مُستجدّات ورُؤى سويسريّة بعشر لغات

نسبة العــرائس الحوامل مُرشّحة للإرتفاع في سويسرا

blumebild.com

يشهد معدل الولادات خارج إطار الزوجية تزايدا في الكنفدرالية، ولكنّه لا يُمثل سوى نصف المتوسط المُسجّل في دول الإتحاد الأوروبي. كما لوحظ أن عددا مُتزايدا من أبناء سويسرا لا يُقدمون على توقيع عقد الــقران إلا بعد حدوث الحمل، ويكون المُحرك الرئيسي لدخول "قفص الزوجية" ضمان حقوق الآباء. غير أن هذه الأوضاع قد تتغير قريبا.

تزوّج هاينس ستولّر وآريان سين في شهر أغسطس 2013. وهما ينتظران قدوم طفلهما الأول في أكتوبر المُقبل. وفي منزلهما الواقع على ضفاف بُحيرة بمقربة من برن، يحكيان أن عائلتيهما استقبلتا بسرور اتخاذهما قرار عقد القران.

وقد تمعّن الزوجان مليّا في المسألة قبل القيام بهذه الخطوة. فبالنسبة لشتولر، كانت حماية زوجته وضمان حقوق أفضل لزيارة الطفل في حال فشل العلاقة بينهما أمرين في غاية الأهمية. ومن جانبها، لخّصت سيـن الوضع قائلة: “إن الأمور تكون أسهل عندما يكون لديك طفل ثم تتزوج”.

وقد أظهرت إحصائيات نُشرت في الصيف المنقضي أن نسبة الولادات خارج إطار الزواج بلغت 20,2% في سويسرا في عام 2012، أي ما يمثل زهاء نصف المعدل المسجل في دول الإتحاد الأوروبي، المستقر رمنذ فترة في حدود 39%. وهذا الرقم أقل بكثير من المتوسط المسجل في الدول الأسكندنافية – أو حتى في الجارة الفرنسية – حيث تتجاوز النِّسب 50%. ومن بين الدول المحانية لسويسرا، تتوفر إيطاليا فقط على معدل مماثل تقريبا (23%).

المزيد

سياسة تقليدية

سيباستيان كلوسينير، من “شركة ماكس بلانك” علق على المسألة قائلا: “أعتقد أن [المعدل السويسري المنخفض] يرتبط في المقام الأول بالبيئة السياسية في سويسرا حيث يُنظر بازدراء كبير للولادات خارج إطار الزواج، أو على الأقل لا يحظى فيها هذا النوع من الولادات بالتأييد”. وكانت هذه الشركة التي يوجد مقرها في ألمانيا قد أصدرت عام 2012 دراسة حول الولادات خارج إطار الزواج في جميع أنحاء أوروبا.

وأضاف كلوسينير ضمن السياق نفسه: “على سبيل المثال، إذا أراد الأب أن يحمل الطفل إسمه العائلي، فهو يواجه إجراءات مُملّة حقّا، لذلك فإن الكثير من الناس يتزوّجون قبل فترة وجيزة من ميلاد الطفل فقط لتجنب المتاعب البيروقراطية”، مشيرا إلى إن بُـلدانا مثل فرنسا منحت الآباء غير المتزوجين المزيد من الحقوق، ولكن سويسرا ظلت مُحافظة في هذا الصدد حيث لا زالت تفرض على الآباء غير المتزوجين الذين يرغبون في إثبات الأبوة والحصول على الحضانة المُشتركة (علما أن الأم تحصل تلقائيا على الحضانة) الخضوع لسلسلة طويلة من الإجراءات الرسمية.

كما يتعين على هذه الفئة من الأزواج تقديم طلب رسمي للسلطات لكي يَمنح الأبُ لقبه لطفله، وإلا فإن الطفل سيحمل تلقائيا لقب أمه. ويبدو أن الآباء غير المتزوجين يدركون جيدا أن حقوقهم قد تتقلص في المستقبل، مثلما أوضح جون-ماري لوغوف، عالم الإجتماع بجامعة لوزان.

