسرا يتمتع بدرجة عالية من التصنيع ويمتلك قدرات كبيرة على الإبداع والإختراع، أن يستثمر هذه الفرصة لتجديد منتجاته، والذهاب قدما في اتجاه نموذج مجتمعي يكون فيه الإستهلاك الفردي من ثاني أوكسيد الكربون منخفضا بشكل كبير.

أرحّب بوضع هدف واضح للتحقيق بحلول 2020، وحتى عام 2050، ولكن الحديث عن دور ريادي يتطلب البحث الجاد عن سبيل للوصول إلى مكاسب طموحة. هناك دول أخرى أعضاء في الإتحاد الأوروبي صادقت على بلوغ أهداف أسمى. السويد مثلا وعدت بخفض الإنبعاثات بنسبة 30%، وإذا اعتمدت أوروبا مبدأ الحد من الإنبعاثات بحلول 2020، فإنها ستصل إلى نسبة 40%.

أعتقد أنه إذا ما بذلنا جهودا سيكون بإمكاننا الذهاب إلى أبعد من ذلك. لقد أثبتت الدراسات أن هناك فرصا كثيرة من خلال إعادة ترميم البنايات، وجعلها أكثر جدوى من حيث التدفئة. بالإضافة إلى ذلك، حفظ الطاقة يمكن أن يتحقق أيضا من خلال قطاع النقل.

ما هي أبرز تغيرات مناخية لاحظتموها منذ صدور التقرير الرابع عن الفريق الحكومي الدولي سنة 2007؟

طوماس شتوكر: بعض العناصر في النظام المناخي أظهرت تغيّرا سريعا، مثل غطاء البحر المتجمّد الشمالي. سجّلنا الرقم القياسي الأدني لغطاء البحر المتجمّد في شهر سبتمبر 2007. لكن في نفس الوقت، لاحظنا أيضا أن طبيعة البحر المتجمّد قد تغيّرت بشكل جذري في تلك المنطقة. وخلال سنة واحدة نقص الجليد المتعدد السنوات والأكثر عرضة للتلوّث بنسبة النصف. تلك المنطقة أصبحت أكثر عرضة لتأثيرات التغيّرات المناخية، وهذا مثير للقلق والإنزعاج.

من جهة أخرى، حصلت تطوّرات على مستوى النظام المناخي تستحق دراسة بانتباه شديد، كدراسة مثلا تغيّرات الإشعاعات الشمسية، وتأثير تلك الإشعاعات على النظام المناخي.

أما النقطة الثالثة، فهي المتعلقة بتزايد انبعاثات ثاني أوكسيد الكربون، المسبب الأوّل للتغيرات المناخية. وقد وصلت إلى مستويات أعلى من الإحتمالات الستة التي استخدمت في التقرير التقييمي الماضي (1.8- 4 درجة مائوية حرارية بحلول 2100). نحتاج إلى التعرّف ما إذا كانت تلك الزيادة هي زيادة قياسية مؤقتة في الإنبعاثات أو أننا نسير حاليا نحو ارتفاع مستدام في الإنبعاثات، مما يستوجب مراجعات للإحتمالات الأعلى إطلاقا.

يهدف المؤتمر الدولي الثالث للمناخ الذي تنظمه المنظمة العالمية للأرصاد الجوية إلى تحسين سبل الوصول إلى التوقعات المناخية، وإلى الخدمات الإعلامية. هل معنى هذا أن المعلومات حول المناخ ليست موزّعة بشكل جيّد؟

طوماس شتوكر: من الواضح أن هناك فجوات كبيرة في قدراتنا على مراقبة النظام المناخي، ليس فقط ما يتعلّق بدرجات الحرارة، بل وأيضا بالتقلبات الجوية، والسحب، والظواهر الأخرى المهمة والضرورية لتقييم النظم الإيكولوجية.