مسألة النَّسـب

في المقابلات التي أجراها لوغوف مع عدد من الأزواج – كجزء من دراسة سويسرية حول الأطفال المولودين خارج إطار الزوجية – استنتج أن الرجال يعتريهم القلق حيال المسائل الإدارية المرتبطة بالأبوة، وعدم حمل طفلهم لإسمهم – على مستوى أكثر عاطفية. ولاحظ عالم الإجتماع بجامعة لوزان أن “الرجال يُشعرونه بأنه تم إقصاؤهم من أسرتهم وأن نسلهم لن يستمر”.

لهذه الأسباب، غالبا ما يكون الرجال هم من يمارسون الضغط على شريكة الحياة لعقد القران عندما يتم الحمل، وفقا لتوضيحات عالم لوغوف. وبالفعل، يكفي إلقاء نظرة سريعة على إعلانات الزواج في صحف مثل نسخة الأحد من “نويه تسورخر تسايتنونغ” [الواسعة الإنتشار والصادرة بالألمانية في زيورخ] للإستنتاج أنها غالبا ما تشتمل على صورة عروس حامل أو عروس أمّ وضعت مولودها حديثا.

ماركوس تونيرت، المتحدث باسم منظمة الرجال والآباء “maenner.ch”، أشار من جانبه إلى أن نصف الزيجات تنتهي بالطلاق، ورغم ذلك فإن الكثيرين يتشبثون بالمثل الأعلى للحب الحقيقي، والذي يُتوّج بالزواج كشكل مثالي لذلك الحب.

وأضاف في تصريحات لـ swissinfo.ch: “ولكن الوضع القانوني هو أيضا سببٌ [يدفع باتجاه الزواج]، لأن الآباء غير المتزوجين يوجدون بوضوح في وضع قانوني غير مؤات بالمقارنة مع الآباء المتزوجين. كما أن الحضانة المُشتركة تظل [خيارا] بيد الأم، فإذا لم ترغب، لسبب ما، في التعاون، سيكون الرجل مُضطرا لدفع [النفقة]، ولكنه لن يستطيع رؤية طفله إلا مرة كل أسبوعين، هذا إن كان محظوظا”.

الزواج أم لا؟

في الأثناء، هناك بوادر تغيير مُلفت في سويسرا. فإن كانت الإحصائيات تُظهر معدلا منخفضا نسبيا في الكنفدرالية، فلا بُدَّ من الإشارة إلى أن 2012 كان أول سنة تجاوزت فيها نسبة الولادات خارج إطار الزوجية 20%، حيث ارتفع المعدل بـ 6,2% ما بين عامي 2011 و2012، وتضاعف تقريبا في العقد الماضي، وفقا للأرقام الصادرة عن المكتب الفدرالي للإحصاء.

وأشار معلقون اجتماعيون إلى حقيقة أن إنجاب طفل خارج إطار الزوجية لم يعد يُعتبر من المُحرمات، علما أن نسبة الأشخاص الذين يعيشون معا دون عقد القران مرتفعة نسبيا في البلاد.

نيكول غيربر وكريستوف بالسيغر يقيمان في برن، ولديهما طفلة عمرها ستة أشهر. تقول نيكول: “تعرفنا على بعضنا منذ مدة طويلة، ولكن لم نعش معا إلا قبل فترة قصيرة من حدوث الحمل”. تصريحات الأم الشابة جاءت ضمن سلسلة من المقابلات التي أجرتها swissinfo.ch مع أزواج حول مسألة الأطفال والزواج (أنظر الفيديو المُرفق أدناه).

وتابعت نيكول قائلة: “تصارعنا مع قرار الزواج ولكن قلنا “حسنا، ربما سنفعل ذلك في وقت لاحق”، فأنت لا تحتاج بالضرورة لشهادة الزواج توّا كي تكون سعيدا”.

بالسيغر وغيربر لم يجدا أن الجانب الإداري من الحضانة المشتركة مرهق جدا، فلم يستغرق الأمر لدى السلطات أكثر من نصف ساعة. وتعتقد غيربر أن مسألة عقد القران أو الإستغناء عنه ترتبط كثيرا بالجيل الذي ينتمي إليه كل فرد.

وقد ذكر جميع الأزواج الذين تمت مقابلتهم في شريط الفيديو أن هناك مزيج كبير في دائرة أصدقائهم من الآباء المتزوجين وغير المتزوجين . كما توجد العديد من الأسر المختلطة، المكونة من آباء مطلقين بنوا حياتهم من جديد وأسسوا عائلات ثانية.

المزيد

تغيير في الأفق

غير أن الوضع القانوني قد يتغير قريبا. ففي يونيو 2013، وافق البرلمان السويسري على قانون من شأنه منح الآباء الحضانة المشتركة بشكل تلقائي، بغض النظر عن حالتهم الزوجية (غير متزوجين، متزوجين، أو مطلقين).

وفي تصريح لـ swissinfo.ch، أوضحت وزارة العدل أن رفاه الأطفال هو في قلب هذا التغيير، موضحة أنه “من حق الطفل أن يتولى الوالدان مسؤولية مشتركة لتنميته وتنشئته، حتى إن كانوا مُطلقين أو غير متزوجين”. لكن الوزارة أشارت إلى إمكانية حجب الحضانة المشتركة “فقط عندما تكون هنالك حاجة إلى حماية مصالح الطفل”.

مع ذلك، يُمكن أن يخضع القانون لستفتاء اختياري في مُهلة تنتهي يوم العاشر من أكتوبر 2013. غير أن الوزارة ليست على علم بأي أنشطة متعلقة بتنظيم استفتاء من هذا القبيل. ومن المرجّح بالتالي أن تحدد الحكومة موعدا لكي يدخل القانون حيز النفاذ في أول يناير 2014 كأقرب تقدير.

في عام 1976، تمّ تغيير القانون الخاص بحقوق الطِّفل لجعل الأطفال من الآباء المتزوجين وغير المتزوجين على قدم المساواة من حيث الوضع وقانون الميراث، ولكن ليس من حيث السلطة الأبوية (حقوق وواجبات الوالدين فيما يتعلق باتخاذ قرارات بشأن الطفل). وبالتالي فإن الآباء المتزوجين لديهم سلطة مشتركة، بينما تحصل الأم على السلطة تلقائيا بالنسبة لفئة غير المتزوجين.

تمّ تعديل قانون الطّلاق في عام 2000 للسماح للآباء غير المتزوجين بتقديم طلب إلى السلطات للحصول على السلطة المشتركة والإتفاق على تنشئة الطفل ومدفوعات الدعم. يمكن للوالدين المطلقين تقديم طلب للحضانة المشتركة في محكمة الطلاق. وإذا ما لم يقوما بذلك، تُمنح الحضانة لأحد الوالدين فقط.

يجري حاليا تنقيح القانون المدني السويسري لجعل الحضانة المشتركة قاعدة في المستقبل بغض النظر عن الحالة الإجتماعية للوالدين. سيتم منحها لأحد الوالدين فقط إذا اعتُبر أن ذلك في مصلحة الطفل. وتشمل أسباب سلب الحضانة: المرض، والعنف، أو الغياب.

يُتوقع أيضا تغيير القواعد المنظمة للدعم المالي للطفل، بما يجعل حق الطفل في تلقي الدعم ذا أهمية قصوى، ويزيل أيّة فوارق بين الآباء المتزوجين وغير المتزوجين في هذا المجال.

(المصدر: وزارة العدل والشرطة السويسرية)

اليونان: 7,4% (2011)

سويسرا: 20,2% (2012)

إيطاليا: 23,4% (2011)

ألمانيا: 34,1% (2012)

إسبانيا: 35,5% (2012)

المتوسط المسجل في دول الاتحاد الأوروبي: 39,5% (2011)

 

النمسا: 41,5% (2012)

المملكة المتحدة: 47,6% (2012)

السويد: 54,5% (2012)

فرنسا: 55,8% (2011)

النرويج: 56,5% (2012)

(المصدر: مكتب الإحصائيات الأوروبية “يوروستات، والمكتب الفدرالي السويسري للإحصاء)

(ترجمته من الإنجليزية وعالجته: إصلاح بخات)

متوافق مع معايير الصحافة الموثوقة

المزيد: SWI swissinfo.ch تحصل على الاعتماد من طرف "مبادرة الثقة في الصحافة"

يمكنك العثور على نظرة عامة على المناقشات الجارية مع صحفيينا هنا . ارجو أن تنضم الينا!

إذا كنت ترغب في بدء محادثة حول موضوع أثير في هذه المقالة أو تريد الإبلاغ عن أخطاء واقعية ، راسلنا عبر البريد الإلكتروني على arabic@swissinfo.ch.

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية

SWI swissinfo.ch - إحدى الوحدات التابعة لهيئة الاذاعة والتلفزيون السويسرية