في مناطق عديدة من العالم، هناك فجوات كبيرة، حيث لا تتوفّر معلومات، أو ليس متاحا التوصّل إليها، أو ليس هناك من ينشغل بها.

أنا على ثقة من أن البلدان الأعضاء في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية المشاركة في هذا الملتقى سوف تلتزم بتنفيذ فكرة “الخدمات المناخية”، لإعلام الجمهور، ولتوفير أفضل المعلومات الممكنة لمساعدتهم، وللحد من التأثيرات السلبية لتغيرات المناخ.

سايمون برادلي – swissinfo.ch

(ترجمه من الإنجليزية وعالجه عبد الحفيظ العبدلي)

توصل 150 بلدا يوم 4 سبتمبر 2009، مع اختتام مؤتمر المناخ بجنيف، إلى اتفاق يسمح بوضع “إطار دولي للخدمات المناخية”، في مسعى للحد من التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية، ولتيسير الإستفادة للجميع من المعلومات المتوفرة حول المناخ وتقلباته.

وبحسب الخبراء في المجال، من شان هذا الإتفاق فتح المجال أكثر للتوصل إلى توقعات بالتقلبات المناخية بعيدة ومتوسطة المدى، بدل أن تظل تلك التوقعات محدودة في نفس اليوم أو نفس الأسبوع.

كذلك سيسمح هذا الإتفاق بإيجاد أدوات تساعد على توقع مسبق للتاثيرات المحلية والإقليمية للإحتباس الحراري خاصة في إفريقيا، وفي البلدان النامية، بحسب ما جاء في البيان الختامي الصادر عن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية.

وقد رحّب وزير الإتصال والبيئة السويسري موريس ليونبرغر في لقاء مع الصحافة بنتائج هذا المؤتمر، وقال: “لقد توصلنا إلى اتفاق حول وثيقة البيان الختامي للمؤتمر، وأقرّ بالإجماع”.

وأضاف الوزير السويسري: “الإجماع الذي حظيت به نتائج هذا المؤتمر يعطي الأمل في نجاح مؤتمر كوبنهاغن يالدنمارك، والذي من المنتظر ان يعقد في شهر ديسمبر القادم.

لكن مشروع الإتفاق الذي أقر في جنيف لن يدخل حيز النّفاذ قبل 2011. وسيكون تأثيره أكبر بحسب الخبراء في مجال الموارد المائية، وقطاع الزراعة، وميدان الصحة، والصيد، والغابات، وقطاع النقل. كما سيمكّن من الحد من تأثيرات الكوارث الطبيعية، ويساعد على حسن الإستعداد لمواجهتها.

ولد طوماس بزيورخ وحصل على الدكتوراه في مجال العلوم الطبيعية من المعهد الفدرالي التقني العالي سنة 1987. تولي مهمات بحثية هامة بجامعة كلودج بلندن، وبجامعة ماك غيل (مونتريال)، وبجامعة كلومبيا (نيويورك)، وجامعة هاواي (هونولولو).

ومنذ سنة 1993، يعمل طوماس شتوكر أستاذا للمناخ وللفيزياء البيئية بجامعة برن. وتشتمل أبحاثه على دراسة تطوّر الأنظمة المناخية ذات التعقيدات المتوسطة، ونمذجة حاضر ومستقبل التغيرات المناخية وإعادة تركيب المكوّنات الكيمائية للتقلبات الجوية وتركّز غازات الدفيئة بناء على الغطاء الجليدي من غرينلند إلى أنتاركتيكا.

عمل كمنسّق ومؤلف أوّلي للتقريرين التقييمين الثالث والرابع للفريق الحكومي الدولي للتغيرات المناخية، ويشارك حاليا في رئاسة مجموعة العمل العلمي للفريق الحكومي الدولي للتغيرات المناخية التي تشرف على صياغة التقرير التقييمي الخامس لنفس الفريق الحكومي الدولي الذي من المتوقع تقديمه سنة 2013.

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